شعار قسم ميدان

سامسونغ.. هل تُعيد تعريف الهواتف الذكية مع غالاكسي إس8؟

midan - galaxy S8
تحمّس مُعظم مُتتبّعي الأخبار التقنية عندما أعلنت سامسونغ في مؤتمرها الخاص نهاية شهر مارس/آذار الماضي الكشف عن هواتفها الجديدة، "غالاكسي إس 8 وإس 8+"، وهذا لأنها الأجهزة الأولى بعد الكارثة التي حلّت بأجهزة نوت 7 التي سُحبت من الأسواق على أن تعود في الفترة القادمة.

 

وخلال المؤتمر -وبعده كذلك- زادت تلك الحماسة بسبب حجم الابتكارات التي قدّمتها سامسونغ أثناء الكشف عمّا في جعبتها، صحيح أننا شاهدنا جيل جديد من الهواتف الذكية، لكنها لم تكن مُجرّد هواتف ذكية بكل تأكيد.

 

غالاكسي إس 8
غالاكسي إس8 وإس8 بلس (رويترز)
غالاكسي إس8 وإس8 بلس (رويترز)

أول ما يُمكن ملاحظته عند النظر إلى الجهاز هو وجهته الأمامية المُميّزة التي تختلف قليلًا عمّا شاهدناه سابقًا في الهواتف الذكية، فالأزرار لا مكان لها أبدًا على هذا الوجه، إضافة للحواف الجانبية التي اختفت تمامًا، مع تبقّي حواف على الجزئين الأعلى والأسفل بمساحة ضيّقة نوعًا ما.

 

الشاشة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم بالنسبة للهواتف الذكية الحاصلة على شهادة "موبايل إتش دي آر بريميوم" من تحالف "يو إتش دي" المسؤول عن وضع المعايير القياسية لدقّات مثل "4كيه و8كيه" كذلك [1]، وهذا يُفسّر سبب وضوحها العالي وألوانها الساطعة، وهي تأتي بحجم 5.8 بوصة في غالاكسي إس 8، وبحجم 6.2 بوصة في غالاكسي إس 8+.

 

إضافة إلى ذلك زُوّد نفس الوجه بكاميرا أمامية دقّتها تصل إلى 8 ميغابيكسل، مع خاصيّة التركيز التلقائي (أوتو فوكس) مما يُساعد على التقاط صور شخصية (سيلفي) بسهولة أكبر، ووضوح أعلى بطبيعة الحال، أما الشاشة فهي مُنحنية الأطراف مع زجاج مُنحني بالكامل، وهو ما يمنح سهولة في حمل الجهاز واستخدامه أولًا، ووضوح عالي ومجال رؤية مختلف عمّا تعوّدنا عليه سابقًا في الأجهزة الذكية ثانيًا، وهو السبب وراء تسميتها بالشاشة التي لا تنتهي من قبل سامسونغ نفسها، إشارة إلى مجال الرؤية الذي يمنح تكاملًا مع المُحيط بشكل عام.

 

الوجه الخلفي أيضًا مصنوع من الزجاج وفق تقنية "جوريلا 5″، وهذا يمنح الجهاز مقاومة عالية للصدمات والخدوش، كما زوّد هذا الوجه بكاميرا دقّتها 12 ميغابيسكل على يمينها مُستشعر البصمة، وعلى يسارها ضوء فلاش من نوع "إل إي دي" [2].

 

غالاكسي بلس
في الجزء الأخير من الشاشة خصّصت سامسونغ منطقة للزر الرئيس
في الجزء الأخير من الشاشة خصّصت سامسونغ منطقة للزر الرئيس "هوم"، صحيح أنه لم يعد موجودًا، لكن وظيفته موجوده ويُمكن الضغط عليه في أي وقت للعودة إلى القائمة الرئيسية

النظرة الأولى على الأجهزة تُعطي فكرة أنها رائدة بالفعل، لكن وبالغوص إلى داخلها نجد تفاصيل تقنية تستحق المُشاركة أيضًا.

 

وفي الجزء الأخير من الشاشة التي تمتد على كامل الوجه الأمامي خصّصت سامسونغ منطقة للزر الرئيس "هوم" صحيح أنه لم يعد موجودًا، لكن مكانه بداخل الشاشة موجود ويُمكن الضغط عليه في أي وقت للعودة إلى قائمة التطبيقات الرئيسية،وقد عملت الشركة على إضافة ردّة فعل عند لمس تلك المنطقة؛ أي عندما يلمس المُستخدم الزر الرئيس يهتز الجهاز قليلًا إشارة منه إلى تلقّي أمر المُستخدم.

