اعتادت أجيال بأكملها مُذ دخل التلفاز إلى بيوتها على أنه جزء رئيس من مكونات بيت الأسرة، ثم أصبح فردا أساسيا لا تكتمل الجلسات دونه، والتلفاز بالمقابل يعامل على أنه الفرد الذي يجب ألا تنطفئ شاشته قبل أن تمتلئ الأسرة بالشبع. لا يأتي التلفاز في شهر رمضان بأيادٍ فارغة، بل يقف على رأس كل ساعة مُقدّما مادة ترفيهية جديدة، وأصبح محتواه مراعيا اختلاف الأمزجة العامة للمشاهدين، فهو الوجبة الشهية متعددة الصنوف المفتوحة دائما أمام أعينهم ليلتهموها دون شبع.

  

لا تخلو الدراما الرمضانية هذا العام من الخلطة بين الأعمال التراجيدية والكوميدية، وإذا أدرنا الآن أزرار المتحكّم في التلفاز على القنوات الخليجية والشامية هذا الشهر، فسنجد وجبة متنوعة ودسمة، ويغلب على الكثير منها العودة بالزمن لتسود نسمات الأزمنة العربية التاريخية القديمة في حالة من النوستالجيا للماضي، والتماهي مع دراما الواقع الحالي، دعونا نُلقي نظرة على أهم هذه الأعمال.

  

بعد سنوات من كتابة الأجزاء الأخيرة من المسلسل الشهير "باب الحارة"، يعود سليمان عبد العزيز هذا العام بالمسلسل السوري "حرملك" في تعاون ليس الأول بينه وبين المخرج تامر إسحاق الذي اشتهر بإخراج مسلسلات تحمل طابعا تاريخيا مثل "خاتون"، "أولاد القيمرية"، "الحصرم الشامي"، وغيرها. يعود بنا مسلسل "حرملك" إلى عصر المماليك في قالب درامي تمتزج فيه أجواء السلطة والحكم بالمؤامرات والمكائد التي تدور داخل الحرملك حيث عالم النساء الذي يغوي الرجال ويحطمهم أيضا. تدور أحداث المسلسل في الشام وتجمع الشخصيات الدرامية بين جنسيات شامية وأيضا مصرية، وهو ما يميز العمل أيضا لوجود عدد من الممثلين من جنسيات عربية مختلفة. المسلسل بطولة جمال سليمان، باسم ياخور، سلافة معمار، درة، أحمد فهمي، سامر المصري، قيس الشيخ نجيب.

  

  

ما زال عالم النساء مسيطرا على أجواء الدراما الشامية لهذا الشهر، في "سلاسل ذهب" نتابع الصائغ "مهيوب" الذي يكيل الذهب في كفة والنساء في الكفة الأخرى، لكن هذا الكيل لا ينتهي دائما بنهاية طيبة، وجريمة قتل فتاة ستكون محرك الأحداث ومحورها، فهل سيكشف لنا المسلسل عن الذهب الخالص والذهب الفالصو؟ أم أن الصائغ العاشق ستخدعه النساء هذه المرة؟ "سلاسل الذهب" من إخراج إياد نحاس وكتابة سيف رضا حامد، بطولة بسام كوسا، ديما بياعة، كاريس بشار، شكران مرتجى.

   

  

هناك، أعلى جبل بيروت، يعيش "جبل" في دولة خاصة بناها لنفسه ولأسرته، ورغم زعامته وحمله للسلاح وتجاوزاته القانونية فإنه ما زال فوق القانون والدولة، والمسلسل بعد نجاحه في موسمه الأول مستمر إلى هذا العام في الجزء الثالث والذي تحل عليه سيرين عبد النور لتشغل دور البطولة أمام تيم حسن/"جبل"، وتنبئ الأحداث عن قصة حب جديدة تنشأ بين الاثنين، لكن هل ستؤثر هذه العلاقة على قلب "جبل" الذي لا يخشى في الدنيا شيئا سوى أسرته ووالدته؟ هذا ما ستكشفه لنا أحداث الجزء الجديد. المسلسل هذا العام من كتابة باسم السلكا، وهو ما يجعلنا متشوقين لرؤية جديدة في سيناريو المسلسل بعد أن كان جُزآه الأول والثاني من كتابة هوزان عكو، وما زال سامر البرقاوي يجلس على كرسي إخراج المسلسل للسنة الثالثة.

    

    

على منصة نتفليكس، وعلى شاشة عدد من القنوات أيضا، نشاهد باسل الخياط في مسلسل "الكاتب" ونحن نراقبه هذا العام في الثوب الجديد الذي سيرتديه، ورغم أن اسم المسلسل يبدو هادئا وينم عن شخصية درامية ثرية فإن هذا الكاتب ما زال لغزا، وهو ما أصبح مقترنا في أذهاننا بين باسل الخياط وأي شخصية يلعب دورها، المسلسل دراما تشويقية تتخلل أحداثه جريمة قتل تقع في منزل الكاتب ويصبح هو المتهم الأول في قتل الفتاة تمارا، لكن ما السر وراء هذه الجريمة؟ وما السر وراء قصة الحب التي ستنشأ بينه وبين محامية "دانييلا رحمة" قررت أن تحول قضيته إلى الرأي العام؟ الكثير من الغموض والتشويق بانتظارنا من كتابة ريم حنا وإخراج رامي حنا.

