شعار قسم ميدان

من فرويد لداروين.. أفلام مشوقة لعلماء غيروا التاريخ

midan - فيلم

متعة مشاهدة الأفلام المبنيّة على قصص واقعيـة تكون مُضاعفة، ففي الوقت الذي تشاهد فيه فيلما سينمائيا محبوكا بشكل جيد يقدم لك التسلية والاستمتاع فإن الشعـور بأن أحداث هذه القصة حدثت في العالم الواقعي بالفعل حتما يفوق في متعته -أو ربما ألمه أحيانا- شعورك بمشاهدة فيلم تقوم أحداثه بالكامل على خيال كاتبه وبراعة مُخرجه.

 

أفلام السير الذاتية تعتبر من أكثر التصنيفات السينمائية انتشارا، لأنها تمنح المشاهد في النهاية تشويقا ومعلومة في الوقت نفسه، ودائما مزيج "التشويق والمعلومة" هو المزيج الأفضل من الناحية الفنّية باعتبار أن هذا المزيج هو الذي من أجله خُلِقَ مفهـوم الفن أصلا.

 

من بين الأفلام المتنوّعة التي تقع تحت هذا التصنيف تأتي الأفلام التي تسلط الضوء على حياة العلماء والمبدعين في المقدمة، ومن المعتاد أن يتم إنتاجها بعنـاية فائقة -ككل أفلام السير الذاتية-  لأنها لا تشمل فقط تفاصيل إبداعاتهم العلمية بقدر ما تشمل أيضا جوانب إنسانية عميقة ساعدت على تشكيل هذه الشخصية، سواء كانت هذه الجوانب لها طابع إيجابي أو سلبي أو مأساوي. هنا نستعرض مجمـوعة من أهم هذه الأفلام، بعضها شهيـر للغاية وبعضها لم ينل حظّه من الشهـرة رغم جودة إنتاجه وإلهام الشخصية التي يستعرضها، الشخصيات هنا تشمل علمـاء ومبدعين في مجالات مختلفة.

 

طريقـة خطِــرة.. صراع بين قطبـي الطب النفسي

في مطلع القـرن العشرين شهد الطب النفسي ثورة هائلة في التشخيصات والنظريات التي مهّدت لكشف الستار عن أسباب العديد من الأمراض النفسية التي حيّـرت البشرية على مدار قرون، في تلك الفتـرة برز اسمـان من أكبر أسماء علمـاء الطب النفسي وعلوم النفس، وهما: البروفسـور سيغمـوند فرويد، والطبيب كارل يانغ.

 

عملاقان كبيران في علم النفس، يقدمـان تصوّرات نفسيـة من منطلقـات مختلفة تماما، ففي الوقت الذي يعتمد فيه فرويد على الإسقاطات الجنسية لتفسير كل ما هو نفسي تقريبا -بما فيها تفسير الأحلام- ينطلق كارل يونغ من منطلق مختلف في تفسير المشكلات والاضطرابات النفسية من زوايا أشمل، مثل ماضي المريض وتجاربه الإنسانية وأيضا مسحة من الإسقاطات الماورائيـة.

 

فيلم "طريقة خطيـرة" (A dangerous Method) الذي تم إنتاجه في عام 2011 يحكي قصـة حقيقيـة لمريضة روسيـة شهيـرة في تاريخ الطب النفسي تدعى سابينا شبيلراين، والتي كانت تعاني من أعراض نفسية عنيفة، مزيج من المـازوخيّــة (الاستمتاع بالتعذيب) وأعراض نفسية اكتئابية عنيفة. أشرف على هذه الحالة التاريخية كارل يانغ، وكانت سببا في معضلة علمية كبيــرة اضطـر فيها للاستعانة بالبروفسـور فرويد، في محاولة كل منهما في فهم الحالة بالضبط والتأسيس لمنهــج يجمع المذهبين المختلفين تماما في الطب النفسي.

 

الفيلم من بطولة الثلاثي المبدع مايكل فاسبنادر الذي لعب دور الدكتور كارل يانغ، وفيغو مورتنسين الذي لعب بجدارة دور بروفيسور سيغموند فرويد، والممثلة البريطانية الشهيرة كيرا نايتلي التي لعبت بجدارة دول المريضة سابينا. حاز الفيلم تقييما نقديا إيجابيا جيدا، وإيرادات متوسطة قدرت بـ 27 مليون دولار مقابل ميزانية إنتاج تساوي 14 مليون دولار تقريبا.

