شعار قسم ميدان

السعادة والوظيفة والتحرش.. وثائقيات منوعة تفسر ظواهر الحياة اليومية

midan - woman

ثمة ظـاهرة عامـة في حياتنا اليوم تسمى ظـاهرة الـ "Hurry Scurry Life"، أو الحيـاة المتعجّلة المزدحمة بالظروف المتجددة التي تدفعـك إلى الانشغال بها كمـا هي، تاركا وراءك أي فرصة للتوقف قليلا لدراسة أسباب ما تراه أمامك في كل لحظة. حالة كاملة من الاستسلام للظـروف والتعامل معها باعتبارها "أمورا تحدث" دون الوقوف ولو للحظـة لمحاولة فهـم "لماذا تحدث؟".

 

في العقد الحالي من القـرن الحادي والعشرين أصبحت الحيـاة من حولنا تعج بظواهر اجتماعية تميل في معظمها إلى الغرابة، ومع ذلك من النادر التوقف لدراستها أو طرح الأسئلة لنتفهّمها، على الرغم من أن طرح الأسئلة والبحث عن إجابات من ورائها قد تكون سببا في قفـزة كبـرى لاحقـة في تفهّم الحقائق بشكلها الصحيح، ومن ثم استغـلالها لتحسين الأوضاع سواء على المستوى الفـردي أو الاجتمـاعي.

 

ملف وثـائقي من إنتـاج الجزيرة الوثائقيـة باسم "أفـلام من الحيـاة اليومية"، الملف يضم عددا كبيرا من الظواهر الاجتمـاعية المختلفة المحيطة بنا والمرتبطة جميعها بإشكـاليات الحداثة وتأثيرها على واقعنا العربي، متكفلا بطـرح الأسئلة وتقديم الإجابات الوافية عنها. معالجات لظـواهر نتعرّض لها طوال الوقت في حياتنا اليومية، بدءا من آلام الوظيفة، مرورا بالدهشة من تقدّم دولة ما كانت متخلّفة وأصبحت من مصاف الدول، وليس انتهاء بأسباب التحرّشات المبالغ فيها على شبكة الإنترنت.

    

في القـرن الحادي والعشـرين.. الخرافة باقية وتتمدد

  

 "قد تكون العلوم هي المحرّك الأساسي للغـرب في يومنا الحاضر، لكن الخرافة شـرارته. ويقول المتخصصون إن قوة هذه الشرارة في تنامٍ، والإيمـان بالخرافة في تصاعد".

رغم أن العقـد الثاني من القـرن الحادي والعشـرين قد أوشك على الانتهـاء، ورغم أن حركة التقدم العلمي والتقنـي بلغت مبلغا لم تشهد له البشرية مثيلا من قبل، فإن الخـرافات لا تزال باقيـة في عقـول عدد هائل من البشر، بل ليس من المبالغة القـول إنها تتمدد بالتوازي مع حركة التمدد السريعة للعـلوم والتقانة.

  

ستجد دائما ذلك الرياضي الذي يرتدي ملابسه من اليسار إلى اليمين، وذلك الشخص الذي يضع خرزات زرقاء في سيارته اتقاء للحسد، وستجد دائما المضـارب في وول ستريت الذي يحتفظ بمكتبة كبيرة تضم كتبا في التنجيم وقراءة المستقبل، وستجد من يؤكد لك تأكيدا جازما أن لديه رقم حظ خاص يجعله يربح في كل مرة استعمله فيها. في كل عام يُباع نحو 10 ملايين من أقدام الأرانب في أميـركا الشمـالية كونها تجلب الحظ السعيد، بينما يؤمن ثلث الأشخاص بأن أمـورا سيئة سوف تحدث الجمعة في الثالث عشـر من أي شهر، وعدد الأشخاص الذين يؤمنون بالخرافات ارتفع بنسبة 25% في العقـود الاخيـرة.

