شعار قسم ميدان

للنساء الطموحات.. أفلام ملهمة تستعرض تجارب رائدات الأعمال

midan - رائدات أعمال

"أفضـل حمايـة للمرأة هو أن يكون بحوزتها بعض المال!"
( كليـربوث لوس، كاتبة وصحفية وسياسية ودبلوماسية أميـركية سابقة) (1)

 

تحرّش، عنوسة، مشكلات اجتماعية، اضطهـاد يصل إلى درجة الحرمان من التعليم والعمل في بعض المناطق، واجبات عائلية في أوقات عصيبة مليئة بالاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية. لا شك أن المرأة العربية حاليا في موقف لا تُحسد عليه من فرط تداعي الأزمات والمشكلات من كافة النواحي، والتي عادة ما تضطـر لتحملها في أسوأ صورها وأكثرها توحشا.

 
ربما كانت مقولة كليربوث لوس صحيحة تماما بالنسبة للبعض، وربما كانت مبالغة نسويّة للبعض الآخر، لكن في الحالتين -صحتها أو مبالغتها- فهي تحمل أوجها من الواقعية لا يمكن إنكارها، إذ تُعد السيولة المالية بالنسبة للمرأة حاليا قاعدة أساسية لحمايتها في مواجهة ظروف استثنائية لمجتمعات قد يكون لديها بالأساس حساسية ما لأنشطة المرأة في الظروف الطبيعية.

 
من ناحية أخرى يأتي هذا المبدأ -سعي المرأة لامتلاك السيولة المالية ومواجهة صعوبات الحيـاة- متوائما تماما مع التمدد الهائل لمفهـوم الشركات الناشئة لتشمل العالم كله، وإثبات المرأة قدرتها الفائقة على اقتحام هذا العالم بشكل كبير نتج عنه وجود نماذج مُدهشة لرائدات أعمال حققن الملايين من وراء مشـروعاتهنّ الريادية ومعها شهرة وأضواء بلا حدود.

 
في هذا التقرير نستعرض مجموعة من أبرز الأفلام العالمية المُلهمة التي تتنـاول قصص رائدات أعمال، سواء كانت قصصا حقيقيـة أو خيـالية لنساء مُلهمات استطعن خلق مسيرة ريادية أو وظيفيـة ناجحة. الأفلام لا تسلط الضوء فقط على قصص النجاح والإصرار، وإنما أيضا تتناول هذا العالم -الريادة والتميز الوظيفي- بكافة جوانبه، سواء الإيجابية التي تشجّع المرأة على اقتحام هذا العالم، أو السلبية التي تحذرها مما يمكن أن تفقده في حياتها الشخصية من وراء هذا الطريق.
  

كوكو قبل شانيل.. من ملجأ الأيتام إلى قمة عالم الموضة والأناقة

    
فتحت غابرييل عينيها على الحياة لتجد نفسها في أسوأ وضع ممكن. طفلة غير شرعية لم ترَ أباها ولا أمها إطلاقا، قضت فتـرة طفولتها ومراهقتها بالكامل في دار أيتام تابع لإحدى الكنائس الخيـرية التي قامت بتعليمها أساسيات التعليم إلى جانب الأعمال المنزلية -الخيـاطة تحديدا-، وهو إجراء متبع في دور الأيتام بهدف تأهيل اليتيمات لأعمال بسيطة تدرّ عليهن رزقا بسيطا عندما يواجهن العالم.

 

ولكن تعلمها لمهنة الخيـاطة لم يؤهلها للعمل في أعمال بسيطة كما كان يُستهدف تأهيلها، بل قادها إلى بناء إمبـراطورية ضخمة اسمها "كوكو شانيل" التي تعتبر من أكبر العلامات التجارية في العالم في مجال الأزياء والموضة والأناقة، والتي ارتبطت دائما بالأزياء الأنيقة الفاخرة والعطـور التي تستهدف أصلا قمة الطبقات الاجتماعية وأكثرها ثراء.

