خوان كارلوس

(FILE) A file picture dated 24 May 2010 shows Spanish King Juan Carlos I shortly before chairing the meeting of Pro Spanish Academy at La Zarzuela Palace in Madrid, Spain. Spanish Prime Minister Mariano Rajoy announced in a press conference on 02 June 2014 that King Juan Carlos I has decided to abdicate.

ملك إسبانيا، نقل بلاده من "دكتاتورية" فرانكو إلى نظام ديمقراطي راسخ. حكم قرابة أربعين سنة وتنازل عن العرش لابنه، فمنح لقب "الملك" مدى الحياة اعترافا بفضله على بلاده.

المولد والنشأة
ولد خوان كارلوس ألفونسو فيكتور ماريا دي بوربون يوم 5 يناير/كانون الثاني 1938 في روما بإيطاليا، حيث كانت تقيم العائلة المالكة الإسبانية بعد إعلان الجمهورية الثانية في إسبانيا عام 1931، ثم انتقل في عام 1946 للعيش في البرتغال مع والديه.

الدراسة والتكوين
عاد خوان كارلوس من البرتغال إلى بلاده للمرة الأولى وحيدا وهو في العاشرة ثم سافر إلى سويسرا لتلقي تعليمه الأولي، وفي 18 يناير/كانون الثاني 1955 رجع إلى بلاده حيث بدأ دراسته في الأكاديمية العسكرية الإسبانية، ومدرسة البحرية، والأكاديمية الجوية.

وأنهى في العام الدراسي 1960-1961 تكوينه في جامعة كومبلوتينسي بمدريد، التي درس فيها القانون السياسي والدولي والاقتصاد والمالية العامة.

الوظائف والمسؤوليات
بموجب قانون "الخلافة في رئاسة الدولة" قام فرانسيسكو فرانكو (قائد عسكري حكم إسبانيا 1936-1975 بعد انقلاب على المَلَكية، وصف عهده بـ"الدكتاتورية") بإعلان خوان كارلوس وريثا للقب "الملك"، فأصبح بذلك أميرا لإسبانيا من 1969 إلى 1975، وبعد وفاة فرانكو أُصبح خوان كارلوس ملكا على إسبانيا.

التجربة السياسية
صادق البرلمان الإسباني يوم 22 يوليو/تموز 1969 على أن يصير خوان كارلوس وريثا للعرش بدلا من والده خوان دي بوربون الذي كانت علاقاته سيئة بفرانكو. وأقسم الأمير الشاب في ذلك اليوم على رعاية وتنفيذ القوانين الأساسية للمملكة الإسبانية "ومبادئ الحركة الوطنية" (أي أيديولوجية فرانكو).

ولكنه مع ذلك اعتمد على الصلاحيات التي منحتها له تلك القوانين للدفع قدما باتجاه تغيير "النظام الدكتاتوري" وتمهيد الطريق أمام إحلال الديمقراطية محله.

وبعد وفاة فرانكو 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1975، أصبح خوان كارلوس الأول ملكا على إسبانيا يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1975.

بيد أن قبول الأمير خوان كارلوس لوراثة لقب الملك سبّب خلافا مع والده خوان دي بوربون الوريث الشرعي للملك ألفونسو الثالث عشر، ولكن الوالد تخلى في النهاية لابنه عن حقوقه في اعتلاء العرش ورئاسة الأسرة المالكة في مايو/أيار 1977.

كانت أولى خطوات الملك خوان كارلوس لتشجيع إحلال الديمقراطية في البلاد هي تأييده لقانون الإصلاح السياسي الذي وافق عليه البرلمان يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1976 بأغلبية كاسحة (94%) في استفتاء شعبي، وكان العلامة الفارقة التي أعلنت بدأ ما يُعرف باسم "المرحلة الانتقالية" الإسبانية نحو الديمقراطية.

وفي عهد الملك خوان كارلوس أقِر الدستور الإسباني الذي حدد مهام وصلاحيات الملك، ومنع صاحب التاج الملكي من أي مشاركة سياسية، واعتُرف به وريثا شرعيا لسلالة بوربون التاريخية المالكة، وحوّل إسبانيا إلى نظام الملكية البرلمانية على الطراز الأوروبي الغربي.

وكانت أكثر اللحظات خطورة في عهد الملك خوان كارلوس هي تلك التي شهدت محاولة انقلابية جرت يوم 23 فبراير/شباط 1981، عندما استولت قوة من الحرس المدني (الدرك الإسباني) على البرلمان وعلى أستوديوهات التلفزيون الإسباني في مدريد، واحتلت قوة من المنطقة العسكرية الثالثة في فالنسيا (شرق إسبانيا) شوارع المدينة بالدبابات.

ولكن الخطاب المتلفز الذي ألقاه الملك من قصره رافضا الانقلاب على الديمقراطية قضى على أي دعم ممكن للانقلابيين الذين كانوا يعتقدون أن القصر الملكي سيكون إلى جانبهم.

ازدادت شعبية الملك بين مختلف قطاعات الشعب بعد مناصرته للديمقراطية، وأدى موقفه ذلك إلى ترسيخ النظام الملكي في إسبانيا، مع نقل الحياة السياسية فيها من "الدكتاتورية" إلى الحياة الديمقراطية المستقرة.

سمح الملك كارلوس بحرية الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الشيوعي الإسباني، وأفرج عن المعتقلين السياسيين، وطبق سياسة لا مركزية في الحكم. كما انفتح على السوق الأوروبية المشتركة (الاتحاد الأوروبي لاحقا) للتغلب على تخلف إسبانيا الاقتصادي، وإخراجها من عزلتها السياسية، مما أدى إلى انضمامها إلى تلك السوق عام 1986.

استمر في انتهاج سياسة سلفه فرانكو في الصداقة والتعاون مع الدول العربية، وأكمل انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية. كما واصل مبدئيا رفض إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لكن الأمر تبدل لاحقا حين أعلنت مدريد رسميا في 17 يناير/كانون الثاني 1986 إقامة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.

كان دور الملك خوان كارلوس -الساعي إلى اندماج إسبانيا في الاتحاد الأوروبي وإقامة الديمقراطية فيها- سببا في نيله اعترافا دوليا واسعا، وحصوله على عدد من الجوائز الدولية وشهادات الدكتوراه الفخرية من نحو ثلاثين جامعة إسبانية ودولية ذائعة الصيت.

وفي يوم 2 يونيو/حزيران 2014، تخلى خوان كارلوس عن العرش لابنه فيليبي السادس ليصبح ملكا لإسبانيا، وهو ابنه الوحيد والثالث في الترتيب بعد شقيقتيه إيلينا وكريستينا، من الملكة صوفيا اليونانية الأصل.

المصدر : الجزيرة