  

العالم يعج بالخرافة، ربما بشكل أكبـر من المتصوّر، فعلى الرغم من أن كلا من العلم والدين قد تكفّـلا بدحض أوجـه عديدة من الخرافات الشعبيـة على مدار قرون فإن الدراسات تقول إن الإيمان بالخرافات يتصاعد بشكل كبير في السنوات الأخيرة. تقول دراسة إن نسبة الشباب تحت سن الثلاثين الذين يؤمنون بأمور خرافية "غير مثبتة علميا" قد ارتفع إلى الربع في السنـوات الأخيرة. ومن جهـة أخرى، بعض العلمـاء يؤكد أن الإيمان بالخرافات يستحيل أن ينتهي باعتباره جزءا أساسيا من تكوين البشر، بل وربما هذه الخرافات كانت سببا في زيادة خيـال الإنسـان وإقدامه على دراسة الواقع المُحيط به، وبالتالي إنتـاج كافة العلوم والتقنيـات المذهلة التي جاءت معظمها من عقـل يؤمن بالخرافة أصلا.

 

هل الخرافات هي المحرك الخفي الذي يقود عالمنا؟ أم -وربما هذا هو السؤال الأخطر- أن هذه الخرافات هي وقائع حدثت بالفعـل في وقت ما ومكان ما، وتواترت حتى وصلت إلينـا بصورتها الحالية التي تجعلنا نمارسها بدون سبب منطقـي واحد؟ إذا كانت الإجابة بنعم على السـؤالين، فهي حتما إجابات باعثة للقلق، وإن كانت لا، فهي باعثة للقلق بشكل أكبر، لأنها لا تخبـرنا عن سبب إيماننا بها وممارستنا لها حتى اليوم.

 

لماذا ينهضـون؟ ولماذا نتخلّف؟

   

ربما هذا هو السؤال الأبرز الذي يدور في عقلية الإنسان العربي العادي عموما في العقود الأخيرة عندما يسمع ويرى أخبارا عن تركيا وماليزيا والهند وإندونيسيا والصين. بلاد المفتـرض أنها قائمة معنا كعرب على نفس الأرضية الحضـارية، وبعضهم قائم على نفس الثقافة الدينية والإنسـانية، ومع ذلك يقطعـون قفزات تطوّرية إلى الحضارة في مقابل قفـزات رجعيّـة عربية مستمرة. السؤال يصبح أكثر تعقيدا مع التسليم بحقيقة أن العرب يملكون من الثروات الطبيعية والقوة البشرية ما يمكّنهم من تحقيق معدلات نمو اقتصادي واجتماعي وتقني متميز في زمن قياسي، في الوقت الذي تثبت فيه أمم أخرى أقل عددا وعدة أنها قادرة على النهوض والمساهمة في بناء الحضارة.

 

المقـارنة بين العرب وماليزيا -كمثال- من أكثر المقارنات صعوبة ومرارة، ففي الوقت الذي كانت فيه ماليزيا بنهاية السبعينيات أمة متخلفة تماما لا يُذكـر لها أي دور على خريطة العالم -حتى العالم الثالث-، بينما العرب يملكون كل الأدوات الحضـارية من نفط وغاز وقوة بشرية، استطـاعت ماليزيا خلال عقود بسيطة تحقيق نمو اقتصادي وتقني مذهل جعلها من أكثر الدول التي تقدّم نموذجا شاملا في النهوض الحضـاري على حساب العقبــات المتراكمة.

 

كانت المعطيات صعبة: أمـة يتفشى فيها نسبة كبيرة من الجهل، فساد منتشر في كل مكان، تداخل عرقي ما بين الملايو والهنود والصينيين، أزمة في الموارد وركود اقتصـادي. كان لا بد من حل "حقيقي" وليس مجرد حل تسويقي رمزي، والحـل باختصار هو التعليم ونشـر الثقـافة. التعليم هو الذي أنقذ ماليزيا من الفساد، والتوتر العرقي، والركود الاقتصادي، وحتى على مستوى المعاملات اليومية في المجتمع. قدّمت ماليزيا نموذجا نهضـويا مُبهـرا ركّز بشكل كامل على تطوير التعليم كحاضنة أساسية لأي تقدم اجتماعي واقتصـادي وتقني وإنسـاني خلال الثلاثين عاما الماضية.

