شعار قسم ميدان

المرشد الأعلى القادم في إيران.. من سيخلف خامنئي؟

ميدان - خامنئي
في 17 يوليو 2016، بلغَ آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، 77 عاماً. وقد انتشرت الشائعات بأنه يعاني من السرطان منذ أكثر من عقد من الزّمن، وفي عام 2014 نشرت وكالة الأنباء التابعة للدّولة صوراً له وهو معافًى من جراحة البروستاتا. ورغم أنّ توقّعات خامنئي لا تزال حذرة، فإنّ الحكومة الإيرانية تتعامل بوضوح مع خلافته على وجه الاستعجال. ففي ديسمبر 2015، تطرّق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس السابق، إلى الموضوع المحرّم عادةً عندما أقرّ علناً بأن مجلساً داخل مجلس خبراء القيادة، وهو الهيئة التي تختار المرشد الأعلى، كان يقوم بالفعل بفحص الخلفاء المحتملين. وفي مارس الماضي، وبعد انتخاب أعضاء جدد للمجلس لولاية مدتها ثماني سنوات، دعا خامنئي نفسه إلى أن احتماليّة أنّهم سيتوجّب عليهم أن يختاروا بديله ليست باحتماليّة "منخفضة".

 

ستشكّل وفاة خامنئي أكبر تغيير سياسيّ في الجمهوريّة الإسلاميّة منذ وفاة المرشد الأعلى الأخير -آية الله روح الله الخميني، وهو الأب الثوريّ المؤسِّس- في عام 1989. فالمرشد الأعلى هو أقوى شخص في إيران، ولديه سلطة مطلقة على كافّة أرجاء الدولة. ويمكن لشخص جديد في هذا المكان أن يغيّر بشكل مثير اتجاه وفحوى السياسات الخارجيّة والداخليّة لإيران.

 

لكن من المحتمل أن يصاب هؤلاء الذين يتمنّون يأملون في أن تكون إيران أكثر اعتدالاً بخيبة أمل. فمنذ أن تولّى خامنئي السلطة في عام 1989، قام ببناء بنية فوقيّة أمنية واقتصاديّة واستخباراتيّة معقدة متكوّنة من التابعين المخلصين بشدّة له ولتعريفه للجمهوريّة الإسلاميّة، وهي شبكة يمكن أن نسمّيها بـ"الدولة العميقة" في إيران. وعندما يموت خامنئي، فستضمنُ الدولةُ العميقةُ أن كل من يحلّ محلّه يتقاسمُ وجهات نظرها المتشددة وسيلتزم بحماية مصالحها.

 

  مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني (1902-1989)

 

الماضي كمقدّمة

عندما مات الخميني، اعتبر المراقبون خامنئي مجرّد واحد من مجموعة بدائل محتملة -وليس البديل الأرجح حتّى. وافتقرَ خامنئي، وهو رجل دين يبلغ من العمر 50 عاماً آنذاك، يفتقر إلى مكانة الخميني الشاهقة. بيد أنّ رفسنجاني، أحد المقرّبين إلى الخميني، قد أخبر المجلسَ اجتماع عقد في 4 يونيو 1989، بعد وفاة الخميني بيومٍ، إنّ الخميني اعتبر خامنئي مؤهلاً لهذا المنصب. وانتخبت المجموعة خامنئي بأغلبيّة 60 صوتاً مقابل 14 صوتاً.

 

وقد تعهّد خامنئي بالحفاظ على الاستقرار بوصفه المرشد الأعلى، قائلاً في خطاب ألقاه في العام الذي تولى فيه الحكم "أؤكد لكم أنّ إيران تواصل سيرها على طريق الثورة الإسلاميّة، ولن تنحرف عن مبادئ الثورة". غير أنّه، في الواقع، سرعان اشترعَ في إحداث تغييرات كبيرة في النظام السياسيّ الإيرانيّ. ونظراً إلى مكانة خامنئي الدينيّة المتوسّطة -فلم يكن خامنئي سوى آية الله وليس آية الله العظمى، أو مرجعاً-، فإنّ انتخابه قد انتهك، تقنيّاً، الدستور الإيرانيّ. لذلك سُرعان ما استفت المؤسسة السياسيّة على مجموعة من التنقيحات الدستوريّة التي قد صدّقَ عليها الخميني بالفعل في محاولةٍ للحدّ من التوترات المتعصّبة بعد وفاته. ولم يقتصر الأمر على تخفيض المؤهلات الدينيّة المطلوبة للمرشد الأعلى؛ إذ إنّهم زادوا أيضاً من سلطة المنصب.

