شعار قسم ميدان

أفلام عليك مشاهدتها لتأسيس شركتك الناشئة

ميدان - فيلم the founder

اضغط للاستماع

   

في السنوات الأخيرة، أصبحت أفلام ريادة الأعمال (Business Movies) منتشرة لدرجة تحوّلها إلى ما يشبه تصنيف مستقل يسعى إليه المهووسون بعالم المال والأعمال. هذه الأفلام التي استعرضناها في عدة تقارير سابقة تتنوّع ما بين أفلام تدور في أروقة الشركات الكبرى، وبين أفلام أخرى تدور حول جوانب التسويق، وأفلام ثالثة تدور حول العلاقات العامة وتعقيدات عالم الأعمال في إطار درامي أو إطار تشويقي، وفي بعض الأحيان إطار بوليسي بحت.

  

لكن من بين هذه التصنيفات، وبعيدا عن موضوعات التسويق والشركات الكبرى، تبرز مجموعة مختارة من الأفلام شديدة الأهمية تسلّط الضوء على مرحلة البدايات لتأسيس الشركات الناشئة (Startups) بشكل محدد. التركيز الكامل على تلك المرحلة التي تعتبر الأصعب على الإطلاق بالنسبة إلى أي رائد أعمال وصاحب مشروع، حيث تتكاثف فيها المشاكل والصعوبات والأزمات والشعور الدائم بالتوتر والقلق لحين استقرار الأوضاع. هنا نستعرض هذه المجموعة من الأفلام تحديدا لتكون دليلا لرائد الأعمال الذي على وشك بدء مشروعه قريبا.

    

فيلم Chef.. الطرد من الوظيفة دافع لتأسيس شركة

   

ربما موقف الطرد من الوظيفة من أكثر المواقف شيوعا بين رواد الأعمال، إن لم يكن هو الأكثر بالفعل. أنت تعمل في وظيفة آمنة توفر لك دخلا ثابتا، وكل المؤشرات تقول إنك شخص إبداعي مميز ذو كفاءات ومهارات ممتازة، إلى أن تصطدم بالمدير غير الإبداعي. ذلك المدير المتغطرس الجاهل الذي يحمّلك ما لا تستطيع عمله، والذي يدفعك دفعا إلى زاوية القرار بترك الوظيفة إن لم يتطوّع هو سابقا بطردك، لتجد نفسـك تعود إلى نقطة الصفر. لا عمل، لا موارد، لا مستقبل. هذه الحالة، إما تبقى فيها مستمرا في حالة أبدية من الضياع، وإما تكون هي الشرارة التي تدفعك للتحرّك إلى تأسيس شركة ناشئة والتحرر بشكل كامل من قيود الوظيفة النظـامية.

   

هذه الحالة الريادية هي التي يبدأ بها فيلم "الطباخ" (Chef)، واحد من أهم الأفلام الريادية التي أُنتجت في السنوات الأخيرة، والذي يسلط الضوء على ملحمـة بدء مشروع جديد من الصفـر بعد الطرد من الوظيفة. الفيلم من بطولة الممثل والمخرج جون فافرو، والنجمة سكارليت جوهانسون. يحكي الفيلم قصة الطباخ الماهر كارل كاسبـر الذي عمل فترة طويلة في أحد المطاعم قبل أن يصطدم بمديره، فيقرر أن يترك العمل ويبدأ مشروعه الخاص على شاحنة طعام متنقلة يقوم بتجهيزها بالكامل بمساعدة ابنه الصغيـر.

   

ومع مساندة بسيطة من صديق قديم له هو الذي منحه شاحنة الطعام وبعض الموارد البسيطة، يستطيـع كاسبـر استخدام مهاراته الفائقة في فن الطبخ لتحقيق نجاح هائل يعيد تأسيس حياته الشخصية والمهنية مرة أخرى، ويجعل الأشخاص الذين انتقــدوه يضطـرون إلى مدحه. الفيلم حقق نجاحا كبيرا في شباك التذاكر ومواقع تقييم الأفلام، حيث قُدّرت إيراداته بنحو 44 مليونا انطلاقا من ميزانية إنتاج 11 مليونا. كما حجز مكانا دائما في قوائم ترشيح الأفلام المتخصصة في تقديم اقتراحات بأفلام تجسّد قصصا لروّاد أعمال أثناء إطلاقهم مشروعاتهم من الصفر. (1، 2)