 

عنـوان الفيلم: اقــرأ.. انهض، لا يقدّم فقط في تفاصيله مراحل نمو المعجزة الماليزية خلال الثلاثين عاما الماضية، وإنما يمكن أن يُستَشف منه -إذا شوهد بالعين العربية- الأسباب المقابلة للتراجع العربي خلال نفس الفتـرة.

    

للسعــادة طرق عديدة.. النحافة إحداها

   

لم تعد قضيـة السمنة والنحافة والحصول على قوام سليم في مواجهـة البدانة المتزايدة عالميا مقتصـرة فقط على محوري الصحـة والأناقة، بل يمتد إلى محاور نفسية شديدة الأهمية على رأسها مفهـوم السعادة. المفهـوم الذي يسعى له كل فرد على وجه الأرض بكافة السبل، والذي كتب من أجله العلماء والفلاسفة آلاف الكتب من فجـر التاريخ.

 

تم تأكيد الأمر علميا هذه المـرة، بناء على أبحاث أكاديمية واضحة: الوزن له علاقة بمفهوم السعادة. كلمـا أصبح وزن الإنسـان متوازنا ارتفع معدل سعـادته في حيـاته ورضاه عن نفسه. بمعنى آخر، النحـافة جزء من معادلة كبيـرة معقـدة تحاول أن تصف معنى السعـادة في الحياة، وليست أبدا أمـرا فرعيا في حيـاة الإنسـان. النحـافة -علميا- جزء من معادلة السعـادة التي يطمح لها الجميع.

 

العالم اليوم وصل إلى معدلات خطيرة غير مسبوقة في نسبة زيادة الوزن عالميا، بما تعنيه هذه الزيادة من مشـكلات صحية عضـوية ونفسية عميقة، قد تتسبب بدورها في إطلاق المزيد من الخسائر. ومع انتشار ثقافة الأكل السريع الغني بالدهون المشبعة، والتركيـز على الطعـم اللذيذ للمـأكولات بغرض تسويقها بشكل أكبر بين البالغين والأطفال، بغض النظـر عن كون هذه المأكولات صحية أم لا، أصبـحت عمليـة مراقبة الأوزان شديدة الصعوبة لدى قطاعات واسعة من الناس حول العالم.

 

يناقش الوثائقي أزمة عالمية/عربية إن جاز التعبير، فمع توطّن ثقافة الاستهلاك أصلا في العالم العربي، وتحوّل التسوّق والتبضّع إلى شراء المنتجات الغذائية الجاهزة المليئة بالدهون والسكـريات، انعكس ذلك بشكل كبير على زيادة الأوزان ومن ثمّ غيـاب حالة السعـادة في هذه المجتمعات. وفي الناحية الأخرى يبرز تحدّي مراكز مكافحة البدانة في السيطـرة على جنون التسوّق والوجبات الجاهزة والإسراف في تناول الطعام، ومحاولة تأسيس نمط حيـاة صحي يساعد في إرجاع مفهـوم السعـادة الغائب وراء كتل الشحـوم.

 

مسوخ الإنترنت.. لماذا ومن أين يأتون؟

  

تعليقات عنيفة، شتائم قذرة، تهديدات غير مبررة، تحرّش لفظي، إساءات دورية وصور فاضحة، ممارسات مدهشة تُرتكب كل يوم على شبكة الإنترنت، ربما أكثرها وضوحا الآن في مواقع التواصل الاجتماعي حيث المليارات من سكـان الكوكب أصبح لديه حساب ما على وسيلة تواصل اجتماعي ما، وبالتالي -حرفيا- الكـل لديه الحق الكامل في التعبير عن رأيه.

 

والأخطـر أن الكـل أيضا يشعـر بأنه يجلس وراء شاشة فضية، وأنه غير مراقَب. لا يوجد مَن يحاسبه على ألفـاظه وكلمـاته وتهديداته وإسـاءاته إلى الآخرين، يمكنه أن يقول أو يفعـل أي شيء في أي وقت ضد أي شخص، دون أن يشعر بأي خطـر يحيط به باعتبار أنه -واقعيا- يجلس في غرفته على سريره في مكـان منعزل بعيد.