 

الفيلم يعتبر من أكثر الأفلام العلمية التي تشرح باختصار ممتع العلاقة المضطربة بين العالمين الكبار في الطب النفسي، ومحاوراتهم العلميـة التي تأرجحت بين الإعجاب الثنائي من ناحية، والتحفّز والكراهية من ناحية أخرى، ما يجعله واحدا من أفضل الأفلام التي يمكن أن يشاهدها المهتم بهذا المجال.

 

أغورا.. العلم في وجه التطرّف

في عام 391 ميلاديا كانت الإسكندرية المصـرية تمرّ بأزهى عصورها التي انقلبت إلى واحدة من أسوأ الكوابيس الإنسـانية. ظهـرت "هيباتيا السكندريّة" كعالمة رياضية وفلكيّة غير مسبوقة، استطـاعت أن تضع بعض التأصيلات العلمية الأساسية التي توصّل لها العالم بعد عدة قرون، من أهمها أن الأرض تدور حول الأرض وحول مركزها، وأنها ليست مركز الكون.

 

كانت الإسكندرية في تلك الفترة عاصمة ملتهبة، فمع أفواج من المتطرّفين المسيحيين الذين يقومون بحرق الكتب العلمية واعتبارها زندقة، وما بين اليهـود الذين يقعـون في صدامات مستمرة مع المتطرفين المسيحيين، مع بعض بقايا عبادة الإله (رع) رب المصريين، إلى جانب تطرّف الدولة الرومانية في الحكم واتخاذها موقفا معاديا تجاه كل الطوائف عموما وميلها إلى التطرّف الديني المسيحي. كـان العلمـاء والفلاسفة في الإسكندرية يعانون من أوقـات عصيبـة في مواجهـة كل هذا التطرف الذي يترصّدهم طوال الوقت، ويعتبـرهم أساس الكفــر والهرطقة.

 

فيلم "أغورا" (Agora) من إنتاج عام 2009، يحكي قصـة هيباتيـا السكندريّة، لعب دور البطولة الممثلة راشيل وايز الذي يعتبر من أفضل أدوارها السينمائية، ويجسّد الفيلم معاناة العالمة السكندرية التي خلّدها التاريخ والتي راحت ضحيّـة التطرف الديني الذي جعلها تقضي نحبها تعذيبا ثم تم حرق جثمـانها والتمثيل به واعتبارها مهـرطقـة ضد المسيحية بسبب أبحاثها ونظرياتها العلمية التي تم اكتشاف صحّتها بعد مرور 1200 سنة تقريبا بقدوم القرن السادس عشر.

 

الفيلم لم يحقق نجاحا في شباك السينما، حيث حقق إيرادات بقيمة 40 مليون دولار مقابل ميزانية وصلت إلى 70 مليونا، لكنه يظل واحدا من أهم الأفلام التي تحكي عن الصدام بين العلم والفلسفة والتطرّف في تلك الفتـرة شديدة الحيوية من التاريخ الروماني.

 

نظريـة كل شيء.. وفاء يحتضن العبقـرية

ذاع صيت ستيفن هوكينغ كعقل عبقري جبّـار منذ لحظة التحاقه بجامعة كامبـردج البريطانية العريقة، وعقدت عليه الآمال فورا بأنه بذرة عالم يحقق اختراقات علمية رفيعة، وفي منتصف رحلة الإعجاب الهائل بعقله، ومع بلوغه عمر الحادية والعشرين تقريبا، انهارت عضـلاته تماما وسقط في قبضـة مرض العصبـون الحركي الذي جعله يلزم الكرسي المتحرّك طوال عمـره.

 

مرض جسد العالم العبقري، ولكن لم يمرض عقله، بل جعله مرضه هذا -إلى حد ما- يصل إلى مرحلة أكبر من نشاط العقـل حيث كل ما يستطيع أن يفعله في الحياة هو أن يفكّــر، لا أكثر ولا أقل. ومع وجود زوجتـه الوفيّة السابقة جين هوكينغ التي ظلّت تساعده في محنتـه طوال عمـره تقريبا استطـاع هوكينغ أن يكمل مسيـرته العلميـة في السعـي وراء "نظـرية كل شيء" لأصل الأكوان والحيـاة والوجود، ليحقق فيها أكبر ما يمكن لعالم فيزيائي أن يحققه.

 

اليوم يبلغ هوكينغ الخامسة والسبعين من العمـر، بعد أن كان الجميع يتوقع له ألا يعيش سوى بضع سنوات بعد إصابته بالمرض، خصوصا بعد إجرائه لجراحة ثقب في القصبـة الهوائيـة جعله يفقد صوته إلى الأبد، ويحل محله الصوت الآلي المميز له الذي قامت بصنـاعته شركة "إنتـل" خصيصا للعالم البريطاني لتمكيـنه من الكـلام.

