شعار قسم ميدان

تأملات في معنى الفن والجمال

midan - art

طرحت مجلة فيلوسوفي ناو على قرائها هذا السؤال "ما الفن و/أو ما الجمال؟"، وطلبت من القراء إجابة لا تتجاوز 400 كلمة، اختارت أفضلها للنشر في المجلة.
 

ويليام جوزيف نايتر، ميسوري
الفنّ هو أمر نقوم به، إنه فعل. وهو تعبيرٌ عن أفكارنا ومشاعرنا، عن حدسنا ورغباتنا، لكنه يكتسب خصوصيته من الآتي: يتعلق الفن بتشارك الطريقة التي نختبر فيها العالم، وهو الأمر الذي يعتبره كثرٌ امتدادا لشخصيتهم. إنه بمثابة تواصل بمفاهيم حميمة جدًا لا يمكن للكتابة وحدها التعبير عنها بإخلاص.  ولأنّ الكلمات وحدها قد لا تكفي، فلا بدّ من ابتكار وسيلة أخرى تحمل نوايانا. لكن المحتوى الذي نغرسه في الوسيطة الفنية ليس في طبيعته هو الفنّ. يكمن الفن في كيفية استخدامنا تلك الوسيطة، في الأسلوب الذي أوصلنا من خلاله المحتوى.  

undefined

ما الجمال إذن؟ الجمال أكثر من مجرد مفهوم تجميلي. ولا يتعلق بالمظهر الخارجي وحسب. ثمة العديد من الصور الجذابة في محل للأثاث المنزلي، إلا أننا لن نشير إليها بالجميلة، وقد نتفق على جمال أعمال فنية إنما قد لا نتفق على جاذبيتها بالضرورة. الجمال هو قياس تأثير، إنه مقدار انغماسنَا بالعمل الفني – مدى وصولنا لتصور الفنان حول عمله الفني. الفن الجميل هو ذاك الذي ينجح في تصوير أشدّ انفعالات الفنان المتوخاة عمقًا. سواء كانت جذابة ومشرقة، أم مظلمةً ومنفرة. في نهاية المطاف، ليس في وسع الفنان أو المشاهد التأكد من أن فكرة العمل الفني قد وصلت كما أرادها الفنان تمامًا. لأن الذائقة الجمالية مسألة ذاتية.
 

مايك مالوري، واشنطن
قد تبعث الأعمال الفنية على الدهشة أو السخرية، الأمل أو اليأس، الإعجاب أو النفور؛ قد يبدو العمل الفني مباشرًا أو معقدا، غامضًا أو جليا، واضحًا أو عبثيا، لكن المقاربات والمواضيع التي أفضت إلى خلق العمل الفني ترتبط بمخيلة الفنان وحده. وبالتالي، فإنني أؤمن أن تحديد الفن وفقا لمحتواه هو أمر محكوم بالفشل.

يمكن تعريف الفنّ على أنه نقلٌ مقصود لخبرةٍ ما، بوصفها غاية في ذاتها. محتوى تلك الخبرة ضمن سياقها الثقافي قد يحدد إن كان العمل الفني شعبيا أو عابرًا، مهما أو تافها. لكنه فن في كل الأحوال.
يمكن تعريف الفنّ على أنه نقلٌ مقصود لخبرةٍ ما، بوصفها غاية في ذاتها. محتوى تلك الخبرة ضمن سياقها الثقافي قد يحدد إن كان العمل الفني شعبيا أو عابرًا، مهما أو تافها. لكنه فن في كل الأحوال.

ثمة موضوع في الجماليات (الاستطيقا)، وهو دراسة الفن، يزعم وجود انفصال أو مسافة ما بين الأعمال الفنية ودفق الحياة اليومية. بالتالي، تطفو الأعمال الفنية كجزر منعزلة عن الشؤون الواقعية اليومية. ندخلها ما إن نغادر النهر. بنفس الطريقة، يتطلب الموقف الجمالي التعاطي مع التجربة الفنية كغاية مطلقة قائمة بذاتها: يسألك الفن أن تأتيه دون أي تحيزات، كوسيلة لتذوق العمل الفني.  ومع أن في وسع المرء أن يخوض ‘ تجربة جمالية’ من خلال منظر طبيعي، أو نكهة أو مذاق، إلا أن العمل الفني يتميز عن هذه الأشياء في كونه منتَجا، لذا، يمكن تعريف الفنّ على أنه نقلٌ مقصود لخبرةٍ ما، بوصفها غاية في ذاتها. محتوى تلك الخبرة ضمن سياقها الثقافي قد يحدد إن كان العمل الفني شعبيا أو عابرًا، مهما أو تافها. لكنه فن في كل الأحوال.  
 

