شعار قسم ميدان

أعاصير وبراكين وزلازل مدمرة.. كيف صوّرت السينما الكوارث الطبيعية؟

midan - movie

المؤكد أن التاريخ سوف يسجل في دفاتره علامة خاصة لشهر (سبتمبر/أيلول) باعتباره شهر الكوارث الطبيعية للعام 2017. خلال النصف الأول من هذا الشهر شهد فيه النصف الغربي من الكرة الأرضية مظاهر غير مسبوقة من الكوارث الطبيعية التي بدت كأنها رسائل متتالية غاضبة كمّا وكيفا، تنوّعت ما بين أعاصير شديدة العنف وزلازل شديدة التدمير.

 

القصة بدأت في أواخر (أغسطس/آب)، وبالتحديد يومي 25 و30 من هذا الشهر، بدأ كل من إعصاري "هارفي" و "إيرما" بالتكوّن في طريقهما إلى الولايات المتحدة لينشرا في طريقهما قدرا هائلا من الدمار لم تشهده البلاد من سنوات طويلة. كان الهجوم الأول للإعصار هارفي على ولاية تكساس الأميركية بسرعة 215 كيلومتر في الساعة، وانتهى مُخلفا وراءه 64 قتيلا ودمارا هائلا قدّرت قيمة خسائره بحوالي 180 مليار دولار. ( 1 ) بعد أيام من ضربة هارفي ( 2 ) ، جاء الدور على إعصار "إيرما" ( 3 ) الذي بدا متحمّسا وهو يشق طريقه من المحيط الأطلسي إلى سواحل الولايات المتحدة في ولاية فلوريدا، ليضرب ضربته الثانية مدمرا عددا كبيرا من المنشآت ومحطات الطاقة ويغرق ولاية فلوريدا -التي تعتبر من أهم الولايات الأميركية اقتصاديا- في دمار هائل، من المتوقع أن تصل خسائره إلى 200 مليار دولار. ( 4 )

 

وبينما العالم مشغول بمتابعة الأعاصير المدمّرة التي تضرب سواحل أميركا الشمالية، ضربت هزّة زلزالية عنيفة الساحل الجنوبي من المكسيك، بقوة ثماني درجات ريختر استمر لمدة دقيقة كاملة، شعر بها 50 مليونا من شعب المكسيك، وخلف وراءه تسعين قتيلا ومئات المفقودين، وخسائر هائلة تقدر بآلاف المنازل. ( 5 )  ثم عاد الزلزال بضربة ثانية مدمرة في يوم 19 (سبتمبر/أيلول) جنوب العاصمة مكسيكو سيتي ليخلّف وراءه مئات القتلى والجرحى، وانهيار عدد كبير من المباني.(8) أربع ضربات هائلة مُدمّرة أثبتت أن الطبيعة لا تهتم كثيرا بتقدم الإنسان أو التقنيات المُدهشة التي ينتجها من ناحية، ومن ناحية أخرى تعتبر رسائل تحذيرية مُباشرة للإنسان أن العبث بالطبيعة سيؤدي في النهاية إلى دمار الإنسان نفسه قبل أي شيء آخر. رسالة واضحة أن الاحتباس الحراري سيجعل الأمور أسوأ مما هي عليه، وأن القادم ربما يكون أكثر عنفا من كل الكوارث التي تحدث حاليا.

 

السينما اعتُبرت واحدة من أهم وأكبر النوافذ التي تجسّد غضب الطبيعة وتحذر منها على مدار سنوات طويلة. لطالما كانت "الكوارث الطبيعية" مادة دسمة للإنتاج السينمائي التي تناولتها بكافة أشكالها وأنواعها مقدمة كل ما تحمله من رهبة وإبهار ورسائل تحذيرية. هي ليست أفلام " خيال علمي" بقدر ما هي أفلام تجسّد كوارث الطبيعة بالفعل كما هي، وإن أضفت عليه الطابع الدرامي الإنساني الذي يجعل لكل حدث معنى. هنا نستعرض مجموعة من أهم الأفلام التي جسّدت غضب الطبيعة في أسوأ صورها. صحيح أن الإبهار هو أساس صناعة هذه الأفلام، ولكنه دائما إبهار يحمل في طيّاته لمحة تحذيرية مُقبضة مفادها أن الطبيعة ليست رائعة دائما، وأن لديها أنيابها التي تعتبر آخر شيء تتمنى أن تراه بعينك.

