شعار قسم ميدان

مطابخ ريادية.. أفلام ملهمة تقدم وصفات ناجحة لرواد الأعمال

ميدان - مطبخ

ليس من المبالغة القول إن "المطاعم" هي الصورة المثالية الأبسط والأوضح لمفهوم العمل التجاري مهما كان نوعه. أي عمل تجاري سواءً بمفهومه التقليدي أو بمفهومه العصري المُرتبط بالتقنية "ستارت أب" هو في النهاية صورة ما شبيهة أو متطوّرة لنموذج مطعم صغير في ناصية أحد الشوارع الراقية أو الشعبية. الشيء الوحيد المتغيّر هو التطبيقات، بينما المبادئ نفسها ثابتة.

 
ما هو أساس أي عمل تجاري مهما كان نوعه؟ إنتاج وتسويق وبيع ثم إعادة استخدام الأرباح في عملية تطوير المنتج لزيادة هامش الربح في العمليات اللاحقة. هذه هي الصورة الأبسط لأي عمل تجاري التي تتجلى بوضوح في نموذج المطاعم. في المطعم هناك مطبخ مسؤول عن الإنتاج، وهناك قاعة لاستضافة المستهلك وعرض المنتجات، وهناك تسويق مستمر لجذب العميل الخارجي. كل هذا تحت غطاء مفاهيم متنوعة من الإدارة والتطوير والمراقبة وخدمة العملاء وتحسين المُنتجات وإدارة الموارد.

 
لحسن الحظ، كانت السينما العالمية -خصوصا في السنوات الأخيرة- هي الواجهة الأبرز على الإطلاق في تجسيد مفهوم "ريادة الأعمال" بكل جوانبه سواءً المهنية والإنسانية في نموذج (المطعم) الريادي إن جاز التعبير. حازت هذه الأفلام إعجابا كبيرا من الجمهور والنقاد عموما، ومن الرياديين خصوصا، كونها تعتبر تجسيدا بارعا لحياة رواد الأعمال والمشاكل والفرص والأفكار التي تواجههم. هي أفلام ريادية بحتة تعج بالدروس، فقط استخدمت "المطعم" كمثال تقليدي عريق لمفهوم الشركة الريادية العصري.
 

الشيف.. معضلة "الوظيفة الكريهة" و"البدايات الصعبة"

هذا الموقف تحديدا -ربما يعد- أحد أشهر وأكثر المواقف انتشارا التي يمرّ بها روّاد الأعمال: تعمل في وظيفة جيدة تحقق فيها نجاحا كبيرا سريعا بسبب مهاراتك الإبداعية، تصطدم بمدير غير إبداعي -وغالبا يكون متغطرسا أكثر مما تتحمّل- تُطرد أو تستقيل من الوظيفة لتجد نفسك في العراء وأنت سقيم، ومجبر على البدء مرة أخرى من جديد من نقطة الصفر، بلا موارد لعمل أي شيء. وبلا أي دافع أيضا، باستثناء دافع وحيد: حبّك الشديد لهذا العمل تحديدا.

 

هذه "الحالة" الريادية الشهيرة التي كانت سببا في ميلاد الكثير جدا من المشروعات العملاقة حول العالم، بدأت جميعها من لحظة الطرد من وظيفة نظامية، وتفكير صاحبها في بدء مشروعه الخاص، هي بالضبط الفكرة الأساسية لفيلم الطباخ (Chef) الذي أنتج العام 2014 من بطولة الممثل والمخرج الأميركي البدين المُبدع (جون فافرو) والنجمة سكارليت جوهانسون والنجم روبرت داوني جونيور، واعتبر من أفضل الأفلام التي تم إنتاجها في السنوات الأخيرة التي تجسّد مسيرة العمل الريادي في مجال المطاعم والطبخ.

 
كارل كاسبر طبّاخ ماهر يعمل في مطعم أنيق، يُطارده مديره التقليدي طوال الوقت طالبا منه الالتزام بالوصفات التجارية المطلوبة، بينما طول الوقت هو يهتم بالإبداع. يُطرد من وظيفته، ليجد نفسه مُضطرا لبدء حياته مرة أخرى عبر العمل على شاحنة طعام متنقّلة يقوم بإعادة تجهيزها بالكامل برفقة ابنه الصغير وصديق عمله القديم. ومع مهارته الشديدة في الطبخ، واستخدامه للأدوات العصرية للتسويق لعمله عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا، يحقق كاسبر نجاحا هائلا يعيد تأسيس حياته الشخصية مرة أخرى.

