شعار قسم ميدان

كيف تُشتَرى السعادة؟ علماء الاجتماع يقدمون بعض الإجابات

ميدان - السعادة

مقدمة المترجم
بالتأكيد سمعت أحدهم يقول إن المال لا يشتري السعادة، ولكن ماذا لو كان للعلم رأي آخر! تعرف في هذه المقالة على الطريقة الصحيحة لإنفاق المال، للحصول على أكبر قدر من المتعة.


نص المادة
قال أحد أبطال مسرحية أنتيجون "لا شيء يفسد الأخلاق مثلما يفعل المال"، إنما لعله كان يجهل الطريقة المناسبة لإنفاق ماله. حيث تشير الأبحاث إلى أننا قد نتمكن حقًا من شراء السعادة، إذا ما أنفقنا المال بطريقة صحيحة.
 

ثمة قاعدة بسيطة، غير مجرّبة، وكثيرا ما يُستشهد بها، مفادها أن إنفاق المال على التجارب لا الأشياء يجعلنا أكثر سعادة. عندما طلب من البعض التفكير في عملية إنفاق مالي قاموا بها، كان أولئك الذين فضلوا إنفاقها على تجارب، مثل رحلة سفر، أو حفلة موسيقية، أكثر سعادة بكثير عمن انتقوا عملية إنفاق مالي تتعلق بشراء غرض مادي. يرى علماء النفس أن "مشاية الملذات" (hedonic treadmill)، وهو ميلنا إلى العودة إلى مستوى السعادة الأصلي بعد حدوث تغير ما، تعاود الدوران بسرعة أكبر في حالة الإنفاق على شيء مادي، مقارنة بها في حالة خوض تجربة جديدة: فمن السهل الاعتياد على منضدة جديدة، مقارنة برحلة إلى تشيلي. كذلك يقولون إننا أكثر مرونة في تقبل التجارب السيئة ("إنها تقوي ارتباط بعضنا بالبعض") مقارنة بالأشياء المادية التي نندم على شرائها.
 

undefined

 

إلا أن التجارب ليست سواء. إذ نجد في إحدى الدراسات، أن الذين قضوا تجاربًا منعزلة لم يزد تثمينهم لهذه التجارب بعد انتهائها، عن تثمينهم للمقتنيات. عندما قسم الإنفاق على التجارب إلى فئتين، واحدة انعزالية وأخرى اجتماعية، وجد أن التجارب الاجتماعية تسبب قدرًا أكبر من السعادة. لا يفهم من ذلك أن فعل الأشياء يجعلنا أكثر سعادة من امتلاك الأشياء، بل أننا نحب فعل الأشياء مع الآخرين. هذا صحيح في حالة الأشخاص المنفتحين على وجه الخصوص: حيث زادت سعادتهم بدرجة كبيرة بعد التسوق بصحبة أشخاص آخرين، بغض النظر عن طبيعة المشتريات، وفقا لإحدى الدراسات.

تعاون باحثو جامعة كامبردج مع مصرف لتحليل العلاقة ما بين عادات العملاء الإنفاقية، وطبيعة الشخصية، والسعادة. فوجدوا أن السمات الشخصية الخمس الكبرى، وهي الانفتاح على الناس، والانفتاح على التجربة، ويقظة الضمير، والوداعة، والعصابية، يمكنها التنبؤ بالإنفاق.

فبينما ينفق الأشخاص الاجتماعيون بسخاء على المطاعم ووسائل الترفيه، يفضل المنضبطون، متيقظو الضمير، الإنفاق على اللياقة البدنية وخدمات التأمين. وكان الذين يتوافق نمط إنفاقهم مع شخصيتهم أكثر سعادة ممن يتعارض إنفاقهم معها. ففي إحدى الحالات، منح المنفتحون والانطوائيون قسائم شراء ما بين حانة ومتجر للكتب. فشعر المنفتحون بالسعادة حينما أجبروا على إنفاق المال في الحانة، في حين شعر الانطوائيون بالسعادة عند الإنفاق على متاجر الكتب.

هؤلاء الذين ابتاعوا الحلوى للطفل المريض شعروا بمردود نفسي أكثر إيجابية من غيرهم. ذلك لكونه إنفاق يقربنا منهم، وهو ما لا يشكل مفاجأة
هؤلاء الذين ابتاعوا الحلوى للطفل المريض شعروا بمردود نفسي أكثر إيجابية من غيرهم. ذلك لكونه إنفاق يقربنا منهم، وهو ما لا يشكل مفاجأة

لكن قبل الانطلاق في مغامرة جامحة لإنفاق المال، احذر: لأنّ كمية المال المتواجد في الحساب الجاري، أشد ارتباطًا برضا المرء عن حياته، من الدخل الشهري، أو قدر استثماراته، أو الدَّيْن.غير أنها  ليست دعوة إلى البخل: عندما كلف الناس بشراء حلوى لطفل في المستشفى، وكلف آخرين بشرائها لأنفسهم، كان لذلك نتيجة ثابتة رغم اختلاف الدول، سواء في بلد غني (كندا) أو بلد فقير (جنوب أفريقيا). فهؤلاء الذين ابتاعوا الحلوى للطفل المريض شعروا بمردود نفسي أكثر إيجابية من غيرهم. [7] ذلك لكونه إنفاق يقربنا منهم، وهو ما لا يشكل مفاجأة. الإنفاق على الأصدقاء والأسرة أيضًا يعزز سعادتنا.

إذن، كيف يمكنك استخراج المرح من المال؟ أولًا، اكتشف نوع شخصيتك، منفتح أم انطوائي؟ ثم اتجه إلى الحانة، أو متجر الكتب، أو المستشفى، وأنت تجر خلفك مواطنًا كنديًا [بما أن كندا بلد غني]. وستجد السعادة  لا محالة.

___________________________

المقال مترجم عن: الرابط التالي

المصدر : الجزيرة