شعار قسم ميدان

لماذا يختلف ديلي آلي عن بقية الشباب الإنجليز؟

ميدان - ديلي الي

فرانك لامبارد، بول سكولز، ديفيد بيكهام، ستيفن جيرارد، واين روني، ألان شيرار، مايكل أوين، سول كامبل، جون تيري، آشلي كول. عينة عشوائية من أسماء تعاقبت على تمثيل منتخب لم يفُز بشيء منذ عام 1966، 51 عاماً من الأمل وخيبته لأسباب عجز الجميع عن الوقوف على حقيقتها.

 

في طريق البحث ستجد من يتهم المدربين وهو على حق فلا أحد يطلب من مهاجمه المتميز في الرأسيات أن يلعب الضربات الثابتة ثم يُطلق على هذا الشيء "رؤية فنية". ستجد من يتهم الإتحاد الإنجليزي لاختياره هؤلاء المدربين، وستجد من يتهم البريميرليغ بأنه السبب لامتلاكه كل هؤلاء الأجانب، بعد دقائق قليلة من تعبيره عن فخره بقدرة البريميرليغ على اجتذابهم من الدوريات المنافسة. حالة اليأس الجماهيري بالتوازي مع "شعوبية" الإنجليز القوية ما كان بمقدورها أن توفر بيئة أكثر خصوبةً من تلك لتضخيم كل لاعب عابر، حيث يكفيك أن تكون إنجليزياً ثم تسجل هدفين في شباك سندرلاند مثلاً، لاحقاً تطورت الشروط ليصبح لعبك في البريميرليغ وحده كافياً أياً كانت جنسيتك.(1)

 

بطبيعة الحال لا يوجد من يُمكنه أن يستثمر أجواءاً مشابهة أفضل من الصحافة الإنجليزية في بلد يملك مثل تلك الآلة الإعلامية الضخمة، وهو ما خلق على مر السنوات الماضية مواهباً من العدم تارة، وساهم في القضاء على البعض الحقيقي تارة أخرى، والقائمة تطول..

 

قصص قصيرة
أندي كارول، 35 مليون جنيه استرليني، ثاني أغلى لاعب في تاريخ ليفربول، أصيب وهو يلبس حذاءه مع وست هام
أندي كارول، 35 مليون جنيه استرليني، ثاني أغلى لاعب في تاريخ ليفربول، أصيب وهو يلبس حذاءه مع وست هام
  
– داني كاداماتري، ظهر مع إيفرتون في أواخر التسعينات بهدف رائع في شباك آرسنال ثم أروع في شباك الغريم ليفربول، لم يسجل لبقية الموسم وانتهى أمره في 2002.

– مايكل بريدجز، 19 هدفاً في موسم 1999-2000 مع ليدز يونايتد، سلسلة من الإصابات تكفلت بالقضاء عليه.

– مات جانسن، ظهر في البريميرليغ رفقة كريستال بالاس في 1998، انتقل إلى بلاكبرن بعد عام وحيد بـ4.1 مليون جنيه استرليني وهو لا يزال في الحادية والعشرين من عمره، اعتزل في الدرجة الثامنة عام 2010.

– فرانسيس جيفرز، 8 ملايين جنيه استرليني انتقلت به من إيفرتون إلى آرسنال في صيف 2001، اعتزل في 2013 مسجلاً 19 هدفاً طوال مسيرته.

– مايكل ريكيتس، 15 هدفاً في نصف موسم مع بولتون، استدعاء سريع لمنتخب البلاد في فبراير 2002، أول وآخر 45 دقيقة دولية في مسيرته أمام هولندا، عرض مخيب لم يُسجل بعده لبقية الموسم!(2)

– أندي كارول، 35 مليون جنيه استرليني، ثاني أغلى لاعب في تاريخ ليفربول، أصيب وهو يلبس حذاءه مع وست هام..(3)

– توم كليفرلي، قيل عنه أنه خليفة بول سكولز(4)، والبقية للتاريخ..

  

من هو ألي؟
undefined
 
ولد باميديلي جيرمين آلي في الحادي عشر من (نيسان/أبريل) عام 1996 بمدينة ميلتون كينز، وبدأ مسيرته منذ الطفولة في نادٍ مغمور يُدعى سيتي كولتز، قبل أن ينتقل به مدربه مارك والش إلى ناشئي ميلتون كينز دونز "إم كي دونز" عام 2007 في الحادية عشر من عمر، أي بعد 3 سنوات من تأسيس النادي الواعد. بعد 4 سنوات تم تصعيد آلي إلى الفريق الأول ليواصل التطور وجذب الأنظار منذ اللحظة الأولى، مسجلاً هدفه الأول في مباراته الأولى من مسافة 35 ياردة، ومترقياً في صفوف ناشئي المنتخب الإنجليزي تحت 17 و18 و19 عاماً.