قد تكون ردود الفعل الأولى على هذه المقاربة في أنها تبدو فضفاضة جدًا. فحتى تسلل أخٍ أكبر خلف أخيه الأصغر وإخافته سيعتبر عملًا فنيا عندئذ، ولن يصنفه سوى سياقه الثقافي (عابر). لكن أليس الفارق ما بين هذا التصرف وبين فيلم رعب لفريدي كروجر ضئيلا جدا؟ من ناحية أخرى، تفسيري يستثني الصور المستخدمة في الإعلانات أو البروبجندا السياسية، بما أنها  لم تكن في ذاتها عملا فنيا وإنما وسيلة لغاية أخرى. ولأضيف على ذلك، عبارة ‘ نقل’ ههنا ليست بالكلمة الملائمة لما يجول في خاطري لأنها توحي بوجود نوايا لا نضمن أنها موجودة حقا في المحتوى الفني المقدّم. فالاستجابات الجمالية عادة ما ينقص من إثباتها  نوايا الفنان التي لا نعرفها.   

شيارا ليوناردي، بيركس
undefined

إن الفارق الجوهري بين الجمال والفن يكمن في أن الفن يتعلق بمن يقدّمه، بينما يتعلق الجمال بالناظر إليه.. 
مما لا شك فيه، أن ثمة معايير للجمال – ما نراه جميلا " بشكل تقليدي". لكن ثمة من غيروا قوانين اللعب- فلنقل إنهم المتميزون – وهم أولئك الذين رأوا المعايير التقليدية للجمال وقرروا الوقوف ضدّها خصيصًا، ربما فقط لإثبات وجهة نظرهم. لدينا بيكاسو ومونك، وشوينبيرج إن اكتفينا بثلاث منهم. عبر هؤلاء عن رفضهم من خلال الفن. ولولا إقدامهم على هذه الخطوة لكان فنّهم مثل أي فنّ آخر: حيث يوجد العمل الفني فقط لكي يُعاش، ويفهم ويُخمَّن (أو لا).
 

الفن هو وسيلة للتصريح برأي أو إحساس، أو التأسيس لرؤية أخرى للعالم، سواء كانت مُستلهمة من أعمال الآخرين أو من شيء مبتكر وجديد كليا. غير أن الجمال جانب من ذلك أو فلنقل إنه كل ما يبعث على السعادة والإيجابية في الأشخاص. الجمال وحده ليس فنًا، لكن الفن يمكن أن يُصنع من، أو حول أو من أجل الأشياء الجميلة. يمكن العثور على الجمال في منظر جبلي: لكنّ الفن هو صورة هذا الجبل حينما نريها للعائلة، أو تنفيذ المنظر على لوحة زيتية وعرضها في معرض فني، أو التسجيل الموسيقي الذي يعيد خلق هذا المشهد بالنزوات والاختلاجات الأولى.
 

ومع ذلك، فليس الفن إيجابيا على الدوام: قد يتعمّد الفن أن يكون مؤذيا وباعثًا على الأسى: قد يدفعك للتفكير في أشياء أو أخذها بعين الاعتبار حينما تفضل ألا تفعل ذلك. إلا أنه إن كان يستدعي فيك إحساسًا ما، فإنه عندئذ فن.
 

آليستر ماكفرالين، جويند
الفن وسيلة لالتقاط العالم. لا العالم المادي وحسب مثلما يحاول العلم أن يفعل: وإنما العالم ككل، وتحديدًا العالم البشري، عالم المجتمع والتجربة الروحية.

 لا يتعلق الفن بإنتاج أشياء أو أحداث جميلة، حيث أن في وسع القطع الفنية إثارة مشاعر أخرى عدا تلك التي يثيرها الجمال، كالإحساس بالرعب، أو القلق، أو حتى الضحك.
 لا يتعلق الفن بإنتاج أشياء أو أحداث جميلة، حيث أن في وسع القطع الفنية إثارة مشاعر أخرى عدا تلك التي يثيرها الجمال، كالإحساس بالرعب، أو القلق، أو حتى الضحك.

ظهر الفن قبل حوالي 50.000 سنة، قبل المدن والحضارات بكثير، إنما بأشكال لا نزال قادرين على الارتباط بها في الوقت الحاضر. حيث يقدَّر عمر اللوحات الجدارية في كهوف لاسكو، والتي كثيرًا ما أذهلت بيكاسو، بحوالي 17.000 سنة. اليوم وبعد ابتكار فن التصوير والهجوم الشرس الذي شنه دوشامب على المؤسسة الفنية، لم يعد ممكنا تعريف الفن استنادًا إلى عدد من المعايير المسبقة مثل ‘ دقة التمثيل’ أو مفاهيم مجردة وضبابية مثل ‘ الجمال’. كيف يمكننا والحال هذه  تعريف الفن ضمن شروط كل من سكان الكهف وخبراء المدينة الحديثة في آن؟  لحلّ هذه المعضلة علينا طرح السؤال الآتي: ما الذي يفعله الفن؟ والإجابة هي بالطبع أنه يبث فينا استجابة عاطفية، أكثر منها معرفية.

