شعار قسم ميدان

جولة المجر.. سباق القرارات الصعبة!

ميدان - الألماني فيتل وزميله رايكونن سائقي فيراري في مقدمة الحلبة بداية السباق (الأوروبية)
الألماني فيتل وزميله رايكونن سائقي فيراري في مقدمة الحلبة بداية السباق (الأوروبية)
سباق مثير مليء "بالقرارات الصعبة" كان مسك ختام النصف الأول من موسم سباقات الفورمولا وان، وهذا بعد نجاح الألماني سباستيان فيتيل سائق فريق فيراري في الفوز بسباق المجر، ضمن الجولة الحادية عشر من عمر البطولة، ليعزّز بذلك صدارته بجدول ترتيب السائقين بفارق أربعة عشر نقطة عن أقرب منافسيه لويس هاميلتون سائق فريق مرسيدس بنز، وبالرغم من أن حلبة المجر مليئة بالمنعطفات وصعب التجاوز عليها، إلا أنها شهدت إثارة كبيرة حتى الرمق الأخير، فالقرارات الجريئة كانت السمة التي طغت على هذا السباق، فاستفاد منها البعض، وظُلم البعض الآخر.

 

كيمي.. الحارس الشخصي لفيتيل؟

"أشعر بسعادة غامرة، لقد كان سباقًا صعبًا بسبب ما مررت به من مشكلات عديدة، لعل أبرزها صعوبة التحكم في مقود السيارة لأنه كان يميل نحو اليسار بعد تغيير إطاراتي، ولم أنال قسطاً من الراحة في السباق بسبب هذه المشكلة، ولكي أكون صريحاً فإن زميلي كيمي رايكونين كان في بعض فترات السباق أسرع مني"

(سباستيان فيتيل)(1)

 

مرة أخرى أثبت سباستيان فيتيل بأنه يستحق التواجد في صدارة ترتيب السائقين لهذا العام، وهذا بعد فوزه الصعب بسباق المجر، ليحقق بذلك الانتصار الرابع له هذا الموسم والأول منذ سباق موناكو، ولكن هل نجح في ذلك بفضل مهارته فقط أم بمساعدة الآخرين؟ في الحقيقة السائق الألماني كان سيلاقي صعوبة حتى في إنهاء السباق بالمركز الخامس لولا تواجد زميله وحارسه الشخصي كيمي رايكونين، فالأيسلندي الهادئ حجب عن فيتيل وصول هاميلتون إليه بالرغم من اقتراب الأخير في أكثر من مناسبة.

 

 سيباستيان فيتيل (يسار) وكيمي رايكونن (يمين) (رويترز)
 سيباستيان فيتيل (يسار) وكيمي رايكونن (يمين) (رويترز)

 

قرار فريق فيراري "الصعب" بالإبقاء على فيتيل في الصدارة بالرغم من معاناته مع مقود السيارة كان جريئًا، فالإدارة نظرت للمصلحة العامة وهي تعزيز صدارة سباستيان في جدول ترتيب السائقين، ولكنه كان أيضاً من الممكن أن يكون قرارًا طائشًا وهذا في حالة عدم تواجد سائق مميز ورائع مثل رايكونين، ولذلك اخُتير كأفضل سائق في هذه الجولة من قبل جماهير الفورمولا وان.

 

ولكن هل رايكونين بات الحارس الشخصي لفيتيل؟ فالأمر يبدو كذلك، وظهر بشكل كبير في هذا السباق، وأكده أيضاً كيمي نفسه بطريقة غير مباشرة حين تحدث قائلاً عقب نهاية السباق "بالطبع كنت أرغب في الفوز بالسباق فالسيارة كانت رائعة، ولكن الأهم بالنسبة لي هو الفريق، فالتجاوز هنا خطر بعض الشيء، وكنا نريد ضمان حصول الفيراري على المركزين الأول والثاني"(2).

