شعار قسم ميدان

"آل غاسول".. عائلة ولدت لأجل كرة السلة

ميدان - باو ومارك غاسول
في الـ٢٨ من (ديسمبر/كانون الأول) ٢٠٠٨ لم يكن هناك حديث للجميع داخل مدينة ممفيس وخارجها إلا عن المباراة المرتقبة التي تجمع فريقهم المحبوب ممفيس غريزليس بفريق الليكرز في بطولة دوري المحترفين الأميركي لكرة السلة، والمواجهة الثنائية التي تجمع الشقيقين لاعبي المحور باو ومارك غاسول ضد بعضهما البعض للمرة الأولى، نظريا بدا وقتها لمتابعي وعاشقي الدوري الأميركي أن هذه هي المواجهة الأولى بينهما، كمواجهة الشقيقين شاك وويسلي بيرسون عام ١٩٩٦، وهوراس وهارفي جرانت عام ١٩٩٩.(1) ولكن واقعيا كان والدهما أغوستي غاسول يعلم علم اليقين أنها ليست المرة الأولى التي يتواجه فيها أبناؤه.

 

أغوستي كان هناك بخليط من مشاعر الفخر والقلق، يحرك شفتيه بصوت غير مسموع، يستعيد أحاديثهم الجانبية التي لا ينساها، يبتسم ابتسامة الأب وهو يتذكر كيف كان تنافسهما في المنزل على نيل رضا والدتهم، تذكر أغوستي لاعب كرة السلة السابق شجارهما حينما كانا صغيرين، تسابقهما إلى الأفضل في كافة مناحي الحياة، تفوق باو الدائم على مارك بفعل فارق الأربع سنوات بينهما، وكيف كان تصميم مارك على اللحاق بشقيقه دائما، تذكر الرجل أنه هرع ذات مرة وهو في وظيفة كبير الممرضين بمستشفى سانت باو بالعاصمة الكتالونية برشلونة لعلاج مارك من ضربة وجهها له باو بمضرب كرة الطاولة في رأسه فجرحها، لأن مارك انتصر على باو ثم سخر منه، وباو لا يقبل الهزيمة منذ طفولته.(2)

 

اللاعب مارك غاسول (على اليمين) في مواجهة شقيقه باو غاسول (على اليسار) في إحدى مباريات دوري المحترفين الأميركي لكرة السلة (رويترز)
اللاعب مارك غاسول (على اليمين) في مواجهة شقيقه باو غاسول (على اليسار) في إحدى مباريات دوري المحترفين الأميركي لكرة السلة (رويترز)
  

جوردان في برشلونة

مثل كل شاب نشأ في برشلونة، عشق باو ومارك كرة القدم، لكن باو تحديدا رغم عشقه للكرة فإن تكوينه الجسماني هداه إلى لعب الرجبي، لكن كل من يزور العائلة في منزلها يلاحظ أن جدران غرفة باو ومارك مغطاة بالعديد من صور مايكل جوردان، جوردان كان أسطورة باو وملهمه كما كان ملهما للعديد من أبناء ذلك الجيل والأجيال اللاحقة له.

 

الآن وقد بدأت الدورة الأولمبية في برشلونة، ومايكل جوردان وفريق الأحلام الأميركي ككل على بعد خطوات قليلة من منزل آل غاسول، ذهب باو إلى والده متوسلا إياه أن يصحبه مع أخيه مارك إلى صالة بالاو بلوجرانا بحي ليس كورتس الشهير معقل نادي برشلونة لمشاهدة فريق الأحلام بقيادة جوردان وماجيك جونسون وتشارلز باركلي ولاري بيرد وباتريك إيوينج وسكوت بيبين، لكن كل محاولات الأب للحصول على بطاقة قد باءت بالفشل، وكل محاولات باو للتسلل خلسة إلى الملعب قد لاقت نفس المصير، وتم إبعاده ودفعه من حراس الأمن وأغلقت الصالة أبوابها.

