شعار قسم ميدان

صراع البرلمان والرئاسة.. هل تسير كردستان العراق نحو الحرب الأهلية؟

midan - iraq

"لماذا أشارك بالانتخابات وأضيع وقتي؟ لقد شاركت بالاستفتاء العام الماضي، وبدلا من أن نكسب أي شيء؛ خسرنا كل شيء"

   

بقدر ما بدت كلمات الشاب الثلاثيني القاطن في عاصمة إقليم كردستان العراق "أربيل"، "عمر فاروق"، غير حاملة لأي تفاؤل سياسي أو قومي بحال، إلا أنها حملت واقعية عكست الجو العام الذي هيمن على الانتخابات البرلمانية في كردستان العراق، في الثلاثين من (سبتمبر/ أيلول) الفائت. (1) فلم تكد تمر الذكرى السنوية الأولى على استفتاء استقلال كردستان عام ٢٠١٧؛ حتى وجد أكراد العراق أنفسهم مرة أخرى أمام صناديق الاقتراع، ولكن هذه المرة، مثل عمر، مثقلين بخيبة نتائج العام الماضي التي عززها المحيط الخارجي المتوجس، من بغداد إلى طهران ومن أنقرة إلى واشنطن، بما فرض نوعا من عزلة لم تنته تمامًا عقب الاستفتاء، وهي عزلة عززت بالمقابل الانقسامات الكردية – الكردية، سياسيا واجتماعيا، بما سينعكس على الانتخابات وما بعدها، في أجواء متوترة من أربيل إلى السليمانية وانتقلت بدورها لبغداد، التي شهدت كذلك انقساما كرديا – كرديا للمرة الأولى حول اختيار الرئيس العراقي، وهو انقسام لم ينته بداهة حتى بعد اختيار الرئيس الجديد.

 

كانت الخسائر الراهنة لاستفتاء الاستقلال عام ٢٠١٧، بداية كل الصدوع، هي خسران المناطق الهامة التي استطاع الأكراد انتزاعها، فضلًا عن تحفظ الحلفاء الإقليميين والدوليين على التعامل مع الأكراد، لكن الخسائر طويلة الأمد -التي يبدو أثرها اليوم- كانت فقدان الحزب الكردي الأكبر: "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بقيادة الزعيم التاريخي مسعود بارزاني، والذي دعم وروج ودفع للاستفتاء حينها، فقدانه لصوته المرتفع وشعبيته ورصيده السياسي، بتحميله مسؤولية هذه الخسائر لعدم قراءته المعطيات السياسية بشكل واقعي صحيح، في حين كان غريمه "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي غيّب الموت زعيمه التاريخي "جلال طالباني"، يعاني من عدة أزمات هيكلية أخرى، سواء على مستوى القيادة التي تشهد فراغًا للزعامة في ظل عدم وجود رمز يوازي "طالباني"، أو على مستوى القواعد حيث شهد الحزب انشقاقات متتالية لصالح أحزاب أخرى أصغر، مثل "جوران" و"الجيل الجديد".
 

أغرى هذا الصدع لدى القطبين الكبيرين في كردستان العراق كلّا منهما بالآخر، وهو أكثر ما بدى بانقلاب "الديمقراطي" على الاتفاق السياسي غير المعلن بين الغريمين حول منصب رئاسة العراق، والذي يقضي باستلام حزب طالباني لرئاسة العراق مقابل إبقاء رئاسة كردستان بيد حزب بارزاني، إذ طرح بارزاني للمرة الأولى منذ عام 2005 مرشحه للرئاسة دون أن يفوز كما كان متوقعا، في حين استطاع "الديمقراطي" الحفاظ على الصدارة في الانتخابات البرلمانية الكردية. وبهذا الفوز، ورغم امتلاك "الوطني" لمفاتيح بغداد الآن عن طريق منصب الرئاسة؛ يملك "الديمقراطي" ورقة ضغط على "الوطني" تمكنه من إقصاءه من تشكيلة الحكومة في الإقليم، في خلافات ليست أكثر من امتدادات للانقسامات الواسعة بين الغريمين، ستفتح جميع الاحتمالات، بما فيها عودة شبح الحرب الأهلية ليطل برأسه مجددا على منطقة كانت الأكثر استقرارا في العراق لأكثر من عشرين عاما.

