شعار قسم ميدان

كيف تكون مديرا مميزا؟ إليك هذه المحاضرات المهمة

midan - مدير

إذا صلُحتْ إدارة الشركة صَلُحت الشركة كلها، وإذا فسدت إدارة الشركة فسدت الشركة كلها. لهـذا السبب فإن الاستثمار في تحسين وسائل وأدوات الإدارة هو في الأساس استثمار لتحسين كيان المؤسسة كله، والوسيلة الأفضل والأكثر اختصارا لإحداث نقلة نوعية في مسار عمل أي فريق وأي منشأة. ولا يوجد آلية للاستثمار في الإدارة وتحسين أدائها سوى تعلّم مفاهيم جديدة وأبعادا مختلفة في هذا المجال، ومتابعة آخر مستجداتها، ومشاركة خبرات وآراء المُديرين والقادة والمنظّرين الملهمين في هذا المجال، ومن ثمّ تفعيلها تنفيذيا في إدارة الفرق، ما ينعكس على أداء العمـل كله.

 

هنا، نستعرض مجموعة من أهم وأفضل محاضرات تيد (Ted) التي تتناول مجال الإدارة بمعانيها المختلفة، سواء في مفهوم القيادة والتنسيق بين أعضاء الفريق وحل المشكلات وكيفية تحفيز الإبداع وغيرها من الموضوعات. محاضرات مركّزة مختصرة سريعة تعج بالأفكار والإحصائيات والأرقام والتوجهات.

 

كن مثل قادة الأوكيسترا العظـام

 
لا توجد وظيفـة تستدعي حشد كل مفاهيم القيـادة بمعانيها الظاهرة والباطنة، مثـل وظيفة قائد الأوكيسترا الموسيقية. دور شديد التعقيد في مهامه، من ناحية يجب أن يلتزم بإبداعه الشخصي، ومن ناحية أخرى يجب أن يلتزم بالكاريزما التي تجعله يقود عددا كبيرا من الموسيقيين، ومن ناحية ثالثة دوره التنسيق بين كل الأصوات التي تصدرها الآلات.

 

ومن ناحية رابعة -وربما هي الأهم- يجب أن يكون حلقـة وصل بين فريقه الموسيقى أمامه وبين الجمهـور الذي يستمع إلى المقطوعة الموسيقية من خلفه. قائد الأوكيسترا يواجه أبرز صور التحدي في الريادة والإدارة والتنسيق والقيادة، دوره هو خلق التناغم التام بين كافة الأطراف دون أن ينطق بكلمة واحدة، نظـراته لها معنى، إشاراته لها معنى، عقله يرصد ما يدور حوله، وأذنه توازن بين الألحان.

 

في هذه المحاضرة المُلهمة ذات الطابع الموسيقي، يلقي قائد الأوركسترا إتاي تالجام مجموعة من القواعد التي يتّبعها قادة الأوركيسترا، ويستخلص منها مجموعة من الدروس والمفاهيم القياديـة التي يجب أن يتّبعها كافة القادة في مناصبهم المختلفة المجالات، لأنها جميعا -بحسب محاضـرته- نفس القواعد القياديـة ولكن بتطبيقات مختلفة.

 

لديك مشكلة كبيرة؟ أولا، أخبرني كيف تحمّص الخبز؟

 
محاضرة شهيرة من محاضرات "Ted" في مجال الإدارة والأعمال، حققت أكثر من اثنين ونصف مليون زيارة، يلقيها توم ووجيك المتخصص في قولبة نماذج الأعمال المختلفة والموضوعات الإدارية وتطويع التكنولوجيا في حل المشكلات.

 

يأخذك ووجيك في محاضرته التي اختار لها عنوانا بديعا في رحلة جانبية لطيفة بخصوص عملية تحميص الخبز، يخبرك أن تحميص الخبز ليس بهذا التعقيد، وأنها من المفترض عملية سهلة، إذن حاول أن ترسم عملية تحميص الخبز -السهلة- خطوة بخطوة.

 

عندما تشرع في الأمر ستكتشف حقائق ربما لم تكن متوقعة نهائيا بالنسبة لك بخصوص موضوع مختلف تماما، وهو كيفية حل المشكلات الكبيرة في العمل، تلك المشكلات الثقيلة المستعصية التي يمكنك أن تشرع في حلها أثناء ممارستك لتمرين بسيط ولطيف مثل رسم عملية تحميص الخبز، إذ لاحظ ووجيـك أثناء أداء مئات الأشخاص لهذا التمرين مجموعة من المهارات المدهشة التي يطرحها في هذه المحاضرة. من أكثر المحاضرات في "Ted" لطفا وجاذبية وإفادة خصوصا في مجال "حل المشكلات" التي تعتبر ركنا أساسيا من أركان القيادة الحقيقة.