 
الفيلم حقق نجاحا كبيرا في مواقع تقييم الأفلام في شباك التذاكر أيضا، حيث حقق إيرادات تقدر بـ44 مليونا في مقابل 11 مليون دولار هي ميزانية إنتاجه، واعتبر من أفضل أفلام "جون فافرو" المتخصص أساسا في إخراج وإنتاج الأفلام وليس التمثيل، وساعد في تألقه استعانته بأبطال كبار مثل سكارليت جوهانسون وداوني جونيور في أدوار ثانوية سريعة.

 
بشكل خاص، يعتبر هذا الفيلم من أكثر الأفلام ترشيحا للمشاهدة من طرف الموظفين المبدعين في مجالات معينة والذين يشعرون أن ابداعاتهم يتم اعتراضها دائما بواسطة نظام الإدارة الروتيني المتسلّط الذي يكتم الإبداع دائما ويركز على النمط التقليدي في العمل. هذه الحالة ستنتج إما رضوخا منك لهذا النظام، وبالتالي تتحوّل إلى موظف روتيني آخر. أو ستجعلك تتمرّد عليه وتبني عملك الخاص، وبالتالي تتحوّل إلى "كارل كاسبر" آخر في مجالك. (1، 2)
 

احتراق.. العودة للنجاح بعد الخروج طويلا عن المسار

"- ماذا سيحدث إذا نجحت في الحصول على النجمة الثالثة؟

= الاحتفال، ألعاب نارية، القدسية والخلود.. الكمال!

– وماذا سيحدث إذا فشلت؟

= الطاعون، المرض، العواصف، هجوم الجراد، انتشار الخراب، الظلام يعم.. الموت!"

(حوار مقتبس من الفيلم)
  

أخطر ما يمكن أن يعرقل النجاح والتميز هو الحيود عن الطريق. الكثير من الناجحين المتميزين في مجالاتهم قد يأتي عليهم وقت يحيدوا فيه عن الطريق، ليس بسبب دواعي وظيفية أو عملية فقط، وإنما بسبب ظروف شخصية قد تجبرهم عن الخروج الكامل عن طريقهم للتميز الذين كانوا يقطعون الطريق. مشاكل شخصية، أزمات نفسية، ميل مفاجئ للراحة واللهو لفترات طويلة، إهمال العمل تماما.
 

ثم تأتي اللحظة الأصعب، هو أن تعود مرة أخرى إلى طريق النجاح لتستكمل ما بدأته بعد فترة انقطاع طويلة، وبعد أن تلوّثت بالعديد من المشاكل والآلام والنزوات التي تعيقك كثيرا في العودة إلى نجاحك مرة أخرى، ودائما ما تطاردك هذه الفترة في كل خطوة تتخذها للعودة إلى مسارك الناجح الذي خضت فيه قبلا وأثبتّ قدرتك على قطع أشواط طويلة منه.

 
هذه الحالة (النجاح- الخروج من الطريق تماما والتلوّث بأعباء الحياة- السعي للعودة من جديد) التي يمر بها الكثير من روّاد الأعمال المبدعين، يجسّدها في أوضح صورها فيلم احتراق (Burnt) من بطولة النجم الأميركي برادلي كوبر الذي يجسد شخصية الشيف "آدم جونز". طبّاخ مُبدع، دائم الجدية نادر الابتسام حياته كلها عبارة عن هدف واحد هو الحصول على النجمة الثالثة في عالم الطبخ التي لا ينالها سوى عدد محدود من الطباخين حول العالم، يكونوا هم الأكثر إبداعا وشهرة على الإطلاق.

 
يركز الفيلم على عودة آدم جونز للحياة العملية ومطاردة حلمه بعد أن تعطّل كثيرا بسبب إدمانه للخمور وحياته غير الفاضلة ومشاحناته وعداءاته مع الكثير من الطبّاخين المهرة حول العالم، الأمر الذي جعله مكروها في هذا الوسط. وعندما يقرر العودة، يصطدم بالكثير من الصراعات التي كان هو سببا في إشعالها -بلا مبرر- في فترة حياته غير المستقيمة، والذي يتسبب أصحابها في إعاقة محاولات رجوعه مرة أخرى إلى النجاح.