تكمن إحدى وسائل مقاربة مسألة تعريف الفن، في هذه الحالة، بالقول: إن الفن يتألف من أفكار يشترك فيها الناس ولها تأثير عاطفي يتشاركه الناس. لا يتعلق الفن بإنتاج أشياء أو أحداث جميلة، حيث أن في وسع القطع الفنية إثارة مشاعر أخرى عدا تلك التي يثيرها الجمال، كالإحساس بالرعب، أو القلق، أو حتى الضحك. غير أن اشتقاق نظرية فلسفية مقبولة للفن من هذا الفهم ينطوي على معالجة مباشرة لمفهوم ‘ الإحساس’، وقد اشتهر الفلاسفة بترددهم على الإقدام بمثل هذا الأمر. إنمّا ليس جميعهم: فكتاب روبرت سولومون Robert Solomon The Passions (1993) قد مثل بداية ممتازة، ويبدو لي طريقًا يمكن البدء منه.
 

وليس الأمر بالهين. فقد لاقى الفيلسوف المسكين ريتشارد رورتي((Richard Rortyنقدا لاذعا حينما قال إن الأدب، والشعر والحب، والوطنية وكل ما شابهها مهمة على الصعيد الفلسفي.  غير أن أهمية الفن تكمن في أنه حيوي في الإبقاء على المعايير رحبة ضمن الحضارة.  ناهيكم عن أن عمر الفن يرجع إلى ما قبل الفلسفة بكثير، والتي يبلغ عمرها وحسب 3000 سنة، والعلم الذي بالكاد يبلغ عمره 500 سنة. يستحق الفن إيلاء اهتمام أكبر من قبل الفلاسفة.
 

نيل هالانيان، كو كيلدار
قبل عدة سنوات كنت في نهم للفنّ. ولأبدأ رحلتي توجهت إلى معرض فني. في تلك المرحلة مثّل الفن بالنسبة لي كل القطع التي رأيتها في معرض فني. وغالبا، ما كانت هذه القطع لوحاتٍ، ولأنها في معرض فقد عّرفتها فورًا على أنها فن. كلوحة لروثكو بلون واحد وحجم كبير، لاحظت إلى جانبها قطعة إضافية مشابهة لم يبدو أنها تحمل توقيعا. وكانت أيضا بلون واحد – الأبيض – بحجم ضخم، تحتل جدارا بأكمله من الغرفة الواسعة ذات السقف المرتفع ترتكز على عجلتين صغيرتين.
العمل الفني هو ذاك الذي يطرح سؤالا لا يطرحه عمل غير فني كالحائط، ألا وهو: ماذا أكون؟ وما الذي أوصله للمتلقي؟
العمل الفني هو ذاك الذي يطرح سؤالا لا يطرحه عمل غير فني كالحائط، ألا وهو: ماذا أكون؟ وما الذي أوصله للمتلقي؟

حينما أمعنت النظر، وجدت أنه مجرد جدار قابل للتحريك، وليس قطعة فنية. فلماذا اعتبرت قطعة ما ‘ فنا’ وأخرى لا؟ تكمن الإجابة عن هذا السؤال، لربما، في معيار بيري جات Bery Gaut في تحديد إن كانت بعض القطع الفنية، فنًّا بالفعل – إنها تلك التي تؤدي غرضها  بوصفها قطعا فنية وحسب، أي كما أراد لها مبتكروها.

 

لكن هل كانت هذه القطع جميلة؟ أبعثت في داخلي استجابة عاطفية؟ يرتبط الجمال عادة بالفن. وأحيانا يكون لدينا هذا التوقع بأننا على موعد مع عرض ‘ جميل’ حينما نذهب لمشاهدة عمل فني، فلتكن لوحة، أو تمثالا، أو كتابا أو أداءً. وبالطبع فإن، التوقع سرعان ما يخبو حينما يوسع المرء نطاق الموادّ الفنية المُستعرضة. والمثال الكلاسيكي على هذه الحقيقة هو نافورة دوشامب (1917)، فهي أكثر منها مبولة قميئة. هل في وسعنا تحديد الجمال؟ دعوني أقترح بأن الجمال هو قدرة عمل فني على بث استجابة عاطفية سارّة. ويمكن تصنيف هذه الاستجابة على أنها "الإعجاب". إنني بالتأكيد لم أعجب بنافورة دوشامب. كان ثمة مهارة بالطبع، في بنائها. لكن أي تكمن المهارة في تقديمها كفن؟

 

وعليه فقد بدأت بالوصول إلى تعريف للفن. العمل الفني هو ذاك الذي يطرح سؤالا لا يطرحه عمل غير فني كالحائط ألا وهو: ماذا أكون؟ ما الذي أوصله للمتلقي؟ تتنوع الإجابات لدى الفنان أو الجمهور على السواء، لكنها ولا شك، تتضمن حكمًا، ودعوة لتصدير الإجابة. وهذه الإجابة التي نصدرها بدورها، تهدف لفك تشفير ذلك السؤال الأعمق – سؤال ‘ من أنا؟’ وهو السؤال الذي يعرّف الإنسانية.