    

  

الحرب الأهلية

لفهم الانقسام الحالي، يجدر بنا الرجوع (لسبتمبر/أيلول) عام ١٩٩٨؛ وهو عام شهد توقيع كل من بارزاني وطالباني بالعاصمة الأمريكية واشنطن لاتفاقية سلام لإنهاء الأعمال العدائية وتقاسم السلطة، بعد أربعة أعوام من الحرب الأهلية هناك والتي راح ضحيتها ما يقارب الخمسة آلاف شخص، بما قدم الأمل والاستقرار لملايين الأكراد في عراق وإقليم مضطربين، دون أن يتجاوز وصف "تقاسم السلطة" بحال ودون أي محاولات للوحدة أو التكامل؛ فانطلاقا من المعاقل الجغرافية التاريخية لكل من "الوطني" في جنوب كردستان العراق وعاصمته السليمانية، و"الديمقراطي" في شماله وعاصمته أربيل؛ استطاع كلا الحزبين تشكيل شبكاتهم السياسية والاقتصادية حول القيادات وعائلاتها، بدءً بفصل ميليشياتهم المسلحة "البيشمركة" بين "بيشمركة أربيل" و"بيشمركة السليمانية" إن صح القول، مرورا بالإمبراطوريات الاقتصادية المتنافسة لكلا العائلتين، وصولا إلى الاتفاق أعلاه حول منصب رئيس الجمهورية(2).

 

لكن بارزاني تلقى صدمة الاستفتاء، بينما غيّب الموت طالباني ليستلم الحزب من بعده أرملته وابنه، في أجواء مليئة بالشكوك ونقاط الضعف التي أغرت كلا الطرفين بالانقلاب على الاتفاق، بحثا عن مزيد من السيطرة الجغرافية والسياسية ضمن مناطق الآخر، إضافة للخلاف الأيام الماضية حول اختيار رئيس الجمهورية، بالدعاية الحادة غير المسبوقة والتهديدات المرافقة للانتخابات البرلمانية الكردية.

 

 

قبل أسبوع واحد فقط من الانتخابات، في ٢٣ سبتمبر/أيلول الماضي؛ وفي زيارة نادرة للسليمانية عاصمة غريمه طالباني؛ أعلن بارزاني بوضوح أنه «لا يمكن التقارب مع أي جهة تحارب نهجنا وتعاديه»، حد تعبيره، في إشارة لـ "الاتحاد الوطني" الذي اتهمه كذلك بـ «تدمير(3) الوحدة الكردية بسبب ما فعله بعض قياداته»، بما فيهم "بافل طالباني"، بمساعدة القوات العراقية والحشد الشعبيي المدعوم إيرانيا بالسيطرة على مدينة كركوك من الأكراد عقب الاستفتاء. أما من الجانب الآخر، فقد اتهم "الاتحاد الوطني الكردستاني" حزب بارزاني بـ "احتكار السلطة"(4)، في جو انتخابي تملأه الاتهامات بالخيانة (5) من كلا الجانبين.
 

بينما يرى البعض أن هذه الأجواء قد تبدو طبيعية بدعاية انتخابية محمومة، إلا أنها ليست كذلك في كردستان العراق، ذي المجتمع المحافظ عال التسليح؛ كما أنها لم تكن كذلك على الإطلاق بين الحزبين منذ توقيع اتفاق السلام قبل عشرين عاما، بما قد يبدو تمهيدا لسيناريو عودة الحرب الأهلية، وهو تخوف جسدته كلمات "نامو عبد الله"، مدير مكتب واشنطن لشبكة “روداو”، إحدى كبرى الشبكات الإعلامية الكردية6، تخوف بدأت ملامحه تتضح بشكل أكبر مع تصريحات علنية لقيادات الحزبين، مثل تصريح القيادي في "ملا بختيار" الذي أكد قائلًا (7): «حتى لو فزنا بمقعد واحد بالبرلمان؛ فنحن مسلحون، ولن ينتزع منا أحد سلاحنا».