سان أندرياس.. الوعد الدائم بالمزيد من الزلازل


على امتداد طول 1,300 كيلومتر تقريبا، يشق فالق سان أندرياس (San Andreas Fault) ولاية كاليفورنيا من جنوبها إلى شمالها، ممثلا بؤرة خطر دائمة لسكان الولاية، باعتباره واحدا من أبرز الفوالق الطبيعية المتحولة التي تتسبب في حركات زلزالية عنيفة، قد تصل في بعض حالاتها إلى درجات تتجاوز الثماني عدات من عداد الزلازل ريختر. 
( 6 )

 

ربما أسوأ حادثة زلزالية تسبب فيها هذا الصدع هو زلزال كاليفورنيا الذي حدث في مطلع القرن العشرين، وبالتحديد في العام 1906 وصنّف باعتباره من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدتها الولايات المتحدة في هذا القرن، حيث خلّف الزلزال خسائر هائلة في الأرواح وصلت إلى حوالي 3 آلاف، وخرابا كبيرا في الولاية التي تعتبر من أهم الولايات الأميركية وأكثرها إنتاجية على الإطلاق. ( 7 )

 

في العام 2015، شهدت السينما الأميركية إطلاق فيلم "سان أندرياس (San Andreas)" بميزانية هائلة تجاوزت المئة مليون دولار، والذي يعتبر واحدا من أبرز أفلام الكوارث العالمية على الإطلاق، حيث تضمّن على مشاهد محاكاة هائلة لمشاهد الدمار وانهيارات المباني وموجات تسونامي العملاقة. حقق الفيلم إيرادات كبيرة في المقابل اقتربت من النصف مليار دولار.

 

المصارع الأميركي الشهير "دواين جونسون" المعروف باسم (The Rock) "الصخرة" يلعب دور محقق في جهة إنقاذ، يكرّس كل طاقاته في عمله للبحث عن عائلته ومحاولة إنقاذهم بعد أن ضرب الولاية زلزالٌ هائلٌ تسبب في دمار كبير، مع توالي التحذيرات بأن هناك موجات زلزالية أخرى في الطريق بسبب حدوث تصدّع كبير في فالق سان أندرياس، يتسبب في إطلاق حزمة من الزلازل المتتابعة، وهو ما يوقعه في مأزق السعي وراء إنقاذ أسرته، والمساهمة في عمليات إنقاذ الآخرين أيضا.

 

يمكن وصف الفيلم بأنه تجاري بامتياز وأنه يحقق المتعة الكبرى للمشاهدين الراغبين في الانبهار البصري. ومع ذلك، فلم يحقق الفيلم تقييما نقديا كبيرا، حيث توقف عند الدرجة السادسة في تقييم "آي إم دي بي" (IMDB) للأفلام، رغم الأرباح الهائلة التي حققها في شباك التذاكر، والمشاهد البصرية التي تعتبر أبرز محاور هذا الفيلم. الفيلم قد يُسرّب رسالة مُقلقة لأهالي كاليفورنيا تحديدا: قد يأتي يوم تصبح هذه الولاية بمدنها العملاقة أقرب الى الأطلال؛ فقط إذا قرر فالق سان أندرياس أن يمارس لعبته الجيولوجية العنيفة في المستقبل القريب.

 

الإعصار.. وحش صنعته الطبيعة
 
ربما يعتبر فيلم "الإعصار Twister" الذي تم إنتاجه في العام 1996 واحدا من أهم وأبرز أفلام الكوارث الطبيعية التي تم إنتاجها في هوليوود. والمُدهش أن لقطات هذا الفيلم ما زالت من أكثر اللقطات المُتداولة في مواقع الإعلام الاجتماعي بعد كل حادثة إعصار تحدث في مكان ما حول العالم، لاحتواءه على صور بصرية مُدهشة تجسد الدمار الذي تخلفه الأعاصير من ناحية، واحتواءه على حقائق علمية دقيقة من ناحية أخرى.