 

فيلم "نظـرية كل شيء" (Theory of Everything) هو فيلم دراما رومانسي من إنتاج عام 2014، تم صنـاعته بناء على مذكـرات زوجـة هوكينغ السابقة والوفيّـة له في وقت مرضه بعنـوان "مذكـرات السفر إلى اللانهاية، حيـاتي مع ستيفن"، وهو من بطولة الممثل الشاب إيدي ريدماين، والممثلة فيليستي جونز.

 

حصـل الفيلم على عشرات الترشيحات لجوائز الأوسكـار والغولدن غلوب والبافتا بعد أن حقق تقييما نقديا إيجابيا للغاية من النقاد والجمهـور، وهو ما انعكس على مستوى إيرادات الفيلم التي وصلت إلى 127 مليون دولار مقابل ميزانية إنتاج لم تتجاوز خمسـة عشـر مليون دولار.

 

الخـلق.. رحلـة دارون للبحث عن شجرة الحيــاة

لا توجد تقريبا شخصية أكثر إثارة للجدل فيما يخص المجتمع العلمي المعاصر أكثر من تشارلز دارون، العالم البيولوجي الإنجليـزي الذي وضع منهجـا علميـا لنظرية التطور، أكثـر نظرية علمية مثيرة للجدل العلمي/الديني/الفلسفي على مرّ عقـود طويلة تلت تأصيل النظـرية في كتابه الأشهر "أصـل الأنـواع" الذي يعتبر المرجع الأساسي لنظرية التطور.

 

دائما ما تُطـرح الأسئلة: مَن هذا الرجل؟ كيف وصل إلى نظـريته هذه؟ ما خلفيته العلمية والدينية؟ هل هو منظّـر للإلحاد، أم باحث علمي أكاديمي منهجي؟ ما الأدوات والطرق التي استند عليها ليضع نظـريته الأشهر في تاريخ العلم الحديث؟ ما الذي تقول به النظـرية أصلا؟

 

كل هذه الأسئلة لها إجاباتها العلمية في أروقة الكتب والمحاضرات التي تنظّر لدارون ونظريته مديحا وهجوما ودعما ونقدا، لكن معظم هذه الإجابات يكون لها طابع علمي وفلسفي من الصعب أن يتماشى مع سرعة الحياة الحالية، والأصعب أن يتقبله الشباب غير المتخصص. ومن هنـا تكمن أهميـة فيلم "الخلق" (Creation) الذي يعتبر سيرة ذاتية محايـدة لمسيـرة العالم البيـولوجي الأشهر تشارلز دارون.

 

الفيلم من إنتاج عام 2009، وهو من بطولة بول بيتاني في دور تشارلز دارون، وجينيفر كولوني في دور زوجته إيما دارون، ويجسد الفيلم مسار حياة دارون في شقّيها الشخصي والأكاديمي، حيث ابنته التي توفّيت صغيرة، وحيث اهتمامه بتحويل نتائج رحلته الطويلة على متن السفينة شبيجل إلى كتابه الشهير "أصل الأنواع"، فضـلا عن التركيز على نقاشات ذات طابع علمي ديني حول مسألة وجود العدالة من عدمها في النظام الطبيعي الذي يقتضي أن يتفوّق فيه الأصلح والأقوى على الأضعف، وهي حوارات تم إبرازها بشكل واضح أثناء الفيلم بناء على حوادث ومواقف واقعيـة مُسجّلة مرّ بها دارون في حياته.

 

رغم أن الفيلم حقق قبولا نقديا جيدا على مواقع تقييم الأفلام فإن الفيلم فشل فشلا ذريعا في جلب إيرادات توازي الميزانية التي تم إنفاقها عليه، حيث لم تصـل إيرادات الفيلم إلى حاجز المليون دولار، وذلك رغم أن إنتـاجه تكلّف حوالي 10 ملايين دولار. ومع ذلك، فهـو يعتبر من أهم الأفلام الحديثة التي تلقي الضوء على حياة ورحلة دارون بمصـداقية كبيـرة.

 

عقــل جميـل.. عبقريّـة من رحم الهلاوس

فيلم "عقـل جميل" (A Beautiful Mind) من الأفلام الغنية عن التعريف، الفيلم الحائز على أربع جوائز أوسكار، والذي حقق إيرادات ضخمـة أثناء عرضه في عام 2001م تجاوزت 310 مليون دولار مقابل ميزانية قدرت بـ 58 مليون دولار يعتبر من أكثر أفلام السير الذاتية شهــرة على الإطلاق التي شهدها مطلع هذا القـرن.