اختبار البرلمان

رغم غياب الحماسة للمشاركة في انتخابات نهاية (سبتمبر/أيلول) المنصرم، وهو ما بدا واضحا بنسبة مشاركة لم تصل حتى إلى 60%؛ وفي ظل هذه الأجواء السياسية المتوترة التي تظهر بجلاء فارق الاهتمامات ما بين القواعد الشعبية والنخبة السياسية، وبالدخول في هذه المرحلة الفارقة بتجاوز اتفاق مشاركة السلطة؛ لا تمثل الانتخابات البرلمانية اختبارا للديمقراطية الكردية بإمكانية حل النزاعات سلميا بشكل واقعي في أول انتخابات بعد الاستفتاء وحسب؛ وإنما تمثل كذلك اختبارا فعليا للحياة السياسية الكردية، بقياس قوة الحزبين الكرديين الكبيرين، إضافة للأحزاب الصغيرة الناشئة في مناطق نفوذ هذين الحزبين المشكلان للحكومة، وسط اتهامات لاذعة بالتزوير من جميع الأطراف.
    

المفاجأة الأكبر، فهو الانبثاق الثاني لحزب
المفاجأة الأكبر، فهو الانبثاق الثاني لحزب "الجيل الجديد" من قلب "جوران"، والذي يقوده من السليمانية "شاسوار عبد الواحد"، الذي يوصف بأنه "ترامب كردستان"

    

لكن الانتخابات انتهت بسلام، وظهرت النتائج غير الرسمية (8) بعد فرز غالبية الأصوات، والتي لا يتوقع أن تتغير كثيرا مع فرزها جميعا واستلام الطعون على التزوير الذي تم تسجيل بعض حالاته (9)؛ ولم تخرج النتائج الرئيسة عن المتوقع، بسيطرة رئيسية للحزبين الكبيرين مع صعود طفيف لـ"الوطني"، لكن المفاجئات كانت في التفاصيل؛ حيث صعد الحزب الجديد "الجيل الجديد"، مع تراجع حزب المعارضة الكبير "جوران"، المنبثق من رحم "الوطني" والذي حاول أن يقدم نفسه بديلا له في مناطقه، اعتراضا على سياساته وعلى احتكار السلطة من قبل الحزبين الكبيرين، وهو تراجع يتوقع أن يكون نتيجة عاملين اثنين هما: سحب وزراءه الستة من الحكومة عام ٢٠١٤ وتصاعد الخلاف بينه وبين "الديمقراطي" مما وضعه في جانب المعارضة، وهو انسحاب أفقده مصداقيته سواء كبديل لـ"الوطني" أو كحزب معارض.
 

أما العامل الثاني، والمفاجأة الأكبر، فهو الانبثاق الثاني لحزب "الجيل الجديد" من قلب "جوران"، والذي يقوده من السليمانية "شاسوار عبد الواحد"، الذي يوصف بأنه "ترامب كردستان"، كرجل أعمال وعقارات قاد معارضة شعبوية، واستطاع أن يسحب لجانبه كل أصوات المنشقين من "جوران"، والذي قد يبدو حتى الآن مجرد إضافة شكلية لنقل الأصوات الغاضبة من الشوارع إلى البرلمان، دون تأثير مباشر أو فعلي على مركزي القوى في كردستان، رغم إعلان الناطق الرسمي" كاظم فاروق" للمونيتور أن الحزب يحمل «خارطة طريق استراتيجية للأعوام الأربعة المقبلة، وربما لـ ١٥ عاما أخرى". (10)
 