 

ظاهـرة التحرّش أو العنف أو التنمّـر أو ما يُطلق عليه غربيا الـ "Trolling"، بمعنى الاشتباك والبذاءة والعنف بدون أي هدف من ورائه سوى إشبـاع رغبة دفينة بممارسة الشغب النابع من عدم المراقبة، واحدة من أخطـر الظواهر الاجتمـاعية التي ارتبطت بالحداثة التقنية التي نعيشها اليوم، وتتخذ أشكـالا مختلفة لكنها تصب جميعا في النهاية إلى حالة غير آمنة. ربما يتخذ هذا التنمّر شكل تعليقـات عبثية تستهدف إهانة الجميع بكافة الطرق، وربما تتخذ أشكـالا أكثر خطورة مثل ابتزاز الآخرين على شبكة الإنترنت، وربما تتخذ أشكـالا ثالثة تصل إلى حد الجريمة الكـاملة التي تبدأ خيوطها في التكوّن عبر الشبكة العنكبـوتية.

 

ما بين إهانات وآلام وسخرية من الآخرين، مرورا بالتهديدات والشتائم والابتزاز، وليس انتهاء بجرائم اجتماعية تهدد الأطفال والبالغين وتهدد بتدمير النسيج الاجتماعي لبعض الأسر وحتى التنمّر العنصري والديني والعرقي والمالي، أصبـح التحرّش على الإنترنت هو ثغــرة الخطـر الأولى التي يجب أن يحذرها إنسـان القـرن الحادي والعشرين بكافة أشكـالها. بالطبع جزء من هذا الحذر هو عدم المشـاركة في هذه الحالة من التنمّر ضد الآخرين أيضا!

 

الوظيفـة.. إن صلُحت صلُحت الحيـاة

  

"في فرنسا وألمانيا نسبة الموظفين الذين يستيقظون صباحا متحمسين والابتسامة تعلو وجوههم لا تتعدى 11%، أما الموظفون الذين يفتقرون إلى الحماسة ويعملون من أجل الراتب ولا يقومون بأي مبادرات تبلغ نسبتهم 61% في فرنسا، و58% في ألمانيا. أما الفئة الثالثة تتكوّن من الموظفين الذين يشعرون بالتعاسة الكاملة في وظائفهم، ويذهبون إلى أعمالهم كل يوم لكي يُظهروا تعاستهم. هؤلاء يتعرضون للدمار النفسي!"

   

في عالم الوظائف تبدو المعادلة معقّدة، فالوقت الذي يتم قضـاؤه في أروقة الوظيفة اليومية يُهيمن على اليوم بالكامل بحدود ثمـاني ساعات، أي أنها فتـرة أكبر من الفتـرة التي يقضيها الموظف برفقة أسرته وحياته الشخصية. ثمـاني ساعات يوميا إمـا تجعـل بقيـة اليوم مُبهجة وسعيدة ومرحة، أو تحوّله إلى جحيم. وبالتراكم، تتحول هذه الساعات الثمـانية من مجرد يوم عمل إلى حيـاة متكاملة يمكن وصفها بالسعـادة أو التعاسة.

 

الإحصائيات التي يتم إنتـاجها سنويا بخصوص الرضا الوظيفي شديدة التباين، ولكنها تميل في مُجملها إلى توضيح حالة من التعاسة لدى أغلبية الموظفين في دول العالم المتقدم، فما بالك بدول العالم الثالث؟ حالة من الضيق والتعاسة والضجـر تصل إلى مرحلة عدم الابتسـام بالكامل، أو إظهـار التعاسة بشكل متكرر لدى الجميع. ربما هي حالة أقرب إلى العبـودية كذلك: الاضطـرار لإنجـاز عمل لا أحبه في مقابل الحصـول على راتب يساعدني في الاستمرار في حياة لا أحبها لأنني أعمل عملا لا أحبه! دائـرة مغلقة لا تنفتح أبدا.

