الدستور الموريتاني.. محطات وتعديلات

تصميم يمزج بين صورة من مجلس الشيوخ الموريتاني ودستور موريتانيا
لئن كانت التعديلات السابقة مرت بهدوء فإن التعديلات التي جرت في 2017 أثارت رفضا واسعا ولغطا كبيرا (الجزيرة)

وضع الدستور الموريتاني -الذي اعتمد في يوليو/تموز 1991- أسس دولة ديمقراطية معاصرة، وأسس لما يعرف بمسلسل التحول الديمقراطي في البلاد، وفتح الباب أمام التعددية السياسية والإعلامية، وخضع منذ إقراره لثلاثة تعديلات.

ورغم إجماع غالبية الطبقة السياسية في البلاد على أن أكثر الإشكالات التي عانت منها التجربة الديمقراطية في البلاد لم تكن غالبا بسبب النصوص الدستورية والقانونية بقدر ما تعود -وبشكل جوهري- إلى الممارسات السياسية للسلط المتعاقبة.

وبينما رحب الجميع بالتعديلات التي تمت على الدستور في العام 2006 انقسم الشارع السياسي والشعبي بدرجة كبيرة بشأن التعديلات المقترحة في العام 2017، فضلا عن رفضها من طرف مجلس الشيوخ الموريتاني واعتباره إياها باطلة ولاغية.

وقد نص أول دستور تعددي ديمقراطي في البلاد أقر في يوليو/تموز 1991 على التحول نحو النظام الديمقراطي، وأنشأ برلمانا من هيئتين تشريعيتين، جمعية وطنية (مجلس النواب)، ومجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان) وهيئات دستورية أخرى.

تعديلات
وكان أول تعديل على دستور 1991 في العام 2006، حين اقترح مجلس الحكم العسكري الانتقالي في موريتانيا تعديلات عرضها على استفتاء عامّ في 25 يونيو/حزيران 2006، فوافق عليها الشعب بأغلبية كبيرة.

وكان من أهم التعديلات الدستورية: تقليص فترة الولاية الرئاسية إلى خمس سنوات ومنع تجديدها أكثر من مرة واحدة، وعدم ترشح من تجاوزت أعمارهم 75 عاما للرئاسة, وتنص أيضا على منح رئيس البلاد صلاحيات واسعة، منها تعيين رئيس الوزراء، لكنه أعطى البرلمان الحق في الاعتراض على قرارات الحكومة أو سحب الثقة منها، كما حظر الدستور الجديد على الرئيس تولي أي منصب حزبي.

وحدد عدد الفترات الرئاسية بفترتين متتاليتين، وأضاف إلى القسم الدستوري فقرة يقسم فيها الرئيس أنه لن يقوم أو يدعم بشكل مباشر أو غير مباشر تغيير المادة الخاصة بعدد الفترات الرئاسية. كما تضمنت هذه التعديلات إنشاء مؤسسة للمعارضة الديمقراطية يرأسها الحزب السياسي المعارض الأكبر تمثيلا في الجمعية الوطنية (مجلس النواب).

كما أقر مجلس النواب الموريتاني في يناير/كانون الثاني 2012 تعديلات في الدستور تم التوافق عليها بين الأغلبية الحاكمة وجزء من المعارضة، حيث صوت لصالح التعديلات الدستورية أغلبية واسعة (69 نائبا)، بينما رفض نواب المعارضة المنضوية تحت لواء "منسقية المعارضة الديمقراطية" حضور النقاش بعد خلاف مع الأغلبية بشأن الوقت الممنوح للنواب داخل القاعة من أجل نقاش التعديلات.

وتضمنت تعديلات 2012 إقرار جملة من القضايا، منها إدخال جرعة كبيرة من نظام التصويت بالنسبية، وتجريم الانقلابات العسكرية، ومنع الترحال السياسي، وذلك بإبقاء المقعد النيابي للحزب وليس للشخص إذا قرر الأخير الالتحاق بحزب آخر، وتجريم ممارسة العبودية وإقرار طابع التعددية الثقافية لموريتانيا.

تعديلات 2017
ولئن كانت التعديلات التي أجريت على الدستور في العامين 2006 و2012 مرت بهدوء، فإن التعديلات التي جرت في العام 2017 أثارت رفضا واسعا ولغطا كبيرا في الساحة السياسية بعد رفض أغلب قوى المعارضة لها وإسقاطها من قبل مجلس الشيوخ عند عرضها عليه.

وتضمنت هذه التعديلات:
– إلغاء مجلس الشيوخ (الغرفة الأولى من البرلمان).

– إنشاء مجالس جهوية محل مجلس الشيوخ، بحيث تقوم هذه المجالس بمتابعة تنفيذ المشروعات التنموية للسكان في الولايات والمحافظات.

– إدخال تعديلات تتعلق بعلم موريتانيا بإضافة خطين أحمرين إلى العلم الحالي لتثمين تضحيات مقاومة الموريتانيين للاستعمار وتضحيات الشهداء من أجل الوطن، وكذلك تغيير النشيد الوطني على نحو يجعله أكثر إيحاء برموز البلاد وقيمها.

وتنص المادة (8) من الدستور الموريتاني على أن "الرمز الوطني هو علم أخضر يحمل رسم هلال ونجم ذهبيين. ويحدد القانون ختم الدولة والنشيد الوطني".

وتشمل التعديلات كذلك توسيع النسبية في الانتخابات العامة، وتجميع مؤسسات دستورية مثل المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية في مؤسسة واحدة تحت مسمى المجلس الأعلى للفتوى والمظالم. وإضافة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليصبح "المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي".

وتنص المادة (99) من الدستور على أنه "لا يصادق على مشروع مراجعة الدستور إلا إذا صوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية، وثلثا أعضاء مجلس الشيوخ، ليتسنى تقديمه للاستفتاء".

ورغم أن مجلس الشيوخ صوت ضد التعديلات الدستورية فإن الحكومة أحالت الدستور لاستفتاء شعبي، وهو ما أثار جدلا بين فريق يقول إن من صلاحية رئيس الجمهورية تحويل أي تعديل دستوري مقترح إلى الاستفتاء العام من دون الحاجة لموافقة مجلس الشيوخ، ومن يعتقد أن الدستور صريح في وجوب الموافقة عليه من غرفتي البرلمان حتى يتسنى تقديمه للاستفتاء الشعبي.

المصدر : الجزيرة + وكالات