 
الفيلم درامي أحداثه متسارعة وفكرته شديدة التأثير، نال تقييما إيجابيا مرتفعا في مواقع تقييم الأفلام، وصفه البعض بأنه "غير متوقّع" بسبب انقلاب الأحداث فيه سريعا من فكرة إلى أخرى، حقق إيرادات جيدة أيضا قدرت بـ 36 مليونا مقابل ميزانية إنتاج 20 مليون دولار. ويعتبر من أكثر الأفلام التي تجمع ما بين التحفيز والريادة والسياق الدرامي الواقعي الذي يركز على جانب الطموح ومحاولات تخطي السلبيات والكوارث والأخطاء التي قد تحدث عن قصد أو غير قصد، والعودة مرة أخرى إلى طريق النجاح. (3، 4)


المؤسس.. كيف يمكنك أن تبني إمبراطورية عن شيء لا تجيده؟!

"إذا رأيتُ منافسي يغرق، فلن أساعده بالطبع.. بل سوف أضع أيضا خرطوم من المياه في حلقه لأغرقه أسرع!"

(راي كروك، مؤسس مطاعم ماكدونالدز العالمية)
 

راي كروك لم يكن طبّاخا ولا يعرف أي شيء أصلا عن فن الطبخ. إلا أنه عندما وجد الفرصة أمام عينيه، أغرم بها وقرر أن يستولي عليها  (مواقع التواصل)
راي كروك لم يكن طبّاخا ولا يعرف أي شيء أصلا عن فن الطبخ. إلا أنه عندما وجد الفرصة أمام عينيه، أغرم بها وقرر أن يستولي عليها  (مواقع التواصل)

 
في تقرير سابق، استعرضنا بالتفصيل فيلم المؤسس (Founder) الذي يجسد رحلة نجاح راي كروك في الاستحواذ على مطعم ماكدونالدز وتحويله إلى إمبراطورية عالمية لا تكاد تخلو مدينة واحدة من شعاره ذي الأقواس الذهبية، ومواصفات إعداد البرجر الذي ينتجه والذي تحوّل من مجرد مطعم عادي في ضواحي كاليفورنيا إلى واحد من أشهر رموز الثقافة التوسعية العالمية الأميركية.

راي كروك لم يكن طبّاخا ولا يعرف أي شيء أصلا عن فن الطبخ. في الواقع كانت خبرته الوحيدة في المبيعات، حيث عمل طوال عمره تقريبا في بيع الحليب المخفوق، ولم يذكر عنه أنه كان بائعا مميزا أصلا. إلا أنه عندما وجد الفرصة أمام عينيه، أغرم بها وقرر أن يستولي عليها وينسبها لنفسه ضاربا عرض الحائط بكل معايير النزاهة والأمانة من ناحية، وضاربا مثالا رائعا في الإصرار ومطاردة الحلم من ناحية أخرى!

الفيلم من إنتاج العام 2016، وبطولة النجم الأميركي مايكل كيتون. حقق الفيلم تقييما نقديا عاليا في مواقع تقييم الأفلام، ومع ذلك لم يحقق إيرادات تجارية عالية حيث حقق تقريبا إيرادات تساوي بالضبط ميزانية إنتاجه بحوالي 25 مليونا. ويعتبر الفيلم في حد ذاته مجموعة دروس ريادية يستفيد منها كل رائد أعمال مهما كان مجاله، على الرغم إن السياق الأساسي للقصة يدور بشكل كامل داخل مطابخ ماكدونالدز، سواءً المطابخ الحقيقية وطريقة عملها من الداخل في صنع الوجبات والتركيز على الجودة. أو مطابخ اتخاذ القرار، والصراع بين راي كروك والأخوان ماكدونالدز، حتى استطاع في النهاية أن يأخذ الفكرة وينسب أمجاد ماكدونالدز وأرباحها إلى نفسه.