فيلم "كوكو قبل شانيل" (Coco Avant Chanel) هو فيلم فرنسي من إنتاج عام 2009، من بطولة النجمة الفرنسية أودري تاتو التي تجسد شخصية غابرييل شانيل في فتـرة تكوينها الأساسية بعد خروجها من دار الأيتام وبدء أولى خطـواتها في حيـاتها العملية الواسعة المليئة بالمشكلات والأزمات والآلام والمهن المختلفة التي كانت سببا في بناء شبكة علاقات واسعـة مع رجال أعمال استطـاعت بذكـاء أن تمتطي أموالهم وتستغل نفوذهم في سبيل تكوين إمبراطوريتها في عالم الموضة والأناقة. الفيلم حقق تقييما نقديا إيجابيا انعكس على إيراداته التي وصلت إلى خمسين مليون دولار مقابل ميزانية إنتاج قدرت بعشرين مليونا، وترشح الفيلم للعديد من الجوائز وصلت إلى 11 جائزة أوروبية وعالمية استطاع أن يحصد منها ثلاث جوائز.

 
على الرغم أن الفيلم له سياق درامي إنساني واضح يستعرض حياة شانيل المثيرة للجدل فإنه يعتبر من أهم الأفلام المُلهمة لرائدات الأعمال في المنطقة العربية من كافة النواحي، بدءا من الظروف شديدة الصعوبة -وأبرزها الفقر المدقع- التي مرت بها غابرييل في بداية حياتها العملية، مرورا بظروفها الاجتماعية المؤلمة، وليس انتهاء بنمط حياة تلك الفتـرة -نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين- حيث ساد المجتمع الأوروبي نزعة محافظة لم تكن قادرة على هضم فكـرة عمل المـرأة وتوظيفها، فما بالك بقيـامها بافتتاح مشـروعاتها الريادية الخاصة وقيادتها كذلك. (2، 3)
 

المتدرّب.. الخبـرة لا تشيب أبدا

undefined
 
جولز أوستن فتـاة شديدة الطموح، هي المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة ريادية ناشئة متخصصة في مجال الأزياء والموضة، لا تنام تقريبا، طوال اليوم إما في مقابلات عمل أو تتحدث عبر الهاتف أو تتابع أداء شركتها. تقوم شركتها بفتح المجال -كنوع من النشاط الاجتماعي للشركة- لتدريب مجموعة من كبار السن الذين أُحيلوا إلى التقاعد، ومن ثمّ يظهـر "بين" العجوز السبعيـني كمتدرّب جديد في الشـركة.

 

عند هذه النقطة يحدث لقاء الأجيال. الشابة العشـرينية العصبية السريعة المندفعة تجد نفسها أمام متدرّب تخطّى السبعين، هادئ طوال الوقت، مبتسم طوال الوقت، يفكر قبل اتخاذ أي خطوة، ولديه أفق واسع من استعراض الأفكار بشكل سلس وهادئ. في البداية تكون العلاقة بينهما متوترة، ثم تدرك الريـادية الناجحة أن حكمة "بين" وهدوءه قد لا تكون فقط سببا في نجاح شركتها، وإنما أيضا حياتها الشخصية.

 
فيلم "المتدرب" (The Intern) واحد من أهم الأفلام المُلهمة لروّاد ورائدات الأعمال، من إنتاج عام 2015 وبطولة النجم الأميـركي المخضـرم روبـرت دي نيرو بصحبـة النجمة آن هاثواي. الفيلم حاز تقييما نقديا هائلا انعكس على مستوى إيراداته التي لامست سقف الـ 200 مليون دولار (195 مليونا تحديدا) مقابل ميزانية إنتاج تقدر بحوالي 40 مليونا، وهو يعتبـر إيرادا كبيرا لفيلم درامي مقـارنة بغيـره من أفلام الدراما الشهيـرة.

