شعار قسم ميدان

فقير وفابينيو.. هل أعلن ليفربول كلوب الحرب على إنجلترا؟

فقير0 - ميدان
إن كنت قد تمكنت من اللحاق بخبر انتقال فابينيو إلى ليفربول وسط زحام كأس العالم المتسارع فأنت تعلم ما نتحدث عنه هنا، إن لم تكن قد فعلت فعلينا أن نخبرك أن فقير في الطريق أيضًا. في أخبار الانتقالات عمومًا تعلم أن الصفقة قد تمت عندما يتحدث عنها جيانلوكا دي مارزيو، وإن تحدث عنها جيانلوكا دي مارزيو ولم تحدث فلتتأكد أنها كانت على وشك الحدوث على الأقل، فطبقًا للصحفي الإيطالي الأشهر فإن صانع الألعاب الفرنسي المتجه إلى روسيا قد عرّج على ليفربول لتأدية الاختبارات الطبية. (1)

 

في غياهب الأرشيف
بالقدر الكافي من التكرار، يمكن لأي شيء أن يصبح مبتذلًا بلا قيمة، ومن ضمن هذه الأشياء التصريح الخالد الذي يطلقه أي مدرب عقب أي هزيمة؛ "سننسى ما حدث ونبدأ الإعداد لما هو قادم". عبارة مهمة جدًا ولكنها مظلومة لأنها غالبًا ما ترتبط بخيبات الأمل، ولكن هذا هو ما شرع فيه كلوب بمجرد خسارة دوري الأبطال في النهائي، وهذا هو أفضل ما يمكن فعله بعد أي هزيمة فعلًا.

 

إيمري تشان في طريقه للخروج، بعض المواقع بدأت تتعامل معه على أنه أحد لاعبي يوفنتوس بالفعل. مرة أخرى دي مارزيو يخبرك ببروده القاسي أن أفضل ارتكاز دفاعي متاح في صفوف الريدز قد أنهى اتفاقه مع عملاق إيطاليا. (2) أفضل ما يمكن فعله بعد أي هزيمة هو نسيانها والتفكير فيما هو قادم، وأسوأ ما يمكن أن يحدث في بداية أي صيف أن تفقد أحد أعمدتك، خاصة في هذه الأيام التي ينطلق فيها سعر أي لاعب من حاجز الـ50 مليون يورو على الأقل.

 

فابينيو أمره بسيط للغاية، لاعب غير تقليدي ولا أدل على ذلك من حقيقة تفضيله لليفربول على مانشستر يونايتد، حيث الرواتب الأضخم والاحتمالية الأعلى للمنافسة على الألقاب. بدأ في فلومينينزي ثم ريو آفي وصولًا إلى كاستيا ريال مدريد التي منحه بعدها مورينيو مباراته الأولى والوحيدة مع الفريق الأول ليصنع من خلالها هدف دي ماريا أمام ملقة. تلك الأيام التي كان ينشط فيها كظهير أيمن، وبعدها انتقل للارتكاز مع موناكو، وما سيأتي نتركه للتاريخ. أكثر لاعبي موناكو فوزًا بالالتحامات وبفارق شاسع عمن يليه. ثنائيات هوائية، وقدرات رائعة في التمرير وبناء الهجمة، وسرعة، وقدرة على استغلال مواقف التهديف، بالإضافة إلى النزعة البرازيلية المهارية المحببة لمشجعي اللعبة. باختصار، كل ما يمكنك أن تحلم به في مركز المحور تحديدًا وفي لاعب الكرة عمومًا، وجوكر شامل ممن يسهل تخيلهم يجيدون اللعب في أي مركز تقريبًا، بل ربما أفضل من تشان نفسه. (3) (4)

 

بصفقة تم توقيتها بشكل مثالي عاد كلوب إلى المربع صفر، خسر لاعبًا وأضاف بديله، وحتى مع انضمام كيتا، مازال الألماني بحاجة إلى مدافع رفقة فان دايك وظهير أيمن وشيء آخر لا نعلمه بعد. لاعب ما يمكنه زيادة قدرة الوسط على المباغتة وفي نفس الوقت لا يمانع الاشتراك كصانع لعب صريح والمداورة مع الثلاثي الهجومي المرهق. الغيني القادم من لايبزيش مناسب لتحولات الريدز السريعة، مناسب لدرجة أنه لا يحتاج وقتًا للتأقلم، ولكن الغيغين بريسينغ وحده ليس كافيًا، إذا أردت أن تنتقل من خانة الحصان الأسود للمرشح، فلابد من قائد حقيقي للوسط يمكنه التحكم في الإيقاع.

