شعار قسم ميدان

عندما يحل الأبوكاليبس.. كيف جسّدت السينمـا نهايـة العالم؟

ميدان - عندما يحل الأبوكاليبس.. كيف جسّدت السينمـا نهايـة العالم؟
شهد شهر (سبتمبر/أيلول) لعام 2017 أربع ضـربات مدمّرة وجّهتها الطبيعة لغرب الكـرة الأرضية، إعصـاران وزلزالان خلّفوا مئات القتلى وقدرا هائلا من الدمار والخراب يقدّر بمليارات الدولارات.

   

وكأن الشهـر يأبى أن يمضي دون أن يكتمل نصـابه بظهـور موجات التنبؤ بأن نهاية العالم على وشك الحدوث، وبالتحديد في الثالث والعشرين من هذا الشهـر. بشكل عام، شهر (سبتمبر/أيلول) له مكانة خاصة عند المهتمين بفكـرة "نهاية العالم".

منذ سنوات أصبح هذا الشهـر دائما يحمل خبـر أن قسيسا ما أو متنبئا ما يحذّر أن نهاية العالم خلال أيام، بسبب ضـربة مُذنّب أو كويكب شارد. دائما "يوم الدمـار" (Dooms day) أو "الهرمغـدون" أو "يوم الدينونة" أو "الأبوكاليبس" وغيـرها من المصطلحات التي تصف نهاية الحياة على الأرض، دائما يعود ليظهـر في منصّـات الأخبار، خصوصا في شهر (سبتمبر/أيلول) كأن له خصوصية معينة في هذا الحدث. (1، 2)

الواقع أن هذه الظاهرة ليست جديدة وكانت ممتدة على مدار قرون طويلة، حيث تبارى العلماء ورجال الدين في تحديد موعد يوم القيامة أو نهاية الحيـاة على الأرض بناء على تكهّنات بعضها ديني وبعضها استقرائي نظري لا يعتمد على حقائق، لكنها تزايدت بشكل ملحوظ مع دخول الألفية الجديدة، حيث أصبح في كل عام تقريبا خلال العقد الحالي يخرج من يتنبأ أن نهاية العالم على بُعد أيام، طبعا إلى جانب التفكيـر المؤامراتي أن ناسا والمؤسسات الحكومية الأميركية والعالمية تخفي حقائق واضحة بخصوص تهديدات مختلفة ستؤدي بالكوكب إلى الفنـاء.

undefined

كانت السينما -وما زالت- واحدة من أبرز الفنون التي تعكس خوف البشر من هذه اللحظة. تصنيف "أفلام نهاية العـالم" (Apocalyptic Movies) تعتبر من أكثر تصنيفات الأفلام متابعة، ليس فقط لمحتواها الذي يجذب كل شخص يعيش على ظهر هذا الكوكب وفضوله لما يمكن أن يحدث خلال السنوات المقبلة، وإنما أيضا بسبب الميزانيات العمـلاقة التي تُرصد عادة لهذا النوع من الأفلام، الأمر الذي يجعلها من أكثر تصنيفات الأفلام إثارة على الإطلاق.

ما زال الكثيرون من متابعي السينما يخلطون ما بين "أفلام نهاية العالم" (Apocayptic Movies) و"أفلام ما بعد نهاية العالم" (Post Apocalyptic Movies)، حيث الأولى تسلط الضوء على كيفية انتهاء الحياة على الأرض، بينما الثانية تجري أحداثها في عالم ما بعد الدمار الذي أصاب الكوكب. هنا نستعرض النوع الأول، مجموعة من أهم وأبرز الأفلام السينمـائية التي سلّطت الضوء على الطرق المختلفة لنهايـة الكوكب، على أمل ألا نشهد إحداها بأنفسنا قريبا!

المعــرفة.. على بُعـد أيام من العاصفة الشمسيـة

عالِم فيزيـاء متشكك يعاني من أزمة عدم فهم أي مغزى للكون، حياته مستقرة مع ابنه الصغير بعد وفاة زوجته في حادث أليم، يعود ابنه ذات مرة من المدرسة بورقـة غريبة مليئة بأرقام غير مترابطة، كاتبة هذه الورقة كانت طفلة في نفس المدرسة منذ خمسين عاما وتوفت منذ فترة طويلة، وكان حظ الفتـى أن تقع في يده تلك الورقة.