   

فيلم The Founder.. كيف تبني إمبـراطورية قائمة على السرقة؟

يأتي فيلم "المؤسس" (The Founder) على قمة الأفلام المُفضلة بالنسبة إلى المؤسسين. يحكي الفيلم عن قصـة تأسيس شركة ماكدونالدز العالمية للوجبات السريعة، وكيف تحوّلت ماكدونالدز من مطعم صغيـر على الطريق السريع في إحدى مدن ولاية كاليفـورنيا إلى إمبـراطورية ضخمـة تدر مليارات الدولارات، لدرجة تحوّل شعار ماكدونالدز بأقواسه الذهبية إلى واحد من أهم عناصر الغزو الثقافي الأميـركي للعالم.

راي كـروك كان مجرد مندوب مبيعات للحليب المخفوق لإحدى الشركات المحلية، تجاوز الخمسين من عمـره، وحياته شديدة الملل والتقليدية. في إحدى جولاته لبيع ماكينات الحليب المخفوق، يرى أمامه حلم العمـر: مطعم رائع يُدار بأسلوب فريد غير مسبوق في أي مكان آخر. ومع ذلك، يرصد الذئب أن مديري هذا المطعم على مستوى كبير من السذاجة التسويقية لمطعمهم الباهر. كانت هذه اللحظة التي تدخل فيها كـروك بخبرته التسويقية ليقوم بسرقة العلامة التجارية للمطعم تدريجيا، ثم يستولي على إدارته بالكامل ليحوّله إلى إمبراطورية وجبات سريعة عالمية.

الفيلم يسلط الضوء على البدايات. صعوبة البدايات التي كان يمر بها كروك في تلك الفترة، حيث يتخلى عن وظيفته وهو في الخمسينيات ليخوض مغامـرة كبـرى في إدارة مطعم وهو الذي لم يطهُ وجبة واحدة في حياته. لذلك، يعتبر هذا الفيلم من أكثر الأفلام النموذجية لرواد الأعمال في مرحلة التأسيس، يكفي أن اسم الفيلم أصلا "المؤسس" يعد عنوانا على تلك المرحلة الحرجة من حيـاة أي رائد أعمال في بدايات مشروعه.

الفيلم أُنتج عام 2016، بطولة النجم مايكل كيتون، واستطاع تحقيق تقييم نقدي مرتفع ومستوى إيرادات جيد في شباك التذاكر. (3، 4)

   

مسلسل Silicon valley.. أن تعيش في أجواء الريادة

  

نحن هنا نتحدث عن مسلسل من أهم المسلسلات التي يجب أن يتابعها روّاد الأعمال ومؤسسو الشركات الناشئة. مسلسل "وادي السيليكون" (Silicon Valley) تم بثه للمرة الأولى في عام 2014 في موسمه الأول، وهو يعتبر مسلسلا كوميديا دراميا. المسلسل من بطولة الخماسي توماس ميدلديتش وتي ميلر وجوش برينر ومارتن ستار وأماندا كرو، وهم يجسدون فريقا من الشباب الذي قرر اقتحام عالم ريادة الأعمال بتأسيس شركة ناشئة.

    

يحكي المسلسل عن ريتشارد هيندريكس الشاب المنعزل اجتماعيا الذي يستطيع أن يقوم بتطوير تطبيق موسيقي ممتاز، استطاع أن يطوّره عبر حاضنة أعمال ثم تقديمه إلى إحدى الشركات التي تسخر من تطبيقه وتعتبره فاشلا. لاحقا، يكتشف مدير الشركة أن هذا التطبيق يحتوي على خوارزمية بيانية مذهلة تعتبر اكتشافا ثوريا، الأمر الذي يجعله يقدم عرضا بقيمة 10 ملايين دولار لشراء التطبيق، بينما يتقدم شخص آخر بعرض استثمـار قيمته 200 ألف دولار مقابل 5% من أسهم الشركة.