 

لماذا يشعـرك القادة الجيّدون بالأمان؟

 
محاضرة ذائعة الصيت، ألقاها سيمون سينيك أحد أهم المنظّرين في مجالات الإدارة عالميا، وحققت أكثر من 6 ملايين مشاهدة على موقع "Ted" الرسمي. هنا يثير سينيك قضية جوهرية للغاية، ليس فقط بالنسبة للشركات أو المشروعات الناشئة، وإنما يمتد أثرها أيضا لتشمل الشعوب والحكومات، يلخصها في سؤال مفتوح: لماذا يُشعـرك القائد الجيد بالأمان؟

 

يركز المُحاضر في هذه المحاضرة على أن تعريف القائد الجيد أصلا هو الشخص الذي يستطيع أن يجعل أعضاء الفريق الذي يديـره يشعـرون بالأمان، الأمان الذي ينشأ عندما يثقون في قدراته، وإمكانياته، وقدرته على نقل الفريق كله إلى الامام، وتحقيق نتائج جيدة تعود بالإيجابيات على الجميع (كمجموعة) وعلى كل فرد (كمصلحة شخصية).

 

هنا يستخلص المحاضر نظرية شيّقة، وزاوية مختلفة تماما عما هو سائد بالنسبة لمهام القائد/المدير، وهو أن يركز المدير كل طاقاته لدعوة فريقه إلى الانضمام لدائرة الأمان التي يخلقها حول نفسه، وهو ما يستدعي أن يكون لديـه "أدوات" صناعة هذه الدائرة، خصوصا إذا كان بصدد مشكلات ثقيلة أو مسؤوليات غير معتادة.

 

لماذا لدينا القليل جدا من القائدات؟

  
سبعة ملايين مشاهدة حققتها هذه المحاضرة المهمة من "Ted"، والتي تلقيها واحدة من أهم الأسماء اللامعة في إمبراطورية الفيسبوك، وهي شيريل ساندبيرغ مديرة العمـليات في الشركة، وواحدة من أبرز النساء المُلهمات في العالم التقني.

 

تناقش ساندبيرغ موضوعا قد يبدو حسّاسا للغاية، وهو لماذا يوجد القليل جدا من السيدات اللواتي يعملن كقائدات حقيقيات في مجالات مختلفة -مقارنة بالرجال- رغم أن العالم كله -لا سيّما العالم الغربي- قد فتح الأبواب بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ومباشرة الأعمال؟

 

هنا تركّـز ساندبيرغ على مناقشة الموضوع فنيا ومهاريا، وتلقي الضوء على أبرز العناصر الإدارية التي تفتقدها النساء في الأعمال القيادية، ما يجعلهنّ يفتقدن الفرصة للوصول إلى القمم الوظيفية، وتطرح في محاضرتها ثلاث نصائح عمليّة فعّالة للسيدات اللواتي يطمحن للوظائف القيادية العليا. محاضرة ممتازة يجب أن تشاهدها كل ريادية أعمال مبتدئة أو عاملة في منصب قيادي، حتما ستفتح لها الكثير من الأبواب.

 

كل ما تحتاجه لتصبح قائدا عظيما

 
أحيانا، تبدو مثل هذه العناوين متكلّفة، خصوصا إذا كان لديك الوعي الكافي بأن الوصول إلى درجة متقدمة في الإدارة تسمح لأن تصفك بأنك "قائد"، حتما يستغرق وقتا طويلا وخبرة ممتدة، وأيضا الكثير من الاجتهاد في صقل المهارات ورصد مسارات العمل.

 

ولكن مفهوم القيادة في عصرنا الحالي لم يعد مبنيا على الكاريزما أو المهارات الشخصية بقدر ما هو علم مدروس الخطوات. هنا توضح روزاليندا توريز المعنية بدراسة أنماط القيادة وكفاءتها خلال رحلة استمرت 25 عاما في مراقبة ودراسة أنماط القادة الفاعلين في المجالات المختلفة، خرجت منها بمجموعة نتائج مُركّزة يمكن اعتبارها إشارات على طريق القيادة الصحيحة.

 

المحاضرة حققت مشاهدات تقترب من ثلاثة ملايين ونصف، وتعتبـر من أكثر المحاضرات تركيزا في مفهوم القيادة كونها قائمة على ثلاثة أسئلة مفتــاحية من المهم أن يطرحها أي مدير فريق أو رئيس شركة على نفسه كبدايـة لخلق قيادة جديدة فعّالة -خصوصا في الشركات المتعثّـرة-.