في البداية بدا الأمر غير مهم، لكن استطاع العالِم بالصدفة أن يصل إلى فك بعض هذه الأرقام ليتضح أنها تشير إلى مواعيد وأماكن الحوادث الأساسية الكبرى حول الكوكب، بدءا من الزلازل والبراكين وأعداد الضحايا وحتى الحوادث الإرهابية الكبيرة، ومع تتابع الأرقام يكتشف العالِم أن الأرقام النهائية في الورقة الغامضة تشير إلى نهاية الحياة على الأرض.

فيلم "معرفة" (3)   (Knowing)  فيلم مشوّق من إنتاج عام 2009 وبطولة الممثل الأميـركي نيكولاس كايدج. الفيلم تم إنتاجه بميزانية 50 مليونا وحقق إيرادات تجاوز الـ 180 مليون دولار، واعتبر من الأفلام الناجحة جماهيريا رغم أنه لم يحقق مرتبة جيدة في التقييم النقدي له، لكنه في النهاية اعتبر من أفضل الأفلام التي قام ببطولتها كايدج من ناحية، ومن أفضل الأفلام التي تناقش زاوية مختلفة لنهاية الحياة على الأرض من ناحية أخرى.

الفيلم يحمل في طياته تأملات علمية وفلسفية لها عمق جيد، وإن كان التركيز الأساسي على الإبهار والتشويق من خلال الغموض والمؤثرات البصرية، ما جعله فيلما يحمل مزيجا من الغموض والتشويق والإبهار والخيال العلمي في نفس الوقت.


حرب العـوالم.. حرب غير متكافئة

لطالما كان الخيال البشري يتوقّع الشر من الكائنات الفضائية ودوافعها لتدمير البشر للاستحواذ على الأرض ومقدّراتها الطبيعية، باعتبارها الكوكب الوحيد الذي يضم حياة في مساحة شاسعة من الفضـاء، بل يمكن القول إنه بشكل ما أصبح الخيال البشري يتوقّع أنه إذا حدث تواصل مع حضـارة فضائية ما فالاحتمال الأول أنهم قادمون لتدميرنا.

undefined

هذا ما أبرزه المخرج العبقري ستيفن سبيلبرج في فيلمه الشهيـر "حرب العوالم"(4) (War of the worlds) الذي أُنتج في عام 2005، ويعتبر من أشهـر أفلام هذه الألفية التي سلطت الضوء على الغزو الفضائي بمعالجة مختلفة، أو يمكن القول "بمعالجة مخيفة"، ربما تفوق في سوءها كافة ما تم إنتـاجه سابقا من الغزو الفضائي للأرض.

أسرة مفككة تُفاجأ مثل غيرها بهبوط صواعق في الضاحية التي يعيشون فيها، يتضح لاحقا أنها ظاهرة عالمية حدثت في العالم كله، وأن الأرض أصبحت تحتوي على أشياء غريبة، ثم يأتي الوقت الذي تظهر فيه آلات أنثــروبوديّة "ثلاثيـة القوائم" شاهقة الطول لا تفعل سوى أن تقتل البشر، أو أن تختطفهم لتتغذى على دمائهم التي يعتبرونها أساس وجودهم وحيـاتهم.

الفيلم من بطولة الممثل الأميركي اللامع توم كروز، وهو عبارة عن سلسلة طويلة من الأحداث المثيرة والمبهرة والمخيفة، يتضمن مشاهد مخيفة للغزو الفضـائي ومعاناة الناس في محاولتهم للهـروب وسط جموع كبيرة، في إطار بصريّات مذهلة تميّز سينما سبيلبـرج على الدوام. وهو ما جعل إيرادات الفيلم تتجاوز النصف مليار دولار، انطلاقا من ميزانية ضخمة تقدر بـ 132 مليونا، الأمر الذي اعتبر رابع أفلام هذه السنة من حيث الإيرادات داخل أميـركا.

ترشح الفيلم إلى ثلاث جوائز أوسكـار كلها عن العناصر البصرية المُبهـرة التي قدّمها، لكن فيلم "كينج كونج" الذي أُنتج في نفس العام استطـاع انتزاع الجوائز الثلاثة.


عـام 2012.. نبوءة المايا التي لم تتحقق

كون هذه السطور تُكتب في عام 2017 فهذا يعني أن حضـارة المايا قد أخطأت في تحديد موعد نهاية العالم الذي يوافق عام 2012. من المعروف أن شعب المايا القديم قد اعتبر أن "يوم الهـلاك" سيكون في أحد أيام عام 2012 الذي مضى عليه خمس سنوات، وكانوا يعتبـرون أن هذا اليوم هو يوم انتهاء الحياة على الأرض، باعتبار أن هذا العام هو نهاية دورة التاريخ حسب التقويم القديم لحضارات أميـركا الوسطى.

