شعار قسم ميدان

أغرب حالات الطرد في تاريخ كأس العالم

زيدان - ميدان
الطرد.. ذلك الحكم واجب النفاذ بالإعدام على أحد الفريقين، وحرمانه من التعادل العددي مع الخصم. واللحظة التي يدرك فيها لاعبو الفريق بأنهم قد صاروا في مواجهة خصم أكبر في العدد، ويدرك المدرب بأن أدواته قد نقصت. ويدرك اللاعب المطرود بأنه قد ارتكب الخطأ غير المغتفر ولم يعد له مكان في الملعب.

   

نهائي كأس العالم 2006 .. طرد زيدان الشهير .. لحظة أيقونية خالدة في ذاكرة من شهدوها. ثم إقصاء منتخب فرنسا من نهائي كأس العالم بعد خسارة ضربات الترجيح. فلنحاول تذكر لحظات أخرى للإقصاء في تاريخ المونديال. اللحظات الأكثر غرابة منذ 1994 إلى 2014.

    

فولر وريكارد 1990

       

في دور الـ 16 بمونديال 1990 تلاقي منتخبا ألمانيا الغربية وهولندا. وأثناء المباراة(1) وقع سيناريو كارتوني تسبب في خسارة كل فريق لأحد أهم عناصره.

    

بدأ السيناريو بدخل قوي لفرانك ريكارد على الألماني رودي فولر. فأوقف الحكم اللعب، واحتسب خطأ وأنذر ريكارد. والذي انفعل قليلاً وبصق على شعر فولر بعدها. والذي توجه للحكم معترضًا. فأخرج له الحكم البطاقة الصفراء. وربما أراد الحكم بذلك تخويف اللاعبين من أجل فرض السيطرة على المباراة.

   

وبعد أقل من دقيقة، وبعد تنفيذ الضربة الحرة، سقط رودي فولر داخل منطقة جزاء الهولنديين. ويُقال أن ريكارد توجه إليه وحاول جره من أذنه! فقام الألماني وبدأت المشادة بين اللاعبين. فأخرج الحكم البطاقة الصفراء الثانية لكليهما، وخرجا من الملعب ليكملا العراك في النفق المؤدي لغرف خلع الملابس!

   

سيناريو كارتوني بالطبع، انتهى حينها بقدرة الألمان على العبور والنجاح في حسم كأس العالم في النهاية. وانتهى باعتزار متأخر من ريكارد على الواقعة. خاصة وأن الصحافة الألمانية قد وصفته حينها بالـ «لاما» وهو نوع من الجمال يبصق طعامه!

   

زولا 1994

     

في الخامس من يوليو 1994 أتم الإيطالي المحبوب جيانفرانكو زولا عامه الثامن والعشرين، وربما كانت هدية أريغو ساكي له هي إشراكه في كأس العالم للمرة الأولى(2) أمام منتخب نيجيريا.

وبعد 12 دقيقة فقط من دخول زولا، وفي التحام شرعي على الكرة مع أوغوستين إيغوافون مدافع نيجيريا، سقط الأخير مدعيًا الإصابة. فانطلقت صافرة الحكم لتعلن خطأ وكارت أحمر يقصي زولا عن مباراته الأولى والوحيدة له في تاريخ المونديال.

وتعبيرات زولا التي امتزحت فيها الطفولة مع الغضب والشعور بالظلم، تخبر بوضوح عن خطأ قرار الحكم. والذي ترتب عليه حرمان الإيطالي من الظهور مع منتخبه في مباراة دور الثمانية ومباراة نصف النهائي من المونديال. وفي النهائي الذي خسرته إيطاليا بضربات الترجيح ظل زولا على مقاعد البدلاء ولم يشارك.

قرار واحد خاطئ كان كفيلاً بأن تقتصر مسيرة زولا في المونديال على 12 دقيقة فقط، وضربة ترجيح باجيو الضائعة في النهائي حرمته من التتويج.

 

بيكهام 1998

   

لحظة طرد بيكهام في دور الـ 16 أيضًا بمونديال 1998، وبعد عرقلة بدون كرة أثناء توقف اللعب وأمام الحكم ضد دييغو سيميوني، كان لحظة فارقة في مسيرة الإنجليزي الشهير.

