شعار قسم ميدان

العقل السليم في النوم السليم!

LONDON - OCTOBER 12: An artwork using a real model entitled 'This is Holly' made from bed, holly and sleeping pills is displayed on October 12, 2006 in London, England. The Frieze Art Fair is held every October in London's Regent's Park and features over 160 contemporary art galleries and a sculpture park. (Photo by Peter Macdiarmid/Getty Images)
مقدمة المترجمة
يطرح الباحثون نظرية جديدة عن فوائد النوم العميق على صحتك النفسية والعاطفية، وكذلك أثره على شعورك بالقلق أو الخوف، في التقرير التالي تكتب محررة الصحة في ذا اتلانتيك أولغا كازان عن هذه الدراسة الجديدة وتحمل خبرا هائلا للكسالى منا ومحبي النوم.

     

نص التقرير
ربما كان هناك سبب سري قد مكن ألبرت أينشتاين من اتخاذ قرار مخيف مثل الذي اتخذه عام 1939، عندما تعارض مع قناعاته الشخصية، وشجع الرئيس فرانكلين روزفلت على مواصلة البحث اللازم لصنع القنبلة الذرية. كتب أينشتاين في وقت لاحق: "كنت أدرك جيدا الخطر المروع الذي سيلحق بالبشرية جمعاء إذا نجحت هذه التجارب". ربما كانت خدعة حياتية غريبة هي التي ساهمت في موقفه البارد تجاه القنبلة، حيث يقال إن أينشتاين كان ينام 10 ساعات كل ليلة.

 

يقول مؤلفو دراسة جديدة نشرت في مجلة "نيوروساينس" أنها إحدى أولى الدلالات على أن النوم السليم قد يحمي من الخوف والضيق، في حين أن ميل الشخص للنوم المتقطع قد يجعله أكثر عرضة للصدمة في وقت لاحق. ولإجراء الدراسة أرسل فريق من الباحثين من جامعة روتجرز 17 شخصا إلى منازلهم مصطحبين أجهزة مراقبة النوم – عصابات رأس ترصد موجات الدماغ، وأساور تتبع حركات الذراع- وطلبوا منهم النوم كما يفعلون عادة لمدة أسبوع. وراقبوا مقدار ما يحصلون عليه من النوم، وخاصة تلك المرحلة التي تسمى النوم الريمي أو نوم حركة العين السريعة.

   undefined

   

(في العادة ينام معظم الناس كل ليلة حوالي سبع أو ثماني ساعات، وساعتين منها تقريبا يطلق عليها مرحلة نوم حركة العين السريعة، أو النوم الريمي، وهي تلك المرحلة من النوم العميق التي يرتاح فيها الجسم بشكل كامل وتحدث فيه معظم الأحلام والهلاوس). ثم هيأ الباحثون المشاركين للشعور بالخوف عبر عرض صور لغرف ذات مظهر عادي ولكنها مضاءة بمصابيح بأشكال مختلفة، بعضها يقترن بكهرباء خفيفة، وعبر ذلك تعلموا الخوف من غرف كانت مضاءة بألوان معينة.

 

وخلال مهمة "تعلم الخوف"، كان للمشاركين الذين أمضوا المزيد من الوقت في مرحلة النوم الريمي اتصال أقل مع اللوزة الدماغية وهي مركز الشعور بالخوف في الدماغ، وقشرة الفص الجبهي والحصين وهي مناطق بالدماغ مسؤولة عن ترميز الذكريات. بينما كان لمن يعانون من قلة النوم الريمي نشاط أقل في تلك المناطق من الدماغ، وهو ما يشير إلى أن المشاركين الأكثر راحة ربما لم يربطوا هذه المخاوف بأدمغتهم بقوة.

