شعار قسم ميدان

5 أفلام ستجعلك محبا لكرة القدم

ميدان - غرين ستريت
منذ القدِم أحب الإنسان الحكايات. أحب أن يتلوها وأن يسمعها وأن ينقلها. يعدل فيها بما يناسب خياله ووفقًا لما يحب ويكره. وقيمة الحكاية بالأساس تأتي من أثرها العاطفيّ، وقدرتها على لمس قلوبنا. كرة القدم هي واحدة من حكايات هذا العصر العاطفية. فلو أراد أحدنا مثلاً أن يحدد سبب تشجيع فريق أو رفض الأخر، فلن يجد تبريرًا منطقيًا في أغلب الأحوال. فليس إلا المشاعر وحدها هي ما تحدد وجهتنا.

فيلم السينما هو تجربة شعورية مكتملة. تتناغم فيه العناصر من أجل الوصول إلى قلوب المشاهدين. وربما تكفي 5 حكايات سينمائية عن كرة القدم، يشاهدها واحد ممن لا يعرفون سحر «الجلد المدوَّر»، فتمس قلوبهم، ليعرفوا ما نعرف، ويشعروا بما نشعر به.

Will 2011

undefined

يمثل تشجيع ليفربول واحدة من أكثر الحكايات الرومانسية في كرة القدم. وتمثل ليلة أسطنبول في 2005 قصيدة شعرية لا يمل مشجعو الريدز تكرارها. تبدأ أحداث الفيلم بصبيّ صغير في مدرسة ملحقة بكنيسة، أودعه فيها أبوه بعد وفاة والدته. وقبل مباراة نصف النهائي بدوري الأبطال أمام تشلسي، يعود الأب ويعتذر عن كل ما فات. ويعده بالذهاب معًا إلى أسطنبول لحضور مباراة النهائي في حال استطاع ليفربول عبور البلوز. وبالفعل ينجح لويس غارسيا في انتزاع التأهل لصالح الفريق. وفي نفس الوقت يموت الأب!

Will هو فيلم عن رحلة طفل صغير قرر أن يعبر أوروبا منفردًا من أجل رؤية فريقه وأبطاله في ليلة عظيمة. وهو حكاية عن إيمان البشر بأحلام الطفولة وسعيهم للمساعدة من أجلها. يستطيع الإنسان أن يغيّر الكثير من معتقاداته ومن أنماط حيايتة معينّة اعتاد العيش بها، لكنه لا يستطيع تغيير ناديه. وهؤلاء الذي يشجعون الريدز عبر أوروبا سوف يقفون جميعًا من أجل مساعدة الصبي من أجل بلوغ ملعب أتاتورك، كي يقابل ستيفي وكارا وبقية أبطاله.

في فرنسا يقابل الطفل لاعبًا بوسنيًا معتزلاً. تسبب في مقتل طفل في بلدته ولم يستطع مسامحة نفسه منذ ذلك الحين. يسأل هذا اللاعب: «هل تعرف يا صغيري معني اسم زين الدين زيدان؟»، ويجيب: «إنه يعني جمال الإيمان!». وسوف يساعد كلٌ منهما الآخر في تخطي محنته. إنه حكاية عن الإيمان ومطاردة الأحلام. لأنه في نهاية الطريق سوف يقابل الصبيُ ويل أسطورة الفريق كيني دالغليش، وسوف يقابل جيرارد وكارا. سوف يجلس في المدرجات وهو يشاهد فريقه يتلقى 3 أهداف في شوط واحد. وسوف يغني مع من يغنون، وسيشاهد هؤلاء الأبطال يعودون من بعيد في ملحمة لم ينسها أحد إلى الآن. أسبابها فقط كانت الحلم والإيمان.

Green Street Hooligans 2005
الانتماء يخلق معانٍ جديدة للحياة، لا يهم مقدار أهميتها على مقياس الحياة والموت. فقط يهم أنها تمثل لهذا الإنسان أو ذاك مسألة حياة وموت
الانتماء يخلق معانٍ جديدة للحياة، لا يهم مقدار أهميتها على مقياس الحياة والموت. فقط يهم أنها تمثل لهذا الإنسان أو ذاك مسألة حياة وموت
 

«من أنا؟ .. لماذا هنا؟ .. ماذا أريد؟» يستيقظ الواحد منّا وهو يدير هذه الأسئلة في رأسه. وكذلك كان مات باكنر بطل الفيلم . وهو طالب أمريكيّ مفصول من جامعة هارفارد، فشل في إتمام دراسته للصحافة بعد تعرضه لاتهام بتوزيع المخدرات في الجامعة. لم يستطع باكنر الدفاع عن نفسه، ولم يحاول. رغم أن شريكه في الغرفة، وهو ابن لأحد العائلات الثرية ذات النفوذ، كان هو المذنب الحقيقي.