 

وأدت هذه التغييرات إلى القضاء على إمكانية وجود مجلس قياديّ يتراوح بين ثلاثة أو خمسة أشخاص إذا أخفق مجلس الخبراء في انتخاب قائد أعلى. وتمّت إضافة كلمة "المطلق" قبل وصف سلطة المرشد الأعلى في المادة التي تقرّر الفصل بين السلطات، وبالتالي الإفراط من سيطرته على الفروع التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة في إيران. وتمّت كتابة مادّة أخرى لإعطاء القائد الأعلى سلطات جديدة واسعة، بما فيها سلطة حلّ "القضايا في النظام التي لا يمكن حلّها بالوسائل العادية" عبر هيئة دستوريّة جديدة تسمى مجمع تشخيص مصلحة النظام (Expediency Council) والحال أنّ هذه التعديلات قد وضعت عدداً لا مثيل له من السلطة في يد المرشد الأعلى الجديد. وفي السنوات التي تلت ذلك، أثبت خامنئي العزم على استخدام هذه السّلطات الجديدة.

 

آية الله علي خامنئي المرشد الديني والقائد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران (1939) (رويترز)
آية الله علي خامنئي المرشد الديني والقائد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران (1939) (رويترز)

 

صعود الدولة العميقة

تمّ تقسيم الجمهوريّة الإسلاميّة في ظلّ الخميني. فعلى اليسار كان هناك أولئك الذين يسعون للحفاظ على سيطرة الدولة على الاقتصاد وفرض سياسات ثقافيّة معتدلة. أمّا على اليمين، فكان هناك أولئك الذين عبّروا عن عدم رضاهم عن تدخّل الحكومة في الاقتصاد، ولكنهم فضّلوا السياسة المحليّة المستوحاة من الشريعة. وقد جمَّعَ الخمينيُّ النظام معاً في الجزء الأعلى مع دعم من المؤسسة الدينيّة -وهم وسطاء السلطة الأصليّة الكامنة خلف الثورة-، مع إعطاء النفوذ لكل جانب في الآن نفسه. إنّ الحسّ المشترك بالنضال خلال الحرب الإيرانيّة العراقيّة، إلى جانب التأثير الشخصي الهائل للخميني والكاريزما الخاصّة به، حافظ على هذه التوترات من الانكسار خلال فترة حكمه. ولكن كانت هناك تحت السطح انقسامات عميقة.

 

ومع انتهاء الحرب وموت الخميني، دخلَ الاقتتال الفصائليّ والحزبيّ في مرحلة جديدة، وبدأ خامنئي في تعزيز سلطته تدريجيّاً. وخلال فترة ولاية رفسنجاني الأولى من 1989 إلى 1993 كرئيس، تعايش الرجلان سلميّاً، مع تدعيم خامنئي الحذر لخطط رفسنجاني لما بعد الحرب من أجل اللبرلة الاقتصاديّة والتوحيد الإقليميّ، والتسامح حيال جهوده لتعزيز اللبرلة الثقافيّة. سوى أنّ معارضة الأجندة الليبراليّة لرفسنجاني بدأت تتصاعد بين حلفائه المتشدّدين، الذين فازوا في عام 1992 بأغلبّية في البرلمان. وبعد عامين، عارض خامنئي علناً ضدّ رفسنجاني بشأن الميزانيّة، وانتقده بسبب الأزمة الاقتصاديّة المتنامية في البلاد والفساد المنتشر. وتراجع رفسنجاني عن أجندته اللبرلة الثقافيّة وسكّنَ من روع المحافظين من خلال منحهم المزيد من المقاعد في حكومته وزيادة فرص الحصول على الامتيازات الاقتصاديّة. وهكذا، ستستمرّ المنافسة بين خامنئي ورفسنجاني حتى وفاة الأخير، قبلها في هذا العام، مع بزوغ خامنئي على رأس القمة بصورة متكررة.

 

وكانت المشكلة الثانية لخامنئي هي اكتساب السلطة داخل المؤسّسة الدينية. وحظي خامنئي بدعمها شبهِ الإجماعيّ عندما أصبح المرشد الأعلى، وفي عام 1994، أعلنت جمعية معلمي قم الثانوية، وهي مؤسسة دينّية وسياسيّة مهمّة، خامنئي باعتباره مرجعاً. بيد أنّ عدداً من العلماء شكّكوا بقوة في مؤهلات خامنئي اللاهوتيّة. ولمواجهة ضعفه المُدرَك، شرع خامنئي في رحلة دامت عشرات السنين لبناء دعم دينيّ. وفرضَ البيروقراطيّة المُسيطر عليها من قبل الدولة على قمة الهيكل الدينيّ في قمّ التي جردت آيات الله من استقلالهم الماليّ الذي كانوا يعتزّون به ذات مرّة ووضعَهم تحت سيطرته الضمنيّة. وكافأ مؤيديه بمواقف سياسيّة وامتيازات ماليّة حرمَ منها منتقديه. وتمكّن خامنئي، بهذه السيرورة، من إخضاع مجلس الخبراء، وهي الهيئة الوحيدة التي لها السلطة الدستوريّة لمراقبته.