ربما أبرز درس في قصة ماكدونالدز -والفيلم يعج بالدروس الريادية المتنوعة- هو التركيز على فكرة أن النجاح كله يأتي بالإصرار والإرادة والتجربة المستمرة، ولا يعتمد إطلاقا على العبقرية أو الشهادات الأكاديمية أو الأفكار العبقرية. وهو ما ذكره راي كروك نفسه -على لسان البطل مايكل كريتون- في مونولوج شهير في نهاية الفيلم الذي جسّد قصة نجاح ماكدونالدز بكل مميزاتها وعيوبها. (5، 6)
  

رحلة المائة خطوة.. مشروعك "التقليدي" هو "غير تقليدي" في مكان آخر

 
كانت الأسرة الهندية المسلمة تعيش حياة تقليدية تماما في الهند، حيث يدير رب الأسرة مطعما صغيرا يقدم الاكلات الهندية المعتادة، ويساعده في ذلك أبناؤه وبناته وزوجته. كانت كل الأمور على ما يرام إلى أن اشتعلت أزمة طائفية بين المسلمين والهندوس أدت إلى دخول جحافل من الهندوس إلى المطعم، وحرقه عن بكرة ابيه، ما دفع الأسرة الهندية إلى ترك كل شيء ورحيلهم بعيدا عن المدينة، ثم خروجهم من الهند بشكل كامل متجهين إلى أوروبا.

في أوروبا يتنقلون من مدينة إلى أخرى إلى أن تستقر الأسرة الهندية في بلدة فرنسية هادئة وصغيرة، تحتوي على مطعم واحد فقط يلتقي فيه أهالي البلدة وتديره مدام مالوري، السيدة الفرنسية الارستقراطية الانيقة. تقرر العائلة الهندية المهاجرة أن تمارس العمل الوحيد الذي يجيدونه: افتتاح مطعم للوجبات الهندية في بلدة فرنسية أصيلة هادئة، غير معتادة اصلا على استقبال المهاجرين ولا يعرفون سوى مطعم مدام مالوري حيث المكان الدائم والوحيد لتناول وجبات العشاء من المطبخ الفرنسي العريق. الأمر الذي يؤدي إلى منافسة تشوبها الكراهية والصدام والعنصرية تنتهي بتبادل ثقافي وإعجاب مشترك قائم على المهارة بين المطعمين: الهندي والفرنسي.

 
الحبكة الأساسية التي يقدمها فيلم رحلة المائة خطوة (The Hundred Foot Journey) الذي أنتج في العام 2014، قد تبدو مفهومة تماما للملايين من شعوب دول الربيع العربي الذين هاجروا إلى بلاد أوروبية وبدأوا في تأسيس حياتهم بافتتاح مشروعات خاصة نابعة من ثقافتهم الشرقية الأصيلة، والتي يقابلها الغربيون بالعداء أحيانا والإعجاب أحيانا أخرى. وهو ما يعتبر من أهم الأفلام الريادية التي تخاطب مساحات واسعة من الشباب العربي، خصوصا أن الكثير منهم بدأ في استهداف مشروعات "الأكلات الشرقية" كنموذج ربحي ممتاز في البلاد الغربية.

 
undefined

 
الفيلم من بطولة هيلين ميرين، إلى جانب طاقم كبير من الممثلين الهنود الذين مثلوا دور العائلة الهندية اللاجئة ببراعة. حصد الفيلم تقييما نقديا رائعا، وانعكس أيضا على إيراداته التي لامست سقف التسعين مليون دولار في مقابل ميزانية إنتاج قدرت بـ 22 مليونا.

 
بشكل خاص، يعتبر هذا الفيلم مرجعا مهما لروّاد الأعمال الذين يعتبرون شركاتهم أو مجالاتهم أمرا عاديا تقليديا في بلادهم بسبب انتشارها، ولكن هذه المشروعات قد تكون سببا في نجاح هائل فقط إذا تم نقلها إلى مكان آخر به ظروف مواتية بشكل أكبر، وقام أصحابها بالصبر عليها لكي تتوافق مع المكان الجديد. وقتئذ تتحوّل "الغرابة" إلى أفضل عوامل جذب المستهلكين الجدد. (7، 8)


لا حجوزات.. طموح يشوبه المشاكل ويهدده المنافسة!