      

هنا يجسد المسلسل عقلية رائد الأعمال الحقيقية عندما يرفض هيندريكس بيع تطبيقه بمبلغ 10 ملايين دولار ويقرر أن يقبل العرض الثاني، ومن ثم يبدأ بتكوين فريق عمـل مكون من خمسة أشخاص لتطوير التطبيق والبدء في إقامة شركة ناشئة مميزة في وادي السيليكون. بمعنى آخر، المسلسل تجسيد كامل لحالة رياديـة بدءا من الصفر، مرورا بمراحل الفكـرة ثم التأسيس ثم التمويل وحتى عروض الشراء والاستثمـار التي جسدها المسلسل بشكل مطابق لما يحدث في الحقيقة تقريبا.

   

تم إنتاج 5 مواسم من المسلسل بمتوسط طول الحلقة نحو 30 دقيقة، بدأ موسمه الأول في عام 2014، بمعدل موسم لكل عام تقريبا. تلقى المسلسل تقييما نقديا إيجابيا للغاية من النقاد والجمهـور، حيث تدور أحداثه الريادية في قالب درامي كوميدي، ويبدو واضحا أنه يميل إلى انتقاد سياسات شركات وادي السيليكون التي تتخذ طرقا ملتوية للاستحواذ على الشركات أو ضرب المنافسين بشكل غير أخلاقي في بعض الحالات. (5، 6)

   

فيلم GURU.. عندما تتجاوز الأحلام حدود القرية

في عام 2007، أُطلق الفيلم الهندي "غورو" (Guru) الذي يعتبر فيلم سيرة ذاتية لتجسيد مسيرة حيـاة أغنى أغنياء الهند، رجل الأعمال الراحل "ظهيـر أمبـاني" الذي بدأ حيـاته فتى هنديا فقيــرا في قرية شديدة التواضع، وأنتهت حياته وهو أثرى أثرياء الهند على الإطلاق، وواحد من أثرى أثرياء العالم. وعلى الرغم أن الفيلم لم يشر بشكل مباشر إلى أمبـاني، فإن أحداث الفيلم شبه مُطابقة لمسيـرته.

  

فتى قروي بسيط يُدعى غوروكانت ديساي يلح بشكل مستمر على أبيه أنه يريد أن يكون ثريا، فيخبره أبوه بسخافة ما يقول وأنه يجب أن يعيش على قدر أحلامه. يهاجر الفتى إلى تركيا ليتعلم تجارة المواد الغذائية ثم يعود تاركا الوظيفة التي عُرضت عليه ليقرر بدء تجارته الخاصة من الصفر والتي ازدهـرت بشكل كبيـر لتعم أرجاء الهند بالكامل، ليصبح غـورو واحدا من أهم رجال الصناعة والبيزنس في وطنه، ثم العالم.

  

الفيلم يعتبر من أهم الأفلام التي يجب أن يشاهدها روّاد الأعمال في بداية تأسيس مشروعاتهم الناشئة، حيث يغطي الخلفيـات الاجتماعية والصعوبات التي يواجهها رائد الأعمال خصوصا في أزمة التمويل. رائد أعمال فقير لا يملك المال اللازم، ولا حتى الخبرات اللازمة، ويسعى أن يكوّن إمبـراطورية مالية كبرى. كيف فعلها غورو، وهل يمكن أن يتم استنساخ بعض المبادئ التي جاءت في الفيلم لتطبيقها في الحياة؟

  

بشكل عام كلمة "غورو" (Guru) هي كلمة سائدة في عالم الأعمال تعني الشخص صاحب الشركات والأموال الضخمة، وهو إسقاط ما بين اسم بطل الفيلم وصفته في نهايته. الفيلم يحمل دراما هندية معتادة في طياته، ويعج بالكثير من المواقف الإنسانية الموظفة في قالب جيد جدا في تسليط الضوء على رحلة الصعود من القرية الفقيـرة إلى الثراء العالمي. (7، 8)

  

فيلم Startup Kids.. كيف يفعلها الروّاد الصغـار؟

  

وثائقي "الروّاد الصغار" (Startup Kids) يعتبر واحدا من أكثر الأفلام الوثائقيـة التي أُنتجت في السنوات الأخيرة شهرة بين أوساط رواد الأعمال، حيث يسلط الضوء على عدة نماذج من روّاد الأعمال الشباب الذين استطاعوا تأسيس مشروعات ناجحة، كل شاب منهم يحكي تجربته بشكل مبسط وسلس يتلاءم مع أعمـارهم الصغيـرة وطموحاتهم الجامحة. الفيلم أُنتج عام 2012، ومدته ساعة واحدة فقط.

