شعار قسم ميدان

"إن لم تستطع تقليده فاشترِه"..أبرز الاستحواذات في العالم التقني

midan - تقنية رئيسية

شهد العالم التقني في الأعوام الأخيرة مجموعة كبيرة من الصفقات الكبيرة كاستحواذ مايكروسوفت على "لينكدإن" (Linkedin) و"غيت هب" (Github) لقاء ما يصل إلى 33.7 مليار دولار أميركي، أو استحواذ فيسبوك على تطبيق "واتس آب" لقاء 19 مليار دولار أميركي(1)(2)(3)، وتلك صفقات مفهومة على اعتبار أن الشركة المُستحوذ عليها نجحت في تطوير مُنتج قوي يرغبه الجميع. لكن العالم التقني أيضا شهد استحواذات صغيرة ساهمت في صناعة الفارق بالنسبة لعمالقة في هذا السوق.

 

توءم "سيري" و"بيكسبي"

فاجأت شركة آبل الجميع عند تقديم هواتف "آيفون 4 إس" (iPhone 4S) في عام 2011 بعدما كشفت عن أول مُساعد رقمي يصل إلى الهواتف الذكية يُعرف باسم "سيري" (Siri)، المُساعد الذي منح آبل تفوّقا على حساب الجميع خلال تلك الفترة على اعتبار أن المُنافسة كانت مُركّزة بشكل أو بآخر على جودة الكاميرا في الهواتف الذكية مع اعتماد حجم ثابت للشاشة.

 

بدأت "سيري" على هيئة تطبيق لهواتف آيفون يُمكن تحميله من متجر التطبيقات (App Store)، إلا أن الاعتماد فيه على الذكاء الاصطناعي للإجابة عن أسئلة واستفسارات المُستخدم دفع آبل إلى التحرّك سريعا للاستحواذ على التطبيق من أجل تضمين تقنيّاته داخل نظام "آي أو إس" (iOS) في صفقة تجاوزت قيمتها حاجز الـ 200 مليون دولار أميركي، انتقل بموجبها العاملون على تطوير "سيري" للعمل داخل آبل(4)، لكنهم سُرعان ما بدأوا بترك الشركة الواحد تلو الآخر لعدم الشعور بأهمّية دورهم داخل الشركة.

    

   

اجتمع فريق عمل "سيري" من جديد خارج أسوار شركة آبل لتطوير مُساعد رقمي جديد أفضل من الذي استحوذت عليه آبل، مع اعتماده منذ البداية على فكرة التطبيقات الخارجية وإمكانية التواصل مع قواعد معرفة أُخرى بحيث يُصبح المُساعد قادرا على الوصول إلى أفضل الإجابات طوال الوقت، دون الحاجة إلى تطوير القاعدة بشكل يدوي. ونتج عن تلك الجهود ما يُعرف بـ "فيف" (Viv)، أو ما يُعرف حاليا بـ "بيكسبي" (Bixby) في أجهزة شركة سامسونغ.

 

بلغت صفقة الاستحواذ على "فيف" ما يُقارب الـ 215 مليون دولار أميركي، وأصبحت الشركة جزءا من سامسونغ في أميركا، ودُمج المُساعد الرقمي الجديد في هواتف الشركة الذكية بالإضافة إلى الساعات الذكية وقريبا في جهاز للترفيه المنزلي(5).

 

"سكايب"

بعد الاعتماد على تطبيقات مثل "إم إس إن مسنجر" أو "ياهو مسنجر" لإجراء المُكالمات عبر الإنترنت، جاء تطبيق "سكايب" في عام 2003 لتغيير كل شيء بفضل واجهاته الجديدة وتقديمه لجودة صوت وصورة أفضل من بقيّة المُنافسين.

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن "سكايب" لم يبدأ في وادي السيليكون الأميركي الذي يُعتبر مركزا لأهم الشركات الناشئة على مستوى العالم، بل انطلق من السويد على يد مجموعة مُستقلّة من المُطوّرين الذين نجحوا في جذب اهتمام أكبر الشركات على مستوى العالم، ومنها "إي باي" (eBay) التي دفعت 2.6 مليار دولار أميركي في عام 2005 للاستحواذ على التطبيق قبل تركه في عام 2009 لشركة أُخرى لقاء مليوني دولار أميركي تقريبا(6).

 

تنبّهت الشركات الكبيرة لأهمّية "سكايب" وللفرصة الذهبية بعدما تخلّت "إي باي" عنه، إذ حاولت كل من غوغل وفيسبوك الاستحواذ عليه لكن جسارة مايكروسوفت مكّنتها من الاستحواذ عليه لقاء 8.5 مليار دولار أميركي دُفعت نقدا، ليُصبح أحد الأعمدة الرئيسية التي تستند إليها مايكروسوفت في السنوات الحالية مع تقديم مزايا مهمّة مثل الترجمة الفورية وإجراء مُكالمات الفيديو الجماعية بدقّة عالية جدا. كما أصبح التطبيق وسيلة مهمّة تعتمد عليها كُبرى الشركات العالمية للتواصل بين أفرادها(7).

