شعار قسم ميدان

بين المهارة والكفاءة.. أخطاء كبرى ترتكبها الشركات بتوظيف الموهوبين

ميدان - موظف

إن أقوى المواهب الموجودة في أي مجال غالبًا ما تكون مزيجًا من المواهب والخبرات غير المدرَجَة في خانة التوصيف الوظيفي المعهودة. والتحول إلى نهج يعتمد على الأداء المؤهِّل يزيل هذا الغطاء الاصطناعي على نوعية التعيين. لا يتطلب الأمر إقناعًا كبيرًا حتى ندرك أن التوصيف الوظيفي الذي يركز على المهارات والخبرات والكفاءات قد أهمل جانب كفاءة التوظيف وقَضَى على فرصة توظيف مزيد من المواهب المتنوعة ذات القدرات العالية. وأنت ستوافقنا في هذه الفرَضية المنطقية، إن كانت إجابتك عن هذه الأسئلة الأربع بِنَعم.

  

1- هل سبق لك أن قابلت شخصًا يتمتع بكل المهارات والخبرات الـمُدرَجَة في شروط الوظيفة الموجودة في خانة التوصيف الوظيفي في حين لا يعد أداءه ممتازًا؟

2- هل سبق لك أنْ قابلت شخصًا ذا أداء ممتاز مع أنه لا يتمتع بكل المهارات والخبرات الـمُدرَجَة في شروط شغل الوظيفة؟

3- هل وجدتَ أن بعض المرشحين ذَوِي القدرات العالية، وبعض الأشخاص الذين صدر قرار بترقيتهم داخليًّا، وبعض المرشحين الآخرين لديهم مزيج مختلف من المهارات والخبرات غيرِ الـمُدرَجَة في بطاقة وصف الوظيفة لأداء الدور نفسه؟

4- هل وجدت بعض كبار المسؤولين، ومن بينهم أكثر المواهب تنوعًا، مهتمين بالارتقاء في السلَّم الوظيفي أكثر من حالات النقل الأفقي؟

   

الطريقة التي تثبت بها الكفاءة والدافع للوظيفة، أن تطرح على المرشحين أسئلة لوصف الإنجازات التي تقارِن أفضلَ الأهداف لهذا الأداء خلال المقابلة
الطريقة التي تثبت بها الكفاءة والدافع للوظيفة، أن تطرح على المرشحين أسئلة لوصف الإنجازات التي تقارِن أفضلَ الأهداف لهذا الأداء خلال المقابلة
  

عندما يُسلّمني مدير التوظيف بطاقة وصف وظيفةٍ مع التركيز على المهارات والخبرات، فإني أطرح الأسئلة الأربع السالفة. وأكثرُ ما يدعو إلى السخرية أنني دائمًا أتلقى أربع إجابات بـ"نعم" عن الأسئلة. وللتغلب على المشكلة، أقترح بعد ذلك أن نحدد الوظيفة على أنها سلسلة من 5 أهدافِ أداءٍ إلى 6 أهداف تصف ما يجب أن يفعله الموظف الجديد خلال السنة الأولى ليحصل على أفضل أداء. ثم أُخبر مدير التوظيف أنني سوف أعثر على أشخاص أدَّوا عملًا مماثلًا في حالات مماثلة. ومع ذلك، طلبتُ بعضَ الأريحية في تحديد قائمة المهارات والخبرات. وأرى أنه إن كان من الممكن إثباتُ أن الشخص بإمكانه أداءُ هذا العمل، فإنه يمتلك المهارات والخبرات اللازمة تمامًا لأداء ذلك العمل. ثم احتججتُ بهذا المبدأ:

  

مبدأ النجاح
ليس ما يمتلكه الناس من مواهب هو ما يدفعهم إلى النجاح، وإنما الذي يدفعهم إليه هو ما يفعلونه بهذا القدر من المواهب. ولكي أتحول إلى نهج قائم على الأداء المؤهِّل للعمل، فإنني أطرح هذه الأسئلة لتحديد العمل المطلوب:
  

– ما أهمُّ شيءٍ يحتاج الشخصُ إلى الوصول إليه في فترة الشهور الست الأولى حتى 12 شهرًا لكي يكون صاحبَ أعلى أداء (مِن أعلى ثلاثة في مجموعة أقرانه)؟
– ما الذي يفعله أفرادُ هذه المجموعة الفُضلَى في أداء دورهم ليكونوا مختلفين عن الشخص العادي؟
– ما الذي يحتاج إليه الشخص في أيامه الثلاثين ثم الستين ثم التسعين الأولى من وظيفته لضمان الوصول إلى الهدف الرئيس؟
– ما أكبرُ تغيير أو تحسينٍ يحتاج الشخصُ إلى فِعله؟
– ما القضايا الحرِجة في فريق العمل التي يحتاج الشخص إلى معالجتها؟
– ما أكبرُ مشكلةٍ قد تواجه الشخصَ ويحتاج إلى حَلها؟

   undefined

 

كل هدفٍ من أهداف الأداء تلك بحاجة إلى وصف المهمة، وهي الإجراءات التي ينبغي للشخص أن يتخذها وبعض النتائج القابلة للقياس. على سبيل المثال "أكملْ وأثبتْ صحة خطة اختبار الإنتاج لنموذج أجهزة مكبر الصوت الإلكترونية الجديدة في شركة آبل بحلول نهاية العام". وخلال المقابلة سوف تطرح على المرشحين أسئلة لوصف الإنجازات التي تقارِن أفضلَ الأهداف لهذا الأداء. وتلك هي الطريقة التي تثبت بها الكفاءة والدافع والمناسَبة للوظيفة.

