شعار قسم ميدان

التهويد بالمخدرات.. كيف تتم تصفية المقدسيين بالإدمان؟

midan - القدس

«في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،

كأنها قِطَعُ القمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها»

(تميم البرغوثي، في القدس)
 

نحن الآن على حافة القدس، حيث يأوي التناقض ويأتلف العباد مع العجائب، وتحديدًا على بعد أربعة كيلومترات فقط شمالي القدس بعيدًا عن عبق المدينة القديمة حيث يعيش أبطال الروايات، وحيث تدور قصص المرابطين وتنسج حكايات المقاومة. هنا في شعفاط يدور فصل من فصول إحدى القصص المنسية، حيث المخيم الذي يقطنه قرابة 23 ألف مقدسي، نصفهم فقط مسجلون بشكل رسمي ويتلقون خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، فوق مساحة ألفي متر مربع تقريبًا، ما يجعلها واحدة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية وأفقرها في الخدمات والبنية التحتية، وحيث المباني الشاهقة شديدة الارتفاع، ليست كأبراج القاهرة أو أبوظبي، ولكنها مبانٍ عشوائية متلاصقة تطل على شوارع لا يزيد عرضها على ثلاثة أمتار فقط.
 

 

في أحد المباني المهجورة الواقعة ضمن حدود المخيم، يمكنك أن ترى بسهولة إبر الحقن الملقاة على الأرض، في حين تكتظ غرف المبنى بالشباب والمراهقين، وكبار السن أحيانًا، منهمكين بتسخين الهيروين وغيره من المواد المخدرة على مواقد غازية، أو يقومون بحقنه لأنفسهم أو لبعضهم بعضاً. يحكي أحدهم، وهو شاب في أواخر العشرينيات، أنه بدأ في تعاطي المخدرات في سن المراهقة. فعلى حد وصفه، ليس لدى المراهقين هنا شيء آخر كي يفعلوه سوى التجمع في الصباح من أجل تعاطي المخدرات.

يبلغ حجم سوق المخدرات في إسرائيل أكثر من ستة مليارات دولار سنويًا تشمل أكثر من مائة طن من الماريغوانا وثلاثة أطنان من الكوكايين وحوالي أربعة أطنان من الهيروين
يبلغ حجم سوق المخدرات في إسرائيل أكثر من ستة مليارات دولار سنويًا تشمل أكثر من مائة طن من الماريغوانا وثلاثة أطنان من الكوكايين وحوالي أربعة أطنان من الهيروين

خلف الجدار
يفصل جدار الفصل العنصري بحواجزه الإلكترونية مدينة شعفاط عن بقية القدس مما يصعب من مهمة سكانه في الخروج إلى المدينة حيث مرافق التعليم والرعاية الصحية. ومع كونه المخيم الفلسطيني الأوحد الواقع تحت سيطرة بلدية القدس الإسرائيلية (البلدية التي تم إنشاؤها بشكل غير شرعي بعد احتلال القدس الشرقية عام 1967)، حيث يحمل الآلاف من سكانه الهوية المقدسية الزرقاء؛ فإن سلطات الاحتلال تتجاهله تمامًا. فبخلاف تدهور الأوضاع المعيشية، من التعليم إلى الخدمات الصحية وحتى النظافة (يتم حرق قرابة 22 طنًا من النفايات يوميًا وسط الأماكن السكنية)؛ يعرف المخيم العديد من الظواهر المثيرة للقلق مثل انتشار العنف المسلح وتنامي تعاطي المخدرات، وهي الظواهر التي تغض سلطات الاحتلال الطرف عنها ما دامت محصورة داخل أسوار المخيم ولا تنتشر إلى المستوطنات المجاورة.