 

الفيلم يعتبر من أضخم الأفلام التي أُنتجت في التسعينيات، حيث حصل على المركز الثاني كأكبر فيلم يحصّل إيرادات في العام 1996، ووصل إجمالي إيراداته العالمية إلى حوالي 494 مليون دولار مقابل ميزانية قدرت بـ 92 مليونا. وهو ما يجعله من أكثر الأفلام التي حققت إيرادات على مستوى عقد التسعينيات ككل.

 

بيل وجو هاردينغ هما عالمان متخصصان في العلوم المناخية، وزوجان بينهما خصومات واسعة، وعلى شفا حفرة من الطلاق. يندلع إعصار مدمّر يتسبب في خسائر هائلة، الأمر الذي يجبرهما على تناسي خلافاتهما وتكوين خلية لمطاردة الإعصار بهدف تطوير نظام إنذار مناخي متطور يمكّن من تحذير المناطق التي يهاجمها الإعصار بشكل فجائي. الأمر الذي يدفعهمها للاقتراب من موجات الأعاصير بشكل يعرّضهما للخطر. والكثير من المتعة أيضا.

 

فيلم "الإعصار" من أكثر الأفلام التي تم اقتباس الكثير من صوره ومشاهده ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها آثار إعصاري هارفي وإيرما. إلا أن المخضرمين في مشاهدة أفلام التسعينيات، الذين أدمنوا مشاهدة هذا الفيلم باعتباره من أكثر الأفلام انتشارا في تلك الحقبة؛ استطاعوا أن يميّزوا هذه المَشاهِد على الفور.

 

اليوم بعد الغد.. عندما يُظْهِرُ الاحتباس الحراري وجهه القبيح
 
ربما يعتبر فيلم "اليوم بعد الغد (The Day After Tommorow)" هو أشهر أفلام هذه القائمة وأروعها على الإطلاق، وأكبر وأضخم فيلم هوليوودي تحت تصنيف الكوارث. حتى عنوان الفيلم يحمل إشارة تهديدية تحذيرية واضحة؛ أنه قد يكون من الممتع مشاهدة هذه الأحداث عبر شاشة السينما، ولكنها أيضا قابلة للحدوث في يوم ما بعد الغد، كإشارة للمستقبل القريب!

 

في إطار خيالي -ربما تنبّؤي- يستعرض الفيلم ازدياد الاحتباس الحراري حتى يؤدي إلى انهيار كتل جليدية ضخمة في القطب الشمالي، الأمر الذي يؤدي إلى بدء كارثة عالمية من اندفاع موجات محيطية بحرية هائلة إلى السواحل الأميركية محمّلة بموجات جليدية وصقيع مدمّر، يحمل إرهاصات عودة الكوكب إلى العصر الجليدي.

 

الفيلم من إنتاج العام 2004، وبطولة دينيس كواد وجايك جيلينهال وإيمي روسوم. حقق الفيلم تقييما نقديا مرتفعا في كافة مواقع ودوريات تقييم الأفلام، بالتوازي مع إيرادات هائلة في شباك التذاكر العالمي تجاوزت النصف مليار دولار مقابل ميزانية ضخمة بدورها قدرت بحوالي 125 مليون دولار. وما زال يعتبر من أكثر الأفلام الكارثية تداولا حتى الآن، بعد مرور 13 عاما على إصداره.

