هبّة النفق.. الأسباب والنتائج

صورة لمدخل بركة عين سلوان وهو يؤدي الى الحفرية والنفق
الأنفاق جزء من حفريات أوسع أسفل وفوق تراب مدينة القدس (الجزيرة نت-أرشيف)

أسيل جندي-القدس

في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 1996، خرج الفلسطينيون في هبّة شعبية، بعد إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلية على فتح باب النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك، وذلك في فترة حكم بنيامين نتنياهو الذي كلّف رئيس بلدية الاحتلال آنذاك إيهود أولمرت بافتتاحه.

وانطلقت المواجهات مع افتتاح النفق، وامتدت من شمال فلسطين إلى جنوبها وارتقى خلال في المواجهة التي أطلق عليها "هبة النفق" 63 شهيدا: 32 منهم في الضفة الغربية و31 في قطاع غزة، بينما أصيب 1600 آخرون بجروح متفاوتة.

وفور افتتاح باب النفق انطلقت مآذن مدينة القدس بالدعوة لمواجهة هذا الاعتداء، وانتشر أهالي المدينة في الشوارع وتعالت صيحات الاستنكار من حناجرهم، وحالت قوات الاحتلال دون وصولهم لموقع النفق، حيث كانت تُوضع اللمسات الأخيرة لتثبيت الباب الحديدي الذي يؤدي إلى مدخل يصل حائط البراق بباب الغوانمة أحد أبواب المسجد الأقصى.

ثلاثة أيام
دارت مواجهات عنيفة على مدار ثلاثة أيام بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي قامت بإخلاء ساحات الأقصى وإغلاق جميع أبوابه فور انتفاض الفلسطينيين نصرة لمقدساتهم.

‪النفق الغربي أسفل سلوان جنوب المسجد المبارك والذي كان افتتاحه سببا في هبة الأقصى عام 1996‬ (الجزيرة نت)
‪النفق الغربي أسفل سلوان جنوب المسجد المبارك والذي كان افتتاحه سببا في هبة الأقصى عام 1996‬ (الجزيرة نت)

وعلى الصعيد الرسمي، اجتمعت القيادة الفلسطينية بدعوة من الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي  بعث برسائل إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية في حينه بيل كلينتون، وملك الأردن الراحل الملك حسين، والرئيس التركي السابق سليمان ديميريل، ووضعهم في صورة العدوان الجديد.

وفي القدس، عقدت الهيئة الإسلامية العليا ونواب القدس وممثلو القوى الوطنية في المدينة اجتماعا طارئا في المسجد الأقصى، أدانوا فيه المؤامرة ودعوا إلى إضراب تجاري وللتجمع في باب العامود وذلك بعد افتتاح النفق بساعات.

ورغم الطابع السلمي الذي خيم على المظاهرات الفلسطينية واجهت قوات الاحتلال المحتجين على افتتاح النفق والمظاهرات بإطلاق الرصاص المطاطي والحي بكثافة، كما استُخدمت المروحيات والدبابات بالإضافة لاشتراك المستوطنين في إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين.

وبوشرت الحفريات في النفق الغربي عام 1970 وتوقفت عام 1974 ثم استؤنفت عام 1975، ويمتد النفق من أسفل المدرسة التنكزية بمحاذاة الجدار الغربي للمسجد الأقصى من الجنوب إلى الشمال مرورا بخمسة من أبواب الأقصى.

وعام 1987 أعلن الاحتلال عن اكتشاف قناة مياه سبق أن اكتشفها الجنرال الألماني كونراد تشيك بطول ثمانين مترا، كما حاول الاحتلال استكمال الحفريات إلى ملتقى باب الغوانمة وتوصيل النفق بقناة المياه وذلك عام 1988، فتصدى المقدسيون له.

ويبلغ عدد الحفريات التي نفذتها أذرع الاحتلال المختلفة في القدس سبعين حفرية يقع أغلبها غرب وجنوب المسجد الأقصى، بينما وصل عدد الأنفاق حتى الآن 15 نفقا مجموع طولها ثلاثة آلاف متر.

محلل سياسي: اختلاف في طريقة معالجة القيادة الفلسطينية في عهدي عباس وعرفات لحراك الشارع (وكالة الأنباء الأوروبية)
محلل سياسي: اختلاف في طريقة معالجة القيادة الفلسطينية في عهدي عباس وعرفات لحراك الشارع (وكالة الأنباء الأوروبية)

اختلاف الرد
وحول تأثير افتتاح النفق على عملية المفاوضات في ذلك الحين، قال رئيس الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية مهدي عبد الهادي إن المفاوضات آنذاك لم تكن مباشرة، وكانت تتم عن طريق الأردن وتعثرت ولم تكتمل.

ومن باب المقارنة بين توجهات القيادة الفلسطينية، أضاف عبد الهادي في حديثه للجزيرة نت أن القيادة الفلسطينية في عهد ياسر عرفات حركت الشارع الفلسطيني للثورة ضد افتتاح النفق ووقعت اشتباكات في الميدان، في حين يتخذ الرئيس محمود عباس سياسة التوجه للمؤسسات الدولية.

ووفق عبد الهادي فإن إسرائيل تخلصت من الضغط الإعلامي والشكاوى الفلسطينية والأردنية والدولية المستمرة على موضوع الحفريات والأنفاق، بتحويل خطابها من السياسي إلى الديني، من خلال إلقاء كلمات رسمية على منابر اليونسكو في الأمم المتحدة متحدثة فيها عن حق اليهود في الصلاة بالمسجد الأقصى.

المصدر : الجزيرة