 

ولكن هذه الظواهر-والمخدرات على وجه التحديد- ليست محصورة داخل أسوار شعفاط فقط، فيحكي محمد (اسم مستعار) البالغ من العمر 32 عامًا والواقع دخله بين حافتي الـ 1500 والـ 2000 دولار، أنه ينفق كامل دخله تقريبًا على شراء المخدرات التي يتعاطاها. بدأ محمد تعاطي المخدرات قبل سنوات. يقطن الشاب مدينة سنتينريا الواقعة شمال مدينة قلقيلية في الضفة الغربية. وبسبب قرب مدينته من الحد الفاصل بين الضفة الغربية والأراضي المحتلة، فإنهم يحصلون على المخدرات بسهولة من إسرائيل.

 

يبلغ حجم سوق المخدرات في دولة الاحتلال أكثر من ستة مليارات دولار سنويًا تشمل أكثر من مائة طن من الماريغوانا وثلاثة أطنان من الكوكايين وحوالي أربعة أطنان من الهيروين. ويتم بيع كميات كبيرة من هذه المخدرات إلى الفلسطينيين. وبحسب إحصاءات 2015؛ هناك بين 55 إلى60 ألف متعاط للمخدرات من العرب الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، منهم حوالي 20 ألف متعاط في القدس نفسها بنسبة 8% من العدد الكلي لسكان المدينة من العرب، وحوالي ستة آلاف من هؤلاء يصنفون كمدمنين حقيقيين بنسبة 2.5% من سكان المدينة، كما أن الأعداد آخذة في الازدياد باستمرار، وتم تسجيل أكثر من 120 حالة وفاة نتيجة جرعات زائدة من المخدرات خلال السنوات الأربع الماضية.

 

تخبرنا المطالعة السريعة للأخبار التي تنشر يوميًا على موقع الشرطة الفلسطينية بحجم التنامي المثير للقلق للظاهرة. حيث يبلغ متوسط عدد حالات الضبط التي يتم نشرها على الموقع الرسمي حوالي ثلاث حالات يوميًا، وبينما يبدو الرقم بسيطًا في الأعين، فإن البيانات الرسمية تشير إلى ازدياد مفزع في حجم الظاهرة على أساس سنوي، حيث ارتفعت نسبة ضبط المواد المخدرة من 65 كغم في 2014 إلى قرابة 900 كغم خلال 2015، منها 700 كغم من الماريغوانا المجففة، و115 كغم من القنب، و13 كغم من الحشيش المخدر، إضافة إلى كيلو واحد من الهيروين وأكثر من 5000 قرص مخدر. ورغم عدم تمكننا من الحصول على أرقام دقيقة بشأن حجم المضبوطات في 2016؛ فإن بيانات الضبط اليومية التي تنشر رسميًا كافية لتكوين شبه صورة عن الظاهرة المتصاعدة.

 

نسبة ضبط المواد المخدرة عامي 2014 و 2015

undefined

 

تباع المخدرات في القدس بشكل علني وفي أماكن معروفة للجميع. من حاجز شعفاط إلى منطقة باب العمود ومغارة سليمان وحي النسيان في سلوان وجبل المكبر والعيسوية والطور والطوارئ وضاحية السلام والبلدة القديمة ووادي قدوم وبيت حنينا، ولكن مناطق الرام والعزيزية وضاحية البريد تعد أكثر المناطق التي تنتشر فيها المخدرات حيث تتزايد معدلات الفقر بشكل كبير.

 

تعاطي المخدرات الخفيفة يمتد ليشمل مصاف كبار القادة السياسيين في إسرائيل، وهناك جدل متجدد داخل الكنيست بسبب مطالبات مستمرة لبعض أعضائه بتقنين تعاطي الحشيش
إسرائيل، المتهم دائمًا
غالبًا ما ترتبط إسرائيل في الخيال الشعبي العربي بالترويج للمخدرات بهدف خدمة مصالحها، سواء للحصول على المال أو تجنيد العملاء أو حتى لمجرد الإفساد بحكم كونها دولة احتلال. ولكن الأوضاع داخل إسرائيل وبين الشباب اليهودي نفسه لا تقل سوءًا بل تزيد.