 

 ربما من أبرز التيمات الجديدة التي لعب عليها الفيلم، هو إثارة خوف المشاهد العادي ساكن المدن العامرة بناطحات السحاب، أن هذه المباني العملاقة لن تحميك من الطبيعة. وأن الموجات الهائلة القادمة من المحيط ربما لن تدمّر ناطحة سحاب، ولكنها قادرة على تدمير كل شيء في طريقها بدءًا من الزجاج، وليس انتهاءً بمحطات الكهرباء والوقود. فضلا أن الاختباء من موجات المد الهائلة، لا يعني القدرة على الاختباء من الانهيار الهائل لدرجات الحرارة الذي تعجز عن مقاومته أية وسائل تدفئة. مازال "اليوم بعد الغد" هو أفضل أفلام هذه القائمة من حيث الصناعة والدراما والقصة والإبهار، والأهم: المصداقية. استطاع الفيلم أن يمزج الإبهار بالرهبة برسالة حقيقية لها مغزى مُقلق مفادها أنه قد تتحول كافة هذه المشاهد إلى حقيقة قريبا!

 

الموجة.. 10 دقائق فقط متاحة للهرب

   

في العام 2015، تقدمت النرويج بفيلمها "الموج (Bølgen)" كممثل للسينما النرويجية إلى الأوسكار، بعد أن حاز اعجابا كبيرا من المشاهدين الأوروبيين والعالميين، وإصدار نسخة عالمية من الفيلم موجّهة للمشاهد العالمي. صحيح ان الفيلم لم يفز بأية جوائز، إلا أنه اعتبر تجربة نرويجية رائدة في صناعة أفلام الكوارث.

 

اليوم الأخير في عمل خبير جيولوجي تم انتدابه إلى منطقة "غايرانجر" السياحية الراقية في النرويج، حيث كل شيء جميل وأنيق ومنظم ويدعو للبهجة والاستجمام. ينهي الخبير عمله، ويعزم أن يرحل بأسرته القاطنة في فندق أنيق قريبا من العمل إلى مدينة أخرى، حيث عمله الأساسي بعد إنجاز العمل الذي كان مُنتدبا له. ليفاجأ الجميع أن هناك هزات غير معلومة المصدر، تسببت في إطلاق موجة تسونامي ضخمة في طريقها إلى المناطق السكنية للجزيرة السياحية.

 

موجة بطول 80 مترا تسير بسرعة هائلة في طريقها إلى المناطق المأهولة، حيث لا أحد مستعد لهذا النوع من الكوارث إطلاقا. منطقة سياحية تعج بالأطفال والسائحين والعجائز والنساء والسيارات والطرق الضيقة التي لا تترك مجالا بالرحيل سريعا. تصل الرسالة إلى سكان الجزيرة السياحية أن أمامكم 10 دقائق قبل أن تصل الموجة التسونامية المدمّرة التي من المتوقع أن تقتلع كل ما في طريقها من الأخضر واليابس.

 

الفيلم يعتبر جيدا جدا بالنسبة للسينما النرويجية، حقق تقييما نقديا إيجابيا وأرباحا مليونية معتبرة، ويقدم أحداثا مشوّقة ممتازة رغم ميزانيته المتواضعة -مقارنة بأفلام هوليوود- التي لم تتجاوز الستة ملايين دولار، نجحت في تحقيق إيرادات توازي ضعف هذا المبلغ.

 

إلى داخل العاصفة.. الإعصار من الداخل
 
من أشهر أفلام الكوارث التي تم إنتاجها مؤخرا، حيث قدّم معالجة مختلفة كليا عن السائد في هذه النوعية من الأفلام، باستخدام تصنيف "التسجيلات المكتشفة (Found Footage)" التي ترتكز على متابعة الإعصار ميدانيا على الأرض من خلال كاميرا عادية محمولة على الكتف، ونسج الأحداث بناءً عليها.

 

فيلم "إلى داخل العاصفة (Into The Storm)" تم إنتاجه في العام 2014 بميزانية كبيرة قدرت بحوالي 50 مليون دولار، استطاعت أن تحصد في المقابل إيرادات تجاوزت المائة وستين مليونا، فضلا عن اكتساب شهرة كبيرة في هذا العام واعتبار الفيلم من الأفلام "الجماهيرية" مثل غيره من أفلام الكوارث التي تستهوي المشاهدين. إلا أن هذا الإقبال لم يلق نفس الحماس في تقييم الفيلم على المواقع النقدية التي اعتبرت الفيلم جيدًا ومبهرًا وممتعًا، دون أن تشير إلى سياقه الدرامي أو تميزه في أي ناحية أخرى.