 

ولكنها -مع ذلك- دائرة قابلة للفتح بالفعل، فقط إذا تم تغيير مفهوم العمل الوظيفي إلى أشكال إدارية أفضل. عندما تتحول بيئات العمـل إلى بيئات عامة من المرح بنفس مقدار الالتزام في العمل، وعندما يتحوّل دور المدير من المشرف المراقب الذي ينتظـر أخطاء موظفيـه لتوبيخهم إلى مجرد فرد في فريق العمل وظيفته طرح الأفكـار والأسئلة، ويتـرك الموظفين يعملون على خلق إجابات من تلقاء أنفسـهم. وقتئذ يتغيـر مفهـوم بيئات العمـل تماما. هذه هي الحالة التي يمكن أن يُعرّف فيها الموظف نفسه بأنه: موظف، ولكن سعيد!

    

الحيـاة البسيطـة.. بسيطة

   

المعادلة الحاكمة لحـركة العالم اليوم مفـادها: إنسان هذا العصـر يمتلك ضِعف ما كان يملكه منذ 50 سنة، لديه قدرة شرائية أكبر، فيجد نفسه في عالم استهلاكي ينغمس فيه بالكامل، ومن ثم يجد نفسه مضطـرا للعمـل أكثر لتغطية مستوى استهلاكه الذي تدفعه إليه الحضـارة طول الوقت بناء على معدل الإعلانات والتسويق وانتشار المنتجات والخدمات وتسهيلات الدفع.

 

دوّامة لا تنتهي أبدا من ثقافة الاستهلاك غير المبرر سقط فيها الإنسـان في العصر الحالي بشكل لم تشهد له البشرية مثيلا حتى عقـود قريبة مضت. أصبحت عطـلات نهاية الأسبوع مرتبطة بالجولات في المجمعات التجارية الراقية، أصبحت الحاجة إلى الاستهلاك محرّكـا دائما لرغبات الإنسـان حتى لو لم يكن لديـه الحاجة إلى استهلاك منتجات وخدمات معينة، فقط يجد نفسه مدفوعا إلى الشراء والدفع، بل وربما أصبحت الحاجة إلى الاستهلاك مُلحة لأي شخص قد لا يتوافر معه المال ليستهلك هذا المنتج أو ذاك الذي يتضح في النهاية أنه منتج كمـالي ليس من ضـروريات الحياة.

 

العالم اليوم يبدو أنه صُمّم بكامل تفاصيله بناء على ثقافة الاستهلاك، وأصبح مفهـوم السعادة نفسه منوطا بما نمتلكه، ومفهوم التعاسة أصبح معلقا بما ينقصنا. أصبح السعي الكامل إلى القيم المادية، وتحقيق المكانة الاجتماعية حتى على حساب السعي الحقيقي للسعادة والراحة والهدوء.


هنـا تظهر نماذج حقيقية واقعيـة لأشخاص رفضـوا هذا الواقع تماما، واعتبروا أنه مفـروض عليهم بدون إرادتهم، وأن بالإمكـان أن يحيـا الشخص حيـاة بسيطة هانئة عظيمة دون الانخراط في آلة "الاستهلاك" التي تقضي على كافة جماليات الحياة وتحوّل الإنسـان إلى ماكينة عمـل في مقابل الحصول على متطلباته وأسرته وفقط. السعي نحو البسـاطة والحيـاة الطبيعية في أماكن بعيدة وبأدوات بسيطة وبأعمال إنتـاجية حقيقيـة قد يكفـل للإنسـان السعـادة والرضا بعيدا عن بريق الإعلانات وبطاقات الدفع وعروض التسوّق والرغبة المحمومة في الشراء.

في النهاية، ربما تكشف لك هذه الوثائقيـات تفسيرا لظواهر مختلفة من محيط حياتك اليومية، ولكن الأهم هو أن تتعـامل مع الحيـاة بناء عليها. تفسيـر الظواهر هو في النهاية شيء مجرّد لا يمكن الاستفادة من ورائه إلا بخلق منهجيات للتعامل معها وفقا لهذه التفسيرات، أو على الأقل، الظواهر التي يمكنك أن تتعامل معها بالتأثيـر فيها حتى لو كان تأثيرا محدودا.

المصدر : الجزيرة