شعار قسم ميدان

جولة على مجموعة من أبرز التطبيقات العربية الناجحة

midan - namshi

يمكن اعتبار العصر الحالي عصر "صعود التطبيقات"، حيث يمكن لشركات عملاقة يعمل لديها آلاف من الموظفين أن يتم اختزالها في تطبيق صغير يتم تحميله على الهاتف الذكي، ويكون هذا التطبيق هو السبب في أن تكون قيمة الشركة عدة مليارات من الدولارات. تطبيق "واتساب" الذي بيـع لشركة فيسبوك بمبلغ 19 مليار دولار ليس هو المثال الوحيد بالطبع.

 

بحسب تقرير (1) نشر مؤخرا على موقع "تيك كرنش" المتخصص في التقنية ذكـر فيه أن الاقتصاد العالمي للتطبيقات سوف تصل قيمته بحلول عام 2021 إلى حوالي 6.3 تريليون دولار، صاعدا من 1.3 تريليون دولار في عام 2016، وذكـر التقرير أيضا أنه في الفتـرة نفسها سوف تتضاعف قاعدة المستخدمين للتطبيقات من 3.4 مليار مستخدم إلى 6.3 مليار مستخدم حول العالم، الأمر الذي سيضاعف أيضا مدة استخدام التطبيقات من 1.6 تريليون ساعة في عام 2016 إلى 3.5 تريليون ساعة بقدوم عام 2021.

 

في المنطقـة العربية ظهرت العديد من التطبيقات الواعدة التي كان وراءها عدد من الشركات الناشئة الريادية المتميزة شملت عدة مجالات مختلفة، جميعها تواكب الصعود العالمي في سوق التطبيقات، بل وتحقق خطوات قوية على طريق المنافسة الإقليمية والعالمية، حيث حصـلت العديد منها على دفعـات تمويلية تتراوح ما بين المتوسطة والكبيـرة بشكل يؤكد ثقة المستثمرين في هذا المجال، بشكل يدفع إلى المزيد من التطور خلال السنوات المقبلة.

 

نستعرض في هذا التقرير خمس تجارب رياديّة عربية قدّمت نجاحات كبيـرة في عالم التطبيقات الذكية، وتمت مشاركة إنجازاتها عبر برنامج روّاد الأعمال الذي يبث على قناة الجزيرة، حيث تم تسليط الضوء -بالتفصيل- على خطوات نجاح هذه الشركات، ومن أين جاءت الفكـرة لأصحابها، فضلا عن نصائح ريادية يوجّهها أصحاب هذه المشروعات إلى الروّاد المبتدئين تختصـر عليهم الكثير من الخطوات والعقبات التي من الممكن أن يواجهوها في حياتهم الريادية.

 

غيم كوكس.. طبخة عربية في عالم الألعاب

     

"منحبّ الطبخ.. ومنحب الألعاب.. بقا خلنـا نسميها غيم كوكس.. اخدت معنا يمكن دقيقتين، اتطلّعنا لبعض، والله الاسم حلو، خلنا نعمل غيم كوكس.. في غيم كوكس منطبخ ألعاب حلوة طيبة!"

   

في عام 2012 تأسست شركة "غيم كوكس" على يد الشقيقين اللبنانيين: لبنان نادر وارز نادر، واعتبرت أول شركة عربية محلية تعمل على تصميم وتطوير ألعاب الفيديو على الهواتف الذكية. كانت البداية قوية، حيث حصلت الشركة على تمويل مبدئي بقيمة 400 ألف دولار من شركة "آر جي إتش" (RGH)، ما مكّنها من افتتاح مكتب في لبنان ومكتب آخر في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، وتكوين فريق عمل مكوّن من 40 موظفا.

 

البداية كانت بتطوير الأخوين للعبة (Birdy Nam Nam) قبل حتى تأسيس شركتهم بشكل نظامي، فكانت النتيجة أنها حصلت على مليون ونصف تحميل واعتبرت أفضل لعبة عربية في عام 2011، ما دفعهم إلى تطوير لعبـة ثانيـة باسم "اركض للسلام" حصلت على 1.2 مليون تحميل، لتتوالى ألعاب الشركة لتصل إلى 14 لعبـة ترفيهية وتعليمية حتى الآن، حصلت إحداها على المركز الرابع ما بين 290 لعبة تم التصويت عليها في مؤتمر لمطوّري الألعاب في سان فرانسيسكو.

