شعار قسم ميدان

ديربيات الغضب.. إليك أبرز عداوات كرة القدم اللاتينية

ميدان - من مباريات ديربي السوبركلاسيكو

نستكمل في هذا التقرير سلسلة «جذور الكراهية»، والتي تبحث في أصل عداءات كرة القدم بين الأندية في الديربيات المختلفة. وبعد الحديث عن الكلاسيكو الإسباني[1]، وديربي أولد فيرم الأسكتلندي[2]، نتحدث عن الديربيات الثلاثة الأشهر في أمريكا الجنوبية ..

 

السوبركلاسيكو

في عديد من التصنيفات يأتي السوبركلاسيكو (أو ديربي بيونس آيرس) كأقوى خصومات كرة القدم على الإطلاق، فربما يفوق في قوته كلاسيكو إسبانيا الشهير. حتى أن صحيفة الغارديان[3] الإنجليزية عندما وضعت هذا الديربي ضمن خمسين حدثًا رياضيًا يجب أن يراه الإنسان قبل الموت، علّقت قائلة بأن من يرى بوينس آيريس في ليلة السوبركلاسيكو سيدرك أن ديربي إسكتلندا (أولد فيرم) الشهير بالعنف بين سيلتك ورينجيرز، لا يتجاوز مباراة في مدرسة إبتدائية عند المقارنة مع ديربي بوينس آيريس .. ديربي بوكا جونيورز وريفيربلات.

 

تأسس الناديان في بدايات القرن العشرين بالعاصمة بوينس آريس، في منطقة لابوكا الفقيرة نوعًا، وبعد انتقال ريفيربلات إلى منطقة نينوز الغنية، أصبح معظم مشجعيه من طبقة الأثرياء. أما بوكا جونيورز فظل مشجعوه من الطبقة الكادحة الفقيرة. ورغم اختلاف الحال الآن، إذ أن هناك مشجعين من كل الطبقات لكلٍ منهما، لكننا نتحدث عن البدايات. والبدايات هامة في تكوين الانطباعات والصور الذهنية التي ستدوم لاحقًا.

 

undefined

   

سواء كان الديربي في ملعب البومبونيرا للبوكا، أو في ملعب المونومنتال للريفير، فإن المباراة سوف تنتهي بأعمال عنف. إما بين الجانبين، أو بين المشجعين وعناصر الشرطة، فمشجعو البوكا يصفون مشجعي ريفيربلات بمعدومي الرجولة، الذين تخلوا عن جذورهم. ومشعجو الريفير يصفون مشجعي البوكا بالخنازير وجامعي الفضلات القادمين من المناطق الفقيرة.

  

ومن الحوادث التي أججت العدواة بين قطبي العاصمة الأرجنتينة، كارثة[4] البوابة رقم 12 عقب ديربي يونيو 1968، والذي أقيم على إستاد ريفيربلات، المونومنتال. فعقب انتهاء المباراة، وبسبب التدافع، لقي 71 من المشجعين مصرعهم، وأصيب 190 آخرون. وألقى كل من الفريقين اللوم على الآخر. إذ ادعت جماهير البوكا أن البوابة 12 كانت مغلقة من الخارج ولم يُعلمهم أحد بذلك، بينما ادعى رئيس الريفير آنذاك ويليام كينت أن جماهير البوكا قامت ببعض التصرفات غير اللائقة آلت إلى ذلك الهرج والمرج الذي سبب التدافع وموت المشجعين، وبعد تحقيقات الشرطة لا يعملون إلى الآن من المتسبب الحقيقي وراء أكبر كارثة رياضية في تاريخ الارجنتين. والتي كانت واحدة من المواقف التي رسّخت العداوة بين الجانبين.

   

صورة أرشيفية للبوابة رقم 12 (مواقع التواصل)
صورة أرشيفية للبوابة رقم 12 (مواقع التواصل)

   

أولى المباريات التي جمعت بين الفريقين كانت في أغسطس عام 1913 وانتهت بفوز ريفيربلات بنتيجة 2 – 1.  وجمعت[5] الفريقين 245 مواجهة رسمية ما بين مبارايات في بطولة الدوري والكأس ومباريات قارية، وانتهت 88 مباراة لحساب البوكا، و80 مباراة لحساب الريفير، وتعادل الفريقان في 77 مباراة، وكان للبوكا النصيب الأكبر من عدد الأهداف بـ 322 هدفًا، بيمنا كانت حصيلة الريفير 296 هدفًا، إلا أن هدّاف تلك المواجهات كان لاعب ريفيربلات آنخيل لابرونا برصيد 14 هدفًا.