يحدث أن تكون في منتصف مشروعك الريادي، تتطور بالتدريج، تبذل المزيد من الجهد وتتخلى عن المزيد من العطلات، وتركز بشكل أكبر على تثبيت وضعك في المشروع وتحسينه وتطويره لتعبر من عنق الزجاجة إلى رحاب الفرص ومن ثم الاستقرار. ثم فجأة، يتغير كل شيء بأزمة تأتيك من جانب آخر في حياتك الشخصية، وفاة شخص عزيز، حادث مفاجئ، أزمة عنيفة مفاجئة، مرض شخص ما، وغيرها من الأحداث الكبرى التي يشهدها الجميع في الحياة.

هذه الأزمات قد تؤدي في بعض الأحيان إلى انهيار النظام بالكامل، وتراجع حاد في المستوى ربما يصل إلى تعليق المشروع كله وتوقفه حتى حين، وربما إلى أجل غير مسمى. الكل معرّض لمثل هذه الأزمات، خصوصا إذا كان يستتبعها إجراءات معينة تشتت انتباه رائد الأعمال وتجبره على تركيز اهتمامه على الوضع الجديد في حياته الشخصية أو العائلية أو الإنسانية. 

 

صورة من فيلم
صورة من فيلم "لا حجوزات" بطولة النجمة كاثرين زيتا جونز، والنجم آرون إيكهارت.  (آي أم دي بي)

هذه الفكرة هي محور فيلم لا حجوزات (No Reservations) من إنتاج العام 2007 بطولة النجمة كاثرين زيتا جونز، والنجم آرون إيكهارت. الطباخة الماهرة المبدعة التي تترأس طاقم الطهاة في واحد من أشهر مطاعم مانهاتن، والتي تعرف باهتمامها الشديد بأدق تفاصيل الوجبات التي تقدمها، والإدارة الحديدية للمطعم. فجأة تتعرض لأزمة عنيفة بوفاة شقيقتها الوحيدة، ومجيء ابنة شقيقتها للحياة معها، ما يجعلها تشعر بالتشتيت الكامل ما بين عملها وطموحها من ناحية، وبين فاجعتها الشخصية من ناحية أخرى، وبين الالتزامات التي هبطت على رأسها برعاية ابنة شقيقتها من ناحية ثالثة.

ثم تتصاعد الأحداث عندما يظهر في خضم هذا كله منافس شرس يحاول أن يسيطر على مكانها ويعمل جاهدا لإحتلال مركزها، ما يهدد حياتها الوظيفية بشكل كامل -ومفاجئ- بعد أن كانت هي مركز الأضواء طوال الوقت.

الفيلم حقق تقييما نقديا إيجابيا انعكس على إيراداته التي تجاوزت التسعين مليونا مقابل ميزانية إنتاج قدرت بحوالي 20 مليون دولار، واعتبر من أفضل الأدوار التي قامت بها الممثلة المخضرمة كاثرين زيتا جونز برفقة آرون ريكهارد. ويعتبر من أهم الأفلام التي تناقش الطموح المشوّب بالمشكلات في إطار درامي لا ينقصه الكوميديا أحيانا والتأثر أحيانا أخرى. (9، 10)
  

كوابيس مطبخ رامزي.. الإدارة بيد من حديد
يعتبر
يعتبر "كوابيس مطبخ رمزي" من أكثر برامج تلفزيون الواقع مصداقية وواقعية في نوعية المشاكل التي يقدمها (آي أم دي بي)


واحد من أهم البرامج التي تخاطب روّاد الأعمال عبر مفهوم المطابخ الريادية، هو برنامج كوابيس مطبخ رامزي (Ramsay’s Kitchen Nightmares) الذي تدور فكرته الرئيسة على الشيف البريطاني الشهير غوردن رامزاي الذي يقوم في كل حلقة بعمل زيارة لأحد المطاعم التي تعاني من أزمات في نقص الزبائن أو سوء الخدمات، ويقدم خبراته وآراءه وحلوله العملية للقائمين على المطعم لتطويره. ومن ثم يقوم لاحقا بالعودة مرة أخرى لمعرفة النتائج ومستوى تطور المطعم بعد تنفيذ الإصلاحات التي أوصى بها.