 

بدأت مشكلة المخدرات في الظهور بشكل واضح منذ الثمانينيات، ولكنها تضاعفت بشكل كبير مع هجرة اليهود الروس التي بدأت في مطلع التسعينيات، حيث عمل العديد منهم في ترويج الهيروين والكوكايين، وهناك أكثر من 300 ألف متعاط للمخدرات في إسرائيل، منهم حوالي 25 ألفًا على الأقل بلغوا حافة الإدمان، وأكثر من مليون شخص يتعاطون الماريغوانا.

 

يمتد تعاطي المخدرات الخفيفة ليشمل مصاف كبار القادة السياسيين في إسرائيل، وهناك جدل متجدد داخل الكنيست بسبب مطالبات مستمرة لبعض أعضائه بتقنين تعاطي الحشيش، في حين تشير البيانات إلى أن 23% على الأقل من سكان إسرائيل سبق أن تعاطوا المخدرات الخفيفة. ولكن الأمر لم يقتصر على التعاطي فحسب؛ ففي 1998 صنفت الخارجية الأميركية إسرائيل ضمن مصاف الدول المنتجة للمخدرات. ووفق تقرير مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في 2013، فإن إسرائيل تحولت إلى نقطة ارتكاز إقليمية لتجارة المخدرات، وقد بدأت الصناعة تتخذ شكلًا نظاميًا في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان مطلع الثمانينات، حيث كانت لبنان دائمًا مصدرًا رئيسًا للمخدرات المتدفقة إلى أوروبا والولايات المتحدة.

 

أنشأ الضباط الإسرائيليون شبكات التهريب عبر الحدود، ومثلت لبنان فرصة هائلة للربح من خلال تهريب المخدرات. في عام 2000 كان كيلو الخشخاش يتكلف حوالي 7000 دولار في وادي البقاع، في حين تتضاعف قيمته بعد تصنيعه إلى هيروين في بيروت إلى 15 ألف دولار، ثم إلى 40 ألف دولار على الحدود، قبل أن يدخل في سلسلة من المضاعفات عبر الشبكات المتتالية حتى يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى أكثر من 600 ألف دولار حين يباع بالملي غرام في شوارع تل أبيب.

 

بفضل القوانين الإسرائيلية الواهية وغياب الرقابة على عمليات غسيل الأموال، تحولت إسرائيل إلى مركز عالمي لتجارة المخدرات. ومع مطلع الألفية الجديدة أصبحت رائدة في صناعة وتوزيع ما يعرف بالمخدرات الخفيفة، وعلى رأسها المخدرات الكيميائية التي يطلق عليها أحيانا "المخدرات القانونية".

 

يعرف هذا النوع من المخدرات أيضا باسم "مخدرات الأكشاك" وتشمل أنواعًا عديدة مثل هايدور، مسطولون، أكسجين، مسترجاي، سبايسي وغيرها. وهي أنواع غير ثابتة وتتطور باستمرار عبر التحايل على جداول الأدوية المخدرة من خلال تطويرها بشكل مستمر عبر خلطها مع بعض النباتات. ينتشر هذا النوع من المخدرات بشكل خاص في المناطق (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية للسلطات الإسرائيلية، والمناطق (ب) الخاضعة للسيطرة المشتركة لقوات الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وغالبًا ما يتم فيها تقييد أنشطة السلطة ومنها مدينة القدس.

 

في الضفة عصابات تقتسم النفوذ كما هو الحال تمامًا في إسرائيل، وفي الأعوام الأخيرة بدأت هذه العصابات في السعي لتقليل تكاليفها عبر استنبات بعض أنواع المخدرات محليًا