 

ويمكننا ببساطة أن نستنتج تأثير انتقال أي لاعب أحد بين الجانبين، وقدرته على زيادة العدواة بينهما. وكان أول هؤلاءهو كاتالدو سباتيلي الذي غادر البوكا إلى الريفير عام 1933 مصحوبًا بلعنات الفقراء.

  

فلا – فلو

يوجد بالدوري البرازيلي الكثير من الديربيات وجميعها له أسماء مميزة؛ ومنها «ديربي العمالقة» الذي يجمع بين نادي فلومينيزي ونادي فاسكو دي جاما، و«كلاسيكو الملايين» بين نادي فلامنجو ونادي فاسكو دي جاما أيضًا، و«الديربي الملكي» بين نادي كورينثيانز ونادي سان باولو، أو ديربي «سان ساو» بين نادي سانتوس ونادي سان باولو . إلا أن ديربي ريو دي جانيرو له نكهة خاصة، نادي فلامنجو في مواجهة نادي فلومينيزي، أو ما يُعرف بديربي الفلا – فلو لما بين الفريقين من تاريخ[6].

  

undefined

  

تم إنشاء نادي فلومينيزي عام 1902، أما فلامنجو فقد تأسس عام 1895 كأقدم نادٍ بريو دي جانيرو. وكان فلامنجو في البدء ناديًا لممارسة رياضةالتجديف ولم يعرف ممارسة كرة القدم، وظل كذلك حتى عام 1911. ففي هذا العالم وقع انشقاق بين اللاعبين بنادي فلومينيزي، ووقعت خلافات مع بعضهم البعض ومع الإدارة كذلك، فانشق تسعة منهم، ورحلوا إلى نادي فلامنجو لتأسيس فريق كرة قدم بنادي التجديف، بادئين فريق لعبةٍ جديدة، وديربي جديد بريو دي جانيرو وكان هذا هو أصل العداوة بينهم.

  

وعلى الرغم من أن هؤلاء التسعة كانوا عصب فريق فلومينيزي إلا أن أول ديربي جمع بين الفريقينفي يوليو 1912 انتهى بفوز فلومينيزي على غريمه الجديد فلامنجو بثلاثة أهداف مقابل هدفين بحضور 800 مشجع فقط. ثم بدأت شعبية ذلك ديربي الفعلية عام 1915 حينما نافس كلٌ من الفريقين على لقب الكامبيانتو كاريوكا، أو بطولة كاريوكا التي تقام بين فرق مدينة ريو دي جانيرو، وانتهت البطولة ذلك العام بتتويج فريق فلامنجو باللقب.

  

جمعت[7] الفريقين 331 مباراة رسمية؛ انتهت 118 منهم بفوز نادي فلامنجو، و105 مباراة انتهت بفوز نادي فلومينيزي. وتعادل الفريقان في 108 مواجهة. وكان أيضًا لقب هداف تلك الدربيات من نصيب لاعب فلامنجو أسطورة البرازيل زيكو برصيد 19 هدفًا، يليه لاعب فلومينيزي وأسطورة البرازيل أيضًا هيركليز ميراندا برصيد 15 هدفًا.

   undefined  

أُقميت بين الفريقين مباراة في ديسمبر 1963 في الكامبيانتو كريوكا على إستاد المراكانا وانتهت المباراة بتعادل الفريقين، ولكنها شهدت أعلى نسبة حضور جماهيري في تاريخ ديربيات البرازيل حيث حضرها حسب تقدير الفيفا[8] حوالي  177 ألف متفرج. لكن بعض المصادر تشير إلى أن حضور تلك المباراة قد تجاوز الـ 194 ألف متفرج، لتكون أعلى نسبة حضور جماهيري في مباراة محلية في تاريخ اللعبة من نصيب ديربي الفلا – فلو.

