محاولة اغتيال.. كيف سيتخلص "سناب شات" من طعنات زوكربيرغ؟
تطبيق سناب شات ولمن لا يعرفه هو تطبيق لتبادل الصور ومقاطع الفيديو ذاتية التدمير، أي التي تختفي بعد 24 ساعة من نشرها، وهو تطبيق نجح في الوصول إلى شريحة كبيرة من المستخدمين تجاوزت الـ 150 مليون مستخدم يومي للتطبيق [1].
لكن خلف هذا التطبيق قصّة طويلة، أهم فصل فيها هو فصل الانتقادات التي لم تطل عزيمة القائمين على التطبيق، على الرغم من أنها كانت تأتي من المجتمع ووسائل الإعلام؛ وهو ما يُذكّرنا بالهجوم اللاذع الذي تتعرّض له بعض المظاهر أو الأفكار الجديدة في مجتمعنا العربي.
خرج الثلاثي، سبيغل، وبراون، إضافة إلى بوبي مورفي بفكرة التطبيق وقاموا بتحويل الفكرة إلى موقع إلكتروني، لكنهم وجدوا أن تحويل الموقع إلى تطبيق للأجهزة الذكية أفضل، وما كان منهم سوى أن بدأوا بالعمل بشكل فوري [3].
ويجهل الكثيرون أن سناب شات حمل سابقًا اسم (Picaboo)، ورفضه الكثير من رواد الأعمال والمستثمرين، ولم يجدوا فيه فكرة تستحق الاستثمار أبدًا. لكن إصرار فريق العمل كان أكبر، وتحديدًا سبيغل ومورفي اللذان قاما بطرد براون الذي جاء بفكرة مشاركة الصور التي تُحذف تلقائيًا، وقاموا بإعادة تشكيل هوية التطبيق ليحمل اسم سناب شات Snapchat [4].
ومثلما هو الحال في شبكة فيسبوك، مرّ تطبيق سناب شات بمشاكل قانونية بعدما رفع بروان دعاوى قضائية لأنه أُخرج بطريقة مُهينة من التطبيق على الرغم من كونه صاحب الفكرة، وبتقديم بعض الاثباتات للمحكمة نجح في الحصول على تعويض مادي لم يُكشف عنه، لكنه قد يصل إلى نصف مليار دولار أمريكي [5].
Introducing Instagram Stories from Instagram on Vimeo. |
ومن هنا، قام زوكربيرغ في عام 2014 بالتقدّم لطلب ود سبيغل وتطبيق سناب شات، حيث قدّم وقتها مبلغ وصل إلى 3 مليار دولار أمريكي للاستحواذ عليه، وما كان من سبيغل سوى أن رفض العرض بشكل فوري. طبعًا هذه القصة التي يعرفها الجميع، لكن هناك قصة بين السطور لا تُحكى كثيرًا.
مارك زوكربيرغ أرسل رسالة بريدية لسبيجل يدعوه فيها لزيارة مقرّات فيسبوك للتعرّف عليه بشكل شخصي، وبشكل لطيف ردّ سبيغل على الرسالة قائلًا "يُسعدني أيضًا التعرّف عليك والالتقاء بك، لكن فقط إذا جئت بنفسك إلي". شاب في الثالثة والعشرين من عمره -سبيغل- يرد على زوكربيرغ الذي يُعتبر واحدًا من أثرى أثرياء العالم في المجال التقني يُعطي فكرة واضحة عن قوّة الشخصية التي يتمتع بها سبيغل، فهو بعدما تخلّص من صاحب الفكرة الأساسية -ريجي براون-، رد على زوكربيرغ بطريقة لا يقوم بها عاقل.
نوايا زوكربيرغ كانت واضحة منذ البداية، فهو معجب بالتطبيق ويرغب بالحصول عليه، لكنه فشل في ذلك، حتى بعد أن زار سبيغل وحاول تهديده بشكل غير مباشر عندما استعرض معه تطبيق بوك (Poke). ومن شدّة إصرار سبيغل والشريك المؤسس معه -بوبي مورفي- ذهبوا إلى مقر سناب شات فورًا ووزّعوا كتاب "فنون الحرب" على الموظّفين من أجل الاستعداد بأفضل طريقة ممكنة لمحاربة زوكربيرغ وتطبيقه [6].
وطبعًا نجح سناب شات في التفوق على تطبيق، فتطبيق فيسبوك لم يشتهر وهناك من لا يعلم بوجوده أبدًا، في حين أن سناب شات واصل التقدّم على ثبات نحو الأمام. خلال هذه الفترة لم يستسلم زوكربيرغ بكل تأكيد، بل حضّر مفاجأة أكبر لسبيغل من خلال نسخ ميّزات سناب شات ووضعها داخل تطبيق انستجرام.