يقرر مات السفر إلى لندن، حيث تقيم أخته وزوجها. سافر وهو لا يمتلك إجابة لتلك الأسئلة. ولكن هناك تعرف على كرة القدم للمرة الأولى من خلال أحد روابط تشجيع ويستهام يونايتد. وحضر مباراته الأولى في ملعب أبتون بارك أمام تشلسي. وخاض عراكه الأول بالأيدي مع بعض جماهير البلوز. ليعرف عن نفسه مجموعة من الحقائق؛ فهو ليس مصنوعًا من زجاج، والضربات لن تكسره. وعرف أنه قادر على على التأثير، وقادر على الدفاع عن نفسه. لقد أعطاه الإيمان بالفريق تعريفًا في حياته. وأجاب على الأسئلة التي لم يعرف لها إجابة من قبل. فهو مات باكنر واحد من «مطارق» ويستهام، ومكانه ملعب أبتون بارك، ويريد لفريقه الفوز!

يحتاج الإنسان إلى الشعور بالانتماء والرفقة. هذا الانتماء يخلق معانٍ جديدة للحياة، لا يهم مقدار أهميتها على مقياس الحياة والموت. فقط يهم أنها تمثل لهذا الإنسان أو ذاك مسألة حياة وموت. والرفقة تمنح القوة. القوة التي يستمدها المرء من دعم المجموعة له، ويستمدها من استعداده للبذل من أجل أن يدعمهم هو. وتشجيع كرة القدم يمنح هذا الشعور وهذه المعاني.

The Damned United 2009

undefined

ربما يفوز مورينيو بلقب الرجل الأنجح في المعارك الإعلامية الإنجليزية؛ فتعليقات السبيشيال وان المتعجرفة أحيانًا، والشرسة أحيانًا أخرى، والمتهجمة في أحيان ثالثة تجعله الرجل المتصدر للمشهد الصحافي في أغلب الأقات. غير أن كرة القدم الإنجليزية عرفت النسخة الأعنف من مورينيو في حقبة السبعينات والثمانينات من تاريخها. وكان بريان كلوف هو متصدر المشهد الإعلامي دائمًا في وقتها.

يتعرض هذا الفيلم لمرحلة البدايات ومرحلة الفشل في حياة المدرب الإنجليزي الفائز بلقبيّ دوري أبطال متتاليين مع نوتنغهام فورست موسميّ 79 و80. إذ بدأ حياته كمدرب لفريق ديربي كاونتي في دوري الدرجة الثانية. وكان مفتونًا حينها بإنجليزي كبير آخر وهو مدرب ليدز يوناتيد دون ريفي؛ إذ كان يرى أنهما رجلان متشابهان من حيث النشأة ومن حيث الطموح والإصرار. ثم منحه الحظ فرصة لقائه عندما وضعت قرعة كأس الاتحاد الفريقين في مواجهة بعضهما. لكن ما حدث كان مخيبًا للآمال. فلم يتعرف ريفي على كلوف وعامله بنوع من التجاهل. وهو ما أثار الثاني بدرجة خلقت عداء أحاديّ الطرف. وخلقت هوس كلوف بضرورة الانتصار على ريفي. وهو ما تحقق بعدما نجح في قيادة ديربي كاونتي إلى الصعود لدوري الدرجة الأولى، والحصول على لقبه متغلبًا على ليدز موسم 72.

لم يدخر كلوف جهدًا في انتقاد لاعبي ليدز وعنفهم. ووصفهم أحيانًا بنقائص أخلاقية. ولم يدخر فرصة للهجوم على ريفي في الإعلام. ثم دار الزمن وطلب ليدز التعاقد مع كلوف، بعد رحيل ريفي لتدريب المنتخب الإنجليزي.

يستعرض الفيلم رحلة الأيام الأربعة والأربعين التي قضاها كلوف في النادي. ويصور الكراهية الشديدة التي واجهها من لاعبين كان يسبهم بالأمس القريب. ويوثق النهاية الكارثية لرحلته القصيرة مع الفريق. ويسجل كذلك علاقته مع بيتر تايلور مساعده وصديقه. والرجل الذي رآه الكثيرون السبب الحقيقي وراء نجاحات كلوف.

إنها حكاية عن الهوس المجنون والطموح الخارج عن السيطرة. وحكاية عن العنف تجاه الذات والآخرين. فرغم روعة هذه اللعبة إلا أن جانبها السيئ موجود ومؤثر ويمكنه أن يحيل حياة البعض جحيمًا في كثير من الأحيان.