كاثرين بوسلي، سافلوك
"الفنّ" هو صياغة المعنى فيما وراء اللغة. يكمن الفنُّ في خلق المعنى بأداة ذكية، تستثير ردّ الفعل الجمالي فينا.  إنه وسيلة التواصل حينما تفشل اللغة في تفسير ووصف محتواها. في مقدوره البوح بالمسكوت عنه، ولأن ما يعبر عنه الفن وما يبثه هو في جزء منه فوق كل وصف، فإننا نجد من الصعب تحديده أو ترسيم معالمه. يقع تعريف الفن ما بين نيّة الفنان وتعبيره وما بين خبرة الجمهور بالفعل الفني، يشترك الجميع في صياغة معناه، ولذا فمن الصعب القبض على تعريف للفنّ. إنه متنوع واستمراري. وحتى هاجس الاختلاف في تعريفه، يعبّر عن شيء ما.
undefined

يؤدي الفن إلى تطور الحضارة، لكنه إن كان يدعم المؤسسة الحاكمة فهو أيضًا صوت الثوار- الفن يقود ويعكس ويعرّي التغيير في السياسات والأخلاق. كما أنه حجر الأساس في عملية خلق الثقافة، جائش بالفكر دافق بالأفكار، ولا يمكن فهمه تماما بمعزل عن سياقه. إنما وللمفارقة، فإن في وسع الفن إيصال رسائله متجاوزًا الزمن واللغة، أن ينشد الإنسانية المشتركة، ويصل المجتمعات اليائسة ببعضها بعضًا. ولربما لو انخرطت جماهير أوسع بالتقاليد الفنية العالمية المتنوعة، لتولد المزيد من التسامح والاحترام المتبادل.
 

إحدى  الأوجه الأخرى التي لا مفر منها للفن تكمن في إمكانية تسليعه. تنمّي هذه الحقيقة العملية الإبداعية، سواء في تحفيز الفنان لتشكيلٍ قطع فنية لها قيمة تجارية، أو تحفيزه لتجنب هذا الأمر، أو من خلال التسليع الفني للتجربة الجمالية. ويؤثر هذا التسليع أيضًا على أولئك المؤهلين لصنع الفنّ، أو التعليق عليه، أو حتى تعريفه، إذ يجتهد أكثر المنتفعين من التسليع في الإبقاء على جودة ‘ قطعهم الفنية’ عالية ‘. ينبغي على هذه التأثيرات توسيع فهم الثقافة لما هو فنّ في أي زمن كان، فخلق الأفكار الفنية مشروط بالثقافة.
 

ومع ذلك، فقد منح هذا التسليع، وما يترتب عليه من حراسة صارمة للناقد الفني، منح الفرصة لصعود ثقافة مضادة ضمن ثقافة الفنّ، عادة ما يعبر عنها من خلال الفن الذي لا يباع. وتعتمد عندئذ منزلة العمل الفني على قيمته وعلى التوتر الناجم عنه وهو ما يضفي المعنى على الفنّ، وعلى علاقته بالمجتمع.

 

تومي ترونستن، السويد
بادئا ذي بدء علينا إدراك البديهيات. ‘ الفن’ كلمة، والكلمات والمفاهيم عملية وهي تغير معانيها بمرور الزمن. لذلك فقد دلّ الفن على الحرفة، في الأزمنة القديمة. كان شيئا في وسعك أن تبرع به بالتدريب والعمل الجادّ. فيما مضى لو كنت تعرف كيف ترسم أو تنحت، تكون عرفت أيضًا الرمزية المميزة لعصرك. خلال الرومانتيكية وميلاد الفردانية، بات الفن يعني الأصالة. فالذي ميز الفنان عن أقرانه كان قيامه بعمل فني جديد لم يسمع به من قبل.

وسرعان ما باتت شخصية الفنان/الفنانة جوهرية بقدر العمل الفني نفسه. خلال عصر الحداثة، دفع البحث عن الأصالة بالفنانين إلى إعادة تقييم الفنّ. ما الذي في وسع الفن القيام به؟ هل في وسعك رسم الحركة (التكعيبية، المستقبلية)؟ هل في وسعك رسم ما هو غير مادي (التعبيرية التجريدية)؟ جوهريا: هل يمكن لأي شيء أن يعتبر فنا؟ وإحدى وسائل حل هذه المعضلة كانت بالنظر إلى ما وراء العمل الفني نفسه، والتركيز على عالم الفن: لقد أضحى الفن مؤسسة فنية – إنه ما يستعد الفنانون والنقاد، ومؤرخو الفنون.. الخ لاعتباره فنا من الأساس، والذي تتيحه المؤسسة الفنية للجمهور، كالمعارض.
صورة من معرض
صورة من معرض "آنا أوديل" مخرجة فيلم "المرأة المجهولة 2009-349701". 