 

4 مشاكل
تلك هي المشكلة الأولى هنا، كلوب لا يريد التحكم في الإيقاع، كلوب يريد نسف الإيقاع وتحويله إلى أشلاء، لأن فريقه يجيد التعامل مع نمط واحد من كرة القدم هو نمطه الخاص، ونمطه الخاص هو منبع تفوقه لأن أحدًا لا يستطيع مجاراته طيلة 90 دقيقة، أحيانًا ولا حتى كلوب نفسه، وكثيرًا ما يعاني مشاكل جمة في الحفاظ على تقدمه أمام أي خصم منظم هادىء. المشكلة الثانية أنه حتى لو فرضنا أن الألماني قرر التحلي بمزيد من المرونة هذا الموسم فنحن لسنا متأكدين أن فقير سيكون الخيار الأنسب لهذه المهمة.

 

جميع التحليلات تقريبًا اتفقت على شيء واحد هو أن الفرنسي هو خير خلف لكوتينيو، وهذا يعني أننا بصدد مشكلة ثالثة لأن الدور الذي قدمه كوتينيو مع تشكيلة الريدز لم يكن محددًا بالمعنى المفهوم، مرات كان يشترك كثالث وسط وأخرى كان يشترك كصانع لعب يبدأ الانطلاق من الأطراف، والأخير هو ما قدمه فقير مع ليون في الموسم الماضي.

 

في نفس الوقت لا يمكنك أن تتخيل أن كلوب سيضحي بثلاثي هجومه المنسجم لأجل وافد جديد يريد المشاركة في مركزه المعتاد. من هنا نعود لنقطة الصفر؛ فقير = كوتينيو فيما يبدو، ومشاكل البرازيلي مع موقع ثالث الوسط قُتلت بحثًا خاصة فيما يخص مساهماته الدفاعية المحدودة ولياقته البدنية المخزية بالنسبة للاعب في السادسة والعشرين من عمره. أضف ذلك كله إلى حقيقة أن مشاركات فقير الدفاعية مع ليون لا تفوق ما قدمه كوتينيو مع ليفربول أصلًا وحينها ستصل إلى المشكلة الرابعة. (5) (6)

undefined

 

تحت أقدام كلوب
في تحليله المسبق لمميزات فقير وعيوبه ذكر أودون مانوم من Liverpool Offside أن الرجل بدأ مسيرته كمهاجم صريح، ثم انتقل بعدها إلى الجناح وصولًا إلى موقعه الحالي الذي يمكن تسميته بـ Wide Playmaker مثلما كان كوتينيو بالضبط، وعبر تقرير مفصل، قدم موقع سكاوكا المكان الأنسب لفقير في تشكيلة ليفربول كصانع لعب كلاسيكي 10 أمام كيتا وفابينيو في المحور وخلف ثلاثية كلاسيكية بدورها من صلاح يمينًا وماني يسارًا وفيرمينو في المقدمة. (7) (8)

undefined

الآن يمكنك أن تستخرج من الصورة السابقة خطأين واضحين على الأقل؛ أولهما أن صلاح صار أقرب للمهاجم منه للجناح بعد ما قدمه الموسم الماضي، ووضعه في هذا المركز هو مغالطة منطقية لمنح جمهور ليفربول انطباعًا بأن انضمام فقير للتشكيل لن يسبب أزمة، وثانيهما هو أن فيرمينو لم يكن أبدًا مهاجمًا صريحًا بدوره، وهو ما يضع مقترح سكاوكا برمته في خانة الشك، إن لم تكن الاستحالة.

 

بالطبع يظل خيار المداورة مطروحًا على الدوام، خاصة أن القادم من ليون أصيب في ركبته من قبل وغاب بسببها لأكثر فترات الموسم قبل الماضي، وهو نفس ما حدث مع تشامبرلين في الموسم المنصرم، ولكن في حال أراد كلوب الاعتماد على كامل قوته الضاربة فالسؤال الأهم سيكون عن السبب الذي يدفعه لإقحام فقير في دور لم يؤده من قبل – ولا يحبذه غالبًا – بينما هناك حلًا سحريًا يقع تحت قدمه بالضبط.