 

كما قلّص خامنئي أيضاً، على مدار السنين، بشكل مطّرد من دور الحكومة المنتخبة في إيران، ممركزاً السلطةَ في مكتبه والكيانات الحكوميّة التي تقع خارج الرقابة الحكوميّة. وفي عام 2011، أنشأ هيئة مكّلفة بحل النزاعات بين مختلف فروع الحكومة وعيّنَ رئيسها. وأنشأ المجلس الاستراتيجيّ للعلاقات الخارجية، ومجلسه الاستشاري الشخصيّ بشأن السياسة الخارجيّة، وأنشأ جهازاً استخباراتيّاً موازياً والذي نما بصورة أكثر قوة من قوّة الحكومة المنتخبة. وبينما اعتمد الخميني على زمرة صغيرة من المسؤولين لإدارة مكتبه، فإنّ خامنئي قد وضع الآلاف من ممثليه المباشرين وغير المباشرين في الوزارات الحكوميّة والجامعات والقوات المسلحة والمؤسسات الدينيّة في جميع أنحاء البلاد، وجميعهم يقدمون إليه أو إلى مكتبه.

 

علي أكبر هاشمي رفسنجاني إلى جاني الخميني، شغل العديد من المناصب منها رئاسة البرلمان والجموهورية لدورتين (1934-2017) (رويترز)
علي أكبر هاشمي رفسنجاني إلى جاني الخميني، شغل العديد من المناصب منها رئاسة البرلمان والجموهورية لدورتين (1934-2017) (رويترز)

 

الحرس الراسخ

الأنكى من ذلك أنّ خامنئي قد أقام علاقة قويّة مع فيلق الحرس الثوريّ الإسلاميّ، وهو القوّة العسكرية الموازية بجوار الجيش النظاميّ، والموالي للمرشد الأعلى، والذي هو مُكلَّف بحماية أمن إيران وطابعها الإسلاميّ. كما إنّ نهجه كان ماليّاً إلى حدّ كبير. فعلى مدى العقدين الماضيين، لمّا سلكت إيران على نحو متقطع سبيل اللبرلة الاقتصاديّة، ساعد خامنئي الشركات التابعة لشركات الحرس الثوريّ الإيرانيّ المملوكة من جانب الدّولة في الشّراء بأقلّ الأسعار الموجودة في السّوق، ووجّه التعاقدات الحكوميّة الرابحة إلى سبيلها.

 

إنّ ما يتعني به المسؤولون في الدولة العميقة بصورة كبيرة الآن هو الدفاع عن مؤسساتهم ضد ما أسموه "حرباً ناعمة" بقيادة الغرب. إنّهم يرون أنفسهم حرّاساً دائمين ضدّ الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيّون لتقويض إيران

وعلى إثر ذلك، غدا الحرسُ الثوريّ الإيرانيّ قوّة تجارية لها مليارات الدولارات تضمّ مئات الشركات. وتوظّف هذه الشركات مئات الآلاف من الإيرانيين بشكل مباشر، ويعتمد الملايين بصورة غير مباشرة عليها في معاشهم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يسيطر الحرس الثوريّ على شركة ختام الأنبياء للإنشاءات، والتي تعدّ أكبر شركة هندسيّة في إيران ويعمل بها أكثر من 160،000 شخص.

 

ولمّا نمت القوّة الاقتصاديّة للحرس الثوريّ، كان له استعداد لتأكيد نفسه سياسيّاً. وجاءت اللحظة الحاسمة في عام 1999، حينما خرجَ آلاف الطلاب إلى الشوارع احتجاجاً على إغلاق صحيفة إصلاحيّة. حيث كتبَ أربعة وعشرون قائداً من قيادة الحرس الثوريّ رسالةً غاضبة إلى الرئيس محمد خاتمي، وانتقدوه لعدم وقف التظاهرات، وناشدوه ضمنيّاً بالاستقالة. فكتبوا "لقد بلغ صبرنا منتاه"، "ولا نعتقد أنه من الممكن التسامح مع أيّ شيء آخر إذا لم يتمّ التصدي لذلك". وكانت هذه هي المرّة الأولى التي يتدخّل فيها الحرس الثوريّ بصورة مباشرة في السياسة، وقد حيّدت هذه الحركة الأجندة الإصلاحيّة لخاتمي. ونجحت الدّولة العميقة لإيران في إحداث انقلاب ناعم ضدّ حكومتها.