وتسمى هذه الخطوة بالمؤسساتية Institutionalism) (- والتي اشتهرت من خلال أعمال مارسيل دوشامب (Marcel Duchamp) الجاهزة(1). وقد شاع مفهوم المؤسساتية خلال الربع الأخير من القرن العشرين، على الأقل في أوساط الأكاديميا الغربية، وفي وسعي القول إنه لا زال يشدد الخناق على إدراكاتنا. وأحد الأمثلة على ذلك الفنانة السويدية آنا أوديل( (Anna Odell. وفيلمها( Unknown woman 2009-349701)، حيث تقوم بتزييف إصابتها بالذهان لدخول مصح نفسي، وقد لاقى الفيلم انتقادًا لاذعًا من المشاهدين، فضلًا عن عدم اعتبارهم الفيلم فنًا في المقام الأول.  لكن لأنه كان محط نقاش المحيط الفني، فقد نجح في دخول عالم الفن، وبات يعتبر اليوم فنا، وتعتبر أوديل فنانة.
 

مما لا شك فيه، أن ثمة أولئك الذين يحاولون التحرر من إسار هذه الهيمنة، على سبيل المثال من خلال رفضهم اللعب وفقا لقواعد عالم الفن غير المعلنة. من بين هؤلاء كان آندي وورهول( Andy Warhol) من خلال محترفه، المصنع The Factory، بغض النظر عن حقيقة تبني عالم الفنّ له في النهاية.  ومثال آخر هو داميان هيرست (Damien Hirst)، والذي كما يفعل وورهول، يدفع بالناس لصنع منتجات مادية مشابهة لأفكاره الفنية، ولم يلجأ لمعارض وميادين عالم الفن للإعلان عن فنّه، وإنما باع منتجاته للأفراد مباشرة. وهذا المنحى الليبرالي للرأسمالية كان إحدى وسائل محاربة هيمنة عالم الفن.
 

ماذا يخبرنا ذلك عن الفن؟ أن الفن على الأرجح مفهوم عابر وتخييّليّ. سيكون الفن لدينا دومًا، لكننا في الغالب، سنلتفت إلى الماضي لنعرف فنون عصرنا.

  

كولين برومس، ليسترشير
تعكس الحقبات الفنية المتعاقبة، كالكلاسيكية البيزنطية والكلاسيكية الجديدة والرومنطيقية والحديثة وما بعد الحداثة الطبيعة المتغيرة للفنّ ضمن سياقاته الاجتماعية والثقافية؛ ويتضح تغيّر المعايير في المضمون والأشكال والأنماط المتنوعة. تكتنف الأعمال الفنية على درجات أقل أو أكثر من هذا التغيير، وبالتتالي، لدى كل من  الانطباعيين، والرومانسيين، والتعبيريين والتشكيلين والمؤسساتية الفنية. في كتابه الصادر سنة1981، (The (Transfiguration of the Commonplace، يزعم آرثر دانتو (Arthur Danto)، وجود خاصية للفنّ تربط مظاهره بسلوكيات الملاحظة لدينا بطريقة معقدة، والتي لن يعدو العمل الفني في حال غيابها أكثر من كونه " متناظرات مادية" أو " مجرد أشياء حقيقية".
undefined

على الرغم مما تقوله النظريات المنافسة، فقد تكتنف الأعمال الفنية على ‘ تشابهات أسرية(2).. حيث تظهر العديد من العناصر المختلفة كعمل فني واحد. إنّ التعرف على شواهد الفن هو نشاط مباشر نسبيًا، لكن من المراوغ القول بأن تعريف الفن يتسع لكل الاحتمالات الممكنة. وبالتالي الزعم بأن الفنّ مفهوم ‘ فضفاض’.
 

وفقًا لكتاب رايموند ويليامز Keywords (1976)، يظهر تعبير ‘ الفن’ كمصطلح واسع الاستخدام في القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى’ الفنون الجميلة’ حيث ‘ للفن’ تاريخ من التطبيقات السابقة، كما في الموسيقى، والشعر والكوميديا، والمأساة والرقص، وينبغي علينا ذكر الأدب أيضًا وفنون الإعلام، وحتى فنون الحدائق، التي يمكن لها بحسب كتاب دافيد كوبر Philosophy of Gardens (2006) توفير " طقوسٍ من التعلق العاطفي". الفن عندئذ، لربما " أي شيء يغوي ذائقتنا الجمالية" – جملة صاغها جون دايفس، الأستاذ السابق بمعهد التعليم الفني، في بيرمنجهام، سنة 1971 – وعلى الرغم من أن عبارة " أي شيء" قد تبدو فضفاضة جدا. إلا إنّ اكتسابنا الاهتمام الجمالي(Aesthetic Interest ) على الأقل شرط ضروري للفن.
 

