شعار قسم ميدان

الإسلاميون الجدد.. كيف سيواجه جيلهم سؤال الهزيمة؟

ميدان - إسلاميون
اضغط للاستماع
      
بعد نكسة (يونيو/حزيران) 1967 وقفت السيدة "صافيناز كاظم" وقد أثرت فيها الهزيمة بقوة -كما يظهر في الفيلم التسجيلي أربعة نساء من مصر- لتقول: "نحن نقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله، الله هو الأكبر، أكبر منكم جميعًا، أكبر من أمريكا والنظام العالمي الجديد الذي يسعى إلى تجريدنا من كل أثر لإنسانيتنا..، العالم كله سيتعلم شريعة الله التي وجدت دائمًا، أين إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الرومان؟ أين أفلاطون وسقراط؟ راحوا. الله هو الواحد والدائم، الأول والأخير".

 

وفي سبعينيات القرن المنصرم بمصر سيتوسَّع العمل الإسلامي على كافة الأصعدة السياسية والخيرية والاجتماعية والدعوية، وسيقتحم فتيان "الجماعة الإسلامية" حرم الجامعات مؤسسين جيل جديد لحركة الإخوان المسلمين التاريخية التي كادت لتموت جراء الضربات الأمنية في عهد عبد الناصر إلا أن اغتيال الرئيس السادات في (أكتوبر/تشرين الأول) 1981 وما سبقه من اعتقالات (سبتمبر/أيلول) أدَّى إلى تقويض العمل العام لا سيما الإسلامي منه(1).

 

 لكن منذ منتصف الثمانينيات سيعود الإسلاميون مرة أخرى، وستنتشر أنماط مختلفة من التدين حملها العائدون من بلاد الخليج الذين كانوا قد فروا من نظام عبد الناصر أو سافروا للعمل هناك، وستنتشر شرائط "التسجيل" وسيدخل التدين أوساطًا ومساحات مُنع منها لعقود(2).

فريق الجوالة التابع للإخوان المسلمين سنة 1952
فريق الجوالة التابع للإخوان المسلمين سنة 1952

وفي التسعينيات -أثناء صراع الدولة مع التشكيلات الإسلامية المسلحة- سيتم التضييق على العديد من الشخصيات والمؤسسات الإسلامية، وستتجه الدولة لتحجيم الإسلاميين وفاعليتهم الاجتماعية والاقتصادية. ومع مطلع الألفية الجديدة ستأخذ ممارسات التدين بُعدًا إعلاميًّا وإعلانيًّا و"سوقيًّا" هائلًا، وستستحيل إلى صناعة لها قوانينها وطرق عملها. وعلى مستوى آخر سينتشر نمط التدين "السلفي" في المناطق الشعبية، وسينخرط الإخوان المسلمون في العمل العام السياسي والنقابي.

لكن ستحدث تغييرات وتحولات في الرؤى والتصورات والسلوكيات بحكم تطور الزمن، وستحتل الرفاهية وقيمها مساحة مرموقة في كل أنماط التدين، كما سينتشر الدعاة الجدد على القنوات الفضائية لينشروا مفاهيم جديدة تُنفّر من التصادم والعمل السياسي ويلجأوا إلى قيم ومفاهيم عصرية روحية أقل دسامة من ذي قبل. ورغم تنامي سوق "الدعاة الجدد" وانتشار خطابهم وبرامجهم التلفازية واستمرار صعود نجوم من "الدعاة الجدد"، كلما أفل نجم أحدهم أو قَدُم خطابه فإن تصاعد التوتر في جل البلدان العربية في الفترة الأخيرة خاصة بعد الربيع العربي وما مرت به الشعوب العربية من مذابح وآلام وقهر والإسلاميون في القلب من تلك الشعوب حين وقعوا في بيئة من الاستقطاب الحاد والمزايدات الخطابية.

 

 فبشَر كل ذلك بصعود دعاة جدد آخرين بأسلوب وخطاب جديد يجمع بين أسلوب الحياة العصرية وقيم الرفاهية وبين خطاب راديكالي جذري يعادي الدولة وفئات واسعة من المجتمع، وكما يستدعي هذا الخطاب بصيغه المتجددة المقولات والقوالب الفقهية التراثية فهو كذلك يستدعي الرومانسية ومفردات العشق والغزل، بل أحيانا يستدعي مفردات الحب الصوفي، فهي تشكيلة مهجّنة متنوعة من الثقافة تجمع بين العلم الشرعي والشعر العربي القديم والخطاب الراديكالي الثوري وبين أساليب العمل الحديثة العصرية والرفاهية التي أضحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة الحديثة اليومية في عصرنا، فما تلك التطورات التي حدثت في حياة الإسلاميين الجدد؟ وما المفاهيم الرئيسة في تصوراتهم؟ وكيف تطورت؟

 

أسطورة الدولة.. إصلاح أم انقلاب؟
أبو الأعلى المودودي (1903 - 1979) (ذا ديلي ستار)
أبو الأعلى المودودي (1903 – 1979) (ذا ديلي ستار)

كتب أبو الأعلى المودودي في كتابه "منهاج الانقلاب الإسلامي" في نهاية القرن الماضي  قائلًا: "كذلك الدولة الإسلامية فإنها لا تظهر دولة إسلامية بطريقة خارقة للعادة، بل لا بد لإيجادها وتحقيقها من أن تظهر أولًا حركة شاملة مبنية على نظرية الحياة الإسلامية وفكرتها، وعلى قواعد وقيم خُلقية وعملية توافق روح الإسلام وتوائم طبيعته"حيث يدعو المودودي لمنهاج محدد لقيام الدولة الإسلامية، لكنه يكتفي بملامح عامة ولا يتطرق لأي معضلات في طريق تحقيق تلك الدولة فيقول: "هذا هو طريق الانقلاب الإسلامي والسبيل الفطرية لتحقيق فكرة الدولة الإسلامية"(3)، ليدشن بذلك منهاجًا حركيًّا ستتبعه أغلب الحركات الإسلامية في العصر الحديث، وسيتأثر الشهيد سيد قطب بكتابات المودودي، فيكتب نقده للحضارة المادية وضرورة الفصام معها لينقل الدعوة والحركة الإسلامية من النظرة إلى الدولة القومية حينها من كونها منافسًا يصلح دعوته لتطبيق الشريعة -كما جاء في مقال "معركة المصحف" للشهيد حسن البنا- إلى عدو يجب فضحه والتشريد به والتصادم معه وإجباره على تطبيق الشريعة الإسلامية والالتزام بقوانينها وحدودها.

 

 فيستكمل قطب ما بدأه البنا حين أسس تصورات عن الحكم على قاعدة لم يسبقه إليها أحد من العلماء والفقهاء السابقين على مر العصور، فقد ظلت مباحث