 

بينما يزداد العمـل تعقيدا.. 6 قواعد للتبسيط

 
يطرح إيف موريو (الباحث في مجال بيئات الأعمال العصـرية) سؤالا قد يبدو بسيطا: "لماذا يشعر الموظفـون في أي مجال بشعور كبير من التعاسة وعدم التفاعل في العمـل رغم توافر الكثير من المميزات المادية والمعنوية؟"

 

في المحاضرة التي تجاوزت عدد مشاهداتها ثلاثة ملايين، يجيب المُحاضر عن هذا السؤال بالإشارة أن "التعقيد" هو السبب، التعقيد المتزايد الذي تحوّل من مرحلة ما في العمـل إلى منهجية عمل متكاملة تثير الدوار والصداع، والتشبّث طوال الوقت بركائز عمـل تقليدية مملة في الواقع هي غير مجدية. تناقش المحاضرة واحدا من أهم أدوار الإدارة الفعّالة على الإطلاق، وهو قيام القائد أو مدير الفريق بفحص آليات العمـل، والبدء في وضع منهجيات التبسيط حتى في أكثر الأمور تعقيدا التي لا تحتمل التبسيط، التبسيط هو الدور الأساسي للقائد، وربما المهمة التي يجب أن ينجزها قبل أي مهمة أخرى.

 

يقدم موريـوه في هذه المحاضرة مفاتيح لحلول هذه المشكلة -ربما الأكثر انتشارا على الإطلاق في منشآت العمل الحالية-، حيث يطـرح ست قواعد لتبسيط العمـل المعقّد أيا كان مجاله، وأيا كانت مرحلة التعقيد الذي وصل له. القاعدة الأولى التي تعتبـر مركز الانطلاق في تبسيط المُعقد هي أن تفهــم ما الذي يقوم به الموظّفون فعلا بعمـق، وتأثيـره في سلسلة الإجراءات التالية.

 

كيف تبني مشروعا تجاريا بإمكانه الاستمرار 100 عام؟!

 
للوهلـة الأولى، قد يبدو عنوان المحادثة يشير إلى جوانب ريادية بخصوص أفكار تأسيس الأعمال والشركات الناشئة، وهي كذلك بالفعل، محاضرة ريادية عامرة بالأفكـار والأساسيات التي يجب أن يتّبعها كل رائد أعمال.

 

ومع ذلك، محاور المحاضرة الرئيسة تدور حول الآليات والأدوات التي يجب أن تكون بيد رائد الأعمال في إدارة مشروعه الناشئ مهما كان مجاله، وهي محاضرة تؤسس لمفاهيم قيادية ضرورية، لا لجعـل العمـل أكثر تطورا، وإنما لضمـان صمود المشروع أمام الأمواج العاتية التي قد تؤدي إلى غرقه مثلما غرقت ملايين المشروعات الأخرى التي كانت تبدو واعدة في وقت من الأوقات.

 

يشير مارتن ريفيز خلال محاضرته المهمة إلى "الجهـاز المناعي" لمشروعك كمصدر للبحث عن الإلهام وأيضا الصمود أمام الضربات، ويستعرض مجموعة من الإحصاءات المدهشة التي توضّح أزمات ومشكلات حقيقية تمرّ بها الشركات قد تؤدي إلى اندثارها، والتي تتطلّب وقفات قيادية عالية المستوى في النواحي التنفيذية والتخطيطية. يقدم ريفيز 6 مبادئ أساسية مُستلهمة من نماذج معيّنة تستطيع أن تبني أساسيات فولاذية للأعمال التجارية، بشكل يجعلها أكثر مرونة، أكثر قدرة على النجاة، بشكل يجعلها تعيش 100 عام.

 

القيادة في حياتنا اليومية

 
السمات القياديـة في العمـل هي في الواقع انعكاس لما هو في الحياة العامة، فعندما تكون قائدا في حياتك الشخصية فهذا يعني -غالبا- أن لديك فرصة للقيادة في حياتك المهنية، إذا لم تكن قد حصلت على هذا المنصب بالفعل.

 

هنا في هذه المحاضرة -التي يمكن وصفها بالرائعة- يتناول درو دودلي مفهوم القيادة بشكل مختلف، وهو القيادة في حياتنا اليومية، والتأثير الذي نلعبـه في حيـاة بعضنا البعض دون حتى أن نشعر بأن لنا يدا في هذا التأثير سواءً على المستوى الإيجابي أو على المستوى السلبي.