 

ومنذ ذاك أُضعف الإصلاحيّون وصاروا في الخلف مع تنامي الدولة العميقة. واستمرّ هذا التوجّه في رئاسة محمود أحمدي نجاد، الذي تولى مهام منصبه في عام 2005. كما كان هناك المزيد من المكاتب الحكومية والمقاعد البرلمانية التي غدت يعقدها أعضاء الحرس الثوريّ، وأيضاً سيطرت المنظمات المرتبطة بالحرس الثوريّ على معظم الكيانات التي خُصْخِصَت مؤخرا في ذلك الوقت. ثم حلّت الانتخابات الرئاسيّة المثيرة للنّزاع في عام 2009. فبعدما اندلعت احتجاجات الحركة الخضراء، أشرف الحرس الثوريّ على نهج القمع؛ ممّا زاد من قوّة سلطته.

 

إنّ ما يعتني به المسؤولون في الدولة العميقة بصورة كبيرة الآن هو الدفاع عن مؤسساتهم ضد ما أسموه "حرباً ناعمة" بقيادة الغرب. ومع تفاجئهم على حين غرّة بالتظاهرات في عام 2009، فإنّهم يرون أنفسهم باعتبارهم حرّاساً دائمين ضدّ الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيّون لتقويض إيران. وبينما تستعدّ الدولة العميقة لخلافة خامنئي، فإنّها ستفتّش عن مرشح يمكن أن يساعدها على مواصلة هذا الصّراع.

 

خلال إحدى اجتماعات مجلس الخبراء الإيراني أو مجلس خبراء القيادة (رويترز)
خلال إحدى اجتماعات مجلس الخبراء الإيراني أو مجلس خبراء القيادة (رويترز)

 

وفي الساعات التي ستتلو موت خامنئي، فمن المحتمل أن يعقد رئيس مجلس الخبراء جلسةً طارئة لاختيار خليفةً ما. وعلى الرغم من أنّ العملية ليست راسخة -أو منصوصاً عليها دستوريّاً-، فهناك سابقةٌ تشير إلى أنّ المجلس سيختار أحد أعضائه البالغين عددهم 88 عضواً.

 

ولأنّ الأعضاء يعتنون بصورة كبيرة بحماية الدولة العميقة في إيران، فالمرجّح أن ينتخبوا خبيراً شابّاً نسبيّاً يبدو قادراً على حفظ الاستقرار لفترة طويلة قادمة. وسيتمتّع مثل هذا المرشح، مثله مثل خامنئي، بنزعات أيديولوجيّة متشددة -من حيث السياسة الداخليّة والخارجية-، وسلطة دينيّة مناسبة ولكنها ليست شاملة، وخبرة تنفيذيّة جيدة. والأهم من ذلك، أنه سيحترم مصالح الدولة العميقة ويسمح لها بالعمل دون تدخّلٍ. وتستبعد هذه المعايير المرشحين الثلاثة الذين غالباً ما يتمّ ذكرهم في هذا الصّدد: حسن الخميني -حفيد الخميني-، والرئيس حسن روحاني، ومجتبا خامنئي -ابن خامنئي-. إذ لا تثق الدّولة العميقةُ في الأوّلين لميولهم الإصلاحية، والثالث ليس لديه قاعدة شعبية داعمة. وعوضاً عن ذلك، من المرجّح أن يكون المرشد الأعلى القادم أهو حد الرجال الثلاثة: صادق لاريجاني، أو محمود هاشمي شهرودي، أو إبراهيم رئيسي.

 

المتشدّد الفاسد

لقد وُلِدَ الرئيس الحالي للسلطة القضائيّة في إيران، صادق لاريجاني الذي يبلغ من العمر 56 عاماً، في النجف بالعراق، لأسرة ذات نفوذ؛ إذ كان والده، ميرزا هاشم أمولي، آية الله الكبرى المبجّل، وإخوته الأربعة قد ارتقوا كافّة إلى مناصب عليا داخل الحكومة الإيرانيّة. ومُعيّناً بوصفها عضواً منتخباً لمجلس الخبراء منذ عام 1998، فإنّ لاريجاني في مجلس صيانة الدستور -الذي يوافق على المرشحين للبرلمان، ومجلس خبراء القيادة، والرئاسة- في عام 2001، وعُيِّنَ في منصبه الحالي في السلطة القضائية عام 2009.

