شعار قسم ميدان

"سلام دانك".. كوميديا المواقف الحرجة

ميدان - سلام دنك

 

اضغط للاستماع

نادينا الغالي

سر بنا نحو العالي

بالعزم والإرادة

بالتعاون تكون الإفادة

سلام دانك

سلام دانك

 

 

سَرَت في دروب الإنترنت إشاعة قديمة يعود عمرها إلى عشر سنوات مضت، وتحديدا في عام 2007، مفادُها أنّ مسلسل الأنمي الياباني الشهير "سلام دانك" مستوحى من قصّة حقيقيّة. لا يوجد ما يؤكّد أو ينفي صحّة هذه المعلومة ولكن لا ضرر من استعراضها، فالأشياء الجميلة يزيد رونقها على هذا النحو أحيانا.

تقول الأسطورة إنّ هناك فتى يُدعى ساكوراجي هاناميتشي، طويل وعنيف ومستعد لخوض أيّ شجار. وفي سن الثانية عشرة كان واحد من تلك الشجارات سببا في انضمامه إلى فريق المدرسة لكرة السلة. أُعجب المُدرّب بطوله الذي وصل آنذاك إلى متر وتسعة وثمانين سنتيمترا، وتحمس لإشراكه في الفريق قائلا: "يجب أن ينضم إلينا".

لمع نجمه بعد أن دخل كبديل في أول مباراة رسميّة يشارك بها، ما لبث هاناميتشي أن أحرز 33 نقطة وحده. كتبت عنه الصحف اليابانية في اليوم التالي: "إنه أمل رياضة كرة السلّة في اليابان"، أو هكذا اعتقد الجميع قبل أن تضع سيارة مسرعة حدا لهذه الطموحات المشروعة بأن قتلت الفتى ذا الجسد الحديدي.(1)

تزداد الأسطورة مأساة مع معرفة أنه عاش طيلة عمره في ظل غياب أُمه المتوفاة، أمّا والده فكان في انتظاره راقدا في المشفى الذي أُحضر إليه ابنه جثة هامدة، كان الفتى في طريقه لزيارته أصلا بعد أن علم بمرض والده. بعدها بأربع سنوات يقوم مبتكر المانغا الياباني تاكيهيكو إنوي برسم ملامح هاناميتشي أو ما صار يُعرف عربيا باسم "حسّان"، الفتى الصلب والطويل والمُشاغب تماما كما كان هاناميتشي، على شكل سلسلة قصصية مصوّرة صدرت بين عامي 1990 و1996، وفي أواخر التسعينيات قامت إستديوهات الزهرة السوريّة بدبلجة مسلسل الأنمي المقتبس عن تلك المانغا وتحويله إلى نسخة عربيّة حملت اسم "سلام دانك".(2،3،4)

undefined

 

لعب السلّة بلا توقّف

كما في كلّ عمل ينتمي إلى عالم الأنمي الرياضي؛ تتشابه العديد من الخطوط بين واحد والآخر. تبدأ الشخصيّة الرئيسية من واقع مهزوم أو متردد قبل أن تتغير حياتها بالكامل بعد دخولها عالم الرياضة بالمصادفة واكتشافها جوانب أُخرى من شخصيتها في ذلك المجال. كانت المصادفة والغيرة من الأسباب التي حوّلت حسّان من طالب مغمور وفاشل إلى نجم رياضي في فريق "الصقور" الذي يضمّ أسماء أُخرى مثل: فادي، سعد، جواد، بدر، سهيل. انضمّ كلّ منهم بطريقة مختلفة عن الآخر إلى هذا الفريق ولكن تلاشت تلك الفوارق بعد أن توحّد همّ الجميع على هدف كبير وهو الوصول إلى البطولة الرسمية والمنافسة على لقب النادي الأفضل.

كانت بداية حسّان مع الفتاة ميسون التي أبهرته بجمالها. ميسون مفتونة بلاعبي كرة السلة كالكثير من الفتيات اللاتي حلم حسّان بمواعدتهن، ولكن من سيواعد فاشلا ويترك رياضيا ناجحا؟ قرر حسان أن يكون لاعب كرة سلة محترفا، في الحقيقة هو لا يضيع وقتا، بل يخبرها كاذبا أنه يُحب هذه الرياضة أصلا، يمسك بالكرة ويركض ويقفز مُحاولا تطبيق ما أخبرته عنه منذ قليل؛ ضربة سلام دانك، وهي حركة في كرة السلة تُلهب الجماهير حين يدفع فيها اللاعب الكرة داخل السلة بيده بعد أن يصلها قافزا. يقفز حسان بنجاح ولكنه يُضيّع الهدف ببلاهة ويصطدم رأسه في حافة السلة الحديدية، لا يشعر حسان بكثير من الإحراج طالما أن نظرة ميسون له لم تتغير، أعجبتها قفزته الهائلة وقررت مساعدته ومنحه فرصة لتطوير قدراته.

