شعار قسم ميدان

سينما مجنونة.. قائمة بأفلام مفرطة في العنف والدموية والرعب

midan - سينما

ظهر مصطلح "السينما المتطرفة" Extreme cinema بداية القرن الحالي ومن قلب مجموعة من الأفلام الآسيوية التي تشترك في مزيج من الخصائص الانفعالية مثل العنف المفرط والرعب المقزز والمؤامرات المروّعة.(1) يكرهها النقّاد ويتعامل معها الجمهور بحذر بسبب ما تهدد به هذه الأفلام من "هدم لقيم المجتمع السائدة" عبر المبالغة في المشاهد الجنسية ومشاهد العنف الغريبة.

     

انتقل العنف المستخدم في تلك الأفلام، مثل فيلم "المعركة الملكية" Battle Royale عام 2000، إلى العديد من الأفلام الأمريكية والعالمية وصار أمرًا يتعرّض له النقاد من مدخل اعتراضي كونه يستهدف بالأساس فئة عمريّة شابة ويكثّف الحضور العنيف والجنسي أمامها وكأنه أمر طبيعي.

    

رغم اعتماد هذا النمط من السينما مؤخرًا كواحد من أشكالها المتعددة ولكنه ظهر قبل اختراع التوصيف المناسب له بسنوات. يعتبر فيلم المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني؛ "سالو" Salò الصادر عام 1975 أي بعد ثلاثة أسابيع من تعرّض مخرجه للاغتيال، واحدًا من أشهر الأفلام العالمية التي تنتمي نظريًا لهذا النمط السينمائي الغريب.

     

undefined

  

ينقسم الفيلم لأربع أجزاء مبنية على كتاب الكوميديا الإلهية للشاعر الملحمي الإيطالي دانتي أليغييري. وفيه أربع رجال من السلطة الفاشية يتحكمون بمصائر ثمانية عشر مُراهقًا نصفهم من الإناث والنصف الآخر ذكور. في جمهورية سالو وفي عام 1944، يقوم هؤلاء الطغاة لإجبار ضحاياهم ومعتقليهم على القيام بأمور شنيعة بحق بعضهم البعض، قاسية، ومقززة.

 

قال بازوليني عن الفيلم "إنه بمثابة رؤية حالمة لما أسماه ماركس (تسليع الإنسان)" وبهذه الجملة يمكن اختصار وصف السينما المتطرفة بأنها سينما جاءت لفضح الإنسان ومعاقبته في الآن ذاته. فضع عشوائيته وهمجيته، ومعاقبته عليها من خلال رؤيته لذاته الحقيقية كما لم يرها من قبل.

    

undefined

   

فيلم المخرج الأرجنتيني غاسبار نوي "لا رجعة فيه" Irreversible الصادر عام 2002 يعتبر واحدًا من الأفلام التي تعتمد "السرد العكسي" لأحداثه كما يفعل كريستوفر نولان في فيلم "تذكار" Memento عام 2000. ولكنه يُعتبر أحد أقوى المُنافسين إذا كنّا نتحدث عن فئة الأفلام المتطرفة.

  

عُرضت العديد من مشاهد الاغتصاب في السينما العالمية ولكن يبقى مشهد الاغتصاب الواقع على امتداد 9 دقائق كاملة دون قطع في منتصف هذا الفيلم هو الأكثر وقعًا وتأثيرًا من بينهم. أليكس التي تؤدي دورها مونيكا بيلوتشي تتعرض للاعتداء الجنسي في أحد الأنفاق الباريسية بعد حفلة حضرتها مع صديقها ماركوس، حادثة تؤدي لتغيير كلّ شيء في فيلم يحتوي على أكثر من مشهد عنف لا يُنسى تمامًا كما هي حال ألوانه الدموية المتعمّدة.

  

في عام 2009 برز اسم المخرج اليوناني يورجوس لانثيموس بعدما صار فيلمه "ناب الكلب" Dogtooth واحدًا من أكثر الأفلام إثارة للجدل في وقتها، لانثيموس الذي سيستمر على نهجه ولكن مع "تهذيب" أكثر في سنوات لاحقة كان فيلمه هذا استطاع الوصول به إلى أوّل ترشيح له لجائزة الأوسكار.

    

undefined

   

رغم تركيز لانثيموس في "ناب الكلب" على "الأسرة" كمحور لأحداثه ولكنه بالتأكيد فيلم لا يصلح "للأسرة". فالعائلة التي نتعامل معها في هذا الفيلم تبدو ليست فقط منعزلة عن العالم الخارجي ولكنها غريبة الأطوار وأحيانًا تبدر منها مواقف "مريضة"، عائلة تعيش في سجن من صنعها وقوانين صارمة، يرتدون الملابس الداخلية طيلة الوقت ويتكلمون مع بعضهم البعض برتابة.