 

جون فوربس ناش، عالم رياضيات عبقـري حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، مرّ برحلة طويلة من الآلام والمعاناة في مواجهـة مرض سكيزفرانيا "الفصـام" الذي ظهـرت أعراضه عليه بأسوأ صورة ممكنة، وجعله يبصر ويسمع هلاوسا طوال الوقت، ولديه خوف مرضي من أنه مُراقب بواسطة الشيـوعيين الذين يريدون قتله، فضلا عن مروره برحلة مؤلمة من العـلاج تنوّعت ما بين الصدمات الكهـربائية والعلاج بالإنسـولين والعلاج بالأدوية النفسية التي لم تكن متطوّرة وقتئذ كما نشهد في الوقت الحالي.

 

ومع ذلك، استطاع ناش أن يحفر اسمه كواحد من أكثر علماء الرياضيات عبقـرية رغم السخرية التي كان يتعرّض لها طوال عمره تقريبا، سواء على المستوى الشخصي أو الأكاديمي بسبب غرابة تصرّفاته ونوباته الهلوسية وخيالاته التي انعكست على مظهـره والطريقة التي يتحدث بها وحتى طريقة مشيـه التي كانت محل سخرية الطلاب منه.

 

قدّم راسل كرو الممثل الأسترالي المبدع شخصية جون ناش بأفضل ما يكون، وحاز الفيلم على مراجعات نقدية إيجابية للغاية، واعتبر من أفضل الأفلام التي تم إنتاجها في عام 2001 تحديدا، كمـا يعتبر من أفضل أفلام السيرة الذاتية التي تجسّد جوانب علميـة وإنسـانية في حيـاة واحد من أهم علمـاء الرياضيات في العصر الحديث.

 

لعبــة التزييف.. لا تنطلي على آلان تورينغ

في أوج اندلاع الحرب العالمية الثانية دارت معارك عديدة في كافة مجالات الحياة، ليس فقط في شقّها العسكـري، بل أيضا في جانبها الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي والاستخباراتي، ومن بين أخطـر هذه المعارك كانت معارك فكّ الشفرات بين جانبي الدول المتقاتلة التابعة للمحـور أو الدول التابعة للحلفـاء.

 

استعانت المخابرات البريطانيـة بعالم الرياضيات والحاسوب العبقري آلان تورينغ كقائد لفريق من كبار علماء الرياضيات والخبراء بهدف فك أعقـد شفــرة ألمانية على الإطلاق، وهي شفرة إنجيمـا، وهي شفـرة كان السائد في أروقة الاستخبارات أنها غير قابلة للفــك، وإذا حدث أن استطاعت جهـة ما فكّ الشفرة فالمؤكد أن مسار الحرب سيتغير تماما لصالح قوات الحلفاء، وربما أمل أخير للقضاء على الوحش النازي الذي كان في طريقه للسيطـرة على القارة الأوروبية والذي بدا في فتـرة من فترات الحرب أنه لا يُقهــر.

 

فيلم "لعبـة التزييف" (The Imitation Game) هو فيلم أميـركي بريطاني مشترك من إنتاج عام 2014، من بطولة النجم البريطاني المتألق بينيديكت كامبـرباتش والنجمة البريطانية كيرا نايتلي. حقق الفيلم تقييما نقديا ممتازا لدى الجمهور والنقّـاد، وترشّح لعشـرات الجوائز من بينها الأوسكار والغولدن غلوب والبافتا، وانعكست هذه التقييمات على إيرادات الفيلم التي تجاوزت 230 مليون دولار مقابل ميزانية متواضعة لا تزيد عن 15 مليونا.

 

الفيلم يسلّط الضوء على أبعاد مختلفة، حيث أجواء الحرب وتعقيد الشفرة والعمليات الحسابية من ناحية، والحياة الشخصية لآلان تورينغ من ناحية أخرى وميوله المثليّـة التي كانت مرفوضة في بريطانيا في تلك الحقبة الزمنيـة المُحافظة من تاريخها، والتي جعلت الحكومة البريطانية تقرر احتجـازه وإجباره على تناول أدوية تخفّض من نشاط جسده الهـرموني، وهو ما يعتبـر جريمة غير قانونية بالمعايير البريطانيـة اليوم.

 

عبقــري.. الوصف الوحيد المقتـرن باسمه دائما

كان عالم الفيزياء الأشهر ألبرت أينشتاين دائما محل مزيج فريد من الاهتمام والإعجاب والدهشة والطرفة أيضا، السبب أنه يجمع في شخصيته وشكله كافة العناصر التي اتفق أنها تختصر في كلمة "عبقرية". ألبرت أينشاتين، الأستاذ في جامعة برينستون، الحاصل على نوبل في الفيزياء في عام 1921، واحد من أبرز العلمـاء وأهمهم على مرّ التاريخ.

