شعار قسم ميدان

دروس من روجر فيدرر.. كيف تستعيد مجدك المهني؟

SHANGHAI, CHINA - OCTOBER 15: (EDITORS NOTE: Image has been converted to black and white.) Roger Federer of Switzerland celebrates after winning the Men's singles final mach against Rafael Nadal of Spain on day eight of 2017 ATP Shanghai Rolex Masters at Qizhong Stadium on October 15, 2017 in Shanghai, China. (Photo by Lintao Zhang/Getty Images)
مقدمة المترجم

لم يصل روجيه فيدرر إلى مكانته الحالية كأحد أعظم لاعبي التنس بسهولة، ولم يقتصر الأمر على عدد البطولات أو قوة الضربات أو ما شابه، بل إن استمرار مسيرته بعد تقدمه في العمر -وفق معايير اللعبة- أمر استثنائي حقا. ولنستغل بزوغ نجمه ثانية بعد فترة من الابتعاد عن الملعب لتسليط الضوء على بعض أهم الخِصال التي جعلت منه أسطورة فريدة، وهي خصال تحتاجها للتفوق بغض النظر عن مجالك أو الموقع الذي تشغله.

نص التقرير

جذب روجيه فيدرر الأضواء في جولة رابطة محترفي التنس لعام 2017، بانتصاراته في بطولة أستراليا المفتوحة، وتسجيله رقما قياسيا جديدا بفوزه ببطولة ويمبلدون للمرة الثامنة. لقد عاد فيدرر مرة أخرى ليحتل القمة. أضف إلى ذلك استعداده الجاد لخوض بطولة أميركا المفتوحة للتنس هذا العام. مع ذلك، كان العديد من الخبراء الرياضيين على استعداد لحذف اسم فيدرر من قائمة نجوم اللعبة في بداية العام الحالي، بعد قضائه 6 أشهر من الراحة في العام الماضي بسبب إصابة، و5 سنوات عجاف لم يحقق فيها فوزا ذا قيمة.

لقد استعاد فيدرر مكانته بين نجوم اللعبة بصورة استثنائية، وذلك أمر يستحق منا كل الإعجاب، ويمكننا تعلم الكثير منه. إليك الطريقة التي استطاع بها فعل ذلك.

امنح جسدك وذهنك الوقت اللازم للتعافي
بفضل خفضه لنشاطه الرياضي، حظي جسد فيدرر بوقت أكثر للتعافي، وكان على أتم استعداد حين بدأت منافسات البطولة التالية
بفضل خفضه لنشاطه الرياضي، حظي جسد فيدرر بوقت أكثر للتعافي، وكان على أتم استعداد حين بدأت منافسات البطولة التالية
 

تستهلك جولة التنس للمحترفين جهدا هائلا، لا يقل عما يتطلبه العمل في الشركات العالمية أو ريادة الأعمال. إذ يفترض باللاعبين خوض بطولات كثيرة إلى درجة تعجز معها أجسادهم عن مواكبة الجدول الزمني الشاق. وفي الأعوام الأخيرة، شهدنا تعرض العديد من كبار اللاعبين لإصابات أبعدتهم عن الجولة لعدة أشهر في المرة الواحدة.

في عالم الأعمال والتجارة، يوجد ضغط دائم لمواصلة السعي قدما. لقد كتبت عن ذلك عدة مرات. لكنني أدرك في الوقت نفسه أهمية قضاء الوقت مع أسرتي وممارسة الرياضة. يستهلك العمل أوقات الكثيرين حتى إنهم لا يقضون عطلات سنوية.

حاليا، يشارك فيدرر في فعاليات أقل عددا، بعد إصابة أبعدته عن جولة رابطة محترفي التنس لستة أشهر في العام الماضي، وهو ما دفع الكثيرين حينها إلى التشكيك في مستقبله الرياضي.

وبفضل خفضه لنشاطه الرياضي، حظي جسد فيدرر بوقت أكثر للتعافي، وكان على أتم استعداد حين بدأت منافسات البطولة التالية. وبعد فوزه ببطولة ميامي المفتوحة للتنس، في وقت سابق من العام الحالي، وهو اللقب رقم 91 في مسيرته الرياضية، أجاب عن سؤال حول جدوله الرياضي شبه الفارغ: "يحتاج الجسد إلى الراحة، وكذلك الذهن".

اعمل دائما على تحسين مهاراتك

undefined

استطاع فيدرر المنافسة بقوة ومواصلة اعتلاء القمة في سن 36، على عكس سائر أبطال اللعبة التاريخيين. فعندما تفكر في متوسط سن التقاعد لدى الأبطال الآخرين، مثل بوريس بيكر المتقاعد في سن 31، وأندي روديك المتقاعد في سن 30، وبيورن بورغ المتقاعد في سن 26، يجعلك ذلك أكثر تقديرا وانبهارا بمسيرة فيدرر المستمرة.

بلغ معظم اللاعبين ذروة مجدهم في سن الثلاثين. لكن الجهد المتواصل الذي يبذله فيدرر لتحسين مستواه، هو ما لم يجعله قادرا على اللعب فترة أطول من معاصريه فحسب، بل أعاده إلى القمة أيضا. يبلغ كثير من الناس نقطة في حياتهم المهنية يتوقفون عندها عن التعلم وشحذ المهارات، ويقنعون بمواصلة فعل الأشياء بالطريقة نفسها التي اعتادوها.