ولكن أسطورة كهذه لم يكن في الإمكان تفويتها كفرصة ذهبية لتقديم فيلم سينمائي ضخم الإنتاج يتم إصداره بنفس عنـوان العام الذي تدّعي الأسطورة أنه نهاية العالم، ويعتمد على مشاهد بصرية مبهـرة تضم كافة أنواع الدمار التي يمكن أن تداعب العقل البشري، بدءا من أمواج التسونامي الهائلة التي تبتلع ناطحات السحاب، وليس انتهاء بالزلازل والبراكين المدمّرة ومشاهد التشققات الأرضية وانهيـار الجسـور العمـلاقة.

فيلم "2012" (5) من إنتـاج عام 2009 ومن بطولة جون كيوزاك ومورغان ليلي، ومن إخراج المخرج رولان إيمريش المخضرم في صناعة أفلام الكوارث. الفيلم تم إنتاجه بميزانية ضخمة قدّرت بـ 200 مليون دولار، واستطاع تحقيق إيرادات عمـلاقة تجاوزت سقف الـ 750 مليونا، واعتبر واحدا من أضخم الأفلام التي تم إنتاجها في هذا العام، رغم كونه لم يحقق نفس الزخم على المواقع النقـدية للأفلام.

undefined

الفيلم يعتمد بشكل كامل على المشاهد البصرية المُبهرة حتى لتكون هي الأساس، بينما قصـة أبطـاله مجرد تخديم على هذه المشاهد، كأن الفيلم تم إنتـاجه لاستعراض الإبهار ومشاهد الدمار الهائلة بشكل أساسي. قصته الأساسية تقوم على أن تزايد الحرارة القادمة من الشمس قامت بتسخين نواة الأرض، الأمر الذي أدّى إلى سلسلة كوارث طبيعية تهدد الحيـاة على الكوكب.

يعتبر أساس نجاح هذا الفيلم هو الحملة التسويقية الكبـرى الناجحة التي رافقته للتحذير من عام 2012، الأمر الذي زاد بشكل هائل من شعبيته ودفع الجماهير إلى مشاهدته، بل واستطاع التغطية على بعض الجوانب الفنية التي تعرضت للانتقاد مثل طول الفيلم وحبكتـه.


الحرب العالمية Z.. حرب أخرى غير متكافئة

على مدار عقود سلطت السينما الضوء بشكل كثيف على أسطورة "الموتى الأحياء" أو "الزومبيــز"، وهي أن يتحول الناس بشكل جماعي إلى جثث متحرّكة. موتى سائرون يبحثون عن الطعـام والقتل، وغالبا ما تكون العضّـة الواحدة لأي شخص حي هي إشارة أنه سيتحول بدوره إلى زومبي. حالة شبيهـة للغـاية بحبكــة مصاصي الدماء، ولكن بإضفاء المزيد من البشـاعة للمشهد بمغازلة الفكـرة الكابوسية للجثث المتحرّكة بشكل جماعي.

undefined

في عام 2013 تم إنتاج فيلم "الحرب العالمية زد" (6)  (World War Z)  من بطولة الممثل المخضـرم براد بيت والممثلة ميرايل إينوس. تم إنتاج الفيلم بميزانية ضخمة تقدر بـ 190 مليون دولار، حقق في المقابل إيرادات تجاوزت النصف مليار دولار، إلى جانب استحسان نقدي واسع على مواقع نقد الأفلام، ما جعله يأتي في المرتبة الأولى لحصـد أكبر إيرادات حققتها أفلام الزومبيــز على الإطلاق، واعتباره من أكثر أفلام تلك السنـة شهرة من الناحية الجمـاهيرية (شباك التذاكر) ومن الناحية النقدية أيضا.

جيري لين موظف أمني متقاعد يعيش مع أسرته الصغيرة بشكل هادئ تماما في فيلادلفيا، يصطحب أسرته في الطريق ليفاجأ أن الطريق مزدحم بشكل أكثر من اللازم وحركة السيارات مجنونة، ليتضح في النهاية أنه هجوم من الزومبيـز على المدينة بسبب انتشار وباء عالمي ينتقل سريعا، وأن الوباء قد طال كل أنحاء الأرض تقريبا، وأنه لا سبيل إلى وقفه بأي عقار، إلا عقار واحد بسيط لم يكن في الحسبان على الإطلاق.