 

للوهلة الأولى يبدو لك آلي من هذا النوع الذي تحبه الكرة ويحبها، الذي لا يفقه في عالمه سواها، وهو ما أبرزه كارل روبينسون مدربه في إم كي دونز خلال حديثه لـBBC على هامش تقرير أعدته عن اللاعب الواعد بأنه لا يعرف الفارق بين القهوة الداكنة والبيضاء والكابوتشينو. يروي روبنسون أيضاً حين أراحه مرة أو مرتين على حد قوله:"كان يجب أن ترى وجهه، لقد كان يبدو وكأننا قد أخذنا منه ألعابه! إن قلت له أن ذلك الأمر لمستقبله سيقول: مستقبلي هو يوم السبت. كل ما يريد الحديث عنه هو خوض المباراة المقبلة."(5)

 

مرَّت الأيام وأتم إم كي دونز عامه العاشر محققاً انتصاراً تاريخياً على مانشستر يونايتد بنتيجة 4-0 في كأس رابطة الأندية "كابيتال وان"، وهو اللقاء الذي شهد تألقاً لافتاً من آلي، مع استمرار مستواه الجاذب للأعين اختطفه توتنهام هوتسبر في فبراير 2015 مع الإبقاء عليه معاراً في ناديه لنهاية الموسم بالدرجة الثالثة.

 

(فيديو: هدف آلي في شباك كراولي تاون .. تلك اللمسة التي اصطحبها معه إلى البريميرليغ)

 

لماذا آلي؟
جاء تقرير (BBC) السالف ذكره عام 2014 واصفًا إياه في عنوانه بأنه قادر على أن يصبح ستيفن جيرارد القادم، ولكن ما أظهره أمل الإنجليز تحت قيادة الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو أثبت أن تلك النظرة الأولية لم تكن قد بلغت الشمول بعد، فهو ليس جيرارد، ودائماً ما يرتبط مصطلح "اللاعب الأسطوري -أيًّا كان اسمه- القادم" بفشل تلك الموهبة فشلاً ذريعاً.(6)

 

ما ظهر من آلي على مر الموسمين الماضيين يثبت أنه ليس محاولة لاستنساخ لاعب ما، بل خليط مميز من كل شيء، فهو يبدو لك وكأنه مجموعة منتقاة بعناية مما يميز أساطير الإنجليز، تجد بها قطعة من جيرارد، وأخرى من روني، ومثلها من أوين وبيكهام وغيرهم.

 

إن راقبت اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي به لن تجد لقطة مميزة تتكرر، لن تجد مراوغة مرتبطة باسمه أو فيديو مجمع لمهارة ما، لن تجد مجموعة من التسديدات المتقنة من طراز لامبارد، أو قدم صاروخية كتلك التي يملكها سكولز، نقطة تفرُّد آلي ليست في تخصص كروي بعينه، بل لأنه يمثل نقلة نوعية في عقلية اللاعب الإنجليزي.

 

الأمر كما رصده 4-4-2 في تقريره عنه، هي سرعة نضوجه الكروي الناتج عنه تطور مذهل في كل لقطة يتمثل في قدرته الفائقة على إعادة إنتاج نسخ متقدمة مما سبق في كل مرة، على سبيل المثال هدفه الخرافي في مرمى كريستال بالاس، بالعودة للماضي يبدو نسخة أكثر تطوراً وتوحشاً من هدفه السابق في شباك أستون فيلا.

 

(فيديو: هدف آلي في أستون فيلا)

  

(فيديو: هدف آلي في مرمى كريستال بالاس)

  

أحد أشهر الانتقادات الموجهة للاعبين الإنجليز يتعلق بعجزهم عن التأقلم مع المتغيرات، وهو ما ينسفه آلي بامتلاكه تلك الترسانة من الحلول، فهو قادر على التكيف مع الموقف أياً كان بمختلف اتجاهات المراوغة وجودة التسديد من داخل وخارج المنطقة إلى جانب القدرة على لعب الرأسيات بكفاءة وهو ما اخترق به شباك تشيلسي بطل الموسم الماضي مرتين في مباراة واحدة.

 

في ذلك الأمر يكمن سر وسحر صانع ألعاب توتنهام الشاب، فهذا اللاعب القادر على تغيير جلده تبعاً للأوضاع هو أكبر كابوس ممكن للدفاعات خاصةً التي تعتمد في المقام الأول على القوة البدنية كحال أغلب أندية البريميرليغ. عظمة آلي لا تكمن في الإحصائيات، بل في كونه يمثل قمة حداثة الكرة الإنجليزية في الوقت الحالي.

المصدر : الجزيرة