 

undefined

علاقته مع سعد تبدأ شائكة، وهو مدرّب الفريق الذي يأخذ الأمور على محمل الجد دوما ثم يجد حسّان وقد اقتحم حياته من اللاشيء. يرفض انضمامه إلى الفريق بعد أن ثبت سوء تصرفه وشخصيته المزعجة، ولكنه يستمر في تدريبه بعد حين حتى يُتقن ضربة سلام دانك الشهيرة ويجعل منه لاعبا مُتميزا بغض النظر عن سوء شخصيته.

 

أمّا فادي، فكان النقيض الكامل لحسّان؛ الفتى الجذاب والرياضي البارع والذي يرفض مواعدة عشرات البنات من ضمنهن ميسون التي يُفتن بها حسّان. هذا الحسان الذي لا تقبل بمواعدته فتاة يبدو الدافع لكل شيء في حياته هو الحب، حبه لهذه الفتاة التي تُحب واحدا غيره (هو أفضل منه ظاهريا) وهذا الآخر لا يُقابلها ولو بجزء بسيط من الاهتمام. يشعر حسّان أنّه داخل معركة خاسرة من كل النواحي، ليصير تحقيقه لنجاح وحيد في حياته قد كبر وصار له عنوان أخيرا: كرة السلة.

عبقري في صد المرتدات باهر في تضييع الفُرص

في واحدة من الحلقات استطاع حسّان صدّ مرتدة خطيرة حاسمة أجراها فريق الشعلة المنافس، كان بارعا في المرتدات حتى سمّاه المدرّب بالسلاح السري للفريق. يقفز ببراعة ويلتقط الكرة وكأنه مغناطيس، يهبط بها ويشرع بتمريرها لأحد زملائه ليقوم خطأ برميها باتجاه أحد اللاعبين المنافسين. تنتهي المباراة ويخسرون بفارق نقطتين. يبكي حسان.

كانت هذه المواقف كفيلة بتغيير مؤقت في حياة حسّان، يقرر هنا مثلا حلق شعره تماما وكأنه يتحمّل مسؤولية أفعاله. رغم النرجسيّة التي يتمتع بها حسان (يعتقد أنه الأفضل في الكون بطريقة تُسيء إلى مشاعر الآخرين) فإنه يكبح جماح نفسه من وقت لآخر، مُدركا أن الانتماء إلى مجتمع يُشبه أحيانا الانتماء إلى فريق كرة السلة، وفي كليهما عليك التعامل مع الآخرين بشيء من التقدير.

يُشبه هذا التوازن الذي يحاول حسّان تحقيقه ذلك الذي أنجزه المسلسل عموما. الحصول على جزء من كلّ شيء، الكوميديا والدراما وتقديم المعلومات حول كرة السلة لدرجة جعلته في عيون المتابعين واحدا من أجمل كلاسيكيات الأنمي الياباني؛ النكات الذكية والمضحكة فعلا إلى جانب الكوميديا التي تخلقها غرابة المواقف والإحراج الذي تشعر به بعض الشخصيات وكأن كل فعل مضحك ينتج عنه تداعٍ مُضحك آخر. (5)

لم يخل العمل من الخطابات المحفزة والملهمة، ليكتشف المُشاهد مع مرور الوقت أنه ليس مجرد مسلسل عن رياضة كرة السلة، ولكنه يتعدى ذلك بدعوته إلى مدّ جسور التواصل مع الآخرين وعدم الاستسلام أبدا، فليس أي عمل يتحدث عن كرة السلة قادرا على جذب محبي هذه الرياضة. بعض الآراء رأت أنه نجح في استقطاب جميع الفئات عبر بث روح الفكاهة فيه مما أحياه لفترة أطول من غيره من الأعمال التي تناولت الثيمة نفسها. لم يتورط بتصوير أحداث غير منطقية داخل حدود الملعب كما فعل غيره، ولم يتميز أبطاله بأي قوى خارقة، بل إنهم عاديون جدا، حدّ البلاهة أحيانا.

المصدر : الجزيرة