حقق الفيلم شهرة كبيـرة باعتباره يحمل عدة تصنيفات ما بين نهاية العالم والكوارث والرعب والزومبي، وهو ما يعتبر سبب نجاح الفيلم الذي جعل الشركة المنتجة تعلن عن إصدار جزء ثان كان من المقرر أن يشهد النور خلال (يونيو/حزيران) من عام 2017، لكن تم تأجيله إلى موعد لاحق.


أرمـاغدون.. ماذا لو ارتطم كويكـب بحجم تكساس بكوكب الأرض؟

undefined

ربما هذه الطريقة هي أكثر الطرق ورودا في أذهان الناس بخصوص انتهاء الحياة على الأرض. كويكب كبيـر الحجم يتجه سريعا إلى الأرض ليصطدم بنا صداما مُريعا ينهي الجنس البشري وأشكال الحياة على الكوكب، وربما ليبدأ حيـاة أجناس أخرى تأتي من بعدنا. سينـاريو انقراض الديناصورات ما زال يداعب مخاوف الإنسـان الحالي، خصوصا أنه من الصعب -من المستحيل أحيانا- الوقوف أمام الطبيعة عندما تثور، فما بالك بالوقوف أمام مقذوفة كونية في طريقها إلينا؟

فيلم "أرماغدون"(7)  (Armageddon) -وهو مصطلح ديني يعني نهاية العالم- يعتبر واحدا من أهم وأبرز وأشهر الأفلام التي تجسّد هذا الكابوس بشكل إبداعي، مزيج من إبهار وتشويق وخوف، مع لمحة إنسانية درامية رائعة. الفيلم من إنتاج عام 1998، بطولة نجم التسعينيات بروس ويليس، تم إنتاجه بميزانية ضخمة تقدر بـ 140 مليون دولار، واستطاع حصد إيرادات تجاوزت الـ 550 مليون دولار، ليعتبر أكثر أفلام العام حصدا للإيـرادات.

ناسا تكتشف سيلا من المُذنّبات والشهب تتوجه إلى الأرض وتدمر بعض المركبات بشكل مثير للدهشة والقلق. يتضح في النهاية أن هنـاك كويكبا عمـلاقا بحجم ولاية تكساس الأميـركية يتحرّك تجاه الأرض وأنه سوف يصطدم بها خلال 18 يوما، وأنه سينتج عنه انقراض كامل للبشر إذا لم يتم إيقافه. ويتم تجهيز بعثة من الخبراء يتوجهون للكويكب بهدف تدميـره في الفضاء قبل أن يصل إلى كوكب الأرض.

ورغم أن الفيلم تجاوز بعض الحقائق العلمية، وأنه لم يكن دقيقا بشكل كاف، فإنه نال إقبالا هائلا من الجمهور ودعما من النقاد، وترشح إلى عدد كبير من الجوائز حصد منها العشرات في كافة نواحي إنتاجه تقريبا، بدءا من الإنتاج والتمثيل والتصوير والمشاهد البصرية، وحتى السياق الدرامي للقصة.


اصطـدام عميـق.. مُذنّب آخر متحمّس في طريقه إلى الأرض

في نفس العام من إنتاج فيلم "أرماغدون" الذي يتناول التصدي لخطر نهاية العالم بسبب كويكب شارد في طريقه إلى الأرض تم إنتـاج فيلم آخر يتناول نفس الموضوع بمعالجة مختلفة، وهو فيلم "اصطـدام عميق"(8) (Deep Imapct) وهو فيلم خيال علمي من أبرز أفلام التسعينيات أيضا الذي يتنـاول فرضية انتهاء الحيـاة على الأرض بسبب اصطـدام مع جسم كوني خارجي.

فتى صغيـر يهوى عالم الفلك يستخدم المرصد الفلكي التابع لمدرسته في تأمل السماء، ليلاحظ جسما غريبا يدور في مدار شبه ثابت حول الأرض. يذهب الفتى ليخبـر مدرّسه الذي يستشعر شيئا من الغرابة بخصوص هذا الجسم المرصود، فيستعين بعالم فيزياء وفلك متخصص الذي يكتشف أن هذا الجسم هو مُذنّب، وأن هذا المُذنّب لا يدور حول الأرض بشكل طبيعي، وأنه يدور في مسار سيجعـله في النهاية يتحوّل إلى الاصطدام مع كوكب الأرض مُخلّفا موجة دمار هائلة قد تكون نهاية العالم.