 

بات باو ليلته حزينا، لكنه صمم على أن يعود إلى هذا الملعب ليس كمجرد مشاهد فحسب، ولكن كصانع للبطولات، ودارت الأيام سريعا بين شد وجذب، وتعب وجهد وعرق، وبعد أن كان باو يحلم بالدخول والهتاف لجوردان صار هو من يُهتف باسمه، ليس في صالة بالاو بلوجرانا فقط، وإنما في صالة يونايتد سنتر ذاتها، معقل مايكل جوردان والشاهدة على تاريخه وسحره وبطولاته مع شيكاغو بولز.(3) (4)

  

"مايكل جوردان" كان أسطورة باو وملهمه (رويترز)

 

لاعب كرة سلة أخيرا

يسترجع الأب ذاكرته حين كان يمر بالقرب من منزل العائلة في أحد أزقة حي كورنيلا دي يوبريجات ورأى إعلانا يطلب فيه نادي كورنيلا لاعبين من طوال القامة، عاد الرجل مسرعا إلى المنزل، لم يقبّل زوجته الطبيبة ماريسا كعادته، بل قال لها في لهفة: ماريسا.. أين باو؟ دهشت ماريسا لاعبة كرة السلة السابقة بذات النادي، وقالت له إن باو في غرفته يستذكر دروسه، أسرع الرجل إلى الغرفة وقال لباو: بني، اترك ما في يدك الآن، فاليوم عندك موعد مع التاريخ، دهش باو وقال لوالده: ما الأمر يا أبي؟ ليس من عادتك أن تطلب مني التوقف عن المذاكرة، هل عاد جوردان إلى برشلونة؟ قال له أباه: لم يعد يا بني، ولكنك أنت من سيكون جوردان إسبانيا، كان الرجل واثقا في ولده، مؤمنا بقدراته الجسمانية القادرة على وضعه في مصاف كبار النجوم، ومثلما هو الحال دائما، إن آمنت بقدرات أولادك وشجعتهم ودفعتهم إلى الأمام فالنجاح سيكون حليفهم في حياتهم، أغوستي كان يثق في باو ويدفعه إلى الأمام دائما، وكان يعلم في قرارة نفسه أنه سيكون ذا شأن عظيم في المستقبل.(5)

 

لم يمض باو الوقت الطويل في نادي كورنيلا حتى تأكد لكل من شاهده أنه موهوب بالفطرة، لاعب طويل عملاق ويملك قدمين سليمتين يستجيبان لسرعة تحركاته، وتساعده ذراعاه الطويلتان وأيديه الضخمة إضافة إلى قابليته للتطور، ولفت كل ذلك نظر مسؤولي برشلونة، نفس النادي الكتالاني الذي حلم باو أن يكون يوما ما أحد نجوم كرة القدم فيه، ها هو ذا في عام ١٩٩٩ يوقع له عقدا طويل الأمد مدته أربع سنوات بمبلغ ٨٥ مليون بيزيتا إسبانية ليصبح فيما بعد أيقونة كرة السلة لبرشلونة وإسبانيا وكل أوروبا. (مصدر)
 
سنتان فقط في صفوف فريق الناشئين قضاها باو مع البارسا، ثم تحول في عام ٢٠٠١ إلى الدفاع عن ألوان الأزول جرانا، حقبة مهمة في نادٍ جماهيري كبير يمثل فارس الأساطير للكتالان، استثمر باو تلك الفترة، تدرب كثيرا وثابر وواظب، معدل تضخم عضلاته زاد بنسبة ١٣ كجم، وبعد أن كان يطلق عليه الفتى النحيل صار هذا النحيل شابا مفتول العضلات مميزا بذراعين قويتين يصعب استخلاص الكرة منهما، ولقّبه زملاؤه في برشلونة بـ "E.T" نسبة إلى الكائن الفضائي بطل الفيلم الأميركي الشهير لتميزه بأصابع طويلة مثله تماما.


مدربه أوغستين كويستا الذي أحضره إلى برشلونة رأى فيه نجما كبيرا مستقبلا وراهن عليه، ولم يمض وقت طويل حتى وصول موسم عام ٢٠٠٠-٢٠٠١ وفيه أثبت للجميع أنه ذو شأن، قاد برشلونة إلى الفوز بكأس الملك، وفاز بلقب أفضل لاعب في نهائيات الدوري، وبدأ كشافو دوري المحترفين الأميركي في كتابة التقارير عنه.(6)

 