 

تظهر "غيم كوكس" كشركة عربية مميزة في عالم صناعة الألعاب الإلكترونية المتنامي حول العالم، حيث وصل حجم مبيعات صناعة الألعاب الإلكترونية عالميا -بحسب شركة "ديغي كابيتا" (Digi Capita)- إلى حوالي تسعين مليار دولار، يستأثر العالم العربي منها فقط بأربعة مليارات دولار، ومن المتوقع أن تتنامى هذه الصناعة بشكل أكبر في السنوات المقبلة. في الوثائقي يحكي الأخوان عن كواليس صناعة الألعاب، مدى صعوبتها، والخطوات التي يتم اتخاذها قبل إطلاق لعبة جديدة في السوق، وأهم العقبات، وأكثر المراحل تشويقًا في "طبخ الألعاب" قبل أن تصل إلى مائدة اللاعبين. (2)

 

نمشي.. سوق ذكي لعرض الأزياء

  

حسام عرب شاب فلسطيني ولد وعاش حياته بالإمارات، درس في كندا وأميركا وحقق حياة وظيفية ممتازة، قرر حسام أن يتخلى عن الوظيفة ويبدأ شركته الريادية بعدما راودته فكـرة عمل سوق ذكـي لبيع الأزياء تحديدا عبر الإنترنت، زاد بريق الفكـرة مع تنامي التسوق الإلكتروني في منطقة الخليج بمعدلات كبيرة، وبالتحديد في الإمارات العربية حيث يقيم.

 

في عام 2011 تم إطلاق متجر "نمشي" الرقمي المتخصص في التسوق للأزياء والموضة، بواسطة كل من حسام عرب وهشام زرقا وفراز خالد، حيث ضم المتجر كافة الملابس والأزياء والإكسسوارات المختلفة لأكثر من 400 علامة تجارية. في نفس عام إطلاق الشركة نجحت في اقتناص جولة تمويلية كبيرة بقيمة 10 ملايين يورو من شركة "روكيت إنترنت" الألمانية الرائدة في مشروعات التسوق الرقمي، الأمر الذي ساعدها في انطلاقة قوية حصلت بعدها الشركة على استثمار آخر في عام 2012 بقيمة 13 مليون يورو من عدة شركات أميركية وأوروبية، ثم استثمـار ثالث بقيمة 5 ملايين يورو في عام 2014.

 

وصل عدد المتسوّقين عبر "نمشي" إلى حوالي مليون عميـل، يتوزع غالبيتهم في دول الخليج إلى جانب لبنان، وبلغت مبيعات الشركة في عام 2014 حوالي 170 مليون درهم، وارتفعت في عام 2015 لتصل إلى 440 مليون درهم، ثم وصلت إلى أكثر من 550 مليون درهم في عام 2016. وكان إطلاق الشركة لتطبيـق ذكـي له أثر كبير على ارتفاع نسبة المبيعات، حيث وصلت نسبة المتسوّقين عبر التطبيق إلى حوالي 70% من إجمالي العمـلاء.

 

في نهاية عام 2016 كان عدد العاملين في شركة "نمشي" تجاوز 250 موظفا، وتحقق الشركة نموا سنويا بمعدل 150% في أعداد الزبائن، إلى جانب نمو سنوي بمعدل 200% في نسبة الإيرادات، ما يجعل "نمشي" واحدة من أبرز قصص النجاح الريادية في المنطقـة العربية. (3)

 

إنستاباغ.. الإبداع في خدمة التطبيقات

  

كانت الفكرة في بداياتها بسيطة، حيث قرر كل من المهندسين الشابين عمر جبر ومعتز سليمان أن يجرّبا صناعة تطبيـق على الهواتف الذكية في السنة الأخيرة من دراستهما الجامعية في كلية الهندسة بجامعة القاهرة في عام 2012. كانت هذه الفكرة هي بدايات إنشاء التطبيق "إنستاباغ" الذي قرر الصديقان إكمال العمل عليه وتوسعة عمله والتحول إلى شركة تطوّر هذا البرنامج بشكل أكبر.

