شعار قسم ميدان

"اللانهائية".. "فاست أند فوريوس" ولعبة السلسلة المفتوحة

midan - fast
يمكن القول إن سلسلة أفلام (Fast & Furious) السريع والغاضب والتي يصل عمرها إلى 16 عاماً حققت نجاحاً لا مثيل له. فقد بدأ الجزء الثامن The Fate of the Furious بداية جيدة، إذ حقق 98 مليون دولار في شباك التذاكر خلال نهاية الأسبوع الماضي، ويبدو أنه يستعد لجني الأرباح مثل الأجزاء السابقة. ويعتبر الطريق مُمَهَّداً بالفعل أمام الجزئين القادمين.

 

وبصفة عامة، تعتبر سلسلة الأفلام القائمة على السيارات، ويلعب فيها فين ديزل دور البطولة، جوهرة ثمينة لشركة الأفلام الأميركية يونيفيرسال ستوديوز. ولكن، هناك مؤشرات لحدوث مشكلات ومتاعب في المستقبل: فقد حقق افتتاح النسخة الثامنة من الفيلم، Fate، ما يقرب من 50 مليون دولار أقل من الفيلم السابق، Furious 7، وكان رد فعل النُقاد كذلك أقل حماسة. سلسلة الأفلام تؤدي أداءً جيدًا، إلا أنه توجد بعض الأسباب التي تستدعي القلق.

 

كانت الإجابة على أي من الأسئلة التي تخص عالم سلسلة أفلام Fast & Furious في السابق هي: المزيد. والقيام بما هو أكبر من السابق. إن كان بطل الفيلم من المشاهير الذي يتميز بالرأس الأصلع والعضلات المفتولة، فلِمَ لا نأتي ببطل إضافي على هيئة شبيهة له؟ مثلما حدث في فيلم Fast Five عندما انضم دوين جونسون إلى فريق العمل.
 

يرجع جزء من نجاح سلسلة أفلام (Fast & Furious) إلى الطرق الشتى التي قام من خلالها بإعادة اكتشاف ذاته، وقدرة العالم الخاص المتنامي باستمرار الذي يخلقه الفيلم
يرجع جزء من نجاح سلسلة أفلام (Fast & Furious) إلى الطرق الشتى التي قام من خلالها بإعادة اكتشاف ذاته، وقدرة العالم الخاص المتنامي باستمرار الذي يخلقه الفيلم
 

وإن سئمنا من مُطاردات السيارات، فلم لا نُدخل في المُطاردة دبابة، أو طائرة، أو حتى طائرة عسكرية بدون طيار، أو ربما غواصة (مثلما حدث في الفيلم الأخير Fate of the Furious)؟ هل أعجبك دور الشرير الذي ظهر في الفيلم السابق؟ إذاً، لم لا نعكس الأدوار ونجعله بطلاً صالحاً في الجزء القادم من الفيلم، مثلما حدث مع شخصية جيسون ستاثام هذه المرة؟

 

إن استمر الحال على مثل هذا النهج، فمن المتوقع أن نرى في الجزء التاسع من الفيلم (المتوقع صدوره عام 2019)، تحالفاً بين المرأة الشريرة في فيلم Fate، تشارليز ثيرون، مع دومينيك توريتو (فين ديزل) وفريقه المرح. ومن المتوقع أن يتميز الفيلم القادم بتواجد مشاهد مُصورة في الفضاء، أو على الأقل يتضمن ظهور سفينة فضاء، وسينضم إلى فريق العمل بطلاً جديداً من أصحاب الرؤوس الصلعاء (فهل يكون إل إل كول جي؟ أم بروس ويليس؟ أم باتريك ستيوارت؟ أو ربما صامويل جاكسون؟ قم باختيار مَن تحب).

 

سياسة الاستمرار في رفع مستوى التحدي، خاصة مثلما حدث مع بداية الجزء الخامس Fast Five، يظهر كيف تطور Fast & Furious من التواجد في بيئة مناسبة لموضوع الفيلم (مع الأخذ في الاعتبار الخلفية الثقافية لسباقات الشوارع) حتى وصل إلى سلسلة تتجول في جميع أنحاء العالم، وتجعلك تشعر وكأن فيلم (Ocean’s Eleven) تقَابَل مع فيلم (The Avengers). ولكن: ماذا سيحدث إن حاول صُناع فيلم Fast 9 الرجوع إلى الوراء قليلاً والظهور في صورة أبسط؟
 

لعبت ثيرون دور المُخترقة سايفر في الجزء الأخير، إلا أنها هربت في النهاية ونجت؛ وربما ستحظى بتغيُّر في سريرتها وقلبها، وتصبح من فريق الصالحين في الجزء التاسع القادم
لعبت ثيرون دور المُخترقة سايفر في الجزء الأخير، إلا أنها هربت في النهاية ونجت؛ وربما ستحظى بتغيُّر في سريرتها وقلبها، وتصبح من فريق الصالحين في الجزء التاسع القادم
 

هناك جدل قائم بالفعل بخصوص نهج "العودة إلى الأساسيات". وقد يكون من الجيد تقليص وتخفيض محتوى الأفلام، في العصر الذي تتوفر فيه بكثرة فرص الحصول على حق امتياز (فرانشايز)، إذ يأتي موسم الصيف في كل عام بجزء جديد من الأفلام التي تسعى للتميُّز وسط البقية.