 
الفيلم يعتبر في حد ذاته مجموعة من الدروس الريادية لكل مؤسس مشاريع، حيث يضم سياقا دراميا واسعا بخصوص الحياة المتعجّلة لروّاد الأعمال التي يشوبها مشكلات شخصية في الناحية الأخرى ناجمة عن تفريطهم في حق الاهتمام بعائلاتهم، إلى جانب دروس ريادية في إدارة الشركات ومراحل الإخفاق والنجاح. ويركز بشكل كامل على أن فكـرة الاستعانة بخبـرة الشيوخ والكبـار -من ناحية استشـارية- في عالم الستارت أب المتسارع بشكل مجنون يساعد في إنضـاج المشروع وصـاحبه بشكـل أكبر، ويقوده إلى تأسيس الشركة وحيـاته الشخصية على مبـادئ أكثر هدوءا واستقرارا ونجاحا، وهو السبب في أن الشعـار الأساسي لملصق الفيلم: "الخبـرة لا تشيب أبدا" (Experience Never Get Older). (4، 5)

 

الشيطـان يرتدي البارادا.. الإنسـانية هي ثمن الوصول إلى الأضواء أحيانا

undefined
 
ميراندا ريستلي هي المرأة الحديدية في مجال صحافة الأزياء والموضة، تترأس تحرير مجلة من أشهر مجلات هذا المجال الذي يدرّ مليارات الدولارات حول العالم. امرأة قاسية خشنة شديدة الأناقة، تعتمد على صفـاتها الخشنة في إدارة عملها بامتيـاز، لا تعرف الرفق بالموظفين ولا تتفهم أي مغزى في التغيب ولو خمس دقائق عن العمل. حيـاتها كلها عبارة عن عمل ونجاح وشهـرة وأضواء.
 

تتعين موظفة صغيرة متوسطة الحال كسكيرتيرة شخصية لميراندا، وتبدأ تغير من كل شيء في شخصيتها لتجاري شخصية المديرة الحديدية. ملابسها، نظرتها للأشياء، طريقة تعاملها مع الناس، طريقة التفاهم وأسلوب الحديث. تتحول الموظفة البسيطة إلى صورة مختلفة كليا عن السابق تحت إدارة رئيستها القاسية، إلى أن تتمكن من دخول عالم النجاح والأضواء من أكبر أبوابه، فقط لتكتشف في النهاية أن كل هذه الأضواء هي أضواء مزيّفة، وأن عالم الشهرة والأزياء والأناقة والموضة هو مكان موحش مليء بالتكلف والمشكلات الشخصية الخفيـة على حساب الظهـور أمام الكاميرات.

 
"الشيطـان يرتدي البارادا" (The Devil Wears Parada) واحد من أشهـر الأفلام الدرامية على الإطلاق التي تم إنتاجها في عام 2006، من بطولة الممثلة الأميـركية المخضـرمة ميريل ستريب برفقـة كل من آن هاثواي وإيميلي بلانت. الفيلم حقق تقييما نقديا إيجابيا هائلا انعكس على إيرادات الفيلم التي تجاوزت 325 مليـون دولار، مقابل ميزانية إنتاج تقدر بـ 35 مليونا، وهو ما يعني إيرادات هائلة لفيلم درامي بالأساس.

  undefined
 
الفيلم باختصار تجسيد للسعي الكامل للنجاح من طرف الموظفة البسيطة من ناحية، وتجسيد للاسلطوية واللارحمة من طرف المديرة المتسلطة القاسية من ناحية أخرى. الأولى تسعى للوصول إلى عالم الأضواء بكل الطرق، والثانية تسعى للبقاء في عالم الأضواء بكل الطرق أيضا. النتيجـة: عمـل كثير مُرهق، أزمات إنسانية، مشكلات شخصية، افتقـاد لمعنى البساطة في الحيـاة لدرجة كابوسية قد تؤدي إلى انهيار أصحـابها وانسـحابهم بإرادتهم من هذا العالم الذي طالما سعوا إليه.