 

بعد مرور عام واحد انطلقت الشركة بهدف تطوير أداة تعمل على اكتشاف البرامج الضارة ((Bugs والمشكلات البرمجية المختلفة التي يمكن أن تحدث في التطبيقات، والإبلاغ عن الأعطال التي تتعرّض لها التطبيقات فقط عبر هزّ الهاتف وسيتكفل التطبيق بالتقاط صورة للعطل والعيب، مع فتح المجال للمستخدم للرسم وكتابة أي تفاصيل أخرى قبل أن يتم إرسالها للمطوّر. سريعا حصلت الشركة بتطبيقها المثير على تمويل بمقدار 100 ألف جنيه من مسرّعة الأعمال (Flat6labs)، وفي العام نفسه 2013 تأهلت الشركة ضمن أفضل 50 شركة عالمية في مسابقة نظمها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ومن ثم استطاعت الحصول على تمويل بمقدار 300 ألف دولار من عدة مستثمرين.

 

بقدوم عام 2015 تمكنت الشركة من الحصول على جولة تمويلية أخرى بقيمة 120 ألف دولار من حاضنة الأعمال العالمية "واي كومبينايتور" (Y Combinator)، وفي عام 2016 صنفت "إنستاباغ" في المركز الأول لأفضل 20 شركة مصرية ناشئة للعام 2016 وفقا لمجلة فوربس الشرق الأوسط، وهو العام نفسه الذي حصلت فيه الشركة على جولة تمويلية جديدة بقيمة 1.7 مليون دولار من شركة "أكسل" (ACCEL) الأميركية للاستثمار المخاطر، بعد احتضانها في وادي السيليكون لمدة 3 أشهر.

 

الآن يتعاون التطبيق مع مجموعة من أكبر الشركات العالمية مثل "ياهو"، و"ساوند كلاود"، و"إيباي"، و"سوق دوت كوم"، وفنادق الهيلتون العالمية، وغيرها. وتقوم الشركة بخدمة 12 ألف تطبيق مختلف، أي ما يعني 700 مليون مستخدم حول العالم، وتسعى الشركة إلى الوصول إلى أكثر من 30 ألف تطبيق بنهاية عام 2017. (4)

 

فتشر.. خدمة التوصيل الذكية للطرود

   

كانت الفكرة بسيطة، ثغـرة في أنظمة توصيل البريد حول العالم لفتت أنظـار المؤسسين وجعلتهم يقررون أن هذه الثغرة هي منفذ ممتاز لعمل مشروع ريادي يحقق نجاحا كبيرا، لأنه ببساطة يعالج مشكلة حقيقية في أنظمة توصيل الطلبات، ليس فقط في العالم العربي وإنما في العالم أجمع.

 

في عام 2012 اجتمع الثـلاثي إدريس الرفاعي وعمـر يغمور وجوي عجلوني على تأسيس شركة ناشئة تستهدف تيسير عمليات شحن الطرود والطلبات عبر استخدام تطبيق للهواتف الذكية. فكـرة المشروع ببساطة هو تجنّب عملية التواصل المستمرة من قبل شركات الشحن ومندوبي التوصيل مع الأشخاص هاتفيا للتأكد من العنـوان، بدلًا من ذلك يمكن الرجوع إلى التطبيق مباشرة لتحديد العنوان الفعلي للعميـل عبر الخرائط من خلال رقم هاتفه، وتوصيل الطلبات إليه مباشرة بغض النظـر عن مكانه، وبدون الحاجة إلى التواصل المستمر عبر المكالمات الهاتفية.

