شعار قسم ميدان

بعيدا عن الفقاعات التقنية.. إليك أهم تفاصيل مؤتمر مايكروسوفت2018

midan - microsoft

من الطبيعي أن تُخصّص شركة مايكروسوفت مؤتمرًا سنويًا للمطوّرين على اعتبار أنها مسؤولة عن تطوير نظام ويندوز الغني عن التعريف، رفقة واحدة من أعظم بيئات البرمجة، "دوت نت" (.NET)، على مستوى العالم. لكن المُفارقة في مؤتمر المُطوّرين، "بيلد" (Build)، هذا العام أنها بالكاد تحدّثت عن التقنيات السابقة، وهذا لانشغالها بتغطية تقنيات أُخرى أكثر أهمّية في الوقت الراهن(1).

     

تعلّم الآلة

ابتعدت شركة مايكروسوفت خلال السنوات الأخيرة كل البُعد عن الأحلام الوردية وعن الوقوف على الأطلال، فعوضًا عن محاولة استعادة مكانتها في سوق أنظمة تشغيل الأجهزة الذكية، اتّجهت الشركة للاستفادة من خبراتها من أجل تطوير أنظمة وأدوات مطلوبة يحتاجها السوق، حتى لو كانت بعيدة عن مجالها الرئيسي، أنظمة التشغيل.

 

أفردت مايكروسوفت خلال المؤتمر مساحة كبيرة جدًا للحديث عن الذكاء الاصطناعي (AI) وتعلّم الآلة Machine Learning، اختصارًا (ML)، فهي استفادت أولًا من منصّتها السحابية "آجر" (Azure) لبناء وحدات تعتمد على التعلّم الذاتي للآلة، وحدات يُمكن تدريبها وإعادة استخدامها في مجموعة مُختلفة من الأجهزة، وهذا مُنتج يُعرف باسم "آجر لإنترنت الأشياء" (Azure IoT Edge)، يأتي نتاجًا للتعاون مع مجموعة من الشركات بما فيها "كوالكوم" (Qualcomm) و"دي جي آي" (DJI).

   

   

اختارت مايكروسوفت "كوالكوم" من أجل استخدام مُعالجاتها الجديدة الموجّهة للرؤية الحاسوبية، مُعالجات يُمكن استخدامها في كاميرات المُراقبة لاكتشاف العناصر الموجودة فيها والتفرقة بين الأشياء اعتمادًا على خوارزميات الذكاء الاصطناعي. لكن وبفضل مُنتج مايكروسوفت الجديد، ستكون تلك الكاميرات قادرة على رصد بعض النماذج في مجالات العمل المُختلفة كالصناعة، والزراعة، والبناء، وغيرها الكثير. بعد تحميل إحدى وحدات منصّة "آجر لإنترنت الأشياء" يُمكن للكاميرا رصد المشاكل الموجودة في المحاصيل الزراعية دون الحاجة لأية جهود، فالمُستخدم يقوم بتثبيت الكاميرا وتحميل الوحدة اللازمة ويترك كل شيء للخوارزميات الذكية.

          

أما تعاون مايكروسوفت مع "دي جي آي"، المُتخصّصة في مجال تطوير الطائرات بدون طيّار، فنتج عنه حزمة برمجية تُتيح لأي مُطوّر كتابة برنامج واستخدامه داخل الطائرة، وبفضل خوارزميات التعلّم الذاتي والرؤية الحاسوبية، ستكون تلك الطائرات -على سبيل المثال- قادرة على الطيران ضمن مسار مُحدّد للعثور على أية تسريبات للغاز في المُنشآت الصناعية، أو أية مشاكل في الأبنية التي يتم تشييدها، أو أي مجال آخر يُمكن للكاميرات الطائرة المُساهمة في تحسينه.