فإن فيلم Logan الجزء المليون من سلسلة أفلام X-Men، والذي يعتبر البطولة الثالثة المُطلقة لهيو جاكمان في سلسلة Wolverine، أصبح الفيلم الأكثر نجاحاً حتى الآن، رغم التقييد في تقييمه ضمن القائمة المحدودة (R-rating) وخلو قصته من أي نهاية وشيكة للحياة على الأرض. ظهر فيلم Logan تحت مراقبة أعين الجميع، وفاجأ جميع النُقاد – ولا شك في أن موافقتهم عليه، التي لا تعني بالضرورة نجاحه في شباك التذاكر، ساعدت كثيراً في تحسين سمعته والكلام الذي يُقال عنه.
 

يرجع جزء من نجاح سلسلة أفلام Fast & Furious إلى الطرق الشتى التي قام من خلالها بإعادة اكتشاف ذاته، وقدرة العالم الخاص المتنامي باستمرار الذي يخلقه الفيلم، على الحفاظ على المنطق الداخلي للفيلم بشكل عجيب. إلا أن الجزء الأخير Fate، قام ببعض القرارات قصيرة النظر بخصوص التخطيط لقصة الفيلم، والتي جاءت مُنافية للنهج الذي ذكرناه في بداية الحديث.

 

(تحذير: الجزء القادم يفسد قصة الفيلم لمن لم يشاهده بعد). كان ديكارد شو (الذي يلعب دوره ستاثام)، هو الرجل الشرير في الجزء السابق Furious 7، إذ قتل أحد الأبطال الرئيسيين في فريق العمل، هان (الذي يلعب دوره سونج كانج)، وقام بتفجير مشفى. وفي الجزء الأخير Fate، تحوَّل ديكارد بصورة مُفاجِئة إلى فريق الصالحين، وانضم لعائلة توريتو، مع شقيقه أوين (الذي يلعب دوره لوك إيفانز)، الذي كان يلعب دور الشرير في الجزء السادس.
 

كل ما يحتاجه Fast 9 لمفاجأة الآخرين هو حبكة أخرى تعتمد على السيارات وتمثيل الفريق الأساسي للمسلسل، والتركيز على مخاطرات أصغر وسرد أكثر انفعالية
كل ما يحتاجه Fast 9 لمفاجأة الآخرين هو حبكة أخرى تعتمد على السيارات وتمثيل الفريق الأساسي للمسلسل، والتركيز على مخاطرات أصغر وسرد أكثر انفعالية
 

لِمَ حدث ذلك؟ الإجابة تتلخص في أن ستاثام نجماً كبيراً من نجوم الأكشن، ويستطيع تقديم أداء مَرِح ومُتْقَن، وهو الأداء المطلوب في مثل هذه النوعية من الأفلام، وذلك جنباً إلى جنب مع الطريقة البهلوانية المثيرة التي يتبعها للقيام بالفنون القتالية الخاصة به. ويمدّ ستاثام الجمهور بجرعة من الأدرينالين في الفيلم الذي دائماً ما يجذب ملايين الدولارات عن طريق الدفع بالأسماء الكبيرة والوجوه المألوفة للمشاركة في الفيلم، وخلق مزيجاً رائعاً من الأبطال في كل مرة.

لعبت ثيرون دور المُخترقة الخسيسة، سايفر في الجزء الأخير Fate، إلا أنها هربت في النهاية ونجت؛ وربما ستحظى بتغيُّر في سريرتها وقلبها، وتصبح من فريق الصالحين في الجزء التاسع القادم، مثلما حدث مع ديكارد من قبل. إلا أن من كان يبدو طبيعيًا فيما مضى، يبدو الآن مصطنعاً. فرغم أن ستاثام لا يلعب دور الشرير في الفيلم، إلا أن دوره يبدو خارجًا عن السياق وغير مُناسب، على عكس المجموعة التي أنشئت مُسبقاً (والتي تضم جونسون، لوداكريس، تيريس جيبسون، والإضافة الجديدة، ناتالي إيمانويل).

