شعار قسم ميدان

تعرف على النصيحة الأهم لكل حديثي التخرج

midan - graduated man
الأخطاء.. ليس باستطاعة أحد أن يفر من حتمية حدوثها، لكن لسنا جميعًا نتعامل معها على نفس المنوال. هلّا تَفَضَّلَ الشخصُ المثالي برفع يده رجاءً! نعم، بالضبط، لا أحدَ منا يعيش حياةً دون ارتكاب أخطاء متعددة. حقيقةً، كلما زاد شغفك تجاه شيءٍ، أصبحتَ أكثر ابتكارًا وإبداعًا، وزادت معه أخطاؤك. بعض هذه الأخطاء يستحق الاعترافَ بها استحقاقًا كليًّا وإدراكَها تمامَ الإدراك، لا سيما في دربٍ عالمي مشهور بتساؤل سالكيه "تبًا! ماذا كنت أفكر!". ليس ذلك مدعاة إلى الفخر، أليس كذلك؟

 

تعد الأخطاء ببساطة شيئًا علينا أن نتقبله باعتباره ضريبة حتمية لكوننا بشرًا. ويتمثل التحدي في أننا جميعًا مدفوعون داخليًا برغبةٍ غريزية للاختباء من أخطائنا والفرار منها؛ وتعد تلك غريزة أساسية ذكرت في كتاب علم النفس التطوري [Evolutionary Psychology 101]، وهو دراسة في السلوك الإنساني المتجذر في نظرية التطور الحديثة. إذا كنت تريد أن تكون جزءًا من قبيلة، فإنه محتم عليك إثبات أنك تستحق العضوية. وكلما قلّت أخطاؤك، كنت أكثر جدارة لها.

 

وليس مَدارُ الأمور حول بُغضِنا للأخطاء، ولكننا نزدري أيضًا الأشخاص الذين يرتكبونها ونتجنبهم. ماذا لو أخبرتكم أن وصفة النجاح والسعادة في الواقع هي العكس تمامًا؟ أنك يجب أن تفتخر بأخطائك؟ هل شعرت بالخزي لمجرد ذكرها؟

 

ما الذي أثار لدي تلك الأفكار العميقة في صباح يوم العطلة -السبت- الذي يتسم بالخمول؟ ستتخرج ابنتي من الكلية غدًا، وسيتخرج ابني من المدرسة الثانوية في غضون بضعة أسابيع، وكنت أتساءل: ما هي النصيحة الأنسب لهما؟ وخطر في بالي أنني لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، وأسديت نفسي نصحًا، لنصحتُ نفسي بمنتهى البساطة "لا تخش ارتكاب الأخطاء، لأنها ستكون أعظم فرص حياتك لمواصلة النضج والتعلم".

 

تدبر في الأمر. كلما عظم إخفاقك، كانت فرصتك للتعلم من أكبر. لاحظ أنني قلت الفرصة، لأن الخيار أمرٌ عائدٌ دائمًا لنا، فإما أن نتجاهل خطأنا ونخفيَه (أو نتوارَى منه)، وإما أن نتعلم منه. لذا، فكلما ارتكبتَ المزيد من الأخطاء معترفًا بها، ستتعلم وستنضج أكثر.

 

كلامي لا يوافق هواك، أليس كذلك؟ والسبب هو أننا كلما تقدم بنا العمر، نقضي وقتًا أكثر في تتبع مسار أخطائنا وتجنبها. هل يسجل الطفل ذو العام الواحد عدد المرات التي سيقع فيها أثناء تعلم المشي؟ بالطبع لا. وإذا كان هذا هو الحال، لَـمَا استطاع أحد منا أن يمشي منتصبًا مرفوعَ الرأس. ومع ذلك، فإن 16 عامًا من التعليم المدرسي تعلمنا أن نبحث عن الإجابات "الصحيحة"، حتى يتم تقييمنا على أساس قلة الأسئلة التي نخطئ إجاباتها، وأن التعلم آلية لتجنب الأخطاء، بدلاً من أن نتعلم الدّرسَ من ارتكابها.

 

حسنًا، كلاهما صحيح؛ نحن نتعلم لكي نتجنب الأخطاء ولكننا أيضا نتعلم منها. والسر يكمن في قبول أن نجاحنا يعتمد على جانبي تلك المعادلة. لذا، إذا كان ارتكاب الأخطاء أمرًا لا مفر منه وضروريًّا لنضجنا، فهل هناك طريقة صحيحة لارتكابها؟ بالتأكيد، نعم.

 

1- اعترف لنفسك بخطئك بسرعة، وفكر في الدوافع التي سببته. ماذا كانت دوافعك، ونواياك، ومخاوفك، وأحلامك التي شكلت الأساس لما فعلته؟ هل هذه الجوانب جميعها صالحة وصادقة؟ إذا كانت كذلك، فماذا يمكن أن تتعلم من قيمة ارتكاب الخطأ؟ عليك أن تسبر أغواره، لا أن تبالغ في عقلنته أو أن ترهق تفكيرك فيه. في كثير من الأحيان لا تكون الأخطاء بذاتها هي ما يربكنا، وإنما فهم الدوافع المؤدية إليها.

 

2- اعترف بخطأك للآخرين الذين تأثروا به. تكمن المفارقة الساخرة هنا في أنه عندما نخفق، يكون إخفاقنا جليًا للأشخاص أنفسهم الذين نحاول إخفاء الأمر عنهم. فالاعتراف بالخطأ والتدبر في الدروس التي تعلمتها، ومن ثَم مشاركتها هو الحل.

 

هناك مدرسة فكرية تقول "نحن لا نجتاز العلاقة السيئة حقًا إلا عندما نتحمل المسؤولية عن دورنا ومساهمتنا في المشكلة.." لا يوجد أقوى من الشخص الذي لا يكتفي باعترافه بارتكاب أخطائه فحسب بل ويتحمل مسؤولية تداعياتها أيضا. هؤلاء هم الذين نثق بهم أكثر من غيرهم؛ فهم لا يخشون رؤية أنفسهم وأفعالهم بدقة.

  

3- لا تؤجل رقم 1 أو 2 أعلاه. قد أصبح مصطلح "الفشل السريع" لقبًا خلال السنوات الـ 10 الماضية باعتباره ينطبق على الابتكار، ولكن أعتقد أنه بإمكانك تطبيقه بالتساوي على جميع الأخطاء. أما إذا تجنبت الخطوتين الأوليين في الاعتراف بالخطأ لنفسك وإلى المتضررين منه، فستتفاقم خطورة هذا الخطأ.

 

4- كن على استعداد لمعاودة الكَرَّة. اعترف بأن هذا ليس الخطأ الأول ولا الأخيرَ الذي سترتكبه. وقد لا يكون الأعظم. وحتى لو كان فعلا كذلك، فلْتَأْمُلْ أن تكون روحك وشغفك ما زالا يافعين وقويين بدرجة كافية تمكنك من رجائك أن أفدح أخطائك لم يأتِ بعد!

 

ستحدث الأخطاء ما دمتَ مستمرًّا في محاولة الوصول لشيء بعيد المنال، ففي نهاية المطاف هذا هو المغزى: أن نبلغ تلك الأشياء التي تشكلنا وتتمدد بنا بطرق لم نتوقعها أو حتى نتخيلها. والآن، فلتمض في سبيلك مرتكبا عدة أخطاء ستفخر بها!

  
_________________________________ 

 
المقال مترجم عن: الرابط التالي

المصدر : الجزيرة