شعار قسم ميدان

تحالفات عملاقة لرسم مستقبل السيارات ذاتية القيادة

ميدان -
لا يَعُّد المستهلكون عادة شركات مثل أوبر وبي إم دبليو وأبل شركات متنافسة، إلا أن هذه الشركات المتباينة تجمعها حلبة تنافسية جديدة وهي السيارات ذاتية القيادة. تنفق شركات التقنية الضخمة وصناع السيارات وشركات النقل الناشئة استثمارات ضخمة في تقنيات القيادة الذاتية، وهو ما أشعل بينهما منافسة حامية الوطيس.

 

هناك الكثير على المحك. تضيع مليارات، أو ربما تريليونات، الدولارات سنويًا خلال وقوف السيارات المتعطلة في المداخل ومرائب السيارات أو من خلال الأشخاص الجالسين خلف عجلات القيادة دون عمل مثمر. ناهيك عن ذكر تكلفة العاملين في صناعات شاحنات النقل وسيارات الأجرة، وهي النفقات التي من المتوقع أن تنخفض بشكل درامي حين تصبح عملية دفع النقود للسائقين البشريين ممارسة بالية. وستستطيع الشركة التي تنجح في إدخال السيارات ذاتية القيادة إلى السوق العامة في أقرب وقت بمنتج عالي الجودة من الحصول على حصة ضخمة. يقول ريتشارد والاش، مدير نُظم النقل في مركز أبحاث السيارات، أحد المراكز البحثية في صناعة السيارات، "أميل للظن بأنه لن يكون هناك الكثير من الحلول الفريدة، لذا سنتجه جميعًا معًا نحو الأفضل".   

 

  السيارة ذاتية القيادة من وايمو

 

وبحسب ما ورد في صحيفة نيويورك تايمز، وقعت "وايمو" (Waymo) الذراع التقني للقيادة الذاتية لشركة "ألفابت" الشركة الأم لغوغل، عقدًا للشراكة مع شركة "ليفت" (Lyft) للنقل التشاركي، والتي تأتي في المركز الثاني بعد أوبر -على الأقل عبر المصطلحات المالية البحتة-. تربط ليفت علاقة وثيقة بجنرال موتورز التي استثمرت نصف مليار دولار في الشركة في العام الماضي. وكانت قد اشترت جنرال موتورز أيضًا شركة التقنية الناشئة في مجال القيادة الذاتية (Crusie) في ربيع 2016. يُمكن أن تمثل هذه الشراكة الجديدة أول ملامح السوق المستقبلي لصناعة السيارات، وهو ما يقول عنه والاس "تبدو كجبهة في مواجهة أوبر. لا أعلم إن كان ذلك دافعهم الحقيقي، لكن لن يفاجئني ذلك بالتأكيد".

 

وفي حديثه عن الشراكة التي جمعت بين وايمو وليفت، شبهها والاس بالسفر الجوي لرسم إطار لما يمكن أن تبدو على صناعة السيارات في المستقبل، "في النهاية، ربما تتواجد ثلاث أو أربع، أو ربما حتى خمسة تحالفات قوية، لندعوها بالتحالفات لغياب وصف أكثر دقة"، وتابع قائلًا "ستبدو مثل خطوط الطيران. انظر لخطوط دلتا وكيه إل إم وآير فرانس وشركائهم الآخرين، من منظور المستهلك، لا يهم تقريبًا أيها استخدمت طالما كانت واحدة منهم، إذ يعملون تحت نفس بنود الاتفاق، علاوة على تركيزهم لمواجهة التحالف المتحد والتحالف الأميركي وتحالف الجنوب الغربي".

 

 السيارة ذاتية القيادة من وايمو (مواقع وايمو)
 السيارة ذاتية القيادة من وايمو (مواقع وايمو)

 