 

مساحة التخزين الداخلية هي 64 غيغابايت قابلة للزيادة حتى 256 غيغابايت، أما ذواكر الوصول العشوائي فهي بمساحة 4 غيغابايت لتشغيل أندرويد 7 بأفضل صورة مُمكنة. وتتوفّر الأجهزة الجديدة بمعالجين، الأول سناب دراغون 835 من شركة كوالكوم، وهو خاص بسوق الولايات المُتحدة الأميركية، أما الثاني فهو "إكزينوس" من تطوير شركة سامسونغ نفسها، وستعمل به جميع الأجهزة خارج أميركا، لكن وبشكل عام فإن المُعالجين يعملان بثمان أنوية ومصنّعان وفق تقنية 10 نانومتر، وهذا يعني سرعة أكبر في المعالجة وأداء أفضل من ناحية استهلاك الطاقة.

 

وبالأرقام فإن المُعالجات الجديدة توفّر سرعة مُعالجة أسرع من غالاكسي إس 7 بنسبة 10٪ تقريبًا، بينما تحسّن معالجة الرسوميات بنسبة تصل إلى 20٪ تقريبًا مُقارنة بالجيل السابق.

 

البطارية تأتي بسعة 3000 ميلي آمبير في الجهاز الصغير و3500 ميلي آمبير في الكبير، مع خاصيّة الشحن السريع واللاسلكي كذلك، وهذا يعني أن زيادة حجمها لن يؤثّر على فترة الشحن، كما لم تُحاول الشركة زيادة السعة خوفًا من تكرار نفس الخطأ الذي وقعت في نوت 7، لكنها طبّقت على الأجهزة الجديدة اختبارات جودة مؤلّفة من ثمان خطوات وهو ما يمنحها موثوقية عالية جدًا [3].

 

ما يراه الهاتف

undefined

تفاجأ البعض أن الكاميرا الخلفية بقيت على حالها وهي نفس الكاميرا المُستخدمة في غالاكسي إس 7، بدقة 12 ميغابيكسل فقط، لكن سامسونغ أكّدت أن مُعالج الصور جديد كُليًّا، ويُقدّم ميّزات سبق لنا وأن شاهدناها في هواتف بيكسل من غوغل مثل التصوير بوضعية "إتش دي آر +".

 

لكن بعيدًا عن الكاميرات هُناك ميّزات جديدة على غرار تقنية التعرّف على الوجه التي تسمح للمُستخدم فك قفل الجهاز باستخدام وجهه عوضًا عن البصمة فقط، صحيح أن أحدهم تمكّن من خداعها من خلال وضع صورة لنفسه أمام الجهاز، لكنها تبقى طريقة عملية جدًا لفك قفل الجهاز عوضًا عن وضع الإصبع على مُستشعر البصمة أو كتابة رمز الأمان في كل مرّة.

 

إضافة إلى ذلك زوّدت سامسونغ الأجهزة الجديدة بمُستشعر لقراءة قزحية العين؛ فبصمة العين مثل الإصبع تختلف من شخص لآخر، وُهنا نتحدث عن ثلاثة مُستشعرات للأمان عوضًا عن واحد أو اثنان مثلما هو الحال في بقية الأجهزة [2].

 

جهاز يعمل بقلبين
إذا كان المُعالج هو القلب الذي تنبض به جميع الأجهزة الذكية، فإن غالاكسي إس 8 وإس 8+ تنبض بقلب ثاني إلى جانب المُعالج، وهو المُساعد الرقمي الجديد بيكسباي
إذا كان المُعالج هو القلب الذي تنبض به جميع الأجهزة الذكية، فإن غالاكسي إس 8 وإس 8+ تنبض بقلب ثاني إلى جانب المُعالج، وهو المُساعد الرقمي الجديد بيكسباي

إذا كان المُعالج هو القلب الذي تنبض به جميع الأجهزة الذكية، فإن غالاكسي إس 8 وإس 8+ تنبض بقلب ثاني إلى جانب المُعالج، وهو المُساعد الرقمي الجديد بيكسباي (Bixby)، والهواتف الجديد تحمل زر خاص للمُساعد الرقمي موجود أسفل أزرار التحكّم بالصوت للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي بالسرعة القصوى.