 

ثم قام الباحثون بتكرار النتائج من خلال إعادة التجربة باستخدام جهاز دراسة النوم – وهو يستخدم عادة لقياس انقطاع النفس أثناء النوم – على المشاركين لليلة واحدة. ومن المعروف بالفعل أن اضطراب ما بعد الصدمة يترافق مع اضطرابات النوم، وقد أظهرت الدراسات السابقة أن المحرومين من النوم لديهم نشاط  أكثر في اللوزة الدماغية  بعد رؤيتهم لصور مزعجة.  فلماذا قد يجعلنا  النوم العميق  أقل عرضة لترميز العواطف الصادمة؟ تقول نظرية أن هذه المرحلة من النوم تمسح النوربينفرين- وهي مادة كيميائية  تنشط الجسم للعمل – من منطقة تدعى "الموضع الأزرق" وهي منطقة إفرازها في الدماغ.

   

إذا كنت تريد نوما أفضل، فعليك أن تقلل من إجهاد نفسك خلال النهار والتأكد من عدم مقاطعة خط نومك بالمنبهات المبكرة
إذا كنت تريد نوما أفضل، فعليك أن تقلل من إجهاد نفسك خلال النهار والتأكد من عدم مقاطعة خط نومك بالمنبهات المبكرة
   

وتقول شيرا لوبكين، أحد مؤلفي الدراسة والباحثة في مركز علم الأعصاب الجزيئي والسلوكي في جامعة روتجرز: "إن مرحلة النوم الريمي فريدة من نوعها للغاية لأنها تعد الوقت الوحيد الذي تكون فيه منطقة الدماغ صامتة تماما، وهناك نظرية تقول إن هذا يسمح أن تُخلى أفكارك تماما وتبدأ من جديد في اليوم التالي، فإذا كنت تعاني من قلة النوم الريمي قد يعني ذلك أن فرصتك في الحد من المستويات العامة من النوربينفرين ضئيلة، مما يزيد من شدة ردود أفعالك في اليوم التالي نحو التحفيزات." أما إلس فان دير هيلم، الباحثة السابقة في علوم النوم ومؤسسة مشروع ناشئ عن النوم يسمى شليب، تقول إن هرمونات الإجهاد تنخفض أثناء النوم الريمي، مما يسمح للدماغ بتنشيط الذكريات بعد خلع "النغمة العاطفية" عنها.

 

 ولذلك فإن من يحصلون على قسط كبير من النوم الريمي قد تكون ردود أفعالهم للمحفزات العاطفية أقل، وإذا تم تكرار الدراسة، يمكن أن يكون هناك تطبيقات فعلية لوقف الصدمة قبل أن تحدث.  يقول لايتمار ليرنر الباحث الذي قاد الدراسة وهو الذي يعمل أيضا مع مركز العلوم الجزيئية والعصبية السلوكية في روتجرز "يمكن تصور أن الجيش قد يبدأ في إجراءات بحث عن من لديهم نوم ريمي أكثر ليكونوا أفضل المرشحين للانضمام للوحدات القتالية."

 

وتعتقد فان دير هيلم أنه بالنسبة لأي تطبيقات على أرض الواقع هناك حاجة إلى تكرار المزيد من الاختبارات للنوم الريمي، فضلا عن المزيد من التدابير السلوكية لمستويات المشاركين من التوتر والقلق. لكنها "خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح" وفقا لفان دير هيلم وهي تسلط الضوء على أن النوم يزيد من المرونة العاطفية والانفعالية للناس.

 

ولكن كيف يمكن تعزيز النوم الريمي لأولئك منا الذين يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان يضبطون منبههم على الساعة الثالثة فجرا؟ الجواب واضح جدا، إلا أنه بالنسبة للكثيرين متعذر التحقيق؛ تقول فان دير هيلم: "إذا كنت تريد نوما أفضل، فعليك أن تقلل من إجهاد نفسك خلال النهار والتأكد من عدم مقاطعة خط نومك بالمنبهات المبكرة". 

___________________________________________

 

مترجم عن: ذا أتلانتيك

المصدر : الجزيرة