  

ومع وجود أهداف الأداء هذه في المتناوَل، فإنه من المهم أن تطلب من مدير التوظيف أو نائب الرئيس التنفيذي أن يحدد القيمة المقترَحة للموظف. ثم أجب عن هذا السؤال: "لماذا يرغب شخصٌ من كبار المسؤولين في هذه الوظيفة لا لزيادة كبيرة في الراتب، وإنما لشيءٍ آخر؟". وعادةً ما تكون الأسباب لها علاقة بإرضاء المحفِّزات الداخلية للشخص. فلو نظرنا إلى شخص يعمل في الرعاية الصحية، فإنه قد يكون في ذلك مساعدةٌ للمرضى بطريقة أو بأخرى. أما بالنسبة إلى العاملين في مجال التكنولوجيا، فإن ذلك مرتبط عادة بتعلُّم المزيد من الأمور وتطبيق المهارات من أجل صُنعِ شيءٍ ذِا بال. أما العاملون في مجال الإدارة، فإنه يُحتمَل أن يكون ذلك متعلقًا ببناء فريقِ عملٍ أو تحسين أداء المؤسسة.

  

وبِغضِّ النظر عن ماهية نائب الرئيس التنفيذي، فإنه من المهم أن نخرج منه بشروط محددة تكون في صالح كلٍّ من الوظيفة والشخص الذي سيؤدي تلك الوظيفة. وعامةً، ليس هذا كافيًا لجذب انتباه شخص لا يتطلع للوظيفة أو شخصٍ تلاحقه شركاتٌ متعددة لتوظيفه.

   

من المهم أن يرى الشخصُ في هذه الوظيفة أفضلَ فرصة وظيفية على المدى الطويل من بين الفرص المنافسة، لا مجرد عرضٍ سخيٍّ يُقدم أفضل مجموعة من التعويضات والبدَلات في أول تعيينه
من المهم أن يرى الشخصُ في هذه الوظيفة أفضلَ فرصة وظيفية على المدى الطويل من بين الفرص المنافسة، لا مجرد عرضٍ سخيٍّ يُقدم أفضل مجموعة من التعويضات والبدَلات في أول تعيينه
  

عندما تبدأ في مقابلة مرشحين أقوياء، فمن المهم أن ترفض قَبولَ الأشخاص للوظائف لأسباب أخرى بخلاف ما سيقومون به إن كانوا ناجحين. فإن عددًا كبيرًا من المرشحين يبالغون في تحديد قيمة ما يحصلون عليه في أول تعيين لهم في الوظيفة، بدلًا من تحديد ما سيقومون به في أداء هذه الوظيفة. وهذا، إن تمّ، يؤدي إلى ارتياح فوري، لكنه يشتمل على خيبة أملٍ على المدى البعيد. ولمنع هذه المشكلة، يحتاج مديرو التوظيف والموارد البشرية إلى ضمان أن يكون المرشحون محفَّزين جوهريا للقيام بالواجبات والمسؤوليات المذكورة في بطاقة وصف الوظائف القائمة على الأداء. وهذا يعني تأجيلَ مناقشة نفقات التعويض حتى يُقدِّر الشخصُ فرصةَ العمل الكامنةَ في الوظيفة تقديرًا تامًّا.

  

ثم تبدأ عملية رفع مستوى الموهبة في شركتك من خلال التحول إلى أداء عقلية مؤهلة. وهذا يفتح المجال لكلِّ مَن يتمتع بالكفاءة والتحفيز لأداء العمل المطلوب ولكل مَن يَصلُح وثقافةَ الشركة وعلى قدر أسلوب قيادة مدير التوظيف. ومن المهم أيضًا أن يرى الشخصُ في هذه الوظيفة أفضلَ فرصة وظيفية على المدى الطويل من بين الفرص المنافسة، لا أن يرى فيها مجرد عرضٍ سخيٍّ يُقدم أفضل مجموعة من التعويضات والبدَلات في أول تعيينه.

 

وإنجازُ هذا يتطلب تدخلًا كاملًا من مدير التوظيف الذي يلتزم برفع مستوى المواهب في القسم الذي يرأسه وتحسين الموظف المتطور الذين يُعزَى إليه تنفيذُ كل خطوة من العملية، لذلك فإن الأمر على طوله يستحق كل ما يلزم من جهدٍ لكي يؤتي أُكُلَه ويُحقق المطلوب.

  

____________________________________

المقال مترجم عن: الرابط التالي

المصدر : الجزيرة