 

يحوز لاريجاني على مؤهلات دينيّة لا تشوبها شائبة. فقد درس على يد والده وآية الله الكبير، حسين وحيد خراساني، وبدأ بتعليم أعلى مستوى من التعليم الدينيّ عندما كان عمره 30 عاماً فحسب. وكتبَ باستفاضةٍ عن الشّمائل الفلسفيّة للحكومة الإسلاميّة. في الواقع، فإنّ أفضل وصف للاريجاني هو أنّه متشدّد أصيل. إذ يعارض لاريجاني، بوصفه عضواً من الجناح اليمينيّ المتطرّف في جمعيّة مدرس قُم التعليميّة، تخفيف المعايير الاجتماعيّة والدينيّة ويعارض لبرلة النّظام السياسي الإيرانيّ. مثلما يناصر سياسة اللاتسامح مطلقاً تجاه المعارضة؛ ففي مؤتمر لمسؤولي القضاء عام 2015، تحدث عن إجراءات حازمة ضدّ المعارضة الداخليّة، قائلاً "لا يمكننا أن نتبادل المجاملات معهم".

 

رئيس السلطة القضائية في إيران صادق لاريجاني (1961) (رويترز)
رئيس السلطة القضائية في إيران صادق لاريجاني (1961) (رويترز)

 

مثله مثل المرشد الأعلى، فإنّ لاريجاني لديه وجهة نظر معادية للغرب. فبعد أن حقّق المعتدلون الداعمون لرفسنجاني وروحاني مكاسب في انتخابات مجلس خبراء القيادة في فبراير 2016، أصدر لاريجاني بياناً اتهم المعتدلين بالتعاون مع المملكة العربيّة السعوديّة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وقد جعلته مواقفه التي لا هوادة فيها في صراع مع عدد غير قليل من أعضاء المؤسسة السياسيّة على مرّ السنين، بمن في ذلك أحمدي نجاد ورفسنجاني.

 

غير أنّ لاريجاني أبدى تفانياً مطلقاً للمرشد الأعلى. لم يدَّعِ بتاتاً حيازته على مكانة آية الله العظمى، الأمر الذي يدلّ على احترامه لسلطة خامنئي. ويؤيد فكرة أن جمعية خبراء القيادة يجب أن تمارس إشراف ضئيلاً على المرشد الأعلى، وهي وجهة نظر متطرفة داخل الجمعيّة. وقد وصفَ خامنئي لاريجاني بأنه "عالمٌ بارع وورع، وشجاع، وذكيّ، وثوريّ مجتهد -أي مفسِّر موثوق للشريعة الإسلاميّة-"، وكافأه على ولائه بترقيته له إلى مناصب هامة.

 

وكرئيس للسلطة القضائيّة، فقد جنى لاريجاني غضبَ الإصلاحيين وإعجاب المتشددين لإنزاله عقوبات شديدة على المتظاهرين في الحركة الخضراء -ناهيك عن أنّه قد حاز مكاناً في قائمة منتهكي حقوق الإنسان للاتحاد الأوروبيّ-. لقد أقام لاريجاني علاقاتٍ طيّبة مع الحرس الثوريّ، الذي ساعد ذراعه الاستخباراتيّ السلطةَ القضائيّة في السنوات الأخيرة من خلال احتجاز النشطاء واستجوابهم. وأظهر لاريجاني حماسته المحافظة، وهاجمَ بشغف روحاني لدعم الاتفاق النوويّ. وبجانب نفوذه، يترّأس لاريجاني مجلس أمناء جامعة الإمام الصادق، الذي يقوم بتدريب الضبّاط المدنيين على المناصب السياسيّة الرئيسة في الجمهوريّة الإسلاميّة. ومنحه انخراطه في مثل هذه المؤسّسات المحوريّة فهماً عميقاً لمتاهة السّلطة في إيران.

 

ثمّة عقبة رئيسة واحدة تقف في طريق لاريجاني: حيث تعرّضت أسرته في السنوات الأخيرة للهجوم بسبب الفساد. وفي عام 2013، أخرجَ أحمدي نجاد شريط فيديو في البرلمان ادّعى فيه أنّ أحد إخوة لاريجاني يتاجر بعلاقاته الأسرية، واتهم أعضاء البرلمان لاريجاني بتحويل الأموال العامّة إلى حساباته المصرفيّة الشخصيّة. ورغم أنّ هذه الادعاءات فُنِّدت في نهاية المطاف، إلا أنها لا تزال قادرة على عقبة تمنع من صعود لاريجاني إلى المنصب الأعلى في إيران إذا خلصَ أعضاء المجلس إلى سمعته ملطّخة ببساطةٍ.

 

المرشَّح المؤهّل للخلافة

إن شاهرودي، الذي كان سلف لاريجاني في رئاسة الهيئة القضائيّة، هو مرشح مقبول لأن يكون المرشد الأعلى بالمقدار نفسه. مولوداً في أسرة لرجال دين في كربلاء والعراق، هاجر شاهرودي، البالغ من العمر 68 عاماً، إلى إيران بعد الثورة الإسلاميّة 1979 بفترة وجيز، هناك حيث عمل كوسيطٍ بين الجمهوريّة الإسلاميّة والمعارضة الشيعيّة العراقيّة لصدّام حسين. وقد صعدَ بعد وفاة الخميني، عندما عيّنه خامنئي في مجلس صيانة الدستور. وفي عام 1999، عُيّن شهرودي رئيساً للسلطة القضائيّة، وخدم في هذا المنصب حتى نهاية فترة ولايته في عام 2009. وكان شاهرودي على علاقة طويلة وقريبة مع خامنئي. وهو يتقاسم مع المرشد الأعلى رؤيته للعالم المعادية للولايات المتحدة ومواقف سياسيّة خارجيّة متشددة، لكنه تحاشى، عكس خامنئي، السياسة الفصائليّة.