 

اسمه فيرمينو
دعك من حقيقة أنه البرازيلي الوحيد تقريبًا الذي لا ينال ما يستحقه من تقدير، ودعك من حقيقة أنه صاحب أعلى عدد من الكرات المستخلصة في نصف ملعب الخصم بالنسبة لمركزه، لأن بالإضافة إلى كل ذلك فإن البرازيلي المهاري – صدق أو لا تصدق – بدأ مسيرته في الدفاع كظهير أيمن، ثم انتقل للقلب واستمر هناك حتى بلغ 18 عامًا! (9)

 

في الموسم المنصرم، حقق فيرمينو معدلًا مكافئًا لجيمس ميلنر وجوردان هندرسون في استخلاص الكرات. دعنا نصيغ الأمر بهذه الطريقة، أفضل مدافعي ليفربول إيمري تشان يستخلص 2.6 كرة في المباراة الواحدة، يليه جو غوميز بـ 2.5 ثم مورينو بـ 2.2 وأرنولد بـ 1.9 وفيرمينو بـ 1.8 طبقًا لهوسكورد، وذلك لأن فيرمينو هو المهاجم البرازيلي الوحيد أيضًا الذي يلتزم بمهامه الدفاعية، ومن ضمن المرشحين لشغل مركز كوتينيو كثالث وسط، وبما فيهم فقير نفسه، فإن البرازيلي الرائع هو أنسب الخيارات على الإطلاق لهذا المركز، لأن الإجابات السهلة غالبًا ما تقع في آخر مكان يمكن توقعه. (10)

 

من هنا تسقط كل القطع في مكانها؛ ثلاثي وسط من فيرمينو وكيتا وفابينيو سيكون أكثر اتزانًا بلا شك، أمامه يمكن إقحام فقير في موقعه الأنسب كجناح أيمن ينطلق للعمق، أي مركز صلاح القديم، على أن ينتقل المصري لبقعته المفضلة بالقرب من المرمى مباشرة، وبالطبع يبقى ماني على اليسار كما هو بلا تعديل.

undefined

 

البساطة
بهذه البساطة؟ نعم، بالضبط، الشكل النهائي سيكون أقرب لما اقترحته سكاوكا مع استبدال صلاح بفقير  ثم صلاح بفيرمينو، لا حاجة للتعقيد واللجوء لحلول "خزعبلية" قد تستغرق من اللاعبين – وتحديدًا الوافدين الجدد – وقتًا طويلًا في التنفيذ، خاصة أن إتمام صفقة فقير ثم إشراكه كوسط ثالث سيجبر الريدز على دخول البريميرليغ بخط وسط لم يلعب دقيقة واحدة في البريميرليغ، وهي مخاطرة لها وزنها بالطبع، ما يجعل هذا الحل مثاليًا من أوجه عدة، أهمها أنه سيحافظ على وجود البرازيلي في القلب ولن يهدم ما بناه كلوب في موسم كامل من الانسجام بينه وبين صلاح وماني، وكذلك لأنه سيساعد الفرنسي على التأقلم سريعًا بعد غيابه عن التحضيرات للموسم الجديد لمشاركته مع فرنسا في المونديال.

 

كلوب تحدث من قبل عن أن تجربته مع كوتينيو كان لها مساوئها، مثل تزايد اعتماد الفريق عليه مع الوقت واستسهال التمرير له وانتظاره ليأتي بحلول سحرية للتكتلات الدفاعية، وهي دائرة مفرغة تقع فيها الفرق التي تفوق فيها نجومية لاعب واحد باقي زملائه بفرق واضح مع غياب منظومة تحتوي الجميع. (11) ما يحدث الآن هو أن كلوب لجأ – كعادته – لتعاقدات تحفظ لنسيج النجومية وحدته دون تفاوتات ضخمة بين أعضائه، حتى صلاح النجم الأول لم يكن كذلك منذ موسم واحد، وإلى جانبه بدأت المنظومة بالاكتمال حتى كانت هي البطل في أغلب اللحظات وإن أخبرتك الصحف بغير ذلك.

 

هذا بالضبط هو ما يجعل ليفربول الحالي وجهة مغرية جدًا للمواهب الصاعدة، ومع المواهب الصاعدة يسهل بناء نفس المنظومة، ومع بناء المنظومة يكتمل نظام كلوب الناجح لأنها ستجنبه فقدان المزيد من النجوم المحتملين في المستقبل. لذا لا ينبغي أن تصدق الجملة الخالدة التي يقولها المدربون عقب كل هزيمة، حتى وإن كانت مظلومة ولا تنال الأهمية الكافية، لأنهم حتى وإن بدؤوا في الإعداد لما هو قادم فإنهم قطعًا لم ينسوا ما حدث في الماضي.