 

السؤال الأهم الآن هل سيرضى رايكونين أن يكون الحارس الشخصي لزميله فيتيل في النصف الثاني من الموسم، أم يثور البركان الأيسلندي ويطالب بالتساوي مع زميله الألماني، شعور كيمي حالياً يتفهمه الجميع بمن فيهم إدارة فيراري، فآخر سباق قد فاز به كان يعود لعام 2013 في أستراليا أي منذ 86 سباق، لذلك من الضروري أن يمنح السائق الفرصة لاثبات ذاته، خاصةً وأنه يقدم مستويات طيبة في الآونة الأخيرة مع الفريق الإيطالي.

 

روح الفريق أم الفوز ببطولة العالم؟

"كان سباقاً صعباً، وعانيت من انطلاقتي المتواضعة في البداية وأيضاً من مشكلة اللاسلكي التي جعلتني أدخل منطقة الصيانة مبكراً، فكان من الممكن أن أستمر لخمس أو عشر لفات إضافية، وكنت وقتها سأنافس سيارتيّ الفيراري، ولكنني التزمت بأوامر الفريق، وبالنسبة لإعادة المركز الثالث لزميلي بوتاس فأنا رجل أفي بوعودي، لقد قلت بأنني إذا لم أنجح في التجاوز، فسأعيد المركز لبوتاس، بالتأكيد عملية إعادة المركز الثالث لبوتاس كانت صعبة، ولكن لحسن الحظ لم يحدث أي خطأ، وأتمنى من كل قلبي أن لا أخسر بطولة العالم بسبب عودتي للمركز الرابع"

(لويس هاميلتون)(3)

 

 السائق البريطاني لويس هاميلتون من مرسيدس خلال السباق (الأوروبية)
 السائق البريطاني لويس هاميلتون من مرسيدس خلال السباق (الأوروبية)

 

فشل البريطاني لويس هاميلتون في الفوز بسباق المجر وخطف صدارة الترتيب من الألماني فيتيل، واكتفى بالتواجد في المركز الرابع، ليصبح الفارق بين فيتيل والسائق البريطاني أربعة عشر نقطة، هاميلتون كان أمامه فرصة لإنهاء السباق في المركز الثالث، وتقليص الفارق لإحدى عشر نقطة، ولكنه أثبت للجميع بأنه سائق يفي بوعوده ويرضخ لأوامر الفريق، بعد أن ترك المركز الثالث لزميله في الفريق فالتيري بوتاس.

 

وكان هاميلتون قد طلب من فريق مرسيدس بنز منحه فرصة تجاوز بوتاس، لمحاولة اللحاق بسيارتي الفيراري، وبالفعل وافق الفريق وأيضاً زميله الأيسلندي على منحه المركز الثالث مؤقتًا، وفي حالة فشله في خطف المركز الثاني من رايكونين، سيتم إعادة المركز الثالث لصاحبه الأصلي، وحاول هاميلتون جاهداً تجاوز كيمي رايكونين، ولكنه فشل، وقبل اللفة الأخيرة تخيل الجميع بأنه لن يعيد مركز المنصة الشرفية لزميله، ولكنه في الأمتار الأخيرة وبالرغم من ضغط الهولندي ماكس فيرستابن سائق ريد بول، نجح في إعادة المركز الثالث لزميله بوتاس، لينهي هاميلتون السباق بالمركز الرابع.

 

تضحية هاميلتون بالمركز الثالث جاءت بسبب أوامر الفريق باستعادة بوتاس لمركزه، بالإضافة إلى أنه وعد زميله بذلك، ولكن بالنظر للمصلحة العامة فإن إنهاء السائق البريطاني السباق في المركز الثالث مهم بالنسبة له في الصراع على صدارة ترتيب السائقين، فمن الممكن أن يخسر هاميلتون بطولة العالم برمتها بسبب منحه المركز الثالث للسائق الأيسلندي، قرار فريق مرسيدس بنز "الصعب" كان غير موفق هذا المرة، فالأمر يتعلق ببطولة العالم وليست مجرد مراكز يتسابق عليها زملاء الفريق الواحد، وقد تندم الإدارة الألمانية على هذا القرار.