 

الأب مسؤول في أحد المصانع بينما لا تغادر الأم وأطفالها المنزل، إن استخدام مصطلح أطفال هنا غير دقيق، فهم مراهقون في أواخر العشرينيات من أعمارهم رغم تفكيرهم الطفولي، بينما الأم حامل وترغب بإنجاب "طفل وكلب" وتهدد بناتها بالتراجع عن الإنجاب إن لم يُحسنوا التصرّف.

 

حتى الكوميديا ميتة وإن كان حاضرة في عدة مشاهد، مثلًا عندما يقرر الأب إحضار احدى العاملات في المصنع من أجل تلبية رغبات ابنه الجنسية. "لم أنتو التسبب بصدمة لأحد" يقول لانثيموس "حاولت أن أعرض قدرًا متوازنًا من الجنس والعنف بما يناسب أجواء الفيلم. ولكنه أمر نسبي من شخص لآخر، لن يتلقاه الجميع على نفس القدر من الاستغراب"(2)

 

اختلفت تفسيرات الفيلم باختلاف الجمهور الذي شاهده، في أمريكا اعتبروه فيلمًا عن مخاطر التعليم المنزلي، خصوصًا وأن الفيلم يُفتتح بمشهد للأم وهي تدرّس بناتها معاني خاطئة لكلمات شائعة، مثل "طريق سريع" Highway والتي تخبرهم أن معناها "رياح قويّة". أمّا في فرنسا فاعتبره النقاد فيلمًا عن الحكم الدكتاتوري لليونان في نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن الماضي.

     

في نفس العام كان لارس فون ترير، المخرج الدنماركي ومؤسس حركة دوغما 95 الطليعية السينمائية التي نشطت بين عامي 95 و 2005، قد أصدر فيلمًا بعنوان "نقيض المسيح" Antichrist وفيه يكشف فون ترير عن حياة زوجين شابين فقدا ابنهم الوحيد عندما سقط من الشرفة أثناء قيامهم بالمجامعة.

  

undefined     

تتحول العلاقة الجنسية بينهما لاحقًا إلى هوس، يمارسان الجنس في أيّ مكان وكلّ وقت، فيما تبدو الشابة متعطشة دومًا للمزيد. يعاني كلاهما من صعوبة نفسية للتعامل مع الحياة من حولهم فيتحول الجنس لديهم من رغبة بهذه الحياة إلى اندفاع نحو إنهائها بأي شكل كان. تشك الزوجة لوهلة بأن زوجها ينوي تركها والنجاة منها، وفي حينه ينقلب الفيلم إلى واحد من أكثر الأعمال اثارة للاشمئزاز والضيق، تحديدًا في اللحظة التي ستبدأ فيها بتعذيبه وهو على قيد الحياة.

 

"من واجب الفن أن يطرح الأسئلة، لا أن يقدّم الإجابات"

– ميكيل هانيكه

   

بيتر وبول هما شابان يرتديان الملابس البيضاء والسراويل القصيرة يقتحمان المصيف الخاص بالزوجين آنا وجورج وابنهما الصغير جورجي. يكونا لطيفين في البداية، يدعيان أنهما من الجيران الودودين وكل ما يحتاجونه هو بعض البيض من الثلاجة. رغم اعتيادية الحدث ولكن كل شيء يبدو غريبًا ومُوتّرًا للغاية.

 

يضعنا المخرج النمساوي ميكيل هانيكه، في فيلمه السوداوي والمُقلق "ألعاب ظريفة" Funny Games الصادر عام 2007، أمام نوع مختلف من التطرف السينمائي. فهو هنا لا يتعمّد خلق حدث خيالي ومحاولة إضفاء الغرابة عليه واسقاطه على أمر واقعي. هانيكه يخلق عالمًا لا ينفصل عن الواقع، يُعطي شعورًا للمشاهد بأن ما يشاهده ليس خيالًا بل هو الواقع بعينه وأن هذه القصّة حدثت/تحدث بالفعل.

 

يحاول الزوجان المتوتران إزاء غرابة المشهد والقفازات البيضاء في أيادي ضيوفهم أن يطرداهما من منزلهما، حينها يندلع العنف في المنزل، ووجهًا آخر، كان يخشى الجميع من ظهوره، يُطل من وراء أقنعة الشابان المُربكان. من أجل الخلاص عليهم ممارسة مجموعة من الألعاب التي يُمليها عليهم الضيوف، ألعاب لا تتضمن أي متعة، تستمر طيلة ليلة كاملة من التعذيب الجسدي والنفسي.