لكن الأمور تتطور، ويبلغ الجميع نقطة في حياتهم المهنية لا يعود عندها الدافع الذي أوصلهم إليها كافيا للمواصلة. سيكون هناك دوما شخص أصغر سنا، يتطلع إلى القيام بالأمر على نحو أفضل، أسرع، وأكثر ذكاء من الجيل السابق. ولكي تبقى مواكبا للعصر، عليك تطوير نفسك باستمرار، وتعلم أشياء جديدة تحفظ لياقتك.

بالنسبة إلى فيدرر، كان ذلك يعني تحسين ضربته الخلفية. ففي فترة سابقة من مسيرته الرياضية، كانت سائر مهاراته جيدة إلى درجة منعت خصومه من اكتشاف نقطة ضعفه. ثم جاء رافاييل نادال، الذي غير اللعبة بضرباته القوية عالية الدوران. إذ وجه نادال ضرباته العرضية المنخفضة عالية الدوران القوية فكشف ضعف ضربة فيدرر الخلفية.

وجهت ضربات نادال عالية الدوران القوية الكرة فوق كتفي فيدرر، لتضطره إلى استخدام ضربات لا يجيدها بصورة تامة، مما دفعه إلى ارتكاب عدد أكبر من الأخطاء. واكتشف لاعبون كبار آخرون هذا، وبدأوا في استغلال ضعف ضربة فيدرر الخلفية ضده.

كيف تصرف فيدرر حينها؟

undefined

استشار بعض عظماء اللعبة وسعى إلى طلب النصيحة. فقد ظل فيدرر قابلا للتوجيه، رغم جميع نجاحاته. وأمضى اللاعب ساعات لا تحصى في التمرين من أجل تحسين ضربته الخلفية.

يملك جيف سالزنستين -لاعب رابطة محترفي التنس السابق والمدرب الحالي- خبرة جيدة في استعادة المجد المهني. إذ أصبح أكبر أميركي سنا يظهر اسمه للمرة الأولى في قائمة أفضل مئة لاعب، وكان ذلك في أوائل الثلاثينات من عمره.

وعن احتلال فيدرر للقمة ثانية، قال سالزنشتاين: "إن السبب الرئيس الأوحد لعودة فيدرر هو بقائه مرنا فيما يخص إجراء تغييرات على أسلوب لعبه، مثل التزامه خلال فترة نشاطه المنخفض بتحسين ضربته الخلفية، وهو الأمر الذي تردد في القيام به من قبل، كما تبنى تغييرا تكتيكيا هاما وزاد سرعته في رد الكرات، بينما اعتاد عظماء آخرون في اللعبة رفض أي تغيير".

يتوقف الكثيرون عن الإنصات إلى الآخرين بمجرد تحقيق أي نجاح. يتوهمون أنهم يعرفون كل شيء، وأنهم قد اجتازوا الفترة التي يحتاجون فيها إلى تدريب أو إرشاد من حياتهم المهنية.

وإن لم تكن قد لاحظت ذلك بعد، فانتبه إلى ضربة فيدرر الخلفية الناعمة عالية الدوران، التي يستخدم فيها يدا واحدة، وهو في سن 36، إنه يفعلها اليوم أفضل من أي وقت مضى.

حافظ على شغفك بما تفعله

undefined

أحيانا، مع تقدمنا في السن، نجد صعوبة في الحفاظ على شغفنا بما نفعل. إلا أن البقاء في القمة يتطلب منك البقاء ولعا بحياتك المهنية، ومتفائلا بشأن قدرتك على مواصلة تحقيق أعلى النتائج.

أجريت حديثا موجزا مع دكتور ألن فوكس، المنافس على ربع النهائي في بطولة ويمبلدون سابقا، وأخصائي علم النفس الرياضي الشهير، والمؤلف، والمحاضر، واطلعت على رأيه في بزوغ نجم فيدرر ثانية. قال فوكس: "يملك فيدرر -مثل معظم الأبطال- جين "الأمل". فهو يشعر في قرارة نفسه أنه "قد" يفوز ببطولة كبيرة أخرى. وهذا، إلى جانب استمتاعه بممارسة اللعبة، وأنه ما من شيء آخر يشغل مثل ما للتنس من مكانة في قلبه، هو ما يدفعه إلى مواصلة المنافسة".

استغل التكنولوجيا الجديدة

على مدار سنوات عديدة، استخدم فيدرر نفس المضرب. لقد فاز بجميع هذه المباريات التي لا تحصى، وجميع هذه البطولات، مستخدما هذا المضرب. إذن، ما الحاجة إلى استبداله؟

رأى فيدرر اللاعبين الأصغر سنا يتبنون في كل عام التكنولوجيا الجديدة المستخدمة في أحدث المضارب، فازداد سخطه على ضربته الخلفية. أدرك أنه يحتاج إلى تطوير معداته، وإلا اجتازه الجميع وبقي هو خارج الزمن. والآن يرجع فيدرر الفضل في تحسن ضربته الخلفية وتحولها اليوم إلى نقطة قوة، إلى تغيير المضرب.

__________________________________________________________

التقرير مترجم من موقع آي إن سي
المصدر : الجزيرة