 أن يعتبر شيء ما فنًا يتطلب وجود معنى يلحظه عشاق الفن، يظلّ هذا قائما طالما أنّ الإرهاصات الفنية وما شابهها موجود. وللمفارقة، قد يُسبغُ  هذا المعنى على أغراض لم يقصد لها أن تكون فنا في المقام الأول، ولم يقصد لها أن تُلحظ جماليا – على سبيل المثال، التحف النذرية، أو التعبدية أو التذكارية، أو النفعية. أكثر من ذلك، يمكن أن تخبو الاهتمامات الجمالية  بالممارسات الاستثمارية المشبوهة وحب المديح الاجتماعي. حينما يختلط الاهتمام الجمالي بحب الظهور وأنماط ضارّة من النرجسية، يؤثر ذلك في حقّانية العمل الفني بقوة.  قد تكون هذه المصالح ذات نفوذ، وتؤدي إلى تفريخ منتجات تتنكّر في ثوب الفنّ. وهنا يأتي دور عشاق الفن والجمال النبهاء في رصد أي موضة، أو تزييف ونزوات مارقة. (سيوريد هانيما Sjored Hannema , Fakes and Fantasies 1970)

 

إيان مالكومسن، كولومبيا البريطانية
 لا أحد، بمن فيهم نقاد الفن، ينبغي أن يملي على الناس ما هو الجمال من عدمه؛ فعالم الفن قائم على صراع مستمر ما بين الحفاظ على الذوق الخاص وتعزيز القبول الجماعي.
 لا أحد، بمن فيهم نقاد الفن، ينبغي أن يملي على الناس ما هو الجمال من عدمه؛ فعالم الفن قائم على صراع مستمر ما بين الحفاظ على الذوق الخاص وتعزيز القبول الجماعي.

بالنسبة لي ليس الفن بأكثر أو أقل من القدرة الإبداعية للأفراد في التعبير عن فهمهم لبعض جوانب الحياة العامة والخاصة، مثل الحب والصراع، والخوف والألم. حينما أتلو قصيدة عن الحرب لإدوارد توماس (Edward Thomas)، وحينما أستمتع بحفلة بيانو لموزارت، أو أتأمل في لوحة لإيشر( (M.C Escher، عادة ما أجدني مستغرقًا في لحظة شرود ذهني لاحقة، مُلهَم العاطفة، جائش الفكر.
 
في لحظة الاكتشاف تلك أدرك بتواضع أن آرائي قد يشترك فيها الآلاف غيري، وحتى الملايين حول العالم. ويعزى هذا في جزء كبير منه إلى قدرة الإعلام على السيطرة على عواطفنا واستغلالها. أصبَح معيار قياس الفنّ اليوم، هو مقدار النجاح التجاري الذي يحققه أداء أو عمل ما، والناظر اليوم سيجد أن جودة الفنّ قد انحدرت إلى مبيعات الكتب، أعداد المشاهدات، أو كمية التحميل لتسجيل ما. ومن المحزن ضياع الانطباع الشخصي في زحام القبول الفوري.
 

إذن أين يقع المفهوم الذاتي بإمكانية العثور على الجمال في الفن، من هذا كله؟ إن كان الجمال محصلة عمليةٍ نحصل من خلالها على أحاسيس الرضى والسرور فمن الأفضل له أن يظل مسألة إدراك شخصي، حتى وإن نادت قوى خارجية بالسيطرة عليه. بكلمات أخرى، لا أحد، بمن فيهم نقاد الفن، ينبغي أن يملي على الناس ما هو الجمال من عدمه. فعالم الفن قائم على صراع مستمر ما بين الحفاظ على الذوق الخاص وتعزيز القبول الجماعي.
 

تشارلي أندرسن، إيلينوي
إن الجمال إجماليّ، واتحاد العناصر سويا يجعله كذلك. لطخة فرشاة واحدة لا تخلق جمالًا، لكن عدة لطخات سويا في مقدورها هذا الأمر.
إن الجمال إجماليّ، واتحاد العناصر سويا يجعله كذلك. لطخة فرشاة واحدة لا تخلق جمالًا، لكن عدة لطخات سويا في مقدورها هذا الأمر.

لا يهيننا الجمال على أي مستوًى. إنه حكم شخصي، رأي ذاتي. فذكرى التحديق في منظر جميل، منظر يأسر الحواس، هي أشياء قد تعلق في ذاكرتنا للأبد. إنني لا أنسى أبدًا دخولي منزل بلزاك في فرنسا (صار اليوم متحفا): عطر الزنابق كان غامرًا جدا بحيث انتابتني لحظة خشوع. ولا يمكنني إطلاقًا تفسير كثافة الأحاسيس الأخرى التي اعترتني ذلك اليوم.  غير أنني لا أعتقد أن من المهم تبرير سبب اعتقادي بجمال زهرةً أو لوحة أو منظر الغروب أو انبعاث الضوء من خلال نافذة زجاجية. تخلق قوة المناظر رد فعل عاطفي عندي. ولا أتوقع من الآخرين أو يقلقني اتفاقهم معي من عدمه. هل نتفق كلنا على أن اللطف سلوك جميل؟
 

إن الجمال إجماليّ: واتحاد العناصر سويا يجعله كذلك. لطخة فرشاة واحدة لا تخلق جمالًا، لكن عدة لطخات سويا في مقدورها هذا الأمر. الزهرة جميلة، لكن جمالها ينبع من وجود البتلات سويًا، ومن عطرها المُسكر. عند التفكير في سؤال "ما هو الجمال؟"، فإنني ببساطة أخلص إلى فكرة أن الجمال يكمن في عين الرائي. ويكفيني أن أقول، بأن تقييمي الخاص لما يصعقني بجماله هو كل ما أريد معرفته.
 

