أحمد جبريل.. عدو إسرائيل والثورة السورية الذي حرر الشيخ أحمد ياسين من الأسر

نفذت حركة جبريل عمليات نوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما برعت في اختطاف الجنود الإسرائيليين ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين.

أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة (رويترز)

بعد مسيرة حافلة في مواجهة إسرائيل ومعاناة مع المرض، توفي مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة- وأمينها العام أحمد جبريل، الأربعاء 7 يوليو/تموز 2021، في مستشفى "دمشق" بالعاصمة السورية عن عمر ناهز 83 عاما.

وكما نعته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والرئيس الفلسطيني رئيس منظمة التحرير محمود عباس، نعته أيضا حركة حماس التي كان لجبريل الفضل في تحرير مؤسسها الراحل الشيخ أحمد ياسين من الأسر في "صفقة الجليل" لتبادل الأسرى عام 1985.

المولد والنشأة

ولد أحمد جبريل (أبو جهاد) عام 1938 في قرية يازور بضواحي مدينة يافا، المهجرة إبان نكبة قيام دولة إسرائيل عام 1948، على أراضٍ فلسطينية محتلة.

ولد جبريل لأب فلسطيني وأم سورية، ثم هاجر مع عائلته إلى سوريا عام 1948، حيث استقر في مدينة القنيطرة عند أخواله.

وحتى سن العاشرة، نشأ جبريل في قريته، ولم ينس أبدا مداهمات الجيش البريطاني لها أثناء الاحتلال (1920-1948)، قبل أحداث النكبة التي اضطرته للهجرة، وفق مقابلة مع قناة الجزيرة في 2005.

الدراسة والتكوين

إثر حصوله على شهادة الثانوية العامة في التخصص العلمي بدمشق عام 1956، انتقل إلى القاهرة والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1959، لذلك يعتبر أحمد جبريل من القيادات الفلسطينية القليلة التي تلقت تكوينا عسكريا أكاديميا.

وبعد تخرجه، عمل ملازما، ثم ضابطا في سلاح الهندسة بالجيش السوري، حتى تسريحه منه عام 1963.

التوجهات الفكرية

يحسب أحمد جبريل على التيار القومي، ويؤمن بالكفاح المسلّح لتحرير فلسطين.

التجربة السياسية

خلال دراسته في مصر، احتك بالاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين، حيث بدأت تتبلور فكرة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين.

أسس جبهة التحرير الفلسطينية عام 1959، تيمنا بجبهة التحرير الجزائرية التي قاتل في صفوفها ضد الاستعمار الفرنسي (1830-1962).

بعدها اندمج مع عدة تيارات قومية ويسارية، وأسسوا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تولى قيادتها جورج حبش، بينما تولى جبريل قيادة جناحها العسكري.

لكنه انفصل عن جبهة جورج حبش ليؤسس عام 1968 فصيله الخاص "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة"، كحركة قومية يسارية أصبح أمينها العام لمدة 53 عاما حتى وفاته.

نفذت حركة جبريل عمليات نوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما برعت في اختطاف الجنود الإسرائيليين ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين.

وفي 1978 و1982، عايش جبريل اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وأسرت جبهته جنديا إسرائيليا عام 1978، و3 آخرين في 1983.

أشرف جبريل على صفقتين لتبادل الأسرى بين جبهته وإسرائيل، وهما: "النورس" عام 1979، وأُطلق بموجبها سراح 76 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الأول.

أما الصفقة الثانية فهي "الجليل" عام 1985، والتي بادل خلالها 3 جنود إسرائيليين بـ1150 أسيرا لدى إسرائيل، منهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس.

كما نفّذت الجبهة عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية، بينها عملية "الخالصة" قرب مستوطنة "كريات شمونة" (شمالي إسرائيل) عام 1974، وهي من تنفيذ 3 من مقتلي الجبهة، هم فلسطيني وسوري وعراقي.

الثورة السورية

واجه جبريل انتقادات عديدة، فمنذ 2011 انحاز للنظام السوري ضد الثورة الشعبية، بل شاركت جبهته في قتال ضد فصائل الثورة.

ومنذ بدأت الثورة السورية، كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة من أكثر الأذرع العسكرية غير السورية توحشا في القتل وقمع الفلسطينيين والسوريين.

قامت الجبهة بمهمة التجسس على أفراد ومؤسسات مناهضة للنظام السوري، وشهد مخيم اليرموك على تصرفاتها، ولم يزل، حيث تفرض عليه الجبهة حصارا منذ عام 2012 تقريبا، وهي الآن تشارك في معظم المعارك التي يخوضها النظام السوري في المناطق المحيطة بدمشق.

تحالفات وخلافات

ارتبطت سيرة جبريل بتحالفه الإستراتيجي مع سوريا وليبيا وإيران، وبصراعه مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.

ومرّت تجربته في سوريا بمد وجز، فمن الخدمة في جيشها، إلى الزج به في سجونها أعوام 1962، و1964، و1966.

شاركت جبهة جبريل في عمليات مخيم تل الزعتر عام 1976 بلبنان، فحاصرت المخيم ودكته بالصواريخ التي قتلت آلافا من الفلسطينيين، كما شاركت في حصار ياسر عرفات في طرابلس بلبنان عام 1983، واشتركت مع "حركة أمل" اللبنانية في الحرب على المخيمات الفلسطينية بين عامي 1985و1986، فتسببت في مقتل آلاف الفلسطينيين.

وفي 1993، غادر لبنان عائدا إلى سوريا، ثم انتقل إلى إيران عام 1996، وبعدها عاد إلى سوريا مجددا في 2002.

بعدها، عاد جبريل تدريجيا إلى المشاركة في لقاءات المصالحة الفلسطينية، ووقع على وثيقة المصالحة الوطنية المنبثقة عن اجتماع القاهرة عام 2011.

وتعذرت مشاركته في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 2020، لأسباب صحية.

وحتى وفاته، ظل جبريل مناوئا لنهج التسوية والمفاوضات مع إسرائيل الذي تبنته منظمة التحرير.

محاولات اغتيال وخطف

تعتبر إسرائيل أحمد جبريل من ألد أعدائها، وقد حاولت اختطافه أو اغتياله عدة مرات، لكن الإخفاق لازمها في تلك المحاولات.

وإلى جانب محاولات الموساد اغتياله، تعرض جبريل لمحاولات اغتيال واختطاف عديدة من جانب فرقاء الساحة اللبنانية، من فلسطينيين ولبنانيين وعرب.

كما نجا من الاعتقال بعد اختطاف إسرائيل طائرة كانت متجهة من ليبيا إلى سوريا عام 1986، حيث اعتذر عن عدم الانضمام لهذه الرحلة في اللحظات الأخيرة، وفق شهادته للجزيرة.

وفي عام 2002، نجح الموساد في اغتيال ابنه جهاد جبريل قائد الجناح العسكري للجبهة، عبر تفجير سيارته في بيروت.

المصدر : الجزيرة + الأناضول + مواقع إلكترونية