 

ماكس فيرستابن موهبة تقتل نفسها!

"أحدهم اصطدم بي، هل كان ماكس فيرستابن، أعتقد بأنه قام بذلك، يا له من سائق هاوٍ"

(دانيال ريكياردو)(4)

  

"أعتذر لزميلي ريكياردو، وللفريق أيضاً، كان بإمكاننا الحصول على بعض النقاط الجيدة، ولكنني اصطدمت بدانيال، وعقب نهاية السباق تحدثت معه على انفراد وتم حل المشكلة، لأنني بالطبع لم أقصد ذلك مع ريكياردو أو أي سائق آخر"

(ماكس فيرستابن)(5)

 

 

انطلاقة مميزة لسائقي ريد بول ريكياردو وفيرستابن أدت لتجاوزهما السائق البريطاني هاميلتون، وخطف المركزين الرابع والخامس، كل الأمور تسير بطريقة مثالية بالنسبة لفريق ريد بول، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وهذا بعد أن ارتكب فيرستابن خطأً ساذجًا أدى لإنهاء سباق زميله ريكياردو، فالخطأ حدث حين تجاوز السائق الهولندي منافسه لويس هاميلتون، وبعدها توجب عليه أن يدخل المنعطف الثاني بطريقة آمنة، ولكنه للأسف دخل بعدائية كبيرة، ليصطدم بزميله ويخرجه من السباق.

 

ماكس فيرستابن موهبة كبيرة بدون أدنى شك بسن صغير -19 عام- ولكنه يرتكب بعض الحماقات تضر فريقه وزميله وحتى نفسه، فالهولندي قد خرج في أكثر من سباق هذا العام بسبب أخطائه الساذجة، ففي السابق كانت الأمور تتوقف عنده، أي الأضرار الناجمة عن تهوره يدفع ثمنها هو فقط، ولكن الآن تتطور الأمر بعد أن حرم زميله المتألق ريكياردو من استكمال باقي الجولة، ومن الممكن أن يدخل في مشكلات كبيرة مع السائق الأسترالي، لذلك على فيرستابن أن يهدأ قليلاً، ويحد من عدائيته بعض الشيء، لضمان استمراره في عالم الفورمولا وان، فالأمثلة كثيرة وبالطبع لا يريد أن يكون مصيره كمصير السائق البرازيلي سينا.

 

الذهب لا يصدأ واسمه ألونسو

"تسجيل أسرع لفة في السباق؟ كان شيئًا مفاجئًا بالنسبة لي دون أدنى شك، بالإضافة إلى أنني حصلت على المركز السادس، فنحن كنا نطمح إلى المركز السابع أو الثامن، ولكنني حصلت على مركز متقدم وهذا يعتبر أمر جيدا"

(فيرناندو ألونسو)(6)

 

الإسباني فيرناندو ألونسو بطل العالم السابق وسائق ماكلارين هوندا الحالي يعيش أفضل أيامه منذ بداية الموسم، وهذا بعد احتلاله المركز السادس لأول مرة هذا العام، بالإضافة لتسجيله أسرع لفة في السباق بدقيقة وعشرين ثانية، و182 جزء من الثانية في مفاجأة كبيرة لعاشقي ومحبي السائق الإسباني المخضرم.

