شعار قسم ميدان

هل للوجوه الحزينة تأثير لزيادة التبرعات؟

midan - child

لِحثّ الناس على العطاء؛ تستخدم العديد من الجمعيات الخيرية التي تخدم المحتاجين الصور التي تُصوّر الناس وهم في حال السعادة أو التعاسة. وهذه الصور ترمز إلى الأشخاص الذين سيستفيدون من التبرعات المقدَّمة استجابةً لهذه النداءات.

 

ولكي نكتشف كيف ولماذا قد تؤثر الرسائل التي تنقل من خلال وسائل الإعلام المختلفة على مواقف الجمهور وسلوكهم، عَقدتُ أنا، أستاذ جامعي، و"لـِـيْ جيا"، طالب في مرحلة الدكتوراه في التسويق، دراسة عن هذا الأمر لمعرفة أفضل الطرق في التأثير على الناس.

 

وجوه سعيدة أم وجوه حزينة؟
تدعم كثيرٌ من البحوث بعضَ الأسس المنطقية لكِلا النهجَين. فرؤيةُ الوجه المبتسم تجعل الناس سعداء. وعندما يشعرون بالسعادة، فإنهم يميلون إلى تقييم أسلوب الدعاية لجمع التبرعات على بصيرة أكثر، فإذْ بهم يتبرعون من أجل الحفاظ على السعادة التي غمَرَتهم – وَفقًا لدراسة نَشرَتْها مجلةُ علم النفس الاجتماعي التطبيقي. كما أن الوجوه المبتسمة تُذكّر الناسَ بالفوائد المحتملة لتبرعاتهم. ويمكن لهذا أن يحفز العطاء بزيادة الإحساس بالإنجاز للمانحين.

  

الصور الحزينة تُذكر المانحين المحتملين بالمصاعب والـمَـشاق. وهذا قد يجعل حلَّ هذه المشاكل يبدو مستحيلًا بالنسبة لهم، وبالتالي يثبطهم عن التبرع
الصور الحزينة تُذكر المانحين المحتملين بالمصاعب والـمَـشاق. وهذا قد يجعل حلَّ هذه المشاكل يبدو مستحيلًا بالنسبة لهم، وبالتالي يثبطهم عن التبرع
  

أما رؤية الوجوه الحزينة، من ناحية أخرى، فيمكن أن يحض على التبرع من خلال تسليط الضوء على شِدة المشكلة ودرجة الحاجة. وقد تؤدي الصور التي تنقل حالة الضيق إلى زيادة العطاء أيضًا من خلال إثارة المشاعر السلبية، مثل الشعور بالذنب أو الحزن. والدافع لتجنب المشاعر السلبية يعني أن الناس قد يتبرعون لقمع مشاعر الحُزن – فمن خلال محاولة حل المشكلة تظهر الصورة حزينة.

 

العادات الخيرية
قد تعتمد الابتسامات أو التجهُّمات التي تحقق نتائج جيدة على ما يسميه الخبراء "المشاركة" مع الجمعيات الخيرية – فكم شخصًا يهتم بالبعثات الخيرية بشكل عام، ومدى تكرار تبرعه أو مشاركته في فعاليات جمع التبرعات، وما إذا كان الشخص يتبرع بانتظام للمنظمات غير الربحية. وبما أن هؤلاء الناس يساعدون بالفعل الأشخاصَ المحتاجين، فإنهم يودون أن يعرفوا أن تبرعاتهم تُحدث فرقًا.

 

والصور الحزينة تُذكر المانحين المحتملين بالمصاعب والـمَـشاق. وهذا قد يجعل حلَّ هذه المشاكل يبدو مستحيلًا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يشاركون بالفعل مع الجمعيات الخيرية، وبالتالي يثبطهم عن التبرع. أما الصور السعيدة فمن المفترض أن تحقق نتيجة أفضل لهؤلاء الناس لأنها تؤكد على أهمية العمل الفردي وتسليط الضوء على الأثر الإيجابي الذي يمكن أن يحققه سخاءُ شخصٍ واحدٍ.

 

ومن ناحية أخرى، فإن الأشخاص الذين لا يشاركون كثيرًا في الجمعيات الخيرية، يميلون بسهولة في تأييد بعثة معينة أو للاعتقاد بحاجتها الملحة. ولأن الصور المحزنة تبرز المشاكل ومدى الاحتياجات التي لا يُلقي أحدٌ لها بالًا، فإن الوجوه غير السعيدة ينبغي أن تؤدي وظيفة أفضل في الحصول على تبرعات من هؤلاء المانحين المحتملين.