 

وبإمكان المُستخدم الضغط على ذلك الزر ومن ثم التقاط صورة لشيء ما ليقوم بتحليل محتوياتها وعرض منتجات أو معلومات عنها؛ ويُمكن مثلًا تصوير الساعة ليعرض المُساعد ساعات على غرارها، أو يُمكن أن يتعرّف على الشركة المُصنّعة لعرض تفاصيل أكثر، كما يُمكن الضغط على الزر وطلب تنفيذ شيء مُعيّن مثل التحكّم بسطوع الشاشة مثلًا، أو ضبط المُنّبه أو إتمام أي وظيفة أُخرى.

 

سحب الشاشة نحو اليمين سيقوم بفتح مركز بيكسباي الذي يُقدّم مجموعة من التطبيقات الخاصّة بالمُستخدم على غرار عدد الخطوات التي قام بها وعدد الحُريرات المحروقة أو حالة الطقس، وهي بطاقات ستزداد مع مرور الوقت عندما يقوم المُطوّرون بكتابة تطبيقات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي الذي يُقدّمه بيكسباي. بيكسباي باختصار سيسمح للمُستخدم بتنفيذ جميع الأمور التي تُنفّذ بلمس الجهاز، لكن من خلال الصوت فقط [4].

أكثر من هاتف ذكي

ترغب سامسونغ على ما يبدو في تحويل الأجهزة الجديدة إلى كل شيء بالنسبة للمُستخدم، فهي لا تتوقف عن كونها مُجرّد هواتف ذكية، بل يُمكن تحويلها إلى حواسب وتشغيل تطبيقات على شاشات عالية الدقة بعد الاستعانة بقاعدة ديكس (DeX).

 

تلك القاعدة مُزوّدة بمنافذ لتوصيل شاشة من نوع "إتش دي إم آي" إضافة إلى منفذي يو إس بي، ومنفذ للتوصيل بشبكة الإنترنت ومنفذ "يو إس بي-سي" للشحن، وأخيرًا مروحتين لضمان عدم ارتفاع درجة حرارة الجهاز أثناء وضعه على القاعدة.

 

وما أن يوضع الجهاز في القاعدة ديكس حتى يتحوّل بشكل آلي ويعرض الصورة داخل الشاشة، مع تكبير النوافذ والتطبيقات المفتوحة لاستخدامها بشكل مُلائم مع لوحة المفاتيح والماوس دون مشاكل، وهذا يعني أن المُستخدم يحمل معه هاتف ذكي وحاسب أينما ذهب، كما تُعرض التنبيهات على سطح المكتب بشكل مُباشر لضمان تجربة استخدام كاملة.

صورة من المؤتمر يتم فيها عرض قاعدة ديكس الجديدة (غيتي)
صورة من المؤتمر يتم فيها عرض قاعدة ديكس الجديدة (غيتي)

بعض التطبيقات جاهزة للاستخدام مثل حزمة أوفيس من مايكروسوفت، أو بعض تطبيقات شركة أدوبي للتصميم، ومُتصفّح سامسونغ الافتراضي فقط، وهو أمر تذمّر البعض منه، لكن مُتصفّحات أُخرى على غرار غوغل كروم قد تدعم الشاشات الكبيرة في غالاكسي إس 8 في وقت لاحق على الأغلب.

 

بعض الجوانب السلبية تتمثّل في عدم إمكانية استخدام ديكس مع شاشة تعمل باللمس، إضافة إلى عدم وجود ذاكرة لحفظ ما يقوم المُستخدم به، هذا يعني أنه وبمجرد إزالة الجهاز من القاعدة سيختفي كل شيء، ولن يتمكّن المُستخدم من إكمال التصفّح أو العمل على التطبيقات المفتوحة سابقًا [5].

 

ما الذي أُعيد تعريفه

بعد استعراض الميّزات قد يبدو الجهاز مُجرّد هاتف آخر من شركة تُنافس في سوق مُزدحم، لكن تفاصيل صغيرة خلال المؤتمر تكشف عن إعادة التعريف التي قامت بها سامسونغ عند إطلاق الهواتف الجديدة.