  

باختصار، توفّر مايكروسوفت الآن مجموعة من التطبيقات الذكية داخل منصّتها السحابية، تطبيقات يُمكن تدريبها على السحاب من قبل مايكروسوفت، وغيرها من الشركات، لكي تكون جاهزة لأي مطوّر لأخذها كصندوق كامل وتثبيته على أي جهاز متوافق والاستفادة من قاعدة معرفة لا حصر لها. وبوجود عتاد مُتطوّر، كمعالجات تدعم الذكاء الاصطناعي وكاميرات تدعم الرؤية الحاسوبية، فإن أجهزة إنترنت الأشياء ستُصبح أفضل، فكاميرات المُراقبة المنزلية على سبيل المثال وعند رصدها لحركة ما داخل المنزل ستقوم أولًا بتحليل العناصر الموجودة في الصورة، لتتجنّب تنبيه المُستخدم إذا ما كان مصدر تلك الحركة حيوان أليف مثلًا.

     

  

كورتانا + الحزم التطويرية الجاهزة

بعد سلسلة من التأجيلات، استعرضت مايكروسوفت للمرّة الأولى تكاملًا بين مُساعدها الرقمي "كورتانا" (Cortana) مع مُساعد أمازون الرقمي "أليكسا" (Alexa)، فالمُساعدان قادران الآن على التواصل مع بعضهما البعض للإجابة على الأسئلة؛ كورتانا قادر على الوصول لتقويم المُستخدم لمعرفة مواعيده، وسيتم اللجوء له عند سؤال "أليكسا" عن جدول المُستخدم والتزاماته. مُساعد أمازون الرقمي قادر على التحكّم بالإنارة، لذا يُمكن للمُستخدم من داخل ويندوز 10 توجيه أمر لمُساعد مايكروسوفت الرقمي لإيقاف تشغيل الأنوار، وسيتم تمرير الطلب لمُساعد أمازون لإتمام هذه العملية.

         

طموح مايكروسوفت لم يقف عند هذا الحد فقط، فمثل تلك الميّزات تُنجز عبر واجهات برمجية يُمكن لأي شركة، ولتكن غوغل، توفيرها خلال الفترة المُقبلة. ولهذا السبب، كشفت الشركة عن حزمة "كينكت" السحابية (Project Kinect for Azure)، وهي عبارة عن جهاز صغير مؤلّف من كاميرا ومجموعة من المُستشعرات، مثل جهاز "كينكت" المُرفق مع منصّة "إكس بوكس" (Xbox)، لكن هذا الجهاز سيتوفّر كحزمة تطويرية بحيث يُمكن شراءه واستخدامه في مجالات مُختلفة لا حصر لها خصوصًا أن تلك الحزمة متوافقة مع مجموعة من الأدوات التطويرية الموجودة على "آجر"، وبالتالي تطبيقات للذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية الغير محدودة.

      

   

ولأن المُساعدات الرقمية التي تعتمد على الصوت أضحت صيحة تقنية يتّجه الجميع صوبها، فإن مايكروسوفت أطلقت حزمة تطويرية تُعرف باسم "حزمة أجهزة النطق" (Speech Devices SDK)، وهي مؤلّفة من مجموعة من المايكروفونات القادرة على التقاط صوت المُستخدم مع بعض الميّزات الافتراضية مثل إزالة الضجيج والتقاط الأصوات البعيدة. كما حرصت الشركة على تزويد هذه الحزمة بمُكبّر للصوت أيضًا، وهذا يعني أن أي مُستخدم قادر الآن على تطوير مُساعد رقمي بفضل كورتانا، "آجر"، وهذه الحزمة التي تحتوي على أساسيات أي مُساعد رقمي.

    

الواقع المُختلط

كانت الأعوام السابقة مُجرّد حقول تجارب على الواقعين الافتراضي والمُعزّز، والمُختلط (Mixed) في حالة مايكروسوفت. لكن تلك التجارب نضجت الآن ونتج عنها مجموعة من المُنتجات الحقيقية، مُنتجات كان آخرها "مايكروسوفت ريموت أسيست" (Microsoft Remote Assist) و"مايكروسوفت لاي آوت" (Microsoft Layout).

    

دمجت مايكروسوفت تقنيات الاتصال عبر الإنترنت بنظّارات وحزمة الواقع المُختلط، مع بعض تقنيات الرؤية الحاسوبية الأُخرى لتطوير حزمة المُساعدة عن بُعد "ريموت أسيست"، الحزمة التي يُمكن للتقنيين في بعض مجالات العمل الاستفادة منها دون الحاجة للاعتماد على الوسائل التقليدية، أو حتى دون الحاجة لقدوم الخُبراء. يُمكن عبر هذه الحزمة وضع النظّارة ومُشاركة المشهد مع أي شخص ليكون قادرًا على التفاعل مع المشهد وترك المُلاحظات عليه بشكل آني. الفنّي، أو التقني، الذي يضع النظّارة سيكون قادرًا بدوره على استخدام المقابض للإشارة لعنصر ما بحيث يُمكن لبقيّة المُتّصلين معرفة ما يتحدّث عنه بشكل آني.