 

محمود الهاشمي الشاهرودي (1948) (رويترز)
محمود الهاشمي الشاهرودي (1948) (رويترز)

 

في الغالب، ما يميز شهرودي هو مؤهلاته الإسلاميّة. إذ يحمل شهرودي اللقب "السيّد" الشرفيّ، أي أنه يُعتبر من سلالة النبي محمّد. وعندما كان الخميني محاضراً في المنفى بالنجف، درس شهرودي على يديه وعلى يد غيره من العلماء الموقرين. وفي عام 2010، أعلن شهرودي نفسه آية الله الكبرى، ونشر مجموعة من الفتاوى. ومع وجود صلات قوية مع أطراف من الطائفة الشيعيّة في العراق، يتمتّع شهرودي بسلطة دينيّة تمتد إلى خارج إيران، الأمر الذي يكسبه باعاً على منافسيه لتولي منصب المرشد الأعلى. لكن علاقته بجمعيّة معلمي مدرسة قُم التي كان عضوا فيها كانت أقل نجاحاً؛ ففي عام 2012، حاول أن يكوّن مجموعة دينيّة منافسة أكثر شمولًا، لكنه سرعان ما وجد ردّ فعلٍ عكسيّاً من رفاقه آيات الله الذين اتّهموه بزرع الفتنة.

 

مشتهراً بشخصيته الودودة، تجنّب شهرودي إلى حد كبير السياسة الفصائليّة والحزبيّة.. فقد حافظ على علاقاته مع دائرة أحمدي نجاد من المتشدّدين، وأيضاً مع جماعة رفسنجاني الإصلاحيّة

وقد أبدى شهرودي، بوصفه رئيساً للسّلطة القضائيّة، معارضة أقلّ للمعاملة القاسية التي يُعامَل بها المعارضون والناشطون السياسيّون. والحال أنّه بذلَ محاولات فاترة للإصلاح، والتي لم تحقّق سوى النّذر القليل. فلم تفعل جهوده لمحاربة الفساد في السلطة القضائية الشيءَ الكثير -في الواقع، تكهنت الصحافة بأنّ العديد من شركائه فاسدون-. وأثبت أحد القوانين البرلمانيّة التي أيّدها عام 2004 أنّ مراقبة أداء المحاكم والمحققين أثبتت فشلها، وكذلك محاولاته لإنهاء الحبس الانفراديّ والتعذيب. وبينما تبدو هذه الجهود صادقة، باعتبارها من داخل النّظام، إلّا أنّ شهرودي لم يدفع أبداً لإصلاح على نطاق واسع.

 

يمتلك شاهرودي خبرة كبيرة بأعلى مستويات السّلطة والنفوذ. فإلى جانب الوقت الذي قضاه في رئاسة السّلطة القضائية وفي مجلس صيانة الدستور، عمل شهرودي في المجلس الأعلى للثورة الثقافيّة -الذي يضع السياسات المتعلّقة بالأعراف الاجتماعيّة الإيرانيّة-. وفي مارس، تمّ تداول اسمه كمرشّح محتمل لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام -الذي يحكم في المنازعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور-، وهو ترويج مهمّ وكبير. بيد أنّ تأثير شهرودي لا يمتد لأكثر من ذلك؛ إذ لا يبدو أنّه على علاقة قويّة بالمسؤولين العسكريين أو الأمنيّين.

 

مشتهراً بشخصيته الودودة، تجنّب شهرودي إلى حد كبير السياسة الفصائليّة والحزبيّة. فخلال مظاهرات عام 2009، لم يقل سوى القليل عن الأحكام القضائيّة الصادرة بشأن المتظاهرين. وقد حافظ على علاقاته مع دائرة أحمدي نجاد من المتشدّدين، وأيضاً مع جماعة رفسنجاني الإصلاحيّة. غير أنّ عدم وضوح شهرودي وتجنّبه للوقوف في جانب طرف ضدّ طرف قد يدفع البعض داخل الدّولة العميقة إلى اعتباره غير موثوق به، وقد يوضّح السبب في لماذا فشلت محاولتاه في الترشّح لمجلس خبراء القيادة.

