شعار قسم ميدان

لماذا تطرح الشركات التقنية الهاتف نفسه بنسخٍ مختلفة؟

ميدان - الشركات التقنية - 1

تطلق الشركات التقنية كل عام عشرات الهواتف القوية والمتوسطة والمنخفضة، ولكن في بعض الأحيان تُصنِّع الشركات الهاتف نفسه بنسخ مختلفة، لكن هذا الاختلاف لا يشمل الهيكل الخارجي أو مواد التصنيع فقط، بل تتباين في المواصفات في بعض الأحيان. وفي أوقات أخرى، تطلق الشركة الهاتف نفسه لكن بوحدات معالجة مختلفة، إذ تقوم بعض الشركات تصنيع الهاتف نفسه بمواصفات عادية أقوى في أسواق بذاتها دون الأخرى، مثل "سامسونغ" التي طرحت نسخة من هاتفها "غلاكسي إس ٨ بلس" في أسواق محددة في آسيا مع ذاكرة عشوائية ٦ غيغابايت، و١٢٨ غيغابايت من مساحة التخزين الداخلي، بينما حصل العالم كله على ٤ غيغابايت من الذاكرة العشوائية، و٦٤ غيغابايت كمساحةٍ تخزين داخلية، وسنقوم هنا بسرد بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا الاختلاف بين نسخ الهاتف الواحد.

حين أطلقت "سامسونغ" هاتفها "غلاكسي نوت ٧" قامت أيضا بتوفيره في الصين وهونغ كونغ بنسخة ذات مواصفات أعلى من النسخة العالمية، وعندما سُئل رئيس الهواتف في "سامسونغ" كوه دونغ-جين عن السبب وراء هذا الأمر قال إن ذلك بسبب التنافسية العالية والعنيفة بين الشركات الصينية المحلية في طرح هواتفها بمواصفات مرتفعة[١]، وبالفعل نرى ذلك على سبيل المثال في الذاكرة العشوائية، حيث إن شركة مثل "ون بلس" طرحت هاتفيها للعام الماضي "ون بلس ٣" (OnePlus 3)، و"ون بلس ٣ تي" (OnePlus 3T) مع ذاكرة عشوائية ٦ غيغابايت وسعر منخفض، وذلك يدفع في بعض الأحيان المستخدمين الصينيين إلى التوجه للهواتف المحلية التي تقدم مواصفات قوية مع سعر منخفض على حساب شراء هاتف من علامة تجارية شهيرة.

هاتف سامسونغ
هاتف سامسونغ "غلاكسي نوت ٧" (رويترز)

ومن المؤكد أن أسبابا كتلك دفعت "سامسونغ" إلى اتخاذ الخطوة نفسها هذا العام عبر طرح نسخة من "غلاكسي إس ٨ بلس" مع مواصفات أعلى في أسواق محددة مثل هونغ كونغ والهند[٢][٣]، وذلك لجذب مستخدمي هذه الأسواق الذين يمثلون هدفا لجميع الشركات التقنية بسبب ارتفاع عدد السكان وضخامة السوق بشكل عام، بعيدا عن الشركات المحلية التي تتسابق في طرح هواتف ذات عتاد خارق.

ولا يقتصر الأمر فقط على بلاد شرق آسيا، بل قامت "إتش تي سي" بطرحِ هاتفها الرائد "إتش تي سي يو ١١" (HTC U11) بنسخة ذات ٦ غيغابايت من الذاكرة العشوائية و١٢٨ غيغابايت من مساحة التخزين الداخلي في أسواق محددة، منها منطقة الشرق الأوسط التي حظي مستخدموها بالنسخة الأعلى، إلى جانب بعض دول جنوب شرق آسيا[٤]، بينما طُرح الهاتف في باقي العالم مع ٤ غيغابايت من الذاكرة العشوائية و٦٤ غيغابايت من المساحة الداخلية، وذلك لأسباب مشابهة لما ذكر بالأعلى.

هاتف
هاتف "إتش تي سي يو ١١" (HTC U11) (إتش تي سي )

ولم تكتف شركة مثل "سامسونغ" بطرح مواصفات مختلفة في أسواق بذاتها، بل إنها تقوم بطرح هاتفها الرائد بمعالجين مختلفين دون أي فروق أخرى، أحدهما من تصنيعها الخاص، والآخر من كوالكوم الأميركية، وعادة تكون نسخة "كوالكوم" موجهة للولايات المتحدة وكندا كما فعلت العام الجاري مع هاتفها "غلاكسي إس ٨"، فلماذا لا تطرح الهاتف بمعالج واحد في كل العالم وانتهى الأمر؟ خصوصا أن الفارق بين المعالجين لا يكاد يوجد أصلا، بل إن "كوالكوم" هذا العام قامت بتصنيع معالجها الرائد "سنابدراغون ٨٣٥" في مصانع "سامسونغ" نفسها لاعتمادها على تقنيات ابتكرتها الأخيرة[٥] تساهم في تحسين الأداء مع توفير الطاقة.

الجواب مُتعلق بشبكات الاتصال، حيث إن مُعالِجات سامسونغ غير قادرة على التعامل مع كل تقنيات الشبكات مثل "سي دي إم أيه" (CDMA) بسبب احتكارها وابتكارها من قبل كوالكوم ذاتها، وهذه التقنية تستخدمها أكبر شركة شبكات في الولايات المتحدة "فيرايزون" بجانب "سبرينت"، لذا سامسونغ مجبرة على استخدام معالجات كوالكوم في الولايات المتحدة، وبعض الدول التي تستخدم هذه التقنية لكي يتمكن الهاتف من القيام بوظيفته الأساسية وهي الاتصال.

ورغم ما سبق فإن هناك إشاعات تقول إنّ "سامسونغ" قد تستعمل معالجات "إكسينوس ٩٨١٠" التي سوف تدعم بالفعل معيار "سي دي إم أيه" في هاتفها الرائد القادم "غلاكسي إس ٩"، ولكن لم تذكر الإشاعة ما إذا كانت "سامسونغ" قد توصلت إلى اتفاق مع "كوالكوم" بخصوص براءات الاختراع الخاصة بها المتعلقة بهذا النوع من الشبكات أم لا، على كل حال علينا الانتظار حتى العام القادم لنعرف ماذا حدث بهذا الشأن.[6]

ورغم كل هذه التعقيدات التي تحكم السوق والعلاقات بين الشركات التقنية فإن ذلك لا يؤثر بشكل مباشر وكبير على المستهلك العادي الذي لا يبحث عن التفاصيل المعقدة، بل يبحث عن التجربة العامة الجيدة للمنتج النهائي في يده، لكنها بالتأكيد تهم المتابع التقني الذي يبحث عن كل قطعة داخل هاتفه أو جهازه للحصول على الأفضل بالنسبة له.