لماذا وصل تأثير محمد صلاح حد الإلهام للشباب المصري؟
يأتي صلاح من قرية صغيرة في محافظة الغربية، حيث يعيش ما يصل إلى 10 ٪ من الناس تحت خط الفقر. وبدأت رحلته في نادي المقاولون في طنطا، من هناك انضم إلى نفس النادي في القاهرة.وكان على صلاح في سن الرابعة عشرة أن يستقل خمس حافلات مختلفة ليذهب للتدريب اليومي في القاهرة.
في عام 2012 ، تم اكتشافه من قبل نادي بازل السويسري، وجذبت فترة نجاحه في الدوري الممتاز السويسري اهتمام جوزيه مورينيو، الذي كان مديراً لنادي تشيلسي لكرة القدم في ذلك الوقت. غير أن الوقت الذي أمضاه صلاح في ستامفورد بريدج لم يكن ناجحا أبدا. وأمضى الكثير من وقته على مقاعد البدلاء. كان صلاح قد لعب لفترات في إيطاليا، مع فيورنتينا وروما، قبل عودته المظفرة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، مع نادي ليفربول.
في أكتوبر / تشرين الأول 2017، سجل صلاح ركلة جزاء أرسلت مصر إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة منذ 28 عاماً. وخلال السنوات العشر الماضية، كنت أتتبع طموحات الشباب في مصر، ولاحظت كيف استمرت التطلعات التي لم يتم الوفاء بها هي ذاتها مع مرور الوقت؛ العثور على وظيفة، وبدء أسرة، والحصول على تعليم جيد. وشهدت أيضًا كيف أن رحلة صلاح إلى النجاح ، بالإضافة إلى عمله الشاق وتصميمه، ألهمت شباب مصر المحبط للتغلب على العقبات التي يواجهونها وتحقيق أهدافهم.
بالنسبة للشباب المصري، فإن اعتراف صلاح بفضل الناس وتواضعه هي السمات التي يعجبون بها أكثر من غيرها. وفي عصر هجرة العقول عندما يعيش ما يصل إلى 10 ملايين مصري في الخارج، يقدم صلاح نموذجا إيجابيا للشاب الذي كافح لتحقيق حلمه ولم ينسى بلده.
في الوقت الذي ينقسم فيه المجتمع المصري سياسيا، يوحد صلاح بين الجميع. ولسنوات، تم تصوير الشباب في الشرق الأوسط بالصورة النمطية التي تقول إنهم إما إرهابيين أو لاجئين. رغم أنهم استطاعوا التجمع في حشود هائلة على مستوى لم يسبق له مثيل خلال انتفاضات الربيع العربي، فإن هؤلاء الشباب الذين يشعرون بالإحباط في هذه الأيام من المرجح أن يصبحوا مستقطبين أو براغماتيين أو متطرفين.
قال أحد الشباب في برنامج تلفزيوني مصري حديثا: "أعاد مو صلاح مصر على الخريطة". إن عرض حذائه في المتحف البريطاني واللقب الذي منحه إياه جمهور ليفربول "الملك المصري" يجلب سعادة وفخرا هائلين في قلوب جميع المصريين. كما يُعد تحسين صورة مصر دوليًا أمرًا بالغ الأهمية، نظرًا لصعوبة صناعة السياحة وصورة مصر السلبية على المستوى العالمي، بعد الإطاحة بمحمد مرسي في 2013.
والأكثر من ذلك، يوفر صلاح مسارًا جديدًا للشباب المحبطين ليتبعوه باعتباره شاب مسلم وسطي، وممارساته البسيطة تؤكد على حرصه بالتمسك بما يؤمن به فهو يسجد بعد كل هدف يحرزه ويصوم رمضان كما أنه سمى ابنته مكة. ولا تتحدى أفعال محمد صلاح هذه الصورة النمطية السائدة عن الشباب العربي فحسب، بل إنها تشجعهم على قبول خلافات بعضهم البعض والتوحد وراء هوية واحدة. وقد أحدثت مظاهر احتفال صلاح تأثيرا واضحا في الهتافات التي يغنيها مشجعو ليفربول، مثل "سأصبح مسلمًا أيضًا "و" محمد صلاح، هدية من الله".
يظهر تفاني الشباب تجاه صلاح في الحياة اليومية في مصر: يرسم الناس صورا له على بيوتهم ويصنعون فوانيس رمضان على شكله ويكتبون على جدران الشوارع اسمه، ناهيك عن المقاهي المزدحمة في كل مرة يلعب فيها، والجيش الرقمي الذي يصوت له في كل مرة يتنافس فيها للحصول على جائزة عبر الإنترنت. وبفضل دعمهم، حصل صلاح على المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة!
إن علاقة صلاح مع الشباب المصري فريدة من نوعها؛ يمثل آمالهم وتطلعاتهم ويشعرهم بالفخر والأمل. حتى أن أحدهم كتب على فيسبوك "ابحث عن محمد صلاح الذي بداخلك وسوف تجده وتنجح في تحقيق حلمك".
في مقابلة تلفزيونية حديثة، كانت رسالة صلاح إلى الشباب المصري بسيطة: "بإمكانك فعل ما تريد. آمن بحلمك واتبعه مهما حدث". وكلمات بسيطة كهذه لها أثر ساحر وواسع وفوري في قلوب الشباب الذين يفرحون لفرحه ويبكون لبكائه.
_________________
ترجمة: الزهراء جمعة
الرابط الأصلي