شعار قسم ميدان

ويمبلدون.. أرض الأحلام

FILE PHOTO: Andy Murray of Britain (FOREGROUND) serves to Ivan Ljubicic of Croatia under the closed roof on Centre Court at the Wimbledon tennis championships in London, Britain, June 24, 2011. REUTERS/Stefan Wermuth/File Photo

بكل عراقتها وتقاليدها الصارمة المتعلقة بالملابس، دائما ما كان الفوز ببطولة ويمبلدون حلما يراود الكثيرين منذ نعومة أظفارهم، والإسباني "رفائيل نادال" لم يكن استثناء.

فقبل أن يتوج ملكا على الأراضي الرملية كان "نادال" حاسماً في رده خلال إحدى المقابلات التي أجريت معه باعتباره صاعدا واعدا في إسبانيا، على سؤال بشأن البطولة التي يود الفوز بها.

 ولم يتردد "نادال"، المراهق في ذلك الحين، في اختيار ويمبلدون باعتبارها اللقب الذي يحلم بتحقيقه لكنه أقر بابتسامته، التي عرفها العالم فيما بعد، بأنه أمر شديد الصعوبة.


ولكن ما لم يكن "نادال" يعرفه حينها أنه بعد مرور أقل من عقدين من الزمن سيحقق حلمه ليفوز باللقب مرتين من خمس مرات تأهل فيها للنهائي،  ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تساءلت البطولة عبر حسابها الرسمي على "تويتر" ما إذا كان "نادال" سيصبح بطلها المظفر في نسخة هذا العام التي تنطلق في الثالث من يوليو تموز، ولم يكن هذا من فراغ.

ويتطلب إدراك أبعاد الأمر الرجوع بالزمن قليلا، وتحديدا إلى عام 2008، قبل مرور سنة على خسارة نهائي ويمبلدون للمرة الثانية على التوالي أمام نفس المنافس، السويسري "روجر فيدرر"، وهي الهزيمة التي أبكته بحرقة في غرف اللاعبين بنادي عموم إنجلترا، كما كشف في سيرته الذاتية.(1)

في الحدث الأكبر الذي يقام على الملاعب الرملية، نجح "نادال" في الفوز بلقب بطولة فرنسا المفتوحة للمرة الرابعة على التوالي دون خسارة أي مجموعة، ومضى بعدها للتتويج ببطولة ويمبلدون للمرة الأولى، وكان كلا اللقبين على حساب "فيدرر".

وكما يسمح إطار الأحلام الرخو بالانتقال في الزمان والمكان دون أي قيود، فسيتعين علينا السفر في الزمن لعام 2010 حيث تكرر نفس الأمر، ولكن الملابسات كانت مختلفة.

فقد شكك البعض في قدرة "نادال" على مواصلة هيمنته على الملاعب الرملية بعدما خسر في دور 16 ببطولة فرنسا المفتوحة 2009 أمام السويدي "روبن سودرلينج" الذي أفسح المجال أمام "فيدرر" للفوز بلقبه الوحيد في البطولة. لكنه عاد بقوة وفاز بلقب بطولة فرنسا المفتوحة 2010 دون خسارة مجموعة واحدة قبل أن يتوج بلقب بطولة ويمبلدون للمرة الثانية بتغلبه على التشيكي "توماس برديتش" (2)، الذي أزاح في طريقه للنهائي فيدرر والصربي "نوفاك ديوكوفيتش".

 الآن وبعد سبع سنوات كان البعض يرى أن عصر "نادال" قد ولى بعد عامين هزيلين لم يحقق فيهما أي لقب في البطولات الأربع الكبرى للمرة الأولى منذ 2004(3) لكنه عاد بقوة ليتأهل لنهائي بطولة أستراليا المفتوحة، أولى البطولات الأربع الكبرى ويفوز بلقبي مونت كارلو وبرشلونة للمرة العاشرة ومدريد للمرة الخامسة.

واكتسح "نادال" منافسيه في بطولة فرنسا المفتوحة ولم يخسر سوى 35 شوطا فقط (4) في مشواره نحو لقبه العاشر في البطولة معززا رقمه القياسي في عدد مرات الفوز ببطولة كبرى، بعدما فعل نفس الأمر في مونت كارلو وبرشلونة.