 

 فيرناندو ألونسو سائق ماكلارين هوندا (الأوروبية)
 فيرناندو ألونسو سائق ماكلارين هوندا (الأوروبية)

 

ألونسو أثبت مقولة بأن الذهب لا يصدأ، فبالرغم من مشكلات فريق ماكلارين مع محركه هوندا، وصعوبة استخراج الطاقة القصوى منه، ناهيك عن مشكلات السيارة التي لا تنتهي، وعدم استكمال ألونسو معظم سباقات الموسم سوى في ثلاثة مرات فقط، ولكن النجم الإسباني تحدى كل هذا، وقدّم واحدة من أفضل سباقاته بحصوله على المركز السادس وتسجيله أسرع لفة بمحرك بطيء مثل هوندا، ليثبت للجميع بأنه ما زال متواجدا على ساحة الفورمولا وان، وينتظر فقط الفرصة للتواجد في فريق تنافسي أو حدوث معجزة واستخراج الطاقة القصوى من محرك هوندا الذي جعل السائق الإسباني يستشيط غضباً طوال هذا العام، أو تغيير المحرك كما كشفت التقارير الصحفية في الموسم المقبل(7).

 

كفيات "تائه" وماجنوسن "بغيض"

سباق جائزة المجر الكبرى ضم العديد من السائقين المميزين أمثال ألونسو، ورايكونين، وفيتيل، فهم يستحقون بكل جدارة لقب "أفضل سائق" في هذه الجولة، ولكن في نفس الوقت هناك أيضاً سائقين يستحقون لقب "الأسوأ" على الإطلاق، فالروسي دانيل كفيات سائق التورو روسو يثبت يومًا بعد آخر بأن لا مكان له في سباقات الفورمولا وان، فالشاب الروسي بدأ بطريقة رائعة مع التورو روسو ولكن مستواه هذا الموسم في تدهور مستمر بسبب حوادثه الكثيرة، وأخطائه الساذجة خاصةً في سباق المجر عقب وقوفه بشكلٍ مفاجئ في الحصة التأهيلية أمام سترول سائق فريق مرسيدس ويليامز، وتمت معاقبته بالعودة ثلاثة مراكز في السباق بالإضافة لخصم نقطة من رصيده.

 

الدنماركي كيفن ماجنوسن سائق فريق هاس يعتبر أيضاً أحد أسوأ السائقين في جولة جائزة المجر، وهذا بعد تصرفه الغير رياضي داخل وخارج الحلبة تجاه الألماني نيكو هلكينبيرج سائق رينو، فعقب خروج الأخير من منطقة الصيانة، وجد نفسه خلف ماجنوسن صاحب المركز الحادي عشر، واقترب منه كثيراً، وكان لديه خط التسابق الأمثل لتجاوز السائق الدنماركي، ولكن الأخير دفع هلكينبيرج خارج الحلبة في لقطة غير رياضية، مما جعل سائق رينو يتأخر في الترتيب ليصل للمركز الثالث عشر، ويخرج من السباق من منطقة الحظائر.

 

وبعد نهاية السباق ذهب هلكينبيرج للسائق الدنماركي ماجنوسن وقال له "أنت من أكثر السائقين الذين لا يعرفون شيئاً عن ثقافة التنافس، فأنت شخص بغيض"، ليرد عليه بإهانة يعف اللسان عن ذكرها(8).

 

  ملخص سباق جائزة المجر الكبرى

 

أرقام سريعة خاصة بسباق المجر

– حقق الإسباني فيرناندو ألونسو سائق ماكلارين هوندا أسرع لفة بالسباق بـ"1:20.182″.

 

– نجح الألماني سباستيان فيتيل في الفوز بالسباق الرابع له هذا الموسم، ليتصدر بذلك جدول ترتيب السائقين برصيد 202 نقطة.

 

– تستمر لعنة الأيسلندي كيمي رايكونين، ويفشل في الفوز بأي جائزة مثل آخر مرة عام 2013 في أستراليا.

 

– نجح فريق ماكلارين هوندا أخيراً في حصد تسع نقاط بسباق جائزة المجر الكبرى، حيث تواجد سائقا الفريق لأول مرة هذا الموسم ضمن مراكز النقاط، باحتلال ألونسو المركز السادس، وفاندورم المركز العاشر.

 

– احتل فريق فيراري المركزين الأول والثاني -فيتيل ورايكونين- للمرة الثانية هذا الموسم بعد سباق جائزة موناكو الكبرى.

المصدر : الجزيرة