 

عدسات "سناب شات"

نجح تطبيق "سناب شات" (Snapchat) في تغيير الصورة النمطية لتطبيقات المحادثات الفورية على الهواتف الذكية مع تقديم فكرة الرسائل ذاتية التدمير التي تختفي بعد 24 ساعة على الأكثر، والتي دفعته إلى المراكز الأولى في متاجر التطبيقات. لكن ولسهولة نسخ الفكرة نفسها ووضعها في أي تطبيق، كان لا بُد من العثور على وسيلة جديدة للإبقاء على المُستخدمين حتى مع وجود الفكرة نفسها في تطبيقات أُخرى.

 

بداية التغيير كانت مع تقديم مُلصقات الموقع الجغرافي (GeoFilter) التي شهدت رواجا كبيرا. لكن ولأن التطبيق يعتمد على مُشاركة الصور بشكل أساسي، حرصت "سناب شات" على إيجاد أدوات أُخرى كان من بينها "لوكجيري" (Looksery) التي وضعت حجر الأساس للتطبيق في شكله الحالي.

   

undefined

  

تأسّست شركة "لوكجيري" في أوكرانيا ونجحت في تطوير تطبيق يقوم بقراءة تفاصيل الوجه لتطبيق تأثيرات عليها، حركية وثابتة أيضا. ومن هنا، وجدت "سناب شات" ضالّتها وقامت بالاستحواذ على الشركة لقاء 150 مليون دولار أميركي فقط لتُقدّم فيما بعد ميزة العدسات (Lenses) التي أصبحت جزءا أساسيا لا يُمكن الاستغناء عنه في تطبيق "سناب شات"(8).

  

غوغل

لا يُمكن الحديث عن الاستحواذات دون الوقوف عند شركة غوغل التي تمتلك باعا طويلا في هذا المجال، فإلى جانب الاستحواذ على نظام أندرويد لقاء 50 مليون دولار أميركي فقط عام 2005، ويوتيوب لقاء 1.6 مليار دولار أميركي في 2006، قامت غوغل بالاستحواذ على شركة "آبلايد سيمانتيكس" (Applied Semantics)، الشركة التي ساهمت تقنياتها في إطلاق ما يُعرف بـ "آد سينس" (AdSense)، الأداة التي تسمح بالحصول على عائد مادّي لقاء نشر الإعلانات بشكل آلي(9).

 

واستمرارا مع إعلانات غوغل، قامت الشركة بالاستحواذ على "دبل كليك" (DoubleClick) لقاء 3 مليارات دولار تقريبا في عام 2008، ومن بعدها شركة "آد موب" (AdMob) في 2009 لقاء 750 مليون دولار أميركي لتكون الأساس لشبكة غوغل الإعلانية على الهواتف الذكية.

 

ولا تتوقّف صفقات الشركة على الشبكات الإعلانية فقط، بل على الهواتف الذكية أيضا، فهي استحوذت على "موتورولا" في 2011 لقاء 12.5 مليار دولار أميركي، قبل أن تقوم في 2017 بالاستحواذ على جزء من شركة "إتش تي سي" (HTC) لقاء 1.1 مليار دولار لتطوير هواتف ذكية داخل غوغل(10)(11).

   

undefined

   

وبالعودة إلى مُكالمات الفيديو عبر الإنترنت وإلى السويد من جديد، قامت غوغل في 2016 بالاستحواذ على شركة "لايمز أوديو" (Limes Audio) دون معرفة قيمة الصفقة المالية، إلا أن نتائجها كانت واضحة بعد إطلاق تطبيقي "دو" (Duo) لمكالمات الفيديو، و"آلو" (Alo) للمكالمات الصوتية في محاولة جديدة من غوغل لترك أثر وحجز مكان لها في سوق تطبيقات المحادثات الفورية(12).

   

تلك الصفقات والأرقام الكبيرة لا تعني بالضرورة أن النجاح حليف مثل هذه الخطوات دائما، فكم من مشروع استحوذت عليه شركة كبيرة -وليكن استحواذ ياهو على مكتوب- دون أن يُكتب النجاح له. لكنها في ذات الوقت تُعطي أملا للشركات الناشئة وأصحاب الأفكار الجديدة، فجميع الشركات الكُبرى دون استثناء تعيش على جهود شركات صغيرة لأن المنافسة أصبحت سريعة، ولا يوجد وقت لنسخ أو بناء مُنتج جديد من الصفر.