ولم تتمالك بطولة "ويمبلدون" نفسها وبادرت بالسؤال على استحياء عبر حسابها  على "تويتر" ترى هل يكون نادال فارس الأحلام؟

 

فارس الأحلام
ربما تضاءل أمل عشاق
ربما تضاءل أمل عشاق "فيدرر" في الفوز باللقب 18 في البطولات الأربع الكبرى بعدما خسر نهائي بطولته المفضلة مرتين متتاليتين أمام نفس المنافس، الصربي "نوفاك ديوكوفيتش" في 2014 و2015 
 

ولكن "نادال" لن يكون فارس الأحلام الوحيد المحتمل للبطولة، ولا يكمن السبب في ذلك في أن جميع اللاعبين ملزمون بارتداء الزي الأبيض بالكامل مع السماح بقدر محدود للغاية من الألوان الأخرى.

فالسويسري "روجر فيدرر" يخوض منافسات البطولة محملا بالمزيد من الأرقام القياسية، بعدما فاز بلقب بطولة هاله للمرة التاسعة وفي جعبته 18 لقبا في البطولات الأربع الكبرى، حصد آخرها في أستراليا المفتوحة هذا العام .

وكطائر العنقاء، عاد "فيدرر"، الذي فاز باللقب سبع مرات، حيث بدأت الأسطورة في 2003 عندما نجح في الفوز باللقب في المرة الأولى التي يصل فيها لنهائي بطولة كبرى وبدا أنها شارفت على نهايتها بعد 13 عاما من لقبه الأول.

ربما تضاءل أمل عشاق "فيدرر" في الفوز باللقب 18 في البطولات الأربع الكبرى بعدما خسر نهائي بطولته المفضلة مرتين متتاليتين أمام نفس المنافس، الصربي "نوفاك ديوكوفيتش" في 2014 و2015 ولكن الأحلام تحطمت تماما في 2016.

لم يكن السبب وراء ذلك عدم تخطيه الدور قبل النهائي سوى مرة وحيدة حينما خسر أمام الكندي "ميلوس راونيتش" في نهائي سيدني أو خضوعه لجراحة في الركبة وإنما يكمن في مواجهة الدور قبل النهائي ببطولة ويمبلدون، حيث بدا أن هذا "الكائن" الأسطوري وصل إلى خط النهاية.

 خاض "فيدرر" هذه المباراة "داميا" بعدما نجا من معركة حامية الوطيس أمام الكرواتي "مارين شيليتش" في دور الثمانية امتدت لخمس مجموعات واستنفدت طاقته، وهو ما اتضح مع مرور الوقت أمام "راونيتش" في قبل النهائي.

الهزيمة أمر وارد في كل الرياضات ولكن اللقطة التي حطمت قلوب مشجعي "فيدرر" كانت في المجموعة الخامسة والحاسمة، عندما سقط على الأرض ومكث منبطحا لفترة بدت بالنسبة لهم دهرا.


بدا أن "فارس أحلام" البطولات الكبرى بات كهلا، واستشعر أنه يحتاج للابتعاد عن الملاعب كما يفعل العنقاء عندما يغادر موطنه ليُبعث مجددا من رماده وقرر الغياب عما تبقى من منافسات 2016(5).

عَثَر "فيدرر" الذي يبلغ عمره 35 عاما خلال تلك الفترة على إكسير الشباب وفرد جناحيه مع بداية الموسم الحالي ليفوز بلقب بطولة أستراليا المفتوحة، محققا اللقب 18 في البطولات الأربع الكبرى الذي استعصى عليه طوال خمس سنوات.

وواصل "فيدرر" المفعم بالنضارة التحليق، رغم تعثره أمام الروسي "إيفجيني دونسكوي" في الدور الثاني ببطولة دبي، إذ فاز ببطولتي إنديان ويلز وميامي على حساب "فافرينكا" و"نادال" على الترتيب، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأنه استعاد تألقه.

وبعد أن فاز بثلاث من أربع بطولات نافس على لقبها، قرر "فيدرر" الانسحاب من موسم الملاعب الرملية (6) الذي يتطلب مجهودا كبيرا، مدركا أن خسائر "مقارعة" نادال، التي عرف أنها ستكون حتمية إذا أراد التتويج بالألقاب، داخل حدود مملكته ستكون فادحة على المدى البعيد.  

ورغم خسارته أمام الألماني "تومي هاس" في شتوتجارت، استعاد "فيدرر" حساسية المباريات ومضى بقوة لحسم لقب بطولة هاله للمرة التاسعة ليبدد كل مخاوف عشاقه ومتابعين ويؤكد أنها كانت أضغاث أحلام.