 
الفيلم ترشّح لأكثر من 35 جائزة عالمية استطـاع انتزاع 16 جائزة منها، واعتبر من أفضـل الأفلام من حيث السيناريو والإخراج والحبكة الدرامية والتمثيـل وحتى الهدف النهائي من مضمونه القائم أساسا على رواية صدرت بنفس الاسم في عام 2003. (6، 7)
 

بيبي بوم.. الاختيار ما بين الطموح والأمومة

"أنا لا أستطيـع أن أكون مسؤولة عن طفــل لأن لديّ موعد غداء عمل في الثانية عشر والنصف ظهـرًا"

 
كان هذا هو رد "جي سي وايت" عندما وجدت نفسها بصدد رعاية طفل فجأة، آخر شيء خطر على بالها عندما وصلها خبـر أنها سوف تـرث الكثير من الأموال من أحد أقاربها الذين توفوا خارج البلاد. جي سي وايت سيدة أعمال ناجحة شديدة الانشغال طوال الوقت، تعيش وتعمل في نيـويورك، تلقب باسم "المرأة النمر". حياتها كلها مقابلات وصفقـات وأعمال وعمل وثراء، ولا يوجد لديها وقت لعمل أي شيء في الحيـاة سوى متابعة أعمالها هذه.

 undefined
 
يصلها الميراث المنتظر: طفـل صغيـر يجب عليها أن ترعاه. تنزعج المرأة الطموحة من هذا الإرث، وتبدأ في محاولات مستمرة للتخلص من الطفل والبحث عن عائلة تتبنـاه، لكنها بمرور الوقت -لحين إيجاد تلك العائلة- تبدأ في الاهتمام به، لتشعـر أخيرا بمعنى غريب من السعادة والراحة لم تستطـع الأعمال والمقابلات والبيزنس أن يمنحها إياه: الأمومة.

 
فيلم "بيبي بوم" (Baby Boom) من إنتاج عام 1987، بطولة ديان كيتون وسام شيبارد. يجسد الفيلم ظاهرة ثمـانيناتيّة بامتياز هي اندفاع المرأة الأميركية للعمل في كافة القطاعات، واهتمامها بشكل كبير بمسيـرتها الريادية والوظيفية ولو على حساب حيـاتها الشخصية في تكوين أسرة وإنجاب أطفال. الفيلم يتضمن في مشاهده عددا كبيرا من الإشارات الواضحة بخصوص ضرورة التركيـز على السعي وراء النجاح والطموح الوظيفي بهدف تأسيس أفضل لأسرة أكثر سعادة وراحة. بمعنى أن النجاح الوظيفي والمهني هو في النهاية وسيلة هدفها للوصول إلى الراحة الشخصية والأسرية، وليس العكس.

 
الفيلم حقق تقييما إيجابيا جيدا بين الجمهور والنقاد، وترشح إلى أربع جوائز عالمية، وانعكس هذا التقييم على إيراداته التي حققت 25 مليونا مقابل 15 مليونا ميزانية إنتاج. (8، 9)
 

جولي وجوليـا.. وصفة حقيقية للنجاح

لم تكن جولي تشعر بالسعـادة في حياتها الخاصة عندما انتقلت برفقة زوجها إلى تلك الشقة الصغيرة المتواضعة فوق مطعم للبيتزا. ومع انشغال زوجها قررت أن تقضي وقتها في عمل شيء مفيد، وهو الاستعانة بوصفـات الطهي المبدعة التي تنتجهـا الطاهيـة الشهيـرة "جوليا تشيلد" الأميـركية التي تعلمت الطبخ في فرنسا نهاية الأربعينيات، وصدر لها أكبر موسوعة للمطبخ الفرنسي.