  

الكلاسيكو الأروغوياني

يعتبر كلاسيكو أوروغواي بين ناديي بينارول وناسيونال هو أقدم الديربيات في عالم كرة القدم خارج ملاعب الكرة الإنجليزية، فالفريقان في مواجهات منذ عام 1900. وعلى الرغم من تاريخه الذي يتجاوز القرن من الزمن، إلا أن هذا الديربي[9] لا يحصل على ما يستحقه من شهرة تليق بعراقته.

  undefined  

تأسس الناديان في أواخر القرن التاسع عشر،ففي سبتمبر 1891 تأسس نادي بينارول في بادئ الأمر كنادي للعبة الكريكيت تحت اسم «نادي السكة الحديدية المركزية الأرورغوانية للكريكيت» من قِبل بعد المهاجرين الإنجليز العاملين بالسكك الحديدية في أوروغواي في مقاطعة بينارول ومنذ البدايات كان حاملًا للونين الأصفر والأسود. وفي عام 1913 تغير اسم النادي ليصبح نادي بينارول الرياضي. بينما بدأت فكرة إنشاء نادي ناسيونال لكرة القدم، أو النادي الوطني، في عام 1899 في خضم تلك الموجة الوطنية التي اجتاحت البلاد في ذلك الوقت. فقام كل من نادي أرورجواي الرياضي ونادي مونتفيديو لكرة القدم بالاندماج معًا لتأسيس النادي الوطني لكرة القدم، ناسيونال، وتزين علمهم بالأحمر والأبيض والأزرق، نفس ألوان العلم الأوروجوياني القديم الذي اتشح به بطلهم القومي خوسيه أرتيخاس قائد استقلال أوروغواي. ويسهل استنتاج العداوة القائمة بين الناديين على أساس قوميّ؛ فالأول هو النادي الذي أسسه المستعمر، والثاني هو ناد الوطنيين من أهل البلاد.

 

undefined

  

بدأت أولى المواجهات بين الفريقين في مايو 1900 وانتهت بفوز بينارول بهدفين مقابل لا شيء، وتوالت من حينها المواجهات والوقائع بين الفريقين. ولعل أشهر تلك الوقائع ما أطلق عليه كلاسيكو الحقيبة، ففي مايو 1934 تقابل عملاقا أوروغواي في نهائي الكأس وظلت المباراة بلا أهداف إلى أن تحولت إحدى هجمات نادي بينارول لهدف عن طريق اصطدام الكرة إثر تسديدة بحقيبة الإسعافات الموضوعة بجانب مرمى ناسيونال. ولم ير الحكم ذلك بسبب إضاءة الملعب غير الجيدة إلا أن لاعبي ناسيونال احتجوا ومعهم المشجعون. فعمت المباراة الفوضى التي دفعت الحكم لإلغاء الهدف والمباراة نفسها وتأجيلها لشهر أغسطس من العام نفسه واستطاع نادي ناسيونال في مباراة أغسطس تحقيق اللقب وهزيمة بينارول بنتيجة 3 – 2.

  

وفي 14 ديسمبر 1941 تمكن نادي ناسيونال من هزيمة غريمه، بستة أهداف نظيفة، وتمكن كذلك نادي ناسيونال للشباب من تحقيق الفوز على شباب بينارول بأربعة أهداف نظيفة فيما يعرف بيوم الـ10 – 0 في تاريخ المواجهات بين الناديين. وفي أكتوبر 1949 جمع الفريقين ديربي آخر أطلق عليه ديربي دي لا فوجا، أو ديربي الضباب، أقيمت المباراة رغم الطقس السيئ واستطاع بينارول التفوق على ناسيونال بهدفين مقابل لا شيء بشوط المباراة الأول، ومع بداية الشوط الثاني امتنع لاعبو ناسيونال عن النزول لأرض الملعب، فحسم الحكم المباراة لصالح نادي بيناول بنتيجة 2 – 0 لكن جماهير بينارول أطلقوا اسمًا آخر على هذا الديربي، ديربي «يوم أن هربوا».

   

واجه نادي ناسيونال نادي بينارول ما بين عامي 1971 و1973 في عديد من المباريات الرسمية وغير الرسمية تمكن خلالها ناسيونال من هزيمة بينارول في ست عشرة مواجهة متتالية، إلا أن جماهير نادي بينارول يجدون أن ناديهم استعاد ماء وجهه عام 1985 في بطولة الكأس الذهبية للكبار حينما استطاع بينارول أن يحسم اللقب بعد ست مباريات فقط من أصل ثمانية هزم خلالهم ناسيونال أربع مرات متتالية.

  

undefined

 

جمعت[10] الفريقين 529 مباراة، فاز نادي بينارول خلالهم بـ 188 مباراة، وتمكن نادي ناسيونال من الفوز في 171 مباراة، وتعادل الفريقان في 170 مباراة، فتلك المواجهات التي استمرت منذ عام 1900 جعلت الصحافة الأوروغوانية تطلق على الفريقين منذ عام 1913 غريمين لا يمكن التوفيق بينهما أبدًا.

المصدر : الجزيرة