 

إعصار مدمّر يضرب إحدى المدن الأميركية، يجعل الآلاف من أهل البلدة يتوجهون إلى الملاجئ بعد أن تحذرهم الجهات الحكومية ان القادم اسوأ بكثير، وأن الاعصار مجرد بداية استهلالية لمزيد من الضربات المناخية. وبينما الكل يهرع هربا من الإعصار، يتوجه مجموعة من الطلبة المراهقين المغامرين باتجاه الإعصار بهدف تتبعه ومحاصرته وتصويره عن قرب. الأمر الذي يوقعهم في سلسلة طويلة من الأحداث المرعبة، تعتبر هي ركيزة متعة الفيلم التي تجسد الإعصار بأشكال مختلفة.

 

البركان.. أي مبنى يصمد أمام تلك الحمم؟
 
لطالما كانت البراكين الثائرة من أكثر الكوارث الطبيعية إرعابا للبشر. صحيح أن البركان قد يكون هو أقل الكوارث الطبيعية خطورة لأنه يُرصد فترة كافية قبل ثورته، إلا أنه ما زال واحدا من أكثر الكوارث التي تسببت في إلحاق دمار هائل أدى إلى إزالة بلدات كاملة على مدار التاريخ.

 

فيلم البركان (The Volcano) يعتبر من أكثر أفلام الكوارث الطبيعية شهرة في أواخر التسعينيات (إنتاج العام 1997)، حيث حقق إقبالا جماهيريا كبيرا جعل إيراداته تتجاز الـ 122 مليون دولار مقابل ميزانية إنتاجية كبيرة بدورها وصلت إلى سقف التسعين مليونا. الفيلم من بطولة النجم المخضرم تومي لي جونز وآن هيش، ويعتبر من الأفلام التي تعتمد على الإبهار البصري بشكل أكبر من الحبكة الدرامية، وهو السبب الذي جعل تقييمه النقدي في مستوى المتوسط.

 

بركان خامد في لوس أنجلوس يثور فجأة ليطلق حممه الملتهبة التي تنهال في المناطق السكنية للمدينة الضخمة، ويهدد الملايين من الأرواح. يتصدى لهذه الأزمة مجموعة من هيئات الطوارئ التي تعمل في مواجهة الكوارث الطبيعية، ويتم العمل على التخطيط والبحث عن طريقة تحوّل من مسار تدفّق الحمم التي تتقدم ببطء في شوارع المدينة وتلتهم كل شيء بلا رحمة.

 

المستحيل.. عندما تسد الموجات الأفق
 
ربما كان من الممكن أن يكون أي منا في موضع هنري وأسرته. سائح إنجليزي يتوجّه برفقة زوجته وأبناء إلى تايلاند، حيث الدولة الآسيوية الأكثر شهرة بالسياحة الرخيصة من ناحية، والممتعة والآمنة من ناحية أخرى. تتوجّه الأسرة ولا يوجد في رؤوسهم سوى الاستمتاع بإجازة عيد الميلاد الدافئة في تايلاند، قادمين من بلادهم الباردة.

 

تبدأ الرحلة مشجعة، مناظر خلابة في كل مكان. شمس ساطعة، فندق أنيق. كل شيء يشي برحلة ممتازة سوف يتذكرونها للأبد، خصوصا عندما يجتمعون حول حوض السباحة في ذلك اليوم. ثم يبدو أنهم قد سمعوا صوت هدير أعلى من المعتاد، ليلتفت الجميع ناظرين إلى الأفق، ليتلقوا مفاجأة لم تفسد عليهم عطلتهم فقط، بل كادت تنتزع منهم حياتهم. جدار هائل عملاق من موجات تسونامي تسد الأفق قادمة إليهم بسرعة هائلة، تفرّق جمعهم. ثم تبدأ رحلة البحث عن بعضهم البعض والصراع للنجاة.