 

بعد عام واحد من إطلاق شركة "فيتشر" وبقدوم عام 2013 حصلت الشركة على أول تمويل لها بقيمة 1.5 مليون دولار، ثم استطاعت الشركة بحلول عام 2015 الحصول على استثمار كبير قيمته 11 مليون دولار من وادي السيليكون ومن عدة مستثمـرين أهمهم "NEA" و"فينشرز موبايلي". في عام 2016 أطلقت الشركة خدمة "Sellr" التي تتيح للمستخدمين بيع منتجاتهم ومشغولاتهم الحرفية بسهولة عبر الإنترنت، وفي عام 2017 أطلقت الشركة خدمة جديدة سُمّيت بـ "Now" التي تتيح للجميع توصيل الطرود في زمن قياسي يقدّر ساعة واحدة فقط.

 

الشركة التي انطلقت من دبي أجرت سلسلة توسّعات بعد مرور عامين فقط من انطلاقها، لتدخل أسواق خليجية أخرى مثل البحرين والسعودية، إلى جانب التمدد في الأسواق العربية بدءًا بمصر، وتستهدف الشركة المزيد من التوسع في الأسواق الخليجية وأفريقيا بعد أن نما فريق عملها إلى أكثر من ألف موظف. (5)

 

سيرفس ماركت.. خدمات الصيانة الذكية

   

بعد رحلة مهنية وأكاديمية طويلة انتهت بها في دبي قررت بانة الشوملي التعاون مع زميلها ويم تورفيس في إطـلاق شركة ريادية في عام 2013 تركز بشكل أساسي على تقديم حلول مبتكـرة في مجال خدمات الصيانة والنظافة والنقل، وذلك عبر إطلاق منصة إلكتـرونية تتيح للمستخدمين في الإمارات الوصول إلى هذه الخدمات بسهولة دون اللجوء إلى سؤال الآخرين عن هذه الخدمات، خصوصا المقيمين الجدد في البلاد.

 

الشركة انطلقت في البداية باسم "موف سوق" بعد دراسة مطوّلة كشفت لمؤسسيها أن 80% من سكان مدينة دبي وحدها يعانون من مشكلات في خدمات الصيانة والنقل لمنازلهم الجديدة، وهو المجال الذي قررت الشركة التركيز عليه وتوفير حل ذكـي يتلاءم مع النمو الهائل في استخدام الإنترنت والتقنيات المختلفة في المنطقـة ككل.

 

بدأت الشركة بتمويل ذاتي قيمته 300 ألف دولار بالاعتماد على الأهل والأقارب لكلا المؤسسين، لتحصل في العام التالي 2014 على جولة تمويلية بقيمة 600 ألف دولار من عدة مستثمـرين، ثم حصلت الشركة في عام 2016 على أعلى جولة تمويلية لها بقيمة 3 ملايين دولار، ليصل إجمالي الاستثمارات في الشركة إلى حوالي 4 ملايين دولار، وهو الأمر الذي جعلها تتوسّع في خدماتها التي تقدمها لتشمل خدمات الصيانة والنظافة والنقل للمنازل والمكاتب، إلى جانب مجموعة خدمات في التأمين والشحن والتخزين، فضلا عن التعاون مع جهات مؤسسية مختلفة.

 

اليوم وصلت خدمات الشركة -التي تحتل مكانا متقدما في ترتيب الفوربس لأفضل الشركات الناشئة في الإمارات- إلى أكثر من خمسين ألف عميل في دبي، ويعمل بها حوالي 25 موظفا إلى جانب موظفين تقنيين في باكستان، وتسعى الشركة إلى تنفيذ خطط توسّع خارج دبي لتشمل أبوظبي والشارقة، ثم الانطلاق إلى أهم المدن الخليجية كالدوحة والرياض والمنامة وغيرها. (6)

 

هذه النماذج وغيرها من التطبيقـات الذكية التي تلقى دعما من المموّلين والمستثمرين داخل المنطقة العربية وخارجها تشير إلى مستقبل واعد لسوق التطبيقات العربية، خصوصا مع المعدلات الكبيرة من استخدام شبكة الإنترنت والهواتف الذكيّة في كافة دول المنطقة.

المصدر : الجزيرة