في الغالب يتهم المسؤولون الفلسطينيون الاحتلال بترويج المخدرات بشكل متعمد بين الشباب الفلسطيني وبخاصة في القدس. ومن الواضح والبديهي أيضًا أن إسرائيل لا تعبأ كثيرًا بتحجيم انتشار المخدرات في الأماكن العربية الواقعة تحت سيطرتها، وربما تسهم القوانين التي تفرضها دولة الاحتلال في تشجيع انتشار المخدرات، ويعامل القانون الإسرائيلي المدمنين معاملة المرضى وذوي الإعاقات، حيث تقوم مؤسسة التأمين بصرف بدل خاص لهم يصل إلى ألفي شيكل (حوالي 500 دولار) للأعزب وضعف هذا المبلغ للمتزوج، ويزيد البدل مع زيادة عدد الأبناء. إلا أن دولة الاحتلال لا تقوم بتطبيق هذا القانون على العرب في أراضيها إلا إذا ثبت تعاطيهم للهروين لمدة طويلة متواصلة، مقارنة بتطبيقه على الحشيش والكحوليات بين اليهود، وهو ما يزيد من حوافز الانغماس في المخدرات. كما تقوم إسرائيل أيضًا بتطبيق قوانين حماية الطفل على أولياء أمور القصر المدمنين، فتقوم بمعاقبتهم بدفع غرامات كبيرة وربما السجن أحيانًا لمدة قد تصل إلى عشر سنوات إذا قاموا بضرب أبنائهم المدمنين.

 

ونظرا لأن الكثير من أنواع مخدرات الأكشاك تباع بشكل قانوني، فإن مروجي هذا النوع من المخدرات يحظون بالحماية من قبل سلطات الاحتلال، التي تتدخل بشكل سريع لمنع استهدافهم من قبل الأهالي الغاضبين.

 

شبكات التهريب

"بعض العصابات تدخل تلك المخدرات إلى أراضي السلطة عبر الحدود الوهمية من خلال سيارات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية صفراء، لمسافة مئة أو مئتي متر على الطرق الالتفافية أو أطراف المدن أو بالقرب من الجدار، حيث يتم التلاقي والتسليم للمروجين والموزعين في الضفة الغربية أو للمتعاطين بشكل مباشر"

(مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في السلطة الفلسطينية)

 

أدت هذه الأجواء إلى تنامي رأسي في حجم الظاهرة بخلاف تناميها الأفقي بزيادة عدد المتعاطين. على الرغم من أن ترويج المخدرات يعد ممنوعًا قانونيًا داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية؛ فإنها أصبحت هدفًا لشبكات التهريب التي يديرها إسرائيليون أو عرب يحملون هويات إسرائيلية من خلال التنسيق مع موظفي الجمارك وجنود الجيش على معابر الضفة.

 

تتحكم إسرائيل في تلك المعابر. ومن المرجح أنها تتساهل -أو على الأقل تتجاهل- مثل هذه الممارسات. يحكي "أ.م" أحد تجار المخدرات السابقون من مدينة العيزرية أنه بدأ تجارته على مستوى محدود، قبل أن يتمكن من توسيع شبكته ليصل إلى المصادر المباشرة في القدس وبئر السبع والخليل، مؤكدًا أن التواصل مع المصادر الأصلية سمح له بالحصول على مخدرات غير مخلوطة قام بخلطها بنفسه لأجل مضاعفة أرباحه.

 

توجد في الضفة عصابات تقتسم النفوذ كما هو الحال تمامًا في إسرائيل، كما أن العديد من هذه العصابات مسلحة ببعض الأسلحة الخفيفة. وفي الأعوام الأخيرة بدأت هذه العصابات في السعي لتقليل تكاليفها عبر استنبات بعض أنواع المخدرات محليًا خاصة في المناطق (ج) الخاضعة بالكامل للسيطرة الأمنية الإسرائيلية. ويسهل القانون الأردني لعام 1960 المطبق في الضفة أيضًا نشاط شبكات التهريب. حيث يتم بحسب القانون كفالة المتهم بـ 50 دينارًا وإخراجه من السجن لمعاودة النشاط من جديد. كما تترك العقوبات في غالب الأمر لتقديرات القضاة، وغالبًا ما تكون هزيلة وغير رادعة.

 

خطط ممنهجة؟
"في كل مرة كنت أسجن كان المحققون يعرضون عليّ أن أعمل لصالحهم، مقابل أن يصبح لي كامل الحرية في بيع المخدرات".. يواصل "أ.م" حكايته..