 

اختيار الدّولة العميقة

منذ بواكير العام الماضي، برز إبراهيم رئيسي بوصفه المرشّح المفضل لأن يصبح المرشد الأعلى المقبل في إيران. وعُيِّنَ رئيسي، البالغ 56 عاماً، في مارس 2016 رئيساً لمؤسّسة أستان قدس رضوي، وهي منظمة خيريّة ضخمة يسيطر عليها مكتب المرشد الأعلى، وتدير ضريحاً يجذب الحجاج الدينيين من إيران وخارجها. في هذا المنصب، يشرف رئيسي على الإمبراطوريّة التجاريّة مترامية الأطراف للمؤسّسة، والتي تبعث الهبات المالية للجمعيّات والمؤسّسات الدينيّة. على الرغم من أن رئيسي ليس معروفاً جيداً في وسط الجمهور الإيرانيّ، فسيبدي تعيينه الجديد صورته بصورة أوضح للجمهور بلا شكّ.

 

 إبراهيم رئيسي (1960)

 

تخصّصَ رئيسي مهنيّاً في القضاء. ففي عام 1980، عندما كان عمره 20 عاماً فحسب، كان من بين أوّل مجموعة من رجال الدين الشباب الذين دخلوا في نظام المحاكم الإسلاميّة الذي تمّ إنشاؤه حديثاً، وتدرّج في القضاء بصورة مطردة. وبعد رئاسته للفريق الذي يشرف على الفساد في الكيانات المملوكة للدولة، تمّ تعيينه نائباً لرئيس القضاء في عام 2004. وبعد ذلك بعام، بحسب تقارير صحفيّة، طلبَ منه أحمدي نجاد قيادة وزارة الاستخبارات والأمن، لكن رئيسي رفض العرض، مفضلاً أن يحتفظ بمنصبه الأقوى في السلطة القضائية. وفي عام 2014، عَيّنَ لاريجاني -رئيس البرلمان- رئيسي باعتباره المدعي العام في البلاد. وترك رئيسي بصمته في هذا المنصب حينما قرّر أن يفتح تحقيقاً في مجموعة هجمات شنّها أناسٌ مجهولون على نساء في مدينة أصفهان عن طريق استخدام ماء النار.

 

إنّ أكبر عائق في وجه رئيسي هو خلفيته الدينيّة المتواضعة. فهو ليس رجل دين مرموقاً، ولم ينشر سوى القليل عن المعرفة الدينيّة اللاهوتيّة، ولم يدرّس في المعاهد الدينيّة المعروفة. وعلى عكس لاريجاني وشهرودي، إنّ رئيسي ليس عضواً في جمعية مدرسين قُم التعليميّة، كما أنّه لم يكن بتاتاً في مجلس صيانة الدستور. ورغم أنّه درس على يد خامنئي في أوائل التسعينيّات، وأقام صلات وثيقة مع جماعة المرشد الأعلى، إلّا أنّ ارتباطه برجال الدّين بقي محدوداً. وفي محاولة لتعزيز شهاداته الدينيّة، بدأَ رئيسي في تدريس دورات الدراسات العليا في علم الكلام في جامعة الإمام الصادق. وفي عام 2016، بدأ رئيس في استخدام كنية "آية الله". ويعمل رئيسي أيضاً بوصفه المدعي العام في المحكمة الدينيّة الخاصّة، وهي الهيئة التي تعاقب رجال الدين على مخالفاتهم، وهو عضو في المجلس الذي يشرف على المعاهد الدينيّة في مدينة مشهد، وهي ثاني أكبر مدينة في إيران.

 

وبرغم فقر خلفيته الدينيّة، إلّا أنّ رئيسي يتمتّع باحترام كبير من زملائه الأعضاء في مجلس خبراء القيادة. حيث تمّ انتخابه في المجلس عام 2006، وبعد عامين فقط، صوّت له أقرانه ليحل محل روحاني على رئاسة المجلس، التي تعمل كمجلس اتصال مع مؤسّسات الدولة الأخرى. كما يشغل رئيسي منصب أمين اللجنة التي تعنى بالإشراف على المرشد الأعلى بمجلس خبراء القيادة.

 

ليس رئيسي سوى متشدّد في واقع الحال. إذ ينحدر من الفصيل المتطرف من رابطة رجال الدين المقاتلين، وهي جماعة سياسيّة محافظة. وفي عام 1988، انخرط رئيسي، بصفته مدعياً عامّاً، في عمليات الإعدام الجماعيّة للسجناء السياسيين، بمن فيهم أعضاء مجاهدي خلق المنفية التي تدعو إلى الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة.