    

    

إذا استمعنا للنهر الجاري ونمنمات الطيور نقول إنها تسابيح الكون للخالق، وإذا استمعنا لأشعار المحبين نقول إنه العشق، وإذا قلنا العاشق الأكبر سنقول إنه محيي الدين بن عربي، طاقة المحبة الهائلة التي تقتفي الصوفية أثره إلى الآن، يقدمه لنا مسلسل "مقامات العشق" من كتابة محمد البطوش، وإخراج أحمد إبراهيم أحمد، ويلعب دور محيي الدين بن عربي الممثل لجين إسماعيل، ويلعب دور البطولة في المسلسل يوسف الخال، نسرين طافش، مصطفى الخاني.

  

      

ما زالت المرأة محور الأحداث الدرامية هذا العام حتى في عالم الدراما الخليجية؛ تتراوح حياة الفهد بين الأعمال الكوميدية والتراجيدية، لكنها هذا العام تختار الأخير، وهو المقعد الذي يليق بها كما اعتدنا عليها وكما يحبها الكثير من محبيها، في "حدود الشر" نعود إلى حقبة الستينيات حيث تلعب نعيمة/حياة الفهد دور الأم التي يتكئ بيت العائلة على جذعها، والزوجة التي تطيح بها زوجة جديدة، ثيمة معتادة في أغلب المسلسلات الخليجية، ولكن هل سيقدم لنا حدود الشر "حبكة درامية" جديدة تجذبنا تجاه هذه الأسرة وهذه الأم التي تقف حياة أسرتها على المحك؟ المسلسل كتابة محمد خالد النشمي، وإخراج أحمد دعيبس، ويشارك حياة في البطولة أحمد الجسمي، محمد عاشور، سعاد علي، هنادي الكندري، هبة الدري، هيا الشعيبي.

  

   

مجموعة من الشباب الكويتيين يأتون إلى القاهرة في خمسينيات القرن الماضي ليبدأوا رحلة دراسية في جامعة القاهرة، فكيف سيواجه هؤلاء الشباب الاختلاف الثقافي بين بلادهم وبين مصر في مرحلة زمنية كانت أكثر انفتاحا وثقافة من غيرها من الدول الخليجية، هذا المحور الرئيس الذي تدور في إطاره دراما مسلسل "دفعة القاهرة"، حيث العودة بالزمن، ورؤية جديدة للخليجيين لمصر الفاتنة في قالب يغلب عليه نوستالجيا لزمن لم يعد له وجود، لكنه يعكس لنا القاهرة، تلك القبلة التي قصدها الكثيرون واستوعبت في الماضي مختلف الجنسيات في قلب أحيائها وشوارعها. المسلسل بطولة بشار الشطي، فاطمة الصفي، مرام البلوشي، نور الغندور، نور خالد الشيخ، مهند الحمدي، خالد الشاعر، إخراج علي العلي، كتابة هبة مشاري حمادة.

    

    

تقدم دراما الخليج هذا العمل الذي يعود إلى حقبة الستينيات والسبعينيات في مدينة الأحمدي الكويتية وما شهدته من تغيرات ثقافية ترتبط فيها الموسيقى والأغاني بعادات تلك المدينة الهادئة، في قالب درامي يكشف عن ماضي هذه المدينة وماضي عادات المجتمع الرافض لكل غريب عنه وغير مألوف، المسلسل تأليف منى الشمري، وبطولة جاسم النبهان، عبد المحسن النمر، ناصر الدوسري، سارة البلوشي، وإخراج محمد دحام الشمري.

    

  

  

يرتبط اسم شجون الهاجري بالجرأة وغير المألوف، هذه الممثلة التي تسعى بثبات ودون التفات لترك بصمة مختلفة في ساحة الدراما الخليجية تتصدر هذا العام الملصق الدعائي لمسلسل "عذراء" وتلعب دور بطولة المسلسل، وهذه المرة نشاهدها داخل أقفاص السجن، وتكشف لنا الأحداث جانبا نفسيا واجتماعيا عن النساء السجينات وما يتعرضن له من تأثير اجتماعي، خاصة وأن السجن لا يرتبط دائما بالعدل، بل بالظلم في أحايين كثيرة. المسلسل كتابة محمد وعلي شمس، وإخراج محمد القفاص. واللافت أن المرأة تسيطر من جديد في حضورها الدرامي بقوة لهذا العام في مختلف الأعمال بوجود شخصيات درامية كثيرة محركة للأحداث ومحورها أيضا.