  

 
تقوم جولي بتعلم وصفات جوليا، وتبدأ في تنفيذها وتنقل تجربتها عبر مدوّنتها الشخصية على الإنترنت، لتفاجأ أن مدونتها الصغيرة أصبحت من أهم عشر مدوّنات في الولايات المتحدة، الأمر الذي عاد عليها بالنجـاح في حياتها العملية والأسرية أيضا.

 
فيلم "جولي وجوليـا" (Julie And Julia) يحكي هذه القصـة المُلهمة بالكثير من التفاصيل شديدة العمق والتأثير مقدما نموذجا حقيقيا لرواد ورائدات الأعمال، ويسلط الضوء على ثنائية "النموذج الملهم والحمـاس"، وهي الثنائية التي ينتج عنها أي نجـاح غالبا. الفيلم من إنتاج عام 2009، ومن بطولة العمـلاقتين: ميريل ستريب وآيمي آدامر، وهو قائم على قصـة واقعيـة جميع شخصيـاتها حقيقية.

 
حقق الفيلم نجاحا كبيرا بين الجمهور والنقاد انعكس على إيرادات وصلت إلى 130 مليون دولار في مقابل ميزانية إنتاج قدرت بأربعين مليونا، وترشح الفيلم إلى حوالي 25 جائزة عالمية استطاع أن يفوز بحوالي 12 منها، ويعتبر من أفضل الأفلام التي تقدم مزيجا من الدراما والدروس التحفيزية والخطوات الريادية، خصوصا في مجال العمل المستقل (التدوين تحديدا) الذي أصبح من أبرز مظاهر العمل المستقل حاليا. (10، 11)

 

جوي.. أزمات الحيـاة تكون خطوة لتحقيق الأحلام

الكثير جدا من الرواد والرائدات يندبون حظهم العاثر بسبب وجودهم في ظروف شخصية واجتماعية مؤلمة تسبب إعاقتهم عن إنجاز أي شيء مفيد في حيـاتهم المهنية. حالة دائمة من "لو كانت ظروفي أفضل لاستطعت أن أحقق نجاحا أكبر"، والتي عادة تكون هي العزاء الوحيد الذي يتم تعليق كافة عناصر الفشل عليه، لتجنب المزيد من الحسرة على الوقت والفرص الضائعة.
   

   

جوي مانغـانو مرّت بنفس الظروف الصعبة. جوي هي رائدة أعمال أميـركية شابة، ولدت في أسرة شديدة الاضطـراب ومرت بظروف شديدة الصعوبة من الغدر والآلام والمشكلات الشخصية، لم تعقها عن استثمار موهبتها المدهشة في الاختراع والابتكار. تجد نفسهـا مشتتة ما بين مشكلاتها الشخصية العنيفة، ورعايتها لأسرتها المكونة من 3 أطفال، ومشكلات الصراع مع الشركات والمؤسسات، ومع ذلك تنجح في النهاية في تأسيس مؤسسة لأعمال ضخمة، وواحدة من أفضـل قائدات المشروعات والرائدات في الولايات المتحدة.

 
فيلم "جوي" (Joy) هو فيلم سيـرة ذاتية يحكي قصـة رائدة الأعمال الأميـركية التي تعتبر من أشهر نماذج رائدات الأعمال في العالم. لعبت دور البطولة الممثلة الأميـركية الشهيرة جينيفر لورانس برفقة نجمين كبيرين هما روبرت دي نيرو وبرادلي كوبر. الفيلم من إنتاج عام 2015، وحقق تقييما نقديا إيجابيا كبيرا انعكس على إيراداته التي تجاوزت مئة مليون دولار مقابل ميزانية إنتاج تقدر بستين مليون دولار.

 
الفيلم الذي ترشح لـ 12 جائزة عالمية، منها جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، وجائزة الغولدن غلوب لأفضل ممثلة أيضا، يعتبر من أبرز الأفلام التي تم إنتاجها في السنوات الأخيرة بخصوص المرأة رائدة الأعمال، ليس فقط من الناحية المهنية البحتة، وإنما استعراض درامي كامل للصعوبات والمشكلات والآلام التي تمرّ بها رائدة الأعمال خصوصا إذا كان لديها أسرة ومسؤوليات ومشكلات يجب أن تتصدى لها بمفردها.