        

    

استخدام تلك الحزمة على أرض الواقع يُمكن أن يكون -على سبيل المثال- داخل مصنع كبير، بحيث يضع أحد العُمّال نظّارة الواقع المُختلط ويقوم بتشغيل حزمة "ريموت أسيست" للاتصال بالشركة المسؤولة عن تصنيع واحدة من الآليات المُستخدمة في ذلك المصنع. بعدها، ستقوم الكاميرات الموجودة على النظّارة ببث ما يُشاهده العامل بحيث يُمكن للمُهندسين الرسم والإشارة وتقديم المُساعدة بشكل حيّ ومُباشر. وهنا يكون العامل قادر على إصلاح المشاكل دون الحاجة لتدخّل الفنّيين بشكل مُباشر.

    

أما الحزمة الثانية، "لاي آوت" فهي مُفيدة في مجال التصميم الداخلي، التصميم الذي يحتاج لتجربة الأشياء للتأكّد من أنها مُلائمة. يُمكن وضع نظّارات الواقع المُختلط في منزل فارغ والبدء بأخذ القياسات والأبعاد باستخدام مقبض التحكّم. بعدها، يُمكن فتح مكتبة العناصر واختيار الأثاث المُناسب مع تكبيره وتصغيره لأخذ أحجام حقيقية. وفي هذه الحالة، يُمكن للمُصمّم معرفة الأبعاد اللازمة بدقّة كبيرة وبُمحاكاة دقيقة للواقع.

      

واستفادت مايكروسوفت من المُنتجات السابقة، التعلّم الذاتي والرؤية الحاسوبية ونظّارات الواقع المُختلط، في مُنتج يُمكن استخدامه داخل الشركات، مُنتج قادر على رصد المُشاركين في أي اجتماع، وقادر على تحويل كلامهم لنصوص مكتوبة تُترجم بشكل آني تظهر لبقيّة المُشاركين في الاجتماع حتى لو كانوا مُتّصلين من مكان آخر. أما النظّارات، فيُمكن وضعها وبثّ ما يظهر على شاشتها لبقيّة الحاضرين، وبالتالي لا يحتاج الجميع لوضع النظّارة، ويُمكن لمُرتديها شرح فكرته والإشارة للعناصر باستخدام المقبض.

  

          

أخيرًا، وفي سياق مُنفصل، أكّدت مايكروسوفت أنها تقوم بتطوير خاصيّة "هاتفك" (Your Phone)، الميّزة التي ستسمح لمُستخدمي الأجهزة الذكية العاملة بأندرويد و"آي أو إس" (iOS) الاطّلاع على التنبيهات الواردة وتبادل الملفّات بسهولة كبيرة مع حواسبهم العاملة بنظام ويندوز 10، وهذا عبر مُتصفّح "إيدج" (Edge)، دون تحديد موعد نهائي لوصول الميّزة لجميع المُستخدمين(2).

        

بدأت مايكروسوفت مؤخّرًا في الابتعاد عن نموذج آبل، نموذج تطوير المُنتجات وأنظمة تشغليها، واتّجهت نحو نموذج غوغل، نموذج توفير حلول برمجية وعتادية مُختلفة تُلبّي حاجات المُستخدمين على اختلاف شرائحهم. وبفضل هذا الفكر، تُقدّم مايكروسوفت الآن مجموعة كبيرة من الحلول السحابية للشركات وللمُستخدمين، وأُخرى على هيئة تطبيقات متوفّرة للحواسب، دون نسيان الحزم التطويرية التي كشفت عنها مؤخّرًا، لتتحوّل لشركة تُزوّد الجميع بحلول تقنية تستفيد من آخر الصيحات التقنية من جهة، ولشركة تبتكر تلك الصيحات في بعض الأوقات من جهة أُخرى.

        

undefined