على الرغم من أن البرنامج يدور في مجال المطاعم تحديدا، إلا أنه في الحقيقة يُعد واحدا من أهم البرامج التي ينبغي أن يشاهدها روّاد الأعمال في كافة المجالات. البرنامج يقدم مجموعة واسعة من الدروس والنصائح الإدارية والاسترشَادية التي يمكن تطبيقها فى أي مجال وفي أي وقت وفي أي شركة مهما كان تصنيفها. بدأ إطلاق كوابيس مطبخ رامزاي للمرة الأولى في العام 2004، واستمر على مدار 10 سنوات تقريبا من خلال سبعة مواسم بإجمالي 36 حلقة.

حاز البرنامج على العديد من الجوائز المهمة على مدار رحلته التي امتدت لعقد كامل، وتم تقديمه لاحقا بعقد امتياز "فرَانشايز" لتطبيق فكرته في أكثر من دولة حول العالم، ويعتبر من أكثر برامج تلفزيون الواقع مصداقية وواقعية في نوعية المشاكل التي يقدمها، ومستوى التنسيق بين ما يدور في الكواليس بين طاقم البرنامج وبين الاستعراض الحقيقي لأزمات المطاعم، والسعي لإيجاد حلول عملية وواقعية لها بناءً على خبرة الشيف العريضة في مجال الإدارة والتسويق وإنتاج وصناعة الطعام. (11، 12)
  

أحلام جيرو صاحب السوشي.. النجاح باختصار هو "الإتقان"

 
في لحظة كتابة هذه السطور، يبلغ الشيف (جيرو أونو) الثانية والتسعين من العمر، ويعتبر أسطورة اليابان الأشهر على الإطلاق في عالم طبخ وجبات السوشي. شيف قدير حائز على 3 نجوم ميشيل وهو أعلى عدد من النجوم يمكن أن يحصل عليه أي طبّاخ في العالم، وعدد الحاصلين عليها قليل جدا. يدير جيرو حتى يومنا هذا مطعمه الكائن في العاصمة اليابانية طوكيو، والذي أصبح إلى حد ما من المعالم السياحية حيث يتوافد عليه السيّاح كجزء من جولتهم السياحية في اليابان.

 
هذه الشهرة الممتزجة بالإبداع الذي جعلت الرجل ومطعمه يصعدان لهرم شهرة لم تأتِ من فراغ. فمع أيام صعبة قضاها جيرو في بداية حياته التي شهد فيها الحرب العالمية الثانية، وطرده من منزله، وعمله في الكثير من الأماكن أوصلته إلى مرحلة العشق لمفهوم الجودة والكمال في تقديم وجباته الغذائية. تراكمت خبرات جيرو لتصل إلى حد الإبداع في تقديم وصفات لا يمكن تقليدها حتى الآن في تقديم أطباق السوشي، وحتى تكتيكات الطبخ التي يستخدمها تعتبر حتى الآن مجهولة للكثيرين، على الرغم من الإفصاح عن بعضها في الفيلم الوثائقي الشهير أحلام جيرو صاحب السوشي (Jiru Dreams of sushi).

 
الفيلم صدر في العام 2011، ويعتبر من أهم الأفلام الوثائقية الريادية على الإطلاق التي تُرشّح لروّاد الأعمال، لدرجة ترشيحه إلى 12 جائزة دولية، استطاع الفوز باثنتين منها. يحكي الفيلم عن تكتيكات الشيف الياباني العجوز المُدهشة، وإدارته لمطعمه وقدرته على تحفيز الطهاة الذين يعملون معه، واهتمامه المُبالغ فيه بالتفاصيل. ويتعرض أيضا إلى واحد من أهم المعاني وهو التركيز الكامل الذي يكنّه الرجل إلى عمله، حيث يقر أنه لا يشعر بالسعادة أو الراحة إلا بعد الانتهاء من طبق سوشي جديد بمعايير الجودة التي ترضيه هو أولا قبل أن ترضي عميله. (13، 14)

  undefined

 
أخيرا، كل فيلم من هذه الأفلام يركّز على قيمة ريادية معيّنة من المؤكد أن جمعها جميعا في عقل رائد الأعمال قبيل أو أثناء انطلاقة مشروعه؛ سيضيف الكثير له في مشواره الريادي. ليس فقط في تطوير نظرته للأمور، وإنما أيضا في قدرته على مواجهة المشاكل والأزمات التي تتشابه في كل الشركات من كافة المجالات، وتختلف آثارها وفقا لقدرة كل رائد أعمال في التعامل معها بشكل مختلف.
 

المصدر : الجزيرة