لم تدخر الصحافة الإنجليزية طبعًا حينها جهدًا في معاقبة بيكهام. إذ أنه في نظرهم كان المراهق المدلل الذي لم يكن على قدر المسؤولية وتسبب في إقصاء جديد، وفشل مونديالي آخر لمنتخب الأسود الثلاثة. وتحول بيكهام في لحظة واحدة -وبعد أن خسرت إنجلترا المباراة بضربات الترجيح- إلى عدو الأمة الإنجليزية.

لكن القدر كانت له تدابير أخرى. ومنح بيكهام فرصة مصالحة للإنجليز، وفرصة انتقام من الأرجنتين. كانت الأولى في 2001، عندما كانت إنجلترا في حاجة لهدف على اليونان من أجل التأهل لكأس العالم 2002 في كوريا واليابان. وكان بيكهام هو الموعود بإحراز الهدف. وفي لحظة واحدة أيضًا تحول إلى بطل الأمة الإنجليزية.

أما لحظة الانتقام كانت في دور المجموعات أمام الأرجنتين. عندما احتسب الحكم ضربة جزاء لإنجلترا. وتصدى لها بيكهام، فأودعها الشباك باتقان. وانتهت المباراة بخسارة الأرجنتين بهدف نظيف، كان هو السبب الأهم في خروجهم من دور المجموعات. والمنتقم هنا كان ديفيد بيكهام.

     

هاكان أونزال 2002

   

ولن ينسى أحد كارت ريفالدو الأحمر(3) في مباراة تركيا والبرازيل بكأس العالم 2002، عندما كان يتعمد إضاعة الوقت هناك بالتأخر في استعادة الكرة لتنفيذ ضربة ركنية، فأعادها نحوه هاكان (حاقان) أوزال لاعب تركيا الغاضب ببعض القوة، وارتطمت الكرة بساقه وسقط على الأرض ممسكًا بوجهه في مشهد تمثيلي واضح، وأنهاه الحكم الكوري الجنوبي كيم يونغ جو بإشهار البطاقة الحمراء ضد أوزال.

وبعد السقوط المضحك من ريفالدو، جاءت مجموعة تصريحات لا تقل إضحاكًا من كافة أطراف الواقعة. تبدأ عند ريفالدو الذي صرّح بوضوح أنه غير نادم على التمثيل، وحتى بعد أن أوقعت عليه الفيفا غرامة 7000 جنيه إسترليني، وتصاعد الأمر في الدفاع عن نفسه، فقال: «لقد سعدتُ برؤية الكارت الأحمر. يجب أن يحظى اللاعبون المهاريون بالفرصة للتعبير عن أنفسهم، إذا أردنا أن تظل كرة القدم لعبة جميلة. وتتسم المباريات الآن بالكثير من الفاولات والعنف، ولا يهم إن كان الكرة ارتطمت بساقي أو رأسي، فقط النيّة هي التي تهم» .. «الكرة لم ترتطم برأسي، ولكن لا يجب أن تسود هذه الروح في كأس العالم. لقد استحق الكارت الأحمر».

أما رئيس الاتحاد التركي، فقد تحدث في سياق مختلف تمامًا: «لقد قتل الحكم سبعين مليون مواطن تركي» .. «لقد ضحّينا بألف جندي تركي في الدفاع عن كوريا الجنوبية في حربها ضد كوريا الشمالية. نحن نحب الكوريين، ولكن هذا الرجل لا يصلح كحكم» .. «أنا لا أواقف على فعل هاكان أوزال، ولكن ريفالدو أمسك برأسه كما لو كان أصيب بنزيف في المخ».

أما لويس سكولاري، مدرب السيلساو حينها ، فقال: «لقد ارتطمت الكرة بساقه، لكنها كانت تتحرك لأعلى، فقام بحماية وجهه بيده. وهذا ما أخرج هذه الصورة».

وهذه هي كرة القدم عندما تتحول إلى مسلسل سيتكوم مضحك للغاية.