ديريك هالم، أوريجون
قال الروائي الفرنسي ستندال (Stendhal)، "الجمال وعد بالسعادة".. لكنه لم يفصّل قوله، إذن عن أي جمال نتحدث وأية سعادة؟ 
إنني أفضل الفن الإنساني على الأفعواني، لكنني بلا شك سأصاب بالذهول إزاء فن أفعواني. قد يتطلب الأمر انسلاخ العديد من التصورات التي نأخذها كمسلمات.
إنني أفضل الفن الإنساني على الأفعواني، لكنني بلا شك سأصاب بالذهول إزاء فن أفعواني. قد يتطلب الأمر انسلاخ العديد من التصورات التي نأخذها كمسلمات.

فلنعتبر أن أفعى قد صنعت عملا فنيا. ما الذي ستعتبره الأفعى جميلا؟ وممّ سيتألف فنها؟ لدى الأفاعي قدرات بصرية متواضعة حيث تكتشف العالم بنسبة كبيرة من خلال جهاز حسي كيميائي، هو العضو الميكعي الأنفي، أو من خلال الاستشعار الحراري. فهل سيكون فيلم صنعه البشر منطقيا للأفعى؟ بهذه الطريقة سيكون جمالها وفنها، غريبين كليا على فهمنا: لن يكون فنها بصريا، وحتى إن اتضح أنّ لها أغنيات فإنها ستكون أجنبية علينا؛ بالنتيجة، ليس لدى الأفاعي آذان، إنها تحس بالذبذبات. لذا فإنها ستدرك الفنون الجميلة، وتشعر بالأغنيات، بمقدار فهمها لهذه الفكرة.  
 

من هذا المنظور، فإن في وسعنا رؤية أن الجمال يكمن فعلا في عين الرائي. قد نتحدث عن طبيعة الجمال بلغة هائجة، لكننا سنخدع أنفسنا إن أخذنا الأمر على محمل الجد. لا ينبغي للجماليات التي تمثّل الجمال خداعنا للاعتقاد بوجوده كمفهوم مجرّد. إنه يتطلب وجود الُمشاهد والسياق، والقيمة التي نُكسبها لمزيج معين من الألوان أو الأصوات على أشياء أخرى، هي مسألة تفضيل وحسب. إن رغبتنا في الصور، أكانت تحرّك دواخلنا أم لا، ترجع إلى أن أعضاءنا قد تطورت بطريقة تدفعنا للرغبة بها. لن تستفيد الأفعى من عالم بصري.  
 

إنني أفضل الفن الإنساني على الأفعواني، لكنني ولا شك سأصاب بالذهول إزاء فن أفعواني. قد يتطلب الأمر انسلاخ العديد من التصورات التي نأخذها كمسلمات. ولهذا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الفكرة المتطرفة قد تستحق العناء: إن كتبت الأفاعي الشعر، فماذا سيكون؟
 

برانن ماكوني، تينيسي
مؤلف كتاب "تلميذ الحياة: لماذا يؤدي الانخراط في الحياة، في الفن، والفلسفة إلى وجود أكثر سعادة..

Student of Life: Why Becoming Engaged in Life, Art, and Philosophy Can Lead to a Happier Existence"
undefined


لا ينبغي الخلط، بين سؤالي "ما الفن" و"ما الجمال".. 
تنحدر جل المناقشات حول الفن إلى مواضيع غير ذات صلة، حيث تمتد لمدة مزعجة فقط للبرهنة على انفتاحها وللحديث عن رحابة مفهوم الفن. بما أن الأمر محسوم، وبما أنَّ الفنّ هو أي شيء تريده، ألا يمكننا إنهاء النقاش عند تلك النقطة؟ سأسكب كومة من الألوان على قماشة لنبدأ جميعًا باستعراض إنجازاتنا الحديثة من قبول للآخر وتعقل معه. إنّ الأمور لا تسير على هذا النحو، وجميعنا نعلم ذلك. إن كان الفن ليعني أي شيء على الإطلاق، فإنه لا بد من وجود تعريف يصلح له. وإن كان الفن هو أي شيء على الإطلاق، لأي إنسان وفي أي وقت، فلا طائل من النقاش. إن ما يجعل الفن مميزا – وجديرًا بالمناقشة – هو وقوفه على اليوميات أو تجاوزها، كالطعام اليومي، واللوحات، أو الأصوات. أن نضيف الفن إلى الأطباق واللوحات والموسيقى، يعني أن نجعلها مميزة أو استثنائية.

