شعار قسم ميدان

بين "أمل" و"اصطياد الأشباح".. وثائقيات عربية بمهرجان أمستردام الدولي

ميدان - فيلم اصطياد الأشباح

تنعقد الدورة الثلاثين من مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية (IDFA) -المهرجان الأهم والأكبر على مستوى العالم للأفلام الوثائقية- في الفترة من 15 وحتى 26 (نوفمبر/تشرين الثاني) الجاري، ويضم برنامج عروض المهرجان 312 فيلما من أكثر من 90 دولة، من بينهم 90 فيلما يشهدون عرضهم العالمي الأول من خلال المهرجان.

 
تضم مسابقة المهرجان الرئيسة للأفلام الوثائقية الطويلة 15 فيلما، من بينهم فيلم "أمل" للمخرج محمد صيام، وفيلم "آباء وأبناء" للمخرج طلال ديركي. كما تضم مسابقة العمل الأول 15 فيلما، في حين تضم مسابقة الأفلام متوسطة الطول 15 فيلما تتراوح مددها الزمنية من 30 دقيقة وحتى 60 دقيقة، هذا ويضم المهرجان عددا من المسابقات الأخرى لأفلام الطلبة وللأفلام الهولندية وللأفلام الوثائقية عن الأطفال، بالإضافة إلى مسابقة الأفلام القصيرة والتي تضم 15 فيلما أيضا.

 
يُنظّم مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية هذا العام برنامجا خاصا لاكتشاف السينما الوثائقية العربية وإعادة النظر في محتواها، حيث تسود بعض الصور النمطية عن السينما الوثائقية العربية من حيث الموضوعات المكررة التي تُقدم من خلال أُطر فنية تقليدية، فيما يحاول هذا البرنامج إعادة تقديم وكشف الأفلام الوثائقية العربية وعرضها دوليا من خلال أهم وأكبر منصة عالمية ودولية لعرض الأفلام الوثائقية، ولهذا أطلق القائمون على مهرجان "IDFA" على برنامج الأفلام العربية "shifting perspectives"، أي تحول أو تعديل وجهات النظر، ويضم برنامج السينما العربية 16 فيلما ما بين أفلام طويلة وقصيرة وأفلام حديثة وأفلام غير حديثة نسبيا.

 

"أمل".. فيلم الافتتاح

undefined

 

افتتح فيلم "أمل" للمخرج المصري محمد صيام الدورة الثلاثين للمهرجان، ويتتبع المخرج من خلال أحداث فيلمه المراهقة أمل التي كانت في الرابعة عشرة من عمرها عندما اندلعت أحداث ثورة 25 يناير عام 2011، وكيف تطورت شخصيتها وكيف ساهمت الأحداث الجسام التي مرت على مصر أثناء الثورة وما تلاها من انتخابات رئاسية على شخصية أمل وعلى علاقتها بوالدتها وعلى تكوينها العقلي وعلى نضجها.

 
بالرغم من أن الفيلم يبدو ظاهريا فيلما عن أمل الفتاة المراهقة المتمردة والعنيدة فإن المخرج أشار في الحوار الذي دار بعد عرض الفيلم "إلى أن الفيلم لا يُعبّر فقط عن أمل، ولكنه أراد أن يُعبّر عن جيل كامل من خلال أمل: الجيل الذي تفتح وعيه وإدراكه العقلي على الثورة وأحداثها، جيل الأطفال الذين كبروا ونضجوا سريعا جدا، والذين مات منهم الكثير أثناء أحداث الثورة وما بعدها".

 
كما أشار صيام إلى أن الفيلم أيضا ليس فيلما عن الثورة والأوضاع السياسية في مصر في تلك الفترة، ولكنه فيلم عن المرأة القوية التي من الممكن أن تقف وتتصدى وتشارك بأعتى وأصعب الأحداث السياسية وأشرسها وأقساها بشجاعة لا يتحلى بها الكثير من الرجال، مؤكدا على أن فيلمه يحمل العديد من وجهات النظر والرؤى، خاصة فيما يتعلق بقضية المرأة ونظرة المجتمع لها. كما أكّد صيام على أن فيلمه هو رؤية إنسانية لأمل وجيلها وليس فقط رصدا سياسيا لثورة 25 يناير وما حدث بها، وهو ما أهّل فيلمه للمنافسة على جائزة حقوق الإنسان أيضا التي تُقدر بـ 25 ألف يورو.

 

"اصطياد أشباح".. المسجونون يشيّدون سجنهم ليتحرّروا منه

undefined

 

عُرض فيلم "اصطياد أشباح" لأول مرة عالميا من خلال قسم البانوراما بمهرجان برلين السينمائي الدولي، وحصل على جائزة "Glashütte" كأفضل فيلم وثائقي من بين أكثر من 55 فيلما تم عرضهم بالدورة 67 لمهرجان برلين في شهر (فبراير/شباط) الماضي، ثم شارك في العديد من المهرجانات الدولية الأخرى آخرها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في الفترة من 21 وحتى 30 (نوفمبر/تشرين الثاني).