   

زيدان 2006

    

لم يتأخر اعتراف(4) ماركو ماتيرازي بإهانته لزيدان في الدقائق الأخيرة من نهائي مونديال 2006 عندما وصف أخته بالعاهرة. ونطحة زيدان الشهيرة بالطبع كانت الرد.

الغريب هنا هو قدرة المدافعين الدائمة على استفزاز  زيدان وإخراج لاعب عظيم مثله عن تركيزه. وقد بدأ الأمر مبكرًا جدًا في مسيرة الفرنسي ذي الأصول العربية مع نادي كان. إذ أن إهانته بالسخرية من أصله كمهاجر كانت مضمونة النتيجة دومًا وناجحة في تشتيت انتباه المراهق أنذاك. حتى نصحه أحد المدربين هناك بتوجيه طاقة الغضب تلك للملعب. ونصحه بإثبات ذاته بدلاً من التوجه للعراك.

وهذه النصيحة التي أفادت زيدان كثيرًا في بدايته، لم تنجح في كبح غضبه في مناسبتين بكأس العالم. الأولى كانت في 1998 أمام منتخب السعودية. والثانية كانت نهائي مونديال 2006. ليصبح ثاني لاعب في التاريخ ينال بطاقتي طرد بكأس العالم بعد الكاميروني الشهير ريجوبير سونج. ورفض زيدان لاحقًا أن يعتذر للمدافع الإيطالي، قائلاً أنه يفضل الموت على ذلك.

 

سواريز 2010

     

كانت المباراة في دقائقها الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني. وكانت التعادل 1-1 بين أوروغواي وغانا في دور الثمانية، يعني الذهاب لركلات الترجيح. ولهذا لم يفكر سواريز في أن يتدخل بيده مانعًا الكرة من دخول مرمى فريقه. ولم يتردد الحكم في طرد سواريز.

ضاعت ضربة الجزاء التي احتسبها الحكم، وتصدى لها أسامواه جيان. وذهبت المباراة لركلات الترجيح. وصعد أورغواي لمربع الذهب في كأس العالم بعد تسجيل 4 ركلات مقابل 2 للنجوم السوداء.

وهنا نواجه تساولاً أخلاقيًا؛ رغم فعل سواريز غير القانونيّ إلا أنه كان سببًا مباشرًا في تأهل منتخب بلاده للمربع الذهبي للمرة الأولى منذ كأس العالم 1970، وبعد غياب 40 سنة .. فهل أخطأ سواريز في قراره؟ .. ولو كان أحدنا في مكانه، فهل سيقدم على نفس الفعل؟ .. الفعل غير القانوني؟

 

بيبى 2014

سوف يبقى الكارت الأحمر دومًا واحدًا من الأحداث القادرة على قلب الأمور رأسًا على عقب في مباريات كرة القدم. وكأس العالم بالطبع مناسبة خاصة، وهامش الخطأ فيها قليل للغاية. وربما يكفي خطأ بسيط من لاعب مندفع كي يطيح ببلد كامل من منافسات كأس العالم.

في 2014 تلقى بيبى المدافع البرتغالي صاحب سمعة طويلة من العنف في الملاعب، بعد نطحة وجهها لتوماس مولر في الدقيقة 30 بمباراة(5) المنتخبين في دور المجموعات، وأثناء تقدم المانشافت بهدفين نظيفين.

الحقيقة هي أن بيبى رغم اندفاعه في اللقطة، ورغم صياحه الواضح إلا أنه في إعادة اللقطة لم يلحق الإيذاء بمولر. وربما ما دفع الحكم لإشهار البطاقة الحمراء كان التاريخ الطويل والسمعة السيئة للمدافع البرتغالي.

رأى الكثيرون الطرد ظالمًا. وأن الأثر النفسي فقط الذي سببه غضب بيبى كان هو الدافع ورواء الطرد. ووراء حرمان البرتغال من جهود مدافع أساسي، تسبب في زيادة الهزيمة من 2-0 إلي 4-0 ثم تحول إلى إقصاء للبرتغال من دور المجموعات!