وتمثل العوائق التقنية أكبر العوائق الحالية أمام مستقبل تسوده القيادة الذاتية بديلًا عن القيادة البشرية الحالية. إذ لم يتمكن أحد بعد من إتقان برمجة إحدى السيارات ليصبح بوسعها استخدام عدد من أجهزة الاستشعار للقيادة بأمان في كل الأحوال، مثل التعامل مع العواصف الثلجية وغيرها من أشكال الطقس القاسي، أو التفاعل مع السائقين البشريين الذين لا يمكن توقع تحركاتهم في الشارع، أو التحرك وفقًا لتعليمات الشرطة اليدوية أثناء تنظيم المرور، والتي يفهمها البشر إلا أنها لا تعني شيئًا بالنسبة لكمبيوتر لا يرى العالم إلا عبر مصفوفة "ليدار" (LIDAR)، إلا أنه مع تطور تعلُم الآلات وبرمجة مهندسي النظم للحلول المتعددة، فإن السؤال الأهم لا يتعلق فقط بتطوير التقنية، بل بكيفية استخدامها ومن سيستخدمها كذلك، وهو ما عبر عنه والاس بقوله "السؤال الأكثر إثارة للاهتمام ليس بشأن المتفوق حاليًا، بل حول من سيمتلك أفضل نموذج أعمال للاستفادة من ذلك".

 

وهو الجدال الذي تخوضه الشركات في الوقت الراهن، إنها حلبة دموية؛ هناك شركات التقنية التي تدعي فوزها لأنهم الأقرب لإيجاد حلول لهذه المشكلات التقنية المستمرة. ويشير آرون سوندراراجان، الأستاذ بجامعة نيويورك ومؤلف كتاب الاقتصاد التشاركي، أن هذه الشركات تمتلك أفضلية محتملة على شركات صناعة السيارات حين يتعلق الأمر بكسب ثقة المستهلك.  متسائلًا في أحد التعليقات التي شاركها مع الصحفيين "ألن تكون أكثر ميلًا للاعتماد على النظم البرمجية والأمن السيبراني المعتمد على براعة غوغل وأوبر وديدي وليفت وأمازون وأبل أو تسلا -الاستثناء- بدلًا من الوثوق بالإمكانيات الرقمية لفورد وتويوتا ودايملر وبي إم دبليو؟".

 

سيارة أوبر ذاتية القيادة من فولفو  (رويترز)
سيارة أوبر ذاتية القيادة من فولفو  (رويترز)

 

في الوقت ذاته، يرى صناع السيارات في ديترويت أن القادرين على بناء المركبات وصناعتها هم الذين سيكون بإمكانهم الاستحواذ على السوق، ولن يتمكن أي قدر من سحر الذكاء الاصطناعي من تغيير ذلك، إلا أن سوندارارجان يرى ضعفًا في هذا المنطق، قائلًا إن "صناع السيارات أنفقوا الكثير من أجل الترويج لأنفسهم باعتبارهم بائعي منتجات مرتبطة بنمط حياتي معين لا مجرد آلات"، مشيرًا إلى ابتعاد الاتجاه التسويقي عن الترويج للسيارات الفارهة والسيارات ذات العلامات التجارية القوية.

 

أما الشركات من طراز أوبر فتُصر على أنه حينما يمكن للسيارات أن تقود نفسها، فإن نموذج الملكية المتعارف عليه لاستخدام السيارات سينتهي، وسيصبح بوسع شركات النقل التشاركي ذات النموذج الموجه للعميل استخدام السيارات ذاتية القيادة بسهولة بدلًا من السيارات التي يقودها البشر، بعبارة أخرى سيفوز من يبيع النقل كخدمة لا كنظام برمجي أو سلعة. وبحسب سوندارارجان فإن هذه الشركات هي صاحبة الخبرة الأوسع في التعامل مع العقبات التنظيمية المتوقعة.

 

تمتلك كل وجهة نظر مزاياها الخاصة، سواء فيما يتعلق بتقنية السيارات ذاتية القيادة أو بالسيارات نفسها أو ببيع النقل كخدمة. إلا أنه ليس من الواضح بعد أي من نماذج الأعمال هذه -أو مزيج منها- سيكون بإمكانه الفوز، وهو ما يجعل الشراكة بين ليفت ووايمو -وجنرال موتورز بالتبعية- شراكة مثيرة للاهتمام، ومشؤومة بالنسبة للشركات المنافسة بدءاً من تسلا ومرورًا بأوبر ووصولًا إلى صناع السيارات الذين يستثمرون في التقنية الخاصة بالسيارات ذاتية القيادة: أما هذه الشراكة فتصنع فريقًا يشمل هذه الجهات الثلاثة، وعضوًا من كل منها.

 

 ======================================

هذا المقال مترجم عن: هذا الرابط

المصدر : الجزيرة