يحاول هذا العالم أن يحذر البشرية لكنه يقضي نحبه في حادث سيارة، وتبدأ أحداث الفيلم في التوالي عندما يكتشف العلماء مصداقية هذه الدعـوى، وتبدأ الولايات المتحدة في التعاون مع روسيا لإطلاق سفينة فضـائية مشتركة مهمتها التصدي لهذا المذنب بتفجيـره خارج الأرض قبل أن يصـل إلى مسار التصـادم معها.

الفيلم تم إنتاجه بميزانية تقدر بثمانين مليون دولار، وحقق إيرادات كبيرة قدرت بـ 350 مليونا. ورغم أنه أكثر دقة في النواحي العلمية من فيلم "أرماغدون" المذكور أعلاه فإن الأخير حقق إيرادات أكبر، ربما لأنه يحتوي على عواطف إنسانيـة أكبر وتركيز على الدراما المصاحبة للكارثة، وهو ما يحمل إشارة أن المشاهد يهتم بالنواحي الدرامية والعاطفية في هذه النوعية من الأفلام -بالتوازي مع الإبهار البصري- حتى لو كان ينقصها الدقة العلمية.


البحث عن صديق في نهاية العالم.. كيف تعيش اللحظـات الأخيرة؟

أصبح الأمر حقيقيـا، وكل القنوات الإخبارية والصحف تتحدث عنه، ثمة مُذنّب سريع في الطريق إلى الأرض وسوف يصطدم بها خلال أسبوعين، وسوف تنتهي الحياة. لا يوجد وسيلة لردع المُذنّب أو تحويل مساره، الحيـاة على الأرض سوف تختفي خلال أيام، هذه الحقيقة أصبحت أمرا واقعا.

خلال هذه الفتـرة الكل يفعل ما يريده، البعض يقرر الاستمرار في الذهاب إلى العمل والحياة بشكل طبيعي، البعض الآخر يقرر أن يقضي آخر أيامه في اللهو، والبعض الثالث يقرر أن يلزم بيته فلا يخرج، والبعض الرابع يقرر الانتحار بنفسه بدلا من الانتظار لوقت الضربة، والبعض يتمنى أن يجد صديقا حقيقيـا حتى ولو بضعة أيام قبل انتهاء الحيـاة تماما. وهذه هي قصـة فيلم "البحث عن صديق في نهاية العالم"(9)  (seeking a friend in the end of world)  من بطولة ستيفن كارل والنجمة كيرا نايتلي، وإنتاج عام 2012.

الفيلم لا يجسّد مظاهر دمار العالم، وإنما يلقي الضوء على العلاقات الإنسـانية كمحور القصة على خلفيـة حتمية ضربة مُذنّب ستنهي الحياة. يجسد الفيلم حيـاة البطل الخالية من أية مشاعر، إلى أن يلتقي بالصدفة بجارته الإنجليزية التي تعاني من مشكلات عدم الاستقرار في حياتها، ثم يكتشف أنه أخيرا وجد الصديق المناسب الذي يشهد معـه نهاية الحيـاة على الأرض. مزيج رومانسي درامي كوميدي على خلفيــة كارثة نهاية العالم.

undefined

الفيلم تم إنتاجه بميزانية 10 ملايين دولار، وحقق إيرادات بنفس النسبة تقريبا حيث لم يجد إقبالا جماهيريا كبيرا، لكنه حاز مراجعات نقدية إيجابية واعتبر من أبرز الأفلام التي تسلط الضوء على تخيل حياة الناس في ضوء معرفتهم الحتمية بنهاية الحياة على الكوكب بعد أيام.

أخيرا، من المستحيل حصـر كافة الأفلام التي أنتجتها السينمـا العالمية بخصوص نهاية الحياة على الأرض، كونها من الموضوعات التي يتداخل فيها الواقع بالخيال، ويتلاشى فيها الخط الفاصل ما بين الحقائق والمخاوف التي يشعر بها الناس. لكن فكـرة كيفيـة نهاية العالم ربما ستظل هي الفكـرة المُلحّة الأبرز في كل عقل يتأمل هذا الوجود، بنفس شعور الترقب الذي يشعر به المُشاهد للحظـة إسدال الستار على المسرح.

المصدر : الجزيرة