تتفاوت السيناريوهات الأكثر احتمالا وصولًا لاثنين، الأول والمستبعد وهو تشكيل الحكومة بحسب عدد المقاعد، أي استمرار الحالة القائمة بين الحزبين الرئيسين مع مشاركة طفيفة بمقاعد هامشية لأحزاب المعارضة، أما السيناريو الثاني الذي يبدو أكثر اتساقا مع أجواء التوتر الراهنة فهو سعي "الديمقراطي" لتشكيل ائتلاف برلماني، مع أحزاب المعارضة، لتشكيل حكومة ائتلافية يُقصى منها "الوطني"، وهو تصعيدٌ، رغم أنه يضع استقرار الإقليم على المحك؛ إلا أنه يبدو الناتج الأكثر المنطقية للسياسات الداخلية المذكورة، إضافة إلى الاستقطاب الخارجي ما بين إيران، التي تفضل "الوطني"، والولايات المتحدة الأقرب لـ "الديمقراطي"، والذي بدا أكثر وضوحا في الصراع الجديد على منصب رئيس الجمهورية.
   

صراع الرئاسة.. ابحث عن إيران
 أعلن
 أعلن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" أنه طرح مرشحه فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان السابق، والأبعد، مثل حزبه، عن الأجواء في بغداد
    

رغم أن منصب رئاسة العراق منصب رمزي لا يحمل كثيرا من الصلاحيات، بل يبدو أقرب لجسر لتجاوز الخلافات الطائفية بين السنة الذين يملكون الناطق باسم البرلمان، ورئيس الوزراء الشيعي، بحسب الاتفاق السياسي العراقي؛ إلا أنه هذه المرة سيكون ذا تأثير عملي خصوصا داخل مناطق أكراد العراق، الذين وللمرة الأولى طرحوا أكثر من مرشح لهذا المنصب، نتيجة لوفاة جلال طالباني من ناحية، ونتيجة لإلغاء منصب رئاسة الإقليم إثر إلغاء الاستفتاء، مما دفع "الديمقراطي"، الذي يبرر موقفه بامتلاكه أصواتا أكبر داخل البرلمان العراقي في بغداد، لما يمكن تسميته بـ"الانقلاب" على الاتفاق السياسي بين الحزبين.

 

ففي مقابل مرشح "الاتحاد الوطني الديمقراطي" برهم صالح، الشخصية السياسية المرموقة الذي كان يحمل منصب رئيس الوزراء والذي كان قد انشق عن الحزب ثم عاد إليه بغرض ترشحه للرئاسة تحديدا؛ أعلن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" أنه طرح مرشحه فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان السابق، والأبعد، مثل حزبه، عن الأجواء في بغداد.

  

وبقدر ما اختبرت -ومازالت- الانتخابات البرلمانية الكردية قوة الأحزاب الكردية داخل كردستان، مثل صراع الرئاسة اختبارا حقيقيا لها حول مدى قدرتها على حشد القوى العراقية السياسية الكبرى داخل البرلمان العراقي الذي يختار الرئيس، إضافة لاختبار مدى علاقاتها الدولية مع الدول الحليفة والعدوة على حد سواء؛ ففي الوقت الذي مثل به برهم صالح، مرشح "الوطني"، محل اتفاق إلى حد ما بين إيران بمبعوثها العملي إلى العراق "قاسم سليماني"، والولايات المتحدة بمبعوثها الأثير "بريت ماكجورج" (11)، بدت الأجواء في أربيل على مدار الأيام الماضي رافضة لمرشح أقرب لإيران، خاصة مع التصعيد الذي مارسه الحرس الثوري الإيراني ضدها ممثلًا بقصف مواقع للمعارضة الكردية الإيرانية داخل مناطق قرب أربيل بصواريخ أرض -أرض.
     