 
تبدأ أحداث الفيلم بإعلان ينشره المخرج رائد أنضوني بالصحف المحلية يطلب فيه عُمّالا قد سبق لهم قضاء عقوبة بالسجن في سجن المسكوبية، للمشاركة في بناء السجن لاستخدامه في عمل سينمائي، ويتابع الفيلم رحلة بناء السجن بالفعل، ومع متابعة مراحل بناء السجن نتابع تطور حالات السجناء أيضا، خاصة أثناء تذكرهم لفترات سجنهم وما سلبته حياة السجن منهم وكيف أثرت عليهم وعلى مستقبلهم وعلى أسرهم. ولكن وبالرغم من الويلات التي مروا بها نتيجة لتجربة السجن فإن تجربتهم مع المخرج رائد أنضوني -وهو ما ظهر في بداية الفيلم- جعلتهم يتخلّصون من مرارة تلك التجربة من خلال استدعائها وتفريغ الشحنات الانفعالية التي صاحبتها.

 
 
فيلمان لعمر أميرلاي

كما يضم برنامج عرض الأفلام العربية فيلمين للمخرج الراحل عمر أميرلاي، وهما: "طوفان في بلاد البعث" إنتاج عام 2004 الذي تدور أحداثه في سوريا التي يركّز من خلالها على الآثار السلبية المترتبة على طول مدة حكم حزب البعث لسوريا والتي زادت عن 35 عاما، من خلال لقاءات مع فئات مختلفة من الشعب السوري.

  

المخرج السوري  
المخرج السوري  "عمر أميرلاي" (مواقع التواصل)

أما الفيلم الثاني فهو فيلم "مصائب قوم" إنتاج عام 1982، والذي تدور أحداثه عن الحياة في بيروت أثناء الحرب الأهلية من وجهة نظر الحاج علي سائق التاكسي الذي يعمل أيضا سائقا لعربة نقل الموتى، وهذا التناقض الذي يعيشه الحاج علي حيث يعمل معظم يومه بين نقل الأحياء والأموات، وكيف أن دمار المدينة من خلال الحرب الأهلية من الممكن أن يكون في صالح عمله كناقل للموتى.

 

"أحجار سوداء" لأسامة غنوم

يعرض برنامج الأفلام العربية فيلم "أحجار سوداء" للمخرج أسامة غنوم إنتاج عام 2017، والذي تدور أحداثه حول حصار مدينة حمص خلال عامين من الحصار، حيث تم حصار أكثر من 7.000 مواطن داخل المدينة بعد اندلاع الأحداث العنيفة التي لم يُسمح لهم بمغادرة المدينة إلا في عام 2014، ولكن وعلى الرغم من تلك الحياة القاسية التي عاشها أهل المدينة على مدار عامين فإنهم استطاعوا أن يحافظوا على تمسّكهم بالحياة وعلى المُضي في أنشطة حيواتهم اليومية مثل اللعب في الثلج ومشاهدة مباريات كرة القدم حتى تحت وطأة الحرب وطلقات الرصاص والدمار الذي يحيط بهم.

 

كما يضم البرنامج عددا من الأفلام التي أُنتجت من سنوات عدة ولكنها تتناسب وبرنامج إعادة اكتشاف السينما العربية، منها على سبيل المثال لا الحصر: "لا تزال الصين بعيدة جدا" للمخرج مالك بن إسماعيل إنتاج عام 2008، والذي يركز من خلال أحداثه التي تدور في قرية صغيرة على أجيال من الجزائريين وطريقة تعاملهم مع هويتهم الثقافية العربية وتأثير الاستعمار الفرنسي عليها.

 

تدور أحداث فيلم
تدور أحداث فيلم "في منزل والدي" حول رفض المخرجة لعادات الزواج في المغرب، وهو الأمر الذي يتسبب في قطيعة بينها وبين والدها. (مواقع التواصل)

كما يُعرض فيلم "حرب أهلية" للمخرج محمد سويد إنتاج عام 2002، والذي يركز على فكرة أنه حتى وبعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية لكنها لا تزال حاضرة، وذلك من خلال تأثيرها على كل شيء في لبنان، على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل يجعلها لا تزال حية.

 
أما على الجانب الاجتماعي وليس السياسي في برنامج الأفلام العربية يُعرض فيلم "في منزل والدي" إنتاج عام 1997 للمخرجة فاتيما جيبلي، والذي تدور أحداثه حول رفض المخرجة لعادات الزواج في المغرب، وهو الأمر الذي يتسبب في قطيعة بينها وبين والدها.

 
كما يُعرض فيلم "خطوة بخطوة" إنتاج عام 1978 للمخرج أسامة محمد والذي يُعتبر من الأفلام القليلة التي تناولت الواقع السوري من خلال فيلم وثائقي تجريبي.

 
كما يضم البرنامج فيلما عن التصوير والسلب وأوقات من الصراع إنتاج عام 2017 للمخرج أكرم زعتري، والذي يحاول أن يكتشف من خلال فيلمه ماذا يحدث حينما تختفي الصور، وبماذا يشعر البشر الذين يفقدون صورهم وذكرياتهم التي لن تُعوض نتيجة للحرب، بالإضافة إلى عرض مجموعة أرشيفية ضخمة من الصور الفوتوغرافية التي يمتد عمرها ربما إلى قرن من الزمان. 

المصدر : الجزيرة