 

اعتادت سامسونغ مثل غيرها من الشركات على تخصيص وقت طويل نوعًا ما للحديث عن كاميرا هواتفها الذكية في كل عام، فهي خصّصت ما يزيد عن 10٪ تقريبًا من كل مؤتمر خلال الأعوام الفائتة للحديث عن الكاميرا والتي دائمًا ما كانت تُقدّم تقنيات مُميّزة [6].

 

لكن في مؤتمر هذا العام يبدو أن سامسونغ وصلت لحد الإشباع، أو وجدت أن كاميرا غالاكسي إس 7 كافية مع بعض التعديلات البسيطة، وانطلاقًا من هذا كان للحديث عن الشاشة نصيب الأسد هذا العام، فهي حقّقت آمال وأحلام الكثيرين للوصول إلى جهاز مكوّن من شاشة فقط بعيدًا عن ازدحام الأزرار على الوجه الأمامي.

لم يعد إنتاج الهواتف الذكية بمواصفات رائدة أمر صعب في وقتنا الراهن، لكن الغلبة كانت وستكون للشركة القادرة على الابتكار باستمرار
لم يعد إنتاج الهواتف الذكية بمواصفات رائدة أمر صعب في وقتنا الراهن، لكن الغلبة كانت وستكون للشركة القادرة على الابتكار باستمرار

صحيح أن سامسونغ ليست الأولى في التخلّص من كل شيء على الوجه الأمامي، لكنها طرحت فكرة على الأقل لكيفية التخلّص من القيود على غرار مُستشعر البصمة، والزر الرئيس كذلك، إل جي قامت بنفس الأمر تقريبًا بجهازها الجديد "جي 6″، لكن الجزء السُفلي ما يزال كبيرًا نوعًا خصوصًا بعد مُقارنته في غالاكسي إس 8.

 

قبل إل جي وسامسونغ هناك "شاومي" الصينية وعلى خطاهم هاتف شركة إسينشال، التي أسّسها آندي روبن مؤسّس نظام أندرويد، حيث قام سابقًا بنشر صورة تشويقية لجهاز الشركة الجديد الذي يعمل بنظام أندرويد والذي يأتي بشاشة دون حواف جانبية على الأطراف الثلاثة على الأقل، الأعلى والجانبيين بانتظار ظهور صورة كاملة للتأكّد من وجود حافّة على الجزء السُفلي من عدمه [7].

 

لن ينسى التاريخ أن سامسونغ كانت من أوائل من قدّم هواتف ذكية بشاشة تُشكّل أكثر من 80٪ تقريبًا، تمامًا مثلما تمكّنت من تطوير كاميرات الهواتف الذكية، دافعة الجميع للابتكار في هذا المجال أيضًا

لم يعد إنتاج الهواتف الذكية بمواصفات رائدة أمر صعب في وقتنا الراهن، لكن الغلبة كانت وستكون للشركة القادرة على الابتكار باستمرار، آبل قدّمت آيفون الذي دفع الجميع للانتقال من الهواتف المحمولة إلى الهواتف الذكية التي تعمل باللمس المُتعدّد، ثم انتقل الجميع للعمل على مفهوم متاجر التطبيقات متبوعًا بالمُساعدات الرقمية على غرار "سيري" و"غوغل ناو"، وهي مفاهيم تناوبت الشركات على ابتكارها دافعة بذلك الجميع للسير على نفس الخُطى.

 

ومثلما هو الحال في تلك المفاهيم فإن الكاميرا كانت من أهم العوامل التي سعت الشركات إلى تطويرها باستمرار، وخصوصًا سامسونغ التي دائمًا ما كانت تُجبر الجميع على اعتماد نفس التقنيات في أجهزتهم لتكون مواكبة للعصر.

 

وفي عصرنا الحالي الشاشات هي الأهم فالشائعات حول هواتف آيفون القادمة تؤكّد أن آبل تُركّز على التخلّص من الحواف الجانبية والزر الرئيس كذلك، وهو ما قامت به سامسونغ وإل جي، وبعض الشركات الأُخرى.
 

لكن التاريخ لن ينسى أن سامسونغ كانت من أوائل من قدّم هواتف ذكية بشاشة تُشكّل أكثر من 80٪ تقريبًا من الوجه الأمامي، وأن الجميع لحقها فيما بعد، تمامًا مثلما تمكّنت من تطوير كاميرات الهواتف الذكية قبل نصف عقد من الزمن، دافعة الجميع للابتكار في هذا المجال أيضًا.

المصدر : الجزيرة