 

فيلم "المستحيل (The Impossible)" هو فيلم من إنتاج إسباني -باللغة الإنجليزية- صدر في العام 2012، بطولة النجمة البريطانية المخضرمة نعومي واتس، والممثل الإسكتلندي إيوان ماكريغور. ويعتبر من أهم أفلام الدراما التي تدور في رحم كارثة طبيعية، تم إنتاجه بميزانية تقدر بحوالي 45 مليونا وحقق إيرادات كبيرة تصل إلى 180 مليون دولار في شباك التذاكر، وتقييمات نقدية إيجابية في مواقع تقييم الأفلام المختلفة.

 

الفيلم يجسد زاوية للأحداث الرهيبة التي واجهتها بلاد جنوب شرق آسيا مع موجات التسونامي المدمّرة التي حدثت في العام 2004، والتي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمصابين والمفقودين في كل من إندونيسيا وتايلاند والعديد من الدول الأخرى التي تضررت من الزلزال الكبير الذي ضرب المنطقة، واعتبر من أكبر الكوارث الطبيعية التي شهدتها البشرية في مطلع القرن الحالي.

 

بومباي.. يوم محى البركان البلدة
 
لا يوجد أشهر من مدينة بومباي الإيطالية كمثال على الكوارث التي تتسبب فيها الطبيعة للإنسان. المدينة تعتبر من أكبر الآثار في العالم الحالي، تجسد آلاف الجثث المتحجّرة لأهل البلدة الرومانية الذين فوجئوا بالبركان يقذف حممه عليهم في ذات يوم، ليحوّل المدينة العابثة إلى أطلال كأن لم تغنَ بالأمس.

 

في العام 2014، صدر فيلم "بومباي (Pompeii)" كمعالجة درامية تاريخية لقصة المدينة الأشهر في إيطاليا، وقصة مسحها من الخريطة بواسطة البركان الذي يعتبر الأشهر في التاريخ حتى الآن. الفيلم من بطولة  كيت هارينغتون وإيميلي براونينغ، تكلف ميزانية قدرت بثمانين مليونا وحقق إيرادات بحوالي 117 مليونا. نجح الفيلم تجاريا إلى حد ما في شباك التذاكر، وإن لم يحقق نفس القوة في تقييم الجمهور له.

 

يدمج الفيلم في سياقه بين أحداث تاريخية ودرامية حقيقية من ناحية، وقصة رومانسية خيالية من ناحية أخرى. حيث يخوض أحد العبيد المحاربين صراعا عنيفا ضد أحد القادة الرومان من ناحية، وصراعا مع الزمن من ناحية أخرى سعيا لإخراج الفتاة التي يحبها من المدينة لتأكده أن البركان على وشك الفوران وابتلاع المدينة كلها. ما يجعل الفيلم يدمج بين الخيال والحقائق التاريخية في سرد السياق الذي انفجر فيه البركان وسبب الدمار الذي يعتبر شاهدا لا يُمحى للبشرية جمعاء.

 

أفلام أخرى سلطت الضوء على الكوارث الطبيعية
 
العاصفة المثالية (The Perfect Storm).. هو فيلم هوليوودي من إنتاج العام 2000، بطولة النجم الأميركي جورج كلوني، يستعرض فيه رحلة مجموعة من الصيّادين في منطقة بحرية بعيدة، يواجهون فيها عواصف مدمّرة تصطحبها موجات هائلة. يعتبر الفيلم من أفضل أفلام المغامرات في مواجهة الطبيعة، وإن كان لا يستعرض كارثة طبيعية بالمعنى الحقيقي. الفيلم حقق أكثر من 300 مليون دولار كأرباح، ومراجعات نقدية ممتازة.

 

موجة تيدال (Tidal Wave).. فيلم كوري جنوبي من إنتاج العام 2009، يحكي عن موجة تسونامي العملاقة التي وصلت إلى شواطئ مدينة بوسان الكورية إثر الزلزال المدمّر الذي ضرب المحيط الهندي في العام 2004، وتسبب في موجات تسونامي عملاقة أدت إلى خسائر هائلة تجاوزت الـ 250 ألف قتيل، وطالت العديد من الدول في آسيا وأفريقيا.

المصدر : الجزيرة