 أعلن البرلمان العراقي 2018 فوز برهم بالرئاسة، بـ ٢١٩ صوتا مقابل ٢٢ صوتا فقط لمرشح
 أعلن البرلمان العراقي 2018 فوز برهم بالرئاسة، بـ ٢١٩ صوتا مقابل ٢٢ صوتا فقط لمرشح "الديمقراطي"، وهو ما كان متوقعا كونه يمتلك الشروط الأساسية المتمثلة بتوافق طهران وواشنطن
     

وقع هذا الهجوم في الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي، أي قبل أسبوعين من إعلان "الديمقراطي" لمرشحه لرئاسة الجمهورية، الأمر الذي فسره مراقبون بأنه ما دفع "حكومة إقليم كردستان" ممثلة ببارزاني وحزبه عن غير قصد باتجاه الاقتراب من الحكومة الاتحادية، لكي تتحمل مسؤولية حماية الحدود التي تقع فعلياً ضمن نطاق الصلاحيات السيادية لحكومة بغداد، وهو تقارب اختارت أن يتم بشكل مباشر عن طريق رئيس الجمهورية في بغداد، لا مع وجود رئيس جمهورية "اتحادي" مما قد كان سيضعها في موقف ضعف مزدوج داخل الإقليم. (12)
 

أما الدافع الآخر الذي بات معتادا في قصة بارزاني هو إساءة قراءة الواقع، إذ قد يبدو أن بارزاني رأى بضعف "الوطني" بوفاة زعيمه التاريخي وعدم اختيار زعيم بديل، والانشقاقات المتتالية عن الحزب، من ناحية، وبعودة التقارب الأمريكي بحده الأدنى ممثلا بمكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية الأمريكي مايك مومبيو مع بارزاني في ٣٠ أغسطس/ آب؛ المحادثة الأولى من نوعها منذ أن عارضت الولايات المتحدة استفتاء الاستقلال، من ناحية أخرى، رآها مؤشرات على إمكانية سيطرته الكلية على الإقليم بأكمله، من داخل كردستان العراق أولا بتهميش غريمه من البرلمان والحكومة، ثم من خارجها بتهميشه من منصبه الأكثر رمزية، وهو ما قد يكون ردّا على "خذلان وخيانة" يتهم بهما بارزاني بشكل غير مباشر بيشمركة السليمانية الذين سمحوا لإيران بسيطرة الجيش العراقي ومليشياتها، وبحضور سليماني، على انتزاع ما يمكن تسميته بـ "قدس" كردستان العراق "كركوك"، الغنية بالنفط، من أيدي بيشمركة أربيل، في ضربة قاصمة ما زال بارزاني يعاني من آثارها حتى اليوم.
 

في النهاية؛ أعلن البرلمان العراقي  فوز برهم بالرئاسة، بـ ٢١٩ صوتا مقابل ٢٢ صوتا فقط لمرشح "الديمقراطي" (13)، وهو ما كان متوقعا كونه يمتلك الشروط الأساسية المتمثلة بتوافق طهران وواشنطن (14)، بما يعني استمرارا للحالة السياسية السابقة دون تغيرات جوهرية في بغداد، إلا أن المشهد من السليمانية إلى أربيل لم يُحسم بعد، فقد كان رد الفعل الأول المعلن لبارزاني هو رفضه للآلية التي تم بها انتخاب الرئيس، متوعدا بأن حزبه «سيعلن موقفه قريبا بخصوصها»(15)، بالتوازي مع بالانتخابات البرلمانية الكردية التي قد تؤدي بالمقابل لتهميش بل وإقصاء لـ"الوطني" من البرلمان والحكومة، بما يعني انقساما جذريا في المكاسب السياسية بين القطبين الكبيرين واستعدادا للانقلاب على الاتفاقات السياسية القائمة على مستوى النخبة، بالترافق مع ظروف معيشية وحوكمة سيئة طويلة الأمد، ضاعفت الفقر في الإقليم الغني بالنفط خمسة أضعاف خلال ثلاثة سنوات فقط، من ٣% عام ٢٠١٣ إلى ١٥% عام ٢٠١٦)(16)، ليمثل ذلك كله حضورًا لعناصر المزيج الأمثل المولد للعنف: انقسام سياسي واجتماعي، وظروف معيشية سيئة، وبيئة مشحونة، ومجتمع مسلح، بما يجعل الحالة القائمة، كرها، هي الاستقرار، ولكن مؤقت على الأرجح، وحتى حين. (17)

المصدر : الجزيرة