Mean Machine 2001

undefined

يحكي الفيلم حكاية لاعب كرة قدم بريطاني اسمه داني مين، وحسب الحكاية فهو قائد سابق لمنتخب إنجلترا، عوقب بالمنع من اللعب مدى الحياة بسبب التورط في التلاعب بالنتائج في مباراة جمعت منتخب إنجلترا مع غريمه الكروي التقليدي منتخب ألمانيا. وبعد فترة يتعرض اللاعب إلى حكم بالسجن لمدة 3 أعوام بعد اعترافه بالتعدي بالضرب على ضابتيّ شرطة في أحد الحانات.

في السجن يتعرض داني للإذلال من قِبل الحراس منذ لحظة الوصول. ولا يختلف الحال مع النزلاء الآخرين الذين لم يغفر أحدهم له مسألة التلاعب بنتائج المنتخب. ومع تطور الحكاية يكسب داني ثقة المساجين بمرور الوقت. ويقود تدريبات فريق منهم لمواجهة فريق حراس السجن في مباراة كرة قدم.
في هذه التجربة يجد داني في كرة القدم التي مارسها في السجن ما لم يجده في كرة القدم المحترفة من قيم. فكلمات مثل الفريق والزملاء والإصرار صار لها معانٍ واقعية. وشعر للمرة الأولى بأنه قائد حقيقي، وأن يحمل مسؤولية لاعبي الفريق. وهو ما لم يجده في قيادة منتخب الأسود الثلاثة العريق. ويتحول أمر كرة القدم في الفيلم إلى مسألة حياة وموت حقيقة وليس على سبيل المجاز الأدبي.

اعتمد الفيلم على شهرة اللاعب الويلزي فيني جونز، والذي قام بدور داني مين. وقد اشتهر اللاعب الدولي بعنفه الشديد. وقد عرف خلال مسيرته، والتي قضى أعوامًا منها في أندية إنجليزية معتبرة مثل تشلسي وشيفلد وليدز، فتراتٍ طويلة من الإيقافات والعقوبات من قبل الاتحاد الإنجليزي، ووصلت إلى 6 أشهر في إحدى المرات.

وحبكة الفيلم مكررة في العديد من الأعمال. بدأت بالفيلم الأميركي (The Longest Yard) الصادر عام 1974، والذي أعيد إنتاجه بذات الاسم عام 2005. وكذلك هناك الفيلم العربي كابتن مصر والذي عُرض في عام 2015.

أوفسايد 2006
فيلم
فيلم "أوفسايد" ليس عن كرة القدم بالصورة التقليدية. لكنه عن لحظة الفرح التي تخلق تسامحًا مع العالم في نفوس الناس
 

في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006، احتاج المنتخب الإيراني للفوز على منتخب البحرين من أجل حسم التأهل للمونديال. وفي الطريق إلى الملعب المؤدي للمباراة في العاصمة طهران يحكي فيلم أوفسايد قصة فتاة تحب كرة القدم وتريد حضور الماتش. لكن القانون يمنع حضور البنات إلى ملاعب الكرة. فقررت أن تتخفى في زي صبي من أجل تجاوز أفراد الأمن.

الفيلم ليس عن كرة القدم بالصورة التقليدية. لكنه عن لحظة الفرح التي تخلق تسامحًا مع العالم في نفوس الناس. فالفتاة التي فشلت حيلتها وقبض عليها الأمن، اكتشفت أنها لم تكن الوحيدة. وأن حيلتها الطفولية كررها عدد من البنات الآخرين. وتم احتجازهن جميعًا في موضع قريب من أحد مدرجات الاستاد. وفي اللحظة التي يأتي فيها الهدف الإيراني، وتتهادر فيها الأصوات من الملعب، تمس السعادة قلوب الجميع. فيصير أفراد الأمن أقل حدة. وترتسم الابتسامات على وجوه البنات. ويصير الأباء المتحفظون أكثر تسامحًا. وتخرج كاميرا الفيلم في النهاية إلي شوارع طهران حيث تسود الفرحة. وتصبغ لون السماء والشوارع والبنايات.

أوفسايد هو واحد من أفضل أفلام كرة القدم من الناحية الفنيّة، ومخرجه جعفر بناهي هو أحد أهم مخرجي السينما الإيرانية في عقديها الماضيين. وقد عُرض الفيلم في مهرجان برلين في عام 2006. ورُشِّح لجائزة الدب الذهبي فيه.

المصدر : الجزيرة