    

الفيلم يستضيف رواد أعمال من أميركا وأوروبا ويحتوي على لقاءات سريعة ومرحة لمجموعة من المؤسسين الذين يتحدثون عن بداية شركاتهم في مجال الويب تحديدا، وكيف يعيشون حياتهم كروّاد أعمال ونظر المجتمع لهم. فضلا عن حواراتهم المطوّلة في أكثر مراحل حياتهم الريادية صعوبة وكيف استطاعوا الحصول على التمويل، وكيف استطاعوا تأسيس شركات وإدارتها على الرغم أن بعضهم يفتقد الخبرة والمهارة اللازمة.

  

الوثائقي يعتبر مهما جدا كمدخل لرواد الأعمال المراهقين والشباب الصغار الذين يفكـرون في ولوج هذا العالم، ويركز على مرحلة بدايات التأسيس تحديدا، وهو ما يجعله كنزا حقيقيا لرواد الأعمال والمؤسسين للشركات الناشئة. (9، 10)

  

فيلم The Social Network.. كيف تؤسس شركة عملاقة وتدافع عنها؟

  

فيسبوك يعتبر الآن هو المنصة الأولى لوسائل التواصل الاجتماعي التي غيّرت شكل الحياة تماما، وساهمت في بزوغ مفهوم جديد مختلف كليا للشركات العاملة على الويب. هذه المنصة لم تأتِ بين يوم وليلة، ولم يكن وراءها نمط عمل هادئ أو بسيط، وإنما كان يقف وراءها روّاد أعمال عباقرة، وأيضا تقف وراءها مشاكل وأزمات كادت تعصف به في العديد من المواقف.

  

فيلم "الشبكة الاجتماعية" (The Social Network) هو فيلم سيرة ذاتية يتتبع فيها رحلة المؤسس "مارك زوكربيرغ" بدءا من مغادرته لجامعة هارفارد والبدء في عمل شبكـة تواصل ستتحول لاحقا إلى فيسبوك، لتخرج من حرم الجامعة إلى العالم أجمع. لاحقا، ومع النمو السريع لشبكة فيسبوك، تبدأ المشاكل عندما يزعم اثنان من فريق العمل أن زوكربيرغ سرق فكـرتهما، وهو الأمر الذي تطلب منه أن يقاوم هذه الادعاءات بكل الطرق للدفاع عن شركته الناشئة، وهو ما نجح فيه بكل تأكيد.

  

أهم ميزة لهذا الفيلم أنه مستغرق تماما في مرحلة البدايات. الكاميـرا تسلط عينها على مراحل البدايات بكل ما تعانيه من صعوبات في التمويل والتواصل مع الآخرين وتأسيس الشركة والإحباطات والأزمات، وكيفية استخدام العلاقات العامة للدفاع والهجوم. بمعنى آخر، يعتبر فيلما من أهم الأفلام الضـرورية لروّاد الأعمال الذين يشعرون بالقلق من مرحلة البدايات بكل ما فيها من أزمات ومشاكل ومتطلبات.

  

حقق الفيلم تقييما نقديا إيجابيا انعكس على إيراداته التي لامست سقف ربع مليار دولار، ونال عددا هائلا من الجوائز العالمية، ونال الممثل الأميركي جيسي آينزنبيرغ إعجابا كبيرا بالدور الذي لعب فيه شخصية مارك زوكربيرغ أهّله للحصول على عشرات الجوائز. (11، 12)

           

undefined

  

في النهاية، أهم ما يمكن فعله بالنسبة إلى رائد الأعمال في بدايات إقلاع مشـروعه الناشئ هو أن يحيط نفسه بالمصادر والمرئيات والقصص والأفلام التي تركز على هذه المرحلة تحديدا، لأنها -مع كونها مصدرا للمعلومات والتسلية- مصدر أساسي يدفع روّاد الأعمال إلى التماسك في وجه العواصف والأزمات في تلك المرحلة. الفيلم الذي يشعر بمشاكلك وأزماتك الرياديـة، ويسلط الضوء عليها مقترحا الحلول في سياقه الدرامي، هو حتما يحمل قيمة أكبر بكثير من مجرد كونه فيلما ترفيهيا تشاهده في مساء الجمعة.

المصدر : الجزيرة