 

تم القبض عليه أكثر من مرة من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث كان المحققون يعرضون عليه التعاون للإدلاء بمعلومات حول من يلقون الحجارة أو يمتلكون الأسلحة في القدس مقابل منح الحرية في بيع المخدرات للعرب في المناطق العربية.

 

 لا تعد حكاية "أ.م" غريبة أو متفردة. يحكي شاب آخر تعرض لتجربة إدمان في الخليل أن ضباطًا في المخابرات الإسرائيلية عرضوا عليه العمل لصالحهم في مقابل توفير المال والمخدرات له. وهناك أيضًا شهادات عن قيام جنود إسرائيليين بالبيع المباشر للمخدرات لشباب في الخليل، وقصص عن آخرين وجدوا مخدرات مع شباب أثناء تفتيشهم، ثم تقاسموها معهم مقابل عدم إلحاق الضرر بهم.
 

المسؤولون الفلسطينيون يرون أن أهداف إسرائيل تتجاوز تسهيل انتشار المخدرات إلى ما يصفونه بأنه خطة ممنهجة لإغراق الشباب الفلسطيني بالمخدرات من خلال الجواسيس والعملاء من أجل إضعاف جذوة المقاومة
المسؤولون الفلسطينيون يرون أن أهداف إسرائيل تتجاوز تسهيل انتشار المخدرات إلى ما يصفونه بأنه خطة ممنهجة لإغراق الشباب الفلسطيني بالمخدرات من خلال الجواسيس والعملاء من أجل إضعاف جذوة المقاومة

 
لدى إسرائيل تاريخ مشبوه في توظيف المخدرات لأغراض سياسية. وليس من المستغرب أن تسعى دولة الاحتلال لتجنيد الشباب مستغلة أحد الأسلحة التي تجيد توظيفها. ففي شبه جزيرة سيناء المصرية، لجأت إسرائيل إلى تجنيد العاملين في شبكات تهريب المخدرات عبر الحدود بعد تهديدهم بالعقوبات المرتفعة وإغرائهم بتسهيل أنشطتهم من أجل دفعهم إلى التعاون. يحكي أحد هؤلاء المهربين عن قيام ضابط من الموساد بالاتصال به، حيث طلب منه جمع المعلومات عن تيارات السلفية الجهادية في مقابل أن يسهل له عملية تهريب 10 كغم بودرة كوك خام بسعر مدعم من داخل إسرائيل إلى سيناء.

 

ولكن المسؤولين المدنيين الفلسطينيين يرون أن أهداف دولة الاحتلال تفوق مجرد خدمة مصالحها المباشرة بتجنيد العملاء لجمع المعلومات، وأن دورها يتجاوز تسهيل انتشار المخدرات إلى ما يصفونه بأنه خطة ممنهجة لإغراق الشباب الفلسطيني بالمخدرات من خلال الجواسيس والعملاء من أجل إضعاف جذوة المقاومة ضد الاحتلال.

 

تلقى هذه السردية رواجًا كبيرًا في ظل السرديات المهيمنة حول مركزية توظيف الجنس والمخدرات في خطط الصهاينة للسيطرة على العالم. وتسهل تلك الخلفية المسبقة من عملية نسج خيوط المؤامرة داخل الذهن، فهناك أراض مهمشة لا تتوفر لها أبسط مقومات المعيشة، وشباب مهمش يعاني من البطالة وسوء الحالة المعيشية، وسلطات احتلال تتحكم في كل شيء وتغض النظر عن هذه الظواهر. ولكن بصرف النظر عما إذا كانت إسرائيل تفعل ذلك بشكل ممنهج أم أنها تتجاهله وتسهله رضا عن نتائجه، فإن علينا أن نؤمن أن لوم الاحتلال على كونه احتلالًا وتصرفه بهذا المنطلق لا يمكن أن يكون جزءًا من الحل.

المصدر : الجزيرة