 
ربما أهم ما أبرزه هذا الفيلم المميز هو فكـرة تحويل المشكلات والآلام والأزمات الشخصية والإنسانية إلى خطوة للأمام للمزيد من الإصرار على تحقيق نجاحات مهنية كبـرى كجزء أساسي من حل المشكلات الشخصية الداخلية، وليس اتخاذ هذه المشـكلات كعقبـات نهائية تدمّر الطموحات وتجعلها تغرق تحت سطح الواقع إلى الأبد. (12، 13)
 

العـرض.. النجاح الوظيفي لا يعني السعـادة

  

في منتصف مسيرتها المهنية الرائعة مارغريت لا تهتم بأي شيء إطلاقا سوى وظيفتها كرئيسة تحرير لإحدى أكبر دور النشر في الولايات المتحدة على الإطلاق. لا علاقات عاطفية، لا حيـاة اجتماعية، فقط العمل ولا شيء غيره. الكل يعرفها في العمل بأنها امرأة حديدية، لا تبتسم تقريبا وحياتها عبارة عن نظـام عمل وإنجازات شخصية.

 

مع هذه المسيرة المهنية المميزة يكون في انتظارها مفاجأة، سيتم ترحيلها قريبا بسبب أن فترة إقامتها في أميركا قد انتهت -باعتبارها كندية-، ومن ثم يجب أن ترحل في أسرع وقت عن البلاد. فتضطـر مارغريت -في خطوة لا إنسانية أخرى- أن تتودد إلى أحد موظفيها وتجبره على الزواج بها، حتى تستطيع أن تمدد إقامتها في الولايات المتحدة وبالتالي البقاء في مسيرتها الوظيفية الناجحة.

 
فيلم "العرض" (The Proposal) هو فيلم من إنتاج عام 2009، بطولة النجمة ساندرا بولوك برفقة النجم رايان ريانولدز. الفيلم حقق إيرادات هائلة تجاوزت 315 مليون دولار، مقابل ميزانية إنتاج قدرت بـ 40 مليونا، وهو بذلك يعتبر من أضخم الأفلام الدرامية التي حققت إيرادات من هذا المستوى، ويسجل المركز الأول في قائمة أفضل الأفلام الدرامية إيرادا لعام 2009. وقد ترشّح لثمانية جوائز عالمية استطاع حصد أربعة منها.

 
الفيلم يسلط الضوء بشكل كبير على صورة المرأة الطموحة العاملة التي جعلها طموحها تقتل أي عواطف إنسانية واجتماعية بداخلها فقط في سبيل تحقيق أهدافها. ثم بالتدريج تبدأ في اكتشاف جوانب إنسانية شخصية عميقة عندما تنفتح على المجتمع والناس بشكل أكبر، وتدرك أن الحيـاة ليست وظيفـة مرموقة فقط، وإنما أيضا تضم في جوانبها تفاصيل صغيـرة قد تبدو مملة أحيانا، لكن هذه التفاصيل تحديدا قد تكون هي السبب في تحقيق مفهوم السعادة. (14، 15)
   

undefined

  

أخيرا، الأفلام التي تتنـاول إنجازات المرأة في مجالات مختلفة لا تتوقف فقط على الأفلام التي تبرز جوانب نجاحها الوظيفية والريادية فقط، ولكن يمكن اعتبار الأفلام التي وردت في هذه القائمة كمدخل مناسب للإلمام بعالم الريادة والطموح الوظيفي للنسـاء، ليس فقط من جوانبه المضيئة وإنما المظلمة كذلك. التوازن هو أساس النجـاح في هذه المعادلة بشقّيها.

المصدر : الجزيرة