 

اقتراحي: خاطر، وتخلى عما لا تحتاجه. فاجئ الجمهور الذي قبل عن طيب خاطر كل حبكة مثيرة للسخرية، بالتأكيد ليس هناك مؤشر أفضل على ولاء الجمهور من 16 عامًا من النجاح المتواصل؟ مفتاحي امتياز "Fast and Furious" هما: السيارات والأسرة. أفضل مشاهد Fate of the Furious يتضمن الاثنين، المشهد الافتتاحي في هافانا، حيث يسابق دوم وزوجته ليتي (ميشيل رودريجيز) البطل المحلي في سيارة عتيقة خربة، لإثبات أن الشخص الجالس خلف عجلة القيادة هو الأهم، وليس محرك السيارة.

 

حقق الجزء السابع Furious 7 حوالي 147 مليون دولار في الولايات المتحدة وأسهمت مجموعة من العوامل في تحقيق ذلك، بما في ذلك وفاة الممثل بول ووكر
حقق الجزء السابع Furious 7 حوالي 147 مليون دولار في الولايات المتحدة وأسهمت مجموعة من العوامل في تحقيق ذلك، بما في ذلك وفاة الممثل بول ووكر
 

كل ما يحتاجه Fast 9 لمفاجأة الآخرين هو حبكة أخرى تعتمد على السيارات وتمثيل الفريق الأساسي للمسلسل، والتركيز على مخاطرات أصغر وسرد أكثر انفعالية، حتى لو لم يتضمن غواصةً، أو (كما يعلق الكثير مازحين) رحلةً إلى القمر. ربما رحلة قصيرة على غرار Ocean’s Eleven حيث تنفذ العصابة عملية سرقة محكمة، أو دراما مليئة بالمخاطر تسابق فيها المجموعة الزمن لإنقاذ أحد أعضائها الذي اختُطِف.

 

أنا لا أطالب بفيلم مستقل هنا. لكنني لا أريد المزيد من أفلام "الأبطال الخارقين". مارفل، ودي سي وآخرون يقدمون أبطالاً خارقين كل شهر، وعصابة Fast & Furious لا يمكن تمييزها عنهم مطلقًا في الوضع الحالي، بما تلجأ إليه من السفر في جميع أنحاء العالم، واستخدام تقنية مثيرة للسخرية مثل "العين الخارقة" (والتي تسمح لهم باختراق أي جهاز كمبيوتر أو هاتف على الكوكب).

 

السبب الأبرز للاستماع إلى نصيحتي هو إيراد شباك التذاكر الضعيف لفيلم Fate of Furious. حقق الجزء السابع Furious 7 حوالي 147 مليون دولار في الولايات المتحدة عند الافتتاح، ثم جمع 353 دولار محليًا و1.52 مليار دولار في جميع أنحاء العالم. أسهمت مجموعة من العوامل في تحقيق ذلك، بما في ذلك وفاة الممثل بول ووكر (الذي خُلدت ذكراه في هذا الفيلم)، وطول وقت الانتظار قبل إطلاقه.
 

ربما سنرى دومينيك توريتو يقود مركبته إلى مجرة أخرى في Fast 9. لكن لا يمكنك أن تتفوق على نفسك إلى الأبد
ربما سنرى دومينيك توريتو يقود مركبته إلى مجرة أخرى في Fast 9. لكن لا يمكنك أن تتفوق على نفسك إلى الأبد
 

لكن هذا لا يبرر الأرباح التي جناها افتتاح Fate of the Furious والتي بلغت 99 مليون دولار وهو ما يُعد تراجعًا ملحوظًا. أما سبب تجاهل استوديوهات يونيفرسال على الأرجح، فسيكون إجمالي أرباح الفيلم حول العالم في الأيام الثلاثة الأولى والتي بلغت 532 مليون دولار، متفوقة على أي فيلم سابق.

 

يرجع هذا التناقض جزئيًا إلى عرض Furious 7 لأول مرة في الصين بعد أسبوع من افتتاحه في البلاد الأخرى. تزداد العلامة التجارية Fast & Furious قوة في جميع أنحاء العالم، حتى وإن تناقصت شعبيتها قليلًا بين جماهير الولايات المتحدة.

 

تعتقد استوديوهات السينما أن الجماهير حول العالم تحب سلاسل الأفلام التي تتضمن الإثارة والنجوم الكبار، وليس الأفلام التي تعيد التركيز على الشخصيات الأساسية. إنه نهج اختزالي، لكنه النهج الذي تتبناه استوديوهات السينما على نحو متزايد. ربما سنرى دومينيك توريتو يقود مركبته إلى مجرة أخرى في Fast 9. لكن لا يمكنك أن تتفوق على نفسك إلى الأبد.
 

 ———————————————————————————————

المادة مترجمة عن الرابط التالي

المصدر : الجزيرة