 

 

ولعلّ الأهمّ من ذلك أن رئيسي، من بين كافّة المرشحين، هو الذي لديه أقوى العلاقات مع الدولة العميقة. ففي العام الماضي، قام قائد الحرس الثوريّ الإيرانيّ بزيارة لرئيسي في مشهد مع كبار الضّباط لتقديم تقرير عن الأنشطة الإقليميّة السريّة للمجموعة. ويمكن رؤية رئيسي، في صور الاجتماع، جالساً على كرسيّ، بينما ضيوفه جلوسٌ على الأرض، وهو مشهدٌ مهمّ من الاحترام والثقة لمؤسسة أمنيّة حريسة على أسرارها. وعلى مدى عشر سنوات، كان رئيسي عضواً في مجلس إدارة شركة سيتاد، وهي شركة قابضة تحت سيطرة خامنئي، لها مصالح في قطاعات الأدوية والعقارات والاتصالات والطاقة في إيران، وتملك الشركة، حسب رويترز للأنباء، أصولاً تبلغ نحو 95 مليار دولار.

 

التنبؤ بما لا يمكن تنبّؤه

إنّه لمن المغري أن نأمل أن لو يعود -عندما يموت خامنئي- الإصلاحيون الإيرانيون إلى السطح لمجابهة المتشددين وتحدّيهم. ولكن مع موت رفسنجاني انتهى معه احتمال حدوث أيّ تحد داخليّ. والحال أنّ مسألة مَن سيخلفُ خامنئي ستجبر مختلف الفصائل السياسية الإيرانيّة على الوحدة، وكافّة هذه الفصائل لا تزال مكرّسة لحماية الدولة قبل كلّ شيءٍ.

 

وفي الوقت نفسه، تم تحييد الحركة الخضراء بالعنف والتخويف. وقد تمّ تهميش خاتمي منذ أن وُضِع تحت إشراف وثيق من الدّولة في عام 2009 -وحتى عندما كان رئيساً، لم يحاول حقّاً تحدي الدولة العميقة-. أمّا روحاني، الذي يعتبر معتدلاً في إيران اليوم، فهو أيضاً ابنُ النظام السياسيّ، وعندما يقتضي الأمر، سيقف معهم، رغم خلافاته العميقة مع المتشدّدين. وكما هو الحال بالنسبة إلى باقي المؤسسات الإيرانية، فإنّ روحاني ليس عنده رغبة في إحياء احتجاجات عام 2009، أو السماح لانتشار الربيع العربيّ في بلاده.

 

 رجال الدين يحضرون اجتماع  مجلس الخبراء (رويترز)
 رجال الدين يحضرون اجتماع  مجلس الخبراء (رويترز)

 

وبينما تستعد إيران للتحوّل السياسيّ فيها، فإنّه من المهمّ أن نرى الجمهوريّة الإسلاميّة على ما هي عليه، وليس على ما قد يأمل المرء أن تكون عليه. وبالنظر إلى القوة الراسخة لدولة عميقة، فمن المرجح أن تحاول إيران توسيع نفوذها الإقليميّ. وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الغرب، فالمرجّح أن تواصل استراتيجيّتها الحذرة والبراغماتيّة، وتواصل التعاون في بعض القضايا، على سبيل المثال، المساعدة في الكفاح ضدّ تنظيم الدّولة الإسلاميّة، بينما ترفض ذلك بشأنٍ مثل الحفاظ على عدائها تجاه إسرائيل. وطالما أنّ الولايات المتحدة التزمت من جانبها بالاتفاق النوويّ، فإنّ إيران ستواصل التمسك بالاتفاق. ولكن من الغباء أن نأمل أن يؤدي الضغط من إدارة ترمب إلى خصول تغيير سياسيّ في إيران.

 

أمّا خامنئي، فيريد انتقالًا مستقراً، ويعتمد على الدولة العميقة لضمان ذلك. ففي خطاب ألقاه عام 1996 أمام مجموعة من قادة الحرس الثوريّ الإيرانيّ، قام بتقسيم الإيرانيين إلى جماعتين، هما "العوامّ"، أي الناس العاديين، و"الخواصّ"، أي هؤلاء الذين يتحمّلون المسؤوليّة، وشدد على أهمية "تفاني الخواصّ في تحقيق مُثل الجمهوريّة الإسلاميّة"، حسب تعبيره. فقال "يلهثُ البعض وراء شهوات العالم الماديّ، والمؤمنون هم فقط أولئك الذين لا يزالون ملتزمين ومخلصين". وكما يرى خامنئي، فإن بقاء إيران يرتكز إلى شبكته المبنيّة بعناية من تلاميذه وأتباعه. وستستمرّ هذه الشبكةُ، في جميع الاحتمالات، في الحفاظ على الجمهوريّة الإسلامية لفترة طويلة بعد موته.
 

==================================================
 

المقال مترجم عن: هذا الرابط 

المصدر : الجزيرة