أضغاث أحلام
يبدو أن الأيام القادمة لا تحمل أنباء سارة للاعب البريطاني إذ انسحب من مباراتين استعراضيتين كان سيخوضهما بعد خروجه من بطولة كوينز بسبب آلام في الفخذ  (غيتي)
يبدو أن الأيام القادمة لا تحمل أنباء سارة للاعب البريطاني إذ انسحب من مباراتين استعراضيتين كان سيخوضهما بعد خروجه من بطولة كوينز بسبب آلام في الفخذ  (غيتي)


بمجرد البحث عن معنى المصطلح، وهو ليس بغريب عن أسماعنا، تكتشف أنه يشير إلى الأحلام التي يصعب تفسيرها، تماما كما هو حال الصربي "نوفاك ديوكوفيتش" والبريطاني "أندي موراي"، والذي كان أحدهما على الأقل طرفا في نهائي البطولة منذ 2011، وفيما بينهما فازا باللقب خمس مرات في آخر ست نسخ.

فاللاعبان اللذان كانا ينافسان العام الماضي في نهائي البطولة الختامية، التي تجمع أفضل ثمانية لاعبين في الموسم، ليس فقط على اللقب، وإنما على إنهاء الموسم في صدارة التصنيف، وهو الإنجاز الذي حققه "موراي" للمرة الأولى في مسيرته (7). وبعد فترة الصعود تلك، بدأ اللاعبان في رحلة هبوط المستوى حيث ودع "موراي" بطولة أستراليا المفتوحة من الدور 16 بعدما خسر نهائي بطولة الدوحة أمام "ديوكوفيتش"، وبعد الفوز ببطولة دبي توالت النتائج المخيبة.

لم يتخط موراي الدور قبل النهائي في سبع بطولات شارك بها، كان آخرها بطولة كوينز عندما خسر في الدور الأول أمام الاسترالي جوردان طومسون الأدنى منه بتسع وثمانين مركزا في تصنيف رابطة لاعبي التنس المحترفين لتنتهي مبكرا رحلة دفاعه عن اللقب.

ويبدو أن الأيام القادمة لا تحمل أنباء سارة للاعب البريطاني إذ انسحب من مباراتين استعراضيتين كان سيخوضهما بعد خروجه من بطولة كوينز بسبب آلام في الفخذ (8).

لم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة ل"ديوكوفيتش" باستثناء أنه لوح بيديه خلال السقوط في محاولة للتشبث بأي قشة، ليقرراقالة جهازه التدريبي كاملا على دفعتين بداية بالألماني "بوريس بيكر" (9) ثم مدربه لفترة طويلة "ماريان فايدا" (10) على أمل تحقيق النتائج المرجوة التي غابت عنه في موسم استهله بالفوز ببطولة الدوحة.

 يبدو أن موسم الأراضي العشبية يحمل بريقا من الأمل بالنسبة لديوكوفيتش، فخلال مشاركته في منافسات في الأسبوع الذي يسبق ويمبلدون للمرة الأولى منذ 2010 (12) تأهل لنهائي بطولة إيستبورن
 يبدو أن موسم الأراضي العشبية يحمل بريقا من الأمل بالنسبة لديوكوفيتش، فخلال مشاركته في منافسات في الأسبوع الذي يسبق ويمبلدون للمرة الأولى منذ 2010 (12) تأهل لنهائي بطولة إيستبورن

خسر "ديوكوفيتش" في ثاني أدوار استراليا المفتوحة أمام "دينيس ايستومين" المصنف 117 عالميا آنذاك قبل أن يتجرع هزيمتين متتاليتين أمام الاسترالي الشاب "نيك كيريوس" في أكابولكو وانديان ويلز.

وعندما تأهل لنهائي بطولة روما بدا أن الأمور في طريقها للأفضل لكنه خسر أمام لاعب صاعد آخر هو "ألكسندر زفيريف". بعدها حاول "ديوكوفيتش" تدارك الوضع ببدء شراكة غير واضحة الملامح مع الأميركي المعتزل "أندريه أجاسي" (11) في بطولة فرنسا المفتوحة لكنه خسر مجددا أمام النمساوي "دومينيك تيم"، ليواصل الهبوط للمركز الرابع في التصنيف العالمي للاعبي التنس المحترفين.

ولكن يبدو أن موسم الأراضي العشبية يحمل بريقا من الأمل بالنسبة لديوكوفيتش، فخلال مشاركته في منافسات في الأسبوع الذي يسبق ويمبلدون للمرة الأولى منذ 2010 (12) تأهل لنهائي بطولة إيستبورن.

فالوصول إلى النهائي في حد ذاته، بغض النظر عن النتيجة، يعزز الثقة ويرفع سقف التوقعات ويجعل من بطولة ويمبلدون بالنسبة له وعشاقه أرض الأحلام.

المصدر : الجزيرة