 

ما هو، في هذه الحالة، تعريفي للفن؟ باختصار، لكي أسمي عملا ما بالـ"فن" فإنني أضع اعتبارين. الأول أنه ينبغي أن يحتوي ما يمكن تمييزه بطريقة ‘ تلقي الجمهور من الفنان’. لأوضح أكثر، يجب أن يكون ثمة إدراك بأن شيئًا ما قد صُنِع للجمهور، لكي يتلقاه ويناقشه ويستمتع به- تتضمن هذه النقطة تعريفًا واضحًا للفنّ. بكلمات أخرى، لا يستطيع الفنّان إخبارك بأنه فن ما لم يتشكّل لديك الانطباع أنه كذلك. النقطة الثانية هي ببساطة تمييز المهارة: يتطلب الفن شيئًا من المهارة الواضحة. وهذا في رأيي، هو أقل متطلبات – أو تعريفات – الفن. حتى وإن اختلفت التفاصيل، فإن شيئا من التعريف مطلوب لجعل شيء ما فنا من عدمه. وإلا فما الذي نناقشه حتى؟

 

دافيد هوارد، شروبشيرد
يبدو وكأن البشر مضطرون للتصنيف، والتنظيم والتحديد. إننا نسعى لفرض نظام على الانطباعات الحسية والذكريات المتخبطة، نرى الاتساق والتناسق في التكراريات والترابطات، في بحث دائمٍ عن الرابط المشترك، وفي توق لتحديد السبب والنتيجة، بحيث نتمكن من منح معنًى لما قد يبدو عشوائيا وغير منطقي. ومع ذلك، في القرن الأخير تحديدًا، تعلمنا الاستمتاع بالتأمل في التصورات العشوائية؛ فقد توسعت أساليبنا الفنية في الاستماع والمشاهدة بحيث تتسع للمتنافر والشاذّ.
دائمًا ما سيظل تحدي المفاهيم التقليدية للفن قائما، بدءًا من الصدمة التي يحدثها عمل جديد، إلى التوترات التي تغلف صحّة فهمنا للعمل الفني. وهذا ما ينبغي أن تكون الأمور عليه أصلًا.
دائمًا ما سيظل تحدي المفاهيم التقليدية للفن قائما، بدءًا من الصدمة التي يحدثها عمل جديد، إلى التوترات التي تغلف صحّة فهمنا للعمل الفني. وهذا ما ينبغي أن تكون الأمور عليه أصلًا.


على الصعيد الثقافي كان يعني ذلك، هوة آخذة في الاتساع ما بين آراء الغالبية، التي تستمر في تعريف الفنّ بطرق تقليدية، بما فيها من نظام، وتناغم وتمثيل؛ والأقلية التي تبحث عن الفرادة، والتي تحاول رؤية العالم كمكان جديد، وتكافح من أجل الاختلاف والتي تنبع ممارساتها النقدية من التجريد. وبين الفريقين من يستنكر تطرف الفريقين، ومن يجدون ويمنحون السعادة في تعريف رؤية شخصية والتمرن من أجل أداء متقن.
 

دائمًا ما سيظل تحدي المفاهيم التقليدية للفن قائما، بدءًا من الصدمة التي يحدثها عمل جديد، إلى التوترات التي تغلف صحّة فهمنا للعمل الفني. وهذا ما ينبغي أن تكون الأمور عليه أصلًا، بينما يبذل المبدعون الجهد لتوسعة الحدود.  في ذات الوقت، سنستمر في العثور على السعادة في جمال معادلة رياضية، أو آلة مضبوطة بدقة، أو تجربة علمية ناجحة، تكنولوجيا فحص المذنبات، أو قصيدة ناجزة، أو صورةٍ مذهلة، أو عالم من الأصوات لسيمفونية. إننا نمنح المعنى والأهمية لما نجد فيه قيمةً ونحبّ مشاركته مع الأصدقاء. يعكس الفن وتعريفنا الشخصي للجمال طبيعتنا الإنسانية وسعة فضاء نشاطنا الإبداعي.  
 

في النهاية، ستظل هذه الجدالات غير محسومة، بفضل فرديتنا وتاريخنا وتقاليدنا المتنوعين. إن كنا ذوي حكمة، سنطالع وننصت بروح منفتحة، وإن ارتسمت على وجوهنا تعابير التجهم والنفور، لكننا سنظل دومًا نحتفي بتنوع المخيلة الإنسانية وإنجازاتها.  

المقال مترجم عن: https://goo.gl/6b3YsR

________________________________________________

(1): الأعمال الفنية الجاهزة أو الريديميد Ready-made art هي أعمال مصنّعة سلفًا يختارها الفنان ويجري تحسينات عليها، وقد مثلت اعتراضا على الفن البصري (الفنّ الذي يغوي العين أكثر مما يحرك العقل). حيث يتم اختيار غرضٍ ما أو عدة أغراض وإعادة موضعتها والإضافة عليها، ودمغها وعنونتها. ومن ثمّ اعتبار شكلها النهائي عملًا فنيًا. المصدر: ويكبيديا.


(2): Family resemblances: تشابهات أسرية، هو مصطلح فلسفي أطلقه الألماني ويتنجشتاين، ويجادل هذا المفهوم أن الأشياء التي يمكن الاعتقاد بأنّها متصلة بملمح جوهري واحد قد تكون في الواقع متصلة بعدد من التشابهات المتداخلة، حيث لا وجود لهذا الملمح الواحد على الإطلاق. المصدر: ويكبيديا.

المصدر : الجزيرة