أبرز عمليات نقل يهود الدول العربية لإسرائيل

"من أقاصي اليمن".. تهجير يهود إلى إسرائيل
ما بين عمليتيْ "بساط الريح" 1949 و"من أقاصي اليمن" 2016 نـُقل الآلاف من يهود اليمن إلى إسرائيل (الجزيرة)

رافقت عمليات استيلاء الصهاينة على أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم عملية تغيير ديمغرافي ممنهجة، ففي جميع حالات الاستيلاء كانت الحكومات الإسرائيلية تجلب أعداداً من اليهود من مختلف أنحاء العالم ليحلوا مكان السكان العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض والحق. 

بدأت هجرة أو تهجير اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل خلال السنوات الأربع التالية لقيامها عام 1948، والغالبية العظمى لهؤلاء أتت من اليمن والعراق وشمال أفريقيا، وحتى عام 1952 كان لا يزال يعيش في دول الشرق الأوسط نحو 750 ألف يهودي.

والثابت أن هجرة اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل لم تكن "هجرة إنقاذ من الإبادة والفناء" كما وصفها ديفد بن غوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل). فاليهود العرب لم يكونوا معرضين لهذا الخطر الذي تعرض له يهود أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية أيام النظام الألماني النازي.

لكن مؤسسي دولة إسرائيل حرصوا على المبالغة في وصف "الأخطار" التي تتربص بيهود العالم إجمالا والدول العربية خاصة، محذرين إياهم من إمكان تعرضهم لكارثة إبادة جديدة لدفع هؤلاء إلى الهجرة، التي اعتبرت في السنوات الأولى لتأسيس إسرائيل أهم عنصر من عناصر "الأمن القومي والقوة العسكرية" لها.

ولم تكن عملية نقل 19 يهوديا يمنيا إلى إسرائيل التي كشف عنها النقاب في مارس/آذار عام 2016الأولى من نوعها، فقد سبقتها عمليات مشابهة.

وتاليا أبرز تلك العمليات والحالات التي قدمت فيها بريطانيا والولايات المتحدة المساعدة لإسرائيل لإتمامها:

"بساط الريح"
جلبت إسرائيل نحو خمسين ألف يهودي من اليمن خلال 1949-1950 في إطار عملية سميت عملية "بساط الريح". وتم التفاوض حول شروط العملية مع السلطات اليمنية وأخرج اليهود عبر مدينة عدن، وبقي في حينه 1200 يهودي في اليمن أخرجوا في فترات لاحقة.

وسبق تلك العملية تمهيد قام به العملاء الصهاينة في اليمن باستخدام وسائل ملتوية وافتعال أسباب لإثارة الفتنة بين السكان اليهود وغير اليهود في اليمن وعدن، مما اضطر السلطات للسماح بالهجرة لكل من شاء من يهود اليمن للتخلص من صهيونييهم.

وقد طلب ملك البلاد آنذاك "الإمام" يحيى حميد الدين من جميع اليهود الذين أرادوا مغادرة البلاد بيع ممتلكاتهم، كي يحول دون مطالبة هؤلاء اليهود مستقبلا بأي حقوق لهم في اليمن.

"عزرا ونحميا"
عند إعلان قيام إسرائيل في 15 مايو/أيار عام 1948، لم تكن الهجرة إلى إسرائيل جذابة ليهود العراق، فاستمرت النخب اليهودية العراقية في الحفاظ على علاقاتها مع نظيرتها السياسية والاقتصادية في البلاد.

إلا أن جهاز الموساد الإسرائيلي بدأ يرسل موفديه إلى العراق لبث القلاقل لحمل اليهود على الهجرة إلى إسرائيل. حينها كان هناك 134ألف يهودي يعيشون في العراق، لكن هذا العدد سرعان ما انخفض بعد أن بدأت إسرائيل تنفيذ "عملية عزرا ونحميا" خلال 1949-1951، فغادرت فيها 96% منهم العراق جوا إلى إسرائيل.