 

تجربة عبر الإنترنت
المشاركين ذوي المستويات العالية من المشاركة الخيرية كانوا أكثر عرضة للتعبير عن نيتهم للتبرع استجابةً للصور السعيدة (رويترز)
المشاركين ذوي المستويات العالية من المشاركة الخيرية كانوا أكثر عرضة للتعبير عن نيتهم للتبرع استجابةً للصور السعيدة (رويترز)
 
لاختبار النهجين، أجرينا تجربة عبر الإنترنت بين 201 من البالغين الأميركيين، وذلك باستخدام ثمانية إعلانات مماثلة. وهذه الإعلانات كانت تُحاكي دعواتِ جمع المال لمستشفى "سانت جود البحثي للأطفال" لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان وإجراء البحوث ذات الصلة. وكانت الإعلانات تحمل إما وجهَ طفلٍ سعيدٍ أو حزين وتلك الكلمات: "تبرعك الصغير، يأتي معه فرقٌ كبير، في مكافحة سرطان الطفولة".

 

واستخدمنا ثماني صور انقسمت بالتساوي بين أطفال سعداء وآخرين تعساء. ثم اختِير كلُّ مشاركٍ اختيارًا عشوائيًّا لمشاهدة إعلان واحد فقط. وقِسْنا المشاركة الخيرية للمشاركين من خلال سؤالهم إلى أي مَدًى يوافقون أو لا يوافقون على عدد من التعبيرات، مثل "إعطاء الجمعيات الخيرية يعني قدرًا كبيرًا بالنسبة لي". وبعد مشاهدة الإعلان، سُئلوا عن استعدادهم لدعم مستشفى سانت جود.

 

وكما أوضحنا في مجلة "الإدارة والقيادة غير الربحية"، وجدنا أن المشاركين ذوي المستويات العالية من المشاركة الخيرية كانوا أكثر عرضة للتعبير عن نيتهم للتبرع استجابةً للصور السعيدة. أما الأشخاص الذين كانوا أقل ارتباطًا بالجمعيات الخيرية كانوا أكثر احتمالًا لأن يقولوا إنهم أبدَوا اهتمامَهم بالتبرع بعد مشاهدة الصور الحزينة.

 

ما معنى هذا؟
على الرغم من أن عقودًا من البحوث النفسية تشير إلى أن النوايا تعتبر مؤشرًا قويًا للسلوك الفعلي، إلا أنّ المانحين لا يكون سلوكُهم هكذا دائمًا
على الرغم من أن عقودًا من البحوث النفسية تشير إلى أن النوايا تعتبر مؤشرًا قويًا للسلوك الفعلي، إلا أنّ المانحين لا يكون سلوكُهم هكذا دائمًا
  
ما الذي ينبغي أن يتعلمه جامِعو التبرعات من نتائجنا؟ قد ترغب المنظمات غيرُ الربحية في تصميم موادها بناء على جمهورها المستهدف. على وجه التحديد، يجب أن تَستخدم حملاتُ جَمع التبرعات الإعلاناتِ ذاتَ الوجوه الحزينة لاستهداف الأشخاص ذوي الروابط الضعيفة بالجمعيات الخيرية. أما الأشخاص الذين لديهم روابط أقوى، فقد تكون الإعلانات المحتوية على الوجوه السعيدة أكثر تأثيرا عليهم.

 

وهنا بعض العبارات التحذيرية حول دراستنا: لقد بنَينا بحثَنا حول منظمة غير ربحية معروفة ذات سمعة قوية. ولأن معرفة العلامة التجارية يمكن أن يؤثر على كيفية استجابة الناس للنداءات الخيرية، فإننا لا نعرف ما إذا كانت نتائجنا ستنطبق أيضًا على جمع التبرعات لجمعيات خيرية أكثر غموضًا.

 

وعلاوة على ذلك، قِسْنا نوايا العطاء فحسب. وعلى الرغم من أن عقودًا من البحوث النفسية تشير إلى أن النوايا تعتبر مؤشرًا قويًا للسلوك الفعلي، إلا أنّ المانحين لا يكون سلوكُهم هكذا دائمًا. ومع ذلك، ينبغي أن يساعد عملُنا المنظماتِ غيرَ الربحيةِ على رؤية مزايا تخصيص نداءات جمع التبرعات لأنواع مختلفة من الناس.

 

____________________________

 
التقرير مترجم عن: الرابط التالي

المصدر : الجزيرة