 

في عام 2017 تم إطلاق سلسلة وثائقيـة من إنتاج ناشيونال جيوجرافيك تحت اسم "عبقـري" (Genius)، السلسلة تتنـاول في حلقـاتها العشر رحلة حيـاة أينشتاين بدءا من طفولته، مرورا بإنجازاته العلمية وآرائه السياسية والفلسفية والدينية، وليس انتهاء بلحظة وفاته.

 

هذه السلسلة الوثائقية تختلف تماما عن السلاسل الوثائقية السرديّة العادية بأنها تضم حوارا دراميا مميزا يجعلها أقرب إلى مسلسل أو فيلم سينمائي طويل نوعا ما، ويكفي أن مُجسّد دور أينشتاين -في مرحلة كبـر السن- هو الممثل الأسترالي المميز جيفـري راش الذي يختار أدواره السينمائية بعناية بالغة، وقد قَبِلَ أن يلعب دور أينشتاين في هذه السلسلة الوثائقية الفريدة في إخراجها وتقديمها للمعلومات التي تغطّي رحلة حياة أينشتاين بعيدا تماما عن أي ملل أو تعقيد، باعتبار أن حياة الرجل ارتبطت بأكثر العلوم تعقيدا.

 

السلسلة الوثائقية تمتد على مدار عشر حلقـات، وحازت تقييما نقديا إيجابيا على مواقع الأفلام المختلفة، ورُشِّح الفيلم وأبطاله للعديد من الجوائز من المتوقع أن يتم الإعلان عنها خلال هذا العام.

 

الرجل الذي عرف اللانهاية.. خلّد اسمه بلا نهاية

اسمه سيرينفاسا أينجار رامانجن، ولد في الهند في مدينة مادرس في نهاية القرن التاسع عشر لأسرة شديدة الفقـر. عندما التحق بالمدرسة أظهـر سلوكا استثنائيا في تحليل وفك المعادلات الرياضية أقرب إلى الهوس غير الطبيعي، الأمر الذي جعله يتفوق في الرياضيات دائما ويفشل في تحقيق أي علامات نجاح في بقية المواد الدراسية.

 

مع هذه العبقرية في الرياضيّـات -فقط- لم يكن بإمكـانه أن يحصل على أي شهادة مدرسية، فضلا عن الوصول إلى الجامعة، فاضطر والداه إلى البحث عن أي وظيفة حقيرة له بهدف تزويجه، لكنه قام بالتواصل برقيا مع بروفسور في جامعة كامبردج العريقة، شارحا له أنه استطاع التوصل إلى إحدى المعضلات الرياضية التي وقفت عائقا أمامه، الأمر الذي جعل البروفسور يطلب رؤيته، وقام بإتاحة الفرصة له للدراسة في بريطانيا والعمل في مجال الرياضيات برفقته بعيدا عن الهند.

 

لم يعش عبقري الرياضيات الهندي أكثر من 32 عاما فقط، حقق فيها إنجازات رياضية مبهـرة على المستوى الأكاديمي في الجامعات البريطانية، إلى أن وافته المنيّة في بلاده، حيث لم يستطع أبدا التأقلم مع جو بريطانيا المليء بالضباب وغياب الشمس، مخلفا وراءه احتراما وتقديرا دوليا، حيث يعتبر من أشهر وأبرع علماء الهند في الرياضيات على الإطلاق.

 

فيلم "الرجل الذي عرف اللانهاية" (The Man who knew the infinity) الذي تم إنتاجه في عام 2016، من بطولة النجم البريطاني من أصول هندية جيف باتال، والنجم البريطاني جيريمي أيرونز. يجسّد الفيلم قصـة حيـاة العالم الهندي العبقري سيرينفاسا رامانجن، وحاز الفيلم تقييما نقديا إيجابيا مرتفعا، واعتبر من أفضل الأفلام التي تركّـز على سيرة عالم ملوّن غير أبيض.

 

بالطبع لا يمكن تغطيـة كافة الأفلام التي استعرضت حيـاة أشهر العلماء في التاريخ، لكن هذه الأفلام تعتبر مدخلا مناسبا لتجعلك تبحث أكثر بخصوص المزيد من الأفلام التي تسلط الضوء على حياة العلماء الذين غيّروا التاريخ بأبحاثهم واختراقاتهم العلمية والأكاديمية.

المصدر : الجزيرة