وعلى غرار ما حدث في اليمن؛ شهدت العراق أيضا أحداث مشابهة مهدت لعملية التهجير تلك، إذ وقعت عدة تفجيرات عاميْ 1950 و1951 طالت كنيسا يهوديا في بغداد، وشركات متاجر ومحلات لليهود.

واتضح فيما بعد وقوف أحد العملاء الصهيونيين وراءها لإشاعة الذعر بين السكان اليهود لحملهم على الهجرة، كما انفجرت قنبلة في مقهى كان يتردد عليه اليهود، وقنبلتان في متجرين يملكهما يهوديان عراقيان. 

أظهرت الأحداث بعد ذلك بقليل أن الصهاينة هم المسؤولون عن الانفجارات، ووجدت الشرطة العراقية كمية من الأسلحة في كنيس يهودي في بغداد. وقال كبير حاخامي العراق آنذاك الحاخام ساسون خضوري "إنه من الواضح أن الصهيونيين هم الذين وضعوا هذه الأسلحة من أجل استفزاز السلطات والسكان العرب".

وبعد التفجيرات التي استهدفت مصالح اليهود في بغداد، انتشرت بين يهود العراق هستيريا هجرة، فشهدت بدايات خمسينيات القرن العشرين هجرة الآلاف منهم إلى إيران أو قبرص وبعدهما إلى فلسطين المحتلة أو غيرها.

وتذهب التقديرات إلى أن عدد المهاجرين اليهود من العراق بلغ نحو 123 ألف نسمة في نهاية عام 1951، وهذا الرقم هو الأكبر بين مهاجري البلدان العربية من اليهود.

مصر
على نفس المنوال العراقي تكرر الأمر في مصر؛ حيث شهدت بعد قيام إسرائيل تفجيرات لمحلات يملكها يهود على أيدي عملاء لمنظمات صهيونية، وذلك لخلق حالة عدم استقرار بين اليهود ودفعهم للهجرة.

واستمر ذلك بعد قيام ثورة 25 يوليو/تموز 1952، ثم جاء العدوان الثلاثي (الإنجليزي الفرنسي الإسرائيلي) 1956 على الأراضي المصرية -وخاصة على قناة السويس- ليزيد وتيرة هجرة اليهود من مصر.

والملاحظ أن من بين 27 ألف يهودي مصري تركوا مصر استقر 7200 منهم فقط في إسرائيل أي نحو الربع، حالهم في ذلك حال معظم اليهود الذين تركوا بلادهم الأصلية وفضلوا الانتقال إلى بلد غربي غير إسرائيل.

سوريا
عند قيام إسرائيل عام 1948 كان هناك نحو 30 ألف يهودي في سوريا، لكنهم غادروا على دفعات متتالية إلى إسرائيل. وقدر تقرير أميركي صدر عام 2014 عدد اليهود في سوريا بأقل من 20 شخصا.    

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، أقدم رجل أعمال إسرائيلي/أميركي يدعى موتي كاهانا على إخراج سوريتين يهوديتين من سوريا وإيصالهما إلى إسرائيل، بينما عادت سورية يهودية ثالثة كانت ترافقهما مع عائلتها من حيث أتت، بعد رفض إسرائيل منحها تأشيرة دخول لكونها متزوجة من مسلم.

"سليمان وموسى"
هاجر أكثر من 100 ألف يهودي إثيوبي إلى إسرائيل منذ ثمانينيات القرن العشرين في إطار عدة عمليات. أهمها "عملية سليمان" في مايو/أيار 1991 عند سقوط نظام منغيستو هايلي ميريام، مما سمح بنقل 20 ألف شخص إلى إسرائيل خلال 36 ساعة فقط.

وقبل عملية سليمان كانت هناك عمليات موسى عام 1948، وجوشوا عام 1985 بمساعدة سلاح الجو الأميركي. وفي الألفية الجديدة تم تنظيم عمليات نقل لنحو 30 ألف من يهود الفلاشا، ووصلت المجموعة الأخيرة التي سمح لها بدخول إسرائيل في 28 أبريل/نيسان عام 2013.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية + مواقع إلكترونية