هل ترغب بإرسال صورة أو مقطع فيديو ينحذف بعد فترة؟ انستجرام أصبح يقوم بهذه المهمة الآن. هل ترغب بمشاركة قصص يومية تدوم لمدة 24 ساعة ثم تختفي أيضًا؟ إليك إنستغرام الذي أخذ الفكرتين السابقتين من سناب شات بشكل حرفي، حتى اسم الحكايات أو القصص جاء من سناب شات أيضًا، وهنا طعن زوكربيرغ سبيجل الذي رفض عرضه، وردّ على رسالته ببرودة شديدة في وقت سابق [7].
المشاكل القانونية يمكن أن تُحل بالمال، وكذلك أيضًا هي مشاكل المنافسة، لكن المجتمع لا يُمكن إسكاته بالنقود، فنحن نتحدث عن 7 مليار نسمة على وجه الكرة الأرضية، لو تحدّث 1٪ منهم فقط، لحصلنا على 70 مليون صوت، وهذا رقم كفيل بالإطاحة بإمبراطوريات وديكتاتوريات كبيرة.
منذ اليوم الأول والجميع يتّهم سناب شات بالكثير من الاتهامات التي لسنا بصدد الحديث عن صحّتها أو بطلانها، لكن البعض قال إنه تطبيق يُشجّع على مشاركة المحتوى الإباحي ونشر الإباحية بين المراهقين الذين يعتبرون الشريحة الأكثر استخدامًا للتطبيق. والبعض الآخر قال إن التطبيق لا يحذف الصور من خوادمه ويحتفظ بها، وهو ما ينتهك سياسة الخصوصية والاستخدام الخاصّة بالتطبيق [10].
وما كان من سبيغل سوى أن تجاهل كل شيء، وحاول الاستماع إلى الاقتراحات والشكاوى الواردة وتحسين تجربة الاستخدام، فرأس ماله هو التطبيق، لذلك حاول أن يكون قريبًا من الكل، بل حتى أن بعض التأثيرات التي لا تُعجب المستخدمين يتم حذفها بشكل فوري استجابة لرغبتهم.
ولو نقلنا تجربة سبيغل إلى الوطن العربي لوجدنا أن المراحل التي مرّ بها قد لا تختلف، خصوصًا مرحلة النقد من قبل المجتمع الذي بات لا يقبل أي جديد. أو إن صحّ التعبير، يُطبّق قاعدة من جهل الشيء عاداه، وبالتالي ما أن تخرج لنا صيحة جديدة، حتى يبدأ القاصي والداني بالمهاجمة، والاعتراض، والتشكيك، واستخدام نظرية المؤامرة أيضًا.
بكل تأكيد لا يجب على أي مُجتمع أن يتقبّل أي شيء جديد بشكل فوري، فالأصح دائمًا أن يكون هناك تحليل وتذوّق لهذا الشيء، والتفكير به قبل قبوله أو رفضه، وكأنه أشبه بتجربة طعام جديد لم يسبق لنا تذوّقه أبدًا. لكن استخدام أسلوب واحد فقط وهو النقد والتقليل من شأن الأشياء الجديد سيجعلنا نخسر الكثيرون من أمثال سبيغل الذين يرغبون بالفعل في تطوير أنفسهم وتحسين منتجاتهم لتتلائم تمامًا مع المجتمع.
أما إذا كُنت من أصحاب المشاريع في وطننا العربي الحبيب، فكان الله في عونك، وليكن سبيغل وأمثاله خير قدوة من ناحية التغلّب على جميع المصاعب وتجاهل النقد القادم من قبل المجتمع إن لم يكن مبني على واقع وحقائق، فالرغبة بالانعزال والتشبّه بصحّة الرأي النابعة من كل فرد أمر طبيعي جدًا.
أما بخصوص طعنة الكبير للصغير -طعنة زوكربيرغ وإنستغرام لسبيغل وسناب شات- فيمكننا القول أن سناب شات ما زال يسير في ثبات، فهو أطلق مؤخرًا نظّارات Spectacles التي تسمح بالتصوير ومشاركة الفيديو على حساب المستخدم بشكل فوري، وبسعر يصل إلى 130 دولار أمريكي فقط مع علبة تشحن النظّارات بشكل لاسلكي.
إضافة إلى ذلك، تستعد الشركة -Snap Inc- أيضًا لطرح أسهمها في سوق الأوراق المالية، حيث قُدّرت قيمة الشركة مؤخرًا بـ 25 مليار دولار أمريكي [9]، وبهذا تحوّل التطبيق من مجرّد فكرة وتذمّر، إلى نشاط تجاري يُحقق الأرباح للقائمين عليه والمستثمرين من جهة، ويُقدّم قيمة إضافية لمستخدميه من جهة أُخرى.