 

يدور محور المحاضرة التي سجّلت عدد مشاهدات تجاوز ثلاثة ملايين حول أهم ما في مفهوم القيادة، وهو "القدرة على التأثيـر" على الآخرين، ربما بنصيحة، أو بتفكير مشترك، أو حل قد يبدو بسيطا بالنسبة لك عندما تقترحه وهو يعتبر قشّة النجاة للآخرين، أو ربما حتى بدعابة ذكيّة تقوم بإطلاقها في وقت أزمة يمرّ بها شخص ما قد تحمل حكمة مبطّنة تغيّر حياته بالكامل. القيـادة في الحياة الشخصية والعامة تنعكس على القيادة في مكاتب العمـل، ربما الأولى هي الأساس، والثانية هي النتيجة.

 

كيف لكثرة القواعد في العمل أن تعرقل إنجازه؟

 
نمو الأعمال في هذا العصـر أصبح متضخّما لدرجة يصعب السيطرة عليها، ويستدعي -تلقائيا- اتباع منهجيات على قدر من التعقيد في حصرها وجمعها وفهمها، والأهم السيطرة عليها، خصوصا إذا كان حجم المنشأة كبيرا أو يتنامى بسرعة كبيرة.

 

في هذه المحاضرة، يلقي إيفيس موريـو واحدة من أهم المخاطر التي ترتبط بإدارة الأعمال وقيادة الشركات، وهي الاضطرار إلى اللجوء إلى عدد كبير من العمليات والتحويلات والمقاييس الداخلية ونظم التشغيل بهدف ضبط إيقاع العمل بشكل أكبر، ولكن النتيجة تكون المزيد من عرقلة العمـل وليس ضبطه.

 

المحادثة لها صيت كبير بين الإداريين المتابعين لـ "Ted"، وشاهدها أكثر من مليون ونصف متابع كونها تقدم واحدا من أهم نماذج المشكلات التي تواجه الشركات والمؤسسات خصوصا المتوسطة والكبيرة. ويقدم إيفيس في نفس المحاضرة طريقة جديدة وعصرية ومتميزة للتفكيـر في آليات العمـل بشكل أكثر سهولة وودا قائم على التعاون قبل أن يكون قائما على الإجراءات التنظيمية المتشابكة.

 

كيفية قيادة الإبداع الجماعي

 
ربما تعد هذه المحاضرة من أهم المحاضرات التي يجب على رائد الأعمال، أو مدير الفريق، أو رئيس الشركة، أو أي منصب قيادي مهمـا كان نوعه ومجاله أن يشاهدها، السبب أنها تتحدث عن أهم محور من محاور عمل المدير على الإطلاق، وهو قيادة "الإبداع" الجماعي في فريقه، وليس الاكتفاء بقيادة الفريق بشكل روتيني.

 

كل فريق مكوّن من مجموعة أعضاء، وكل عضو لديه خلفيته وأفكاره وبواعثه الثقافية والفكرية والإنسانية التي تشكّل ملمحا من ملامح الإبداع يختلف عن بقية أعضاء الفريق. هنا يبرز دور القائد، وهو إدارة هذه الأفكـار، واستخلاص الإبداعات، ودمجها وتفعيلها بما يفيد منظومة العمل، وتنعكس نتائجها الإيجابية على الفريق كله.

 

ليندا هيل أستاذة في جامعة هارفارد العريقة، وشاركت في تأليف كتاب "العبقرية الجماعية" (Collective Genius)  تشرح في هذه المحاضرة -بناء على دراسات لعدد من أكثر الشركات إبداعا في العالم- مجموعة من الوسائل والأساليب التي تساعد على تدفّق الأفكار والإبداعات داخل فرق العمـل، ليس فقط بالتركيز على المبدعين، وإنما أيضا لحث الموظفين التقليدين على إبراز إبداعاتهم بشكل صحيح.

 

أخيراً، من الضروري الإشارة مرة أخرى إلى أن الاستثمار في الإدارة بهدف تحسينها يجب أن يكون هو الأولوية القصوى -خصوصا في مرحلة الشركات الناشئة الصغيرة- كونها تتطلّب تطبيقات مكثّفة لأهم مفاهيمها الإدارية الجماعية في بداية الرحلة، ما يعني أن كل تحسين في الإدارة سيكون له أثر فوري على جودة العمل.

 

ربما مقولة رجل الأعمال والمموّل المغامر "فريد ويلسون" تلخّص كل شيء:

"الاستثمار في الإدارة يعني بناء نظم تواصل أكبر، عمليـات سير عمل أفضل، تغذية راجعة متميزة، ومسارات تسمح لك بقولبة منهجية العمل وأداء الفريق بأكبر قدر من الكفاءة."

المصدر : الجزيرة