الحلم

undefined

حاول باو تعديل عقده مع البارسا، لكن لويس نونيز رئيس برشلونة آنذاك رفض، مما دعى والده إلى أن يقترح على باو دفع الشرط الجزائي والرحيل، أصبح انتقال باو إلى حلمه الأكبر مرهونا بدفع ٥٨٠ مليون بيزيتا إسبانية، يتذكر والده أنه قرر وقتها أن يدفعها من مال الأسرة بناء على تأكيدات كشّافي دوري المحترفين أن هذا المبلغ سيحصل على أكثر منه في الموسم الأول له، لينزل باو على لائحة مسودة موسم ٢٠٠١ ويتم اختياره في الجولة الأولى من أتلانتا هوكس، وبناء على صفقة أجراها أتلانتا مع ممفيس ينتقل باو إلى ممفيس غريزليس دون أن يلعب مباراة واحدة مع أتلانتا، ليبدأ في كتابة التاريخ كما وعده والده ذات يوم.(7)

 

تحوّل باو في الـ ٢١ من العمر إلى حياة جديدة، وفي تلك اللحظة لعب والداه دورا مهما، سرح أغوستي بخياله واتكأ برأسه على ظهر مقعده وتذكر أن العائلة كان لا بد لها من مرافقته: لم نكن نعرف وقتها أين نحن ذاهبون، كل العائلة كانت تشعر بالخوف، لكننا شعرنا أنه كان علينا أن نرافقه ونحميه، وأن يتمتع ببيئة تجعله يشعر بأنه في بيته وبلده، ليس في بلد غريب وبيئة مختلفة، ووقتها كان موقف مارك وأدريا إخوة باو مهما في تسهيل تلك المرحلة، مارك كان يلعب في كاديت برشلونة وكان يخطو خطواته الأولى نحو التأقلم، وكان له أصدقاء في كتالونيا، لم يُبدِ مارك أي مشاعر حقد أو ضغينة تجاه أخيه، كان يتمنى أن يكون مثله مميزا تتسابق الأندية للتعاقد معه، لكنه فهم وقبل التحدي.

 

احتلت الأسرة شقة صغيرة ووجدت مدرسة لمارك وأدريا ثم انتقلت إلى منزل في جيرمان تاون، اتخذت ماريسا أقصى قدر من الرعاية والنظام الغذائي من أجل باو، ووجدت الوقت للعمل كمتطوعة دون أجر في مستشفى للسرطان، بعد عامين رافق أغوستي مارك الذي قرر العودة إلى برشلونة ووقع على عقد للانتقال للبرسا لتكملة مسيرة شقيقه الأكبر، أراد مارك أخيرا أن يخرج من عباءة باو، واثقا في قدرات نفسه، عازما على الظهور والتألق هو الآخر.(8)

 

باو يفوق التوقعات
شهد عام ٢٠٠٦ أول زمالة للشقيقين باو ومارك تحت راية المنتخب الإسباني في كأس العالم لكرة السلة باليابان (رويترز)
شهد عام ٢٠٠٦ أول زمالة للشقيقين باو ومارك تحت راية المنتخب الإسباني في كأس العالم لكرة السلة باليابان (رويترز)

محملا بالامتلاء البدني والخططي، والعقلية الأوروبية المنفتحة، انفجر المحور الإسباني في عامه الأول خارقا التوقعات، محققا إنجازا شخصيا كأفضل لاعب صاعد في أشهر (نوفمبر/تشرين الثاني)، و(يناير/كانون الثاني)، و(مارس/آذار) في ظهوره الأول بالدوري الأميركي، ورغم تحقيق ممفيس لسجل ضعيف في نهاية البطولة قوامه ٢٣ انتصارا لـ ٥٩ خسارة فإنه في نهاية الموسم اختاره ١١٧ صحفيا من أصل ١٢٦ للفوز بجائزة الروكي كأفضل لاعب صاعد، إنجاز لم يتحقق من قبل للاعب أوروبي، وجائزة مميزة سبق أن فاز بها الأساطير كريم عبد الجبار ومايكل چوردان ولاري بيرد.(9)

 

شهد عام ٢٠٠٦ أول زمالة للشقيقين باو ومارك تحت راية المنتخب الإسباني في كأس العالم لكرة السلة باليابان، بعد المفاجأة التي أحدثها مدرب الروخا آنذاك بيبو هيرنانديز بضمه لمارك غاسول في اللحظات الأخيرة بعد تألقه مع برشلونة في بطولة الدوري، ثم قاد باو بلاده إلى التتويج باللقب وتحقيق الفوز في جميع مبارياته التسع، ليعود أبناء غاسول متوجين بالذهب وببطولة هي الوحيدة في تاريخ إسبانيا، المجد هنا لم يعدا مجدا شخصيا فحسب، باو ومعه مارك صنعا مجدا عظيما للأمة الإسبانية كلها، عاما بعد عام تتوالى النجاحات المتتالية لباو في صفوف منتخب إسبانيا ونادي ممفيس.

 

كل ذلك دفع العظيم لوس أنجلوس ليكرز للتفكير فيه والتعاقد معه، وفي ٢٠٠٨ وقع باو لليكرز، وشهد نفس العام تألق مارك غاسول وفوزه بلقب أفضل لاعب في الدوري الإسباني، ليجد ممفيس غريزليس ضالته أخيرا بعد رحيل باو المؤثر في التعاقد مع شقيقه مارك الذي بدأ رحلة تألق سبقه إليها شقيقه الأكبر بعدة سنوات، ونفض عن نفسه غبار العيش في الظل، مُعلنا عن مولد نجم آخر يضاف إلى قائمة نجوم إسبانيا الزاحفة نحو التربع على العرش الأوروبي بخطوات واثقة.(10)

 

العصر الذهبي
انتقل باو غاسول في عام ٢٠١٦ إلى سان أنطونيو سبيرز ليخلف تيم دونكان النجم التاريخي المعتزل تحت قيادة الأسطورة جريج بوبوفيتش (رويترز)
انتقل باو غاسول في عام ٢٠١٦ إلى سان أنطونيو سبيرز ليخلف تيم دونكان النجم التاريخي المعتزل تحت قيادة الأسطورة جريج بوبوفيتش (رويترز)

تعتبر أعوام ٢٠٠٩، ٢٠١٠، ٢٠١١ هي العصر الذهبي لباو غاسول سواء مع الليكرز أو مع المنتخب الإسباني، حقق باو في عامي ٢٠٠٩، ٢٠١٠ بطولتي دوري الرابطة الوطنية الأميركية، صانعا مجدا شخصيا لنفسه وتاريخا لا يُنسى لليكرز بوجود باو غاسول وكوبي براينت ولامار أودوم وديريك فيشر في الفريق، بقيادة العظيم فيل جاكسون، ثم مجدا لبلاده بالمشاركة مع شقيقه مارك عامي ٢٠٠٩، ٢٠١١ باعتلاء إسبانيا منصة التتويج لبطولة الأمم الأوروبية مرتين متتاليتين، بالإضافة إلى بطولة عام ٢٠١٥ وكان باو هدافها الأول وقائدها جنبا إلى جنب مع شقيقه مارك، وتحت القيادة الفنية للإيطالي المخضرم سيرجي إسكاريولو، صائد البطولات مع إسبانيا.(11)

 

بعدها حقق باو غاسول حلمه القديم بالانضمام إلى شيكاغو بولز والدفاع عن ألوانه، ولكن لم تساعده الظروف لتحقيق ما سبق له إنجازه مع الليكرز بسبب تخلي الفريق عن نجومه وإصابة أبرز لاعبيه ديريك روز، لينتقل بعدها في عام ٢٠١٦ إلى سان أنطونيو سبيرز ليخلف تيم دونكان النجم التاريخي المعتزل تحت قيادة الأسطورة جريج بوبوفيتش، وفي الموسم الأول له شهدت قاعة أي تي أند تي سنتر التابعة لنادي سان أنطونيو حدثا فريدا من نوعه، بعد أن أشارت لوحة النتائج إلى تسجيل باو غاسول النقطة رقم ١٣ له في المباراة أمام يوتا جاز، لتصبح عدد النقاط التي أحرزها باو في تاريخه بدوري المحترفين الأميركي عشرين ألف نقطة، ويصبح اللاعب الثالث والأربعين في تاريخ الدوري الذي يصل إلى هذا العدد من النقاط واللاعب الأوروبي الثاني بعد الألماني ديريك نوفتسكي، مع ١٠٥٤٩ متابعة و٣٦٣٦ مساعدة و ١٨٤٧ بلوك شوت، أرقام مخيفة لم يسبق للاعب في تاريخ دوري المحترفين تحقيقها باستثناء الثلاثي الرهيب كريم عبد الجبار، وتيم دنكان، وكيفن جارنت.(12)

 

ثم جاءت بطولة أوروبا 2017 وكل المؤشرات كانت تشير إلى اعتلاء إسبانيا العرش القاري من جديد وحفاظها على اللقب، الأخوان غاسول في قمة مستوياتهم، إسبانيا تخوض جميع المباريات كنزهة، حتى كانت مباراة سلوفينيا في الدور قبل النهائي، حالة من عدم التوفيق تصادف المنتخب الإسباني ككل، أمامهم فريق مستميت لتخطي إسبانيا وتحقيق اللقب، وكان له ما أراد، فازت سلوفينيا باللقب وأقصت إسبانيا التي اكتفت بتحقيق المركز الثالث على حساب روسيا، الغريب أن باو غاسول تصدر لائحة المنتخب الإسباني في البطولة وهو على مشارف عامه الثامن والثلاثين، محققا أعلى الأرقام خلف وريثه الشرعي وشقيقه مارك، سواء في معدل الأداء أو تسجيل النقاط أو المتابعات، ليترك كل محبي كرة السلة الإسبانية في حيرة من أمرهم، هل سيستمر باو من أجل حلم كأس العالم، أم يفاجئ الجميع ويعلن اعتزاله اللعب الدولي ويكتفي بما حققه من إنجازات؟(13)

 

باو الآخر

undefined

كان باو طالبا مجتهدا متميزا، عندما كان صغيرا سمع بإصابة أسطورة الليكرز ماجيك جونسون بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، فأخبر والده أنه سيتجه إلى الطب وسيجد علاجا للمرض لإنقاذ جونسون، وبالفعل درس الطب والتحق بجامعة برشلونة، لكن كرة السلة منعته من استكمال حلمه الآخر، رغم ذلك كان مواظبا على زيارة مستشفيات الأطفال في جميع الأماكن التي لعب فيها، وخاصة في لوس أنجلوس، باو يتحدث الإنجليزية والفرنسية والإيطالية بالإضافة إلى اللغة الإسبانية والكتالونية، وكان أحيانا يتفق على خطط معينة داخل الملعب مع زميله بالليكرز كوبي براينت باللغة الإسبانية حتى لا يفهمه باقي اللاعبين، غاسول يقرأ الروايات والكتب التاريخية التي تتحدث عن الشعوب بصفة منتظمة، ويجيد العزف على آلة البيانو باحترافية، ويعزف كبار أعمال الموسيقيين الفرنسيين، يحضر حفلات الأوبرا بانتظام، وهو صديق شخصي للتينور العالمي بلاسيدو دومينغو.(14)

 

دائما ما نجد في كل فريق رياضي كبير ذلك اللاعب العظيم، اللاعب الذي يطلق عليه في كرة السلة "العصا"، والعصا هنا مقصود بها اللاعب الذي يتكئ زملاؤه اللاعبون والفريق ككل عليه خوفا من السقوط حين يمر الجميع بفترات ضعف أو ترنح أو صعوبة في التسجيل، وهو أيضا اللاعب الذي يبحث زملاؤه عنه في كل هجمة حين يستعصي عليهم إنهاؤها بشكل سليم، دائما ما يكون موجودا أمامهم ومتأهبا للتصويب ووضع الكرة داخل السلة، ووضع فريقه معها في المقدمة.

دائما ما تسجل لوحة النتائج أنه أعلى اللاعبين تسجيلا للنقاط، وأكثرهم مشاركة، وأقواهم دفاعا، وأعلاهم حيوية ونشاطا، وأقلهم أخطاء، دائما وأبدا ما يكون بالعمر المناسب الذي يسمح له بعمل كل ذلك، رأينا ذلك مع العديد من اللاعبين في العشرينيات من أعمارهم أو أوائل الثلاثينيات، لكن أن يصل عمر لاعب ما إلى مشارف الثامنة والثلاثين ويقدّم ما لا يقدمه زملاؤه في الفريق وهم جميعا أصغر منه، لهو أمر في غاية الصعوبة على أي لاعب، ولكن باو غاسول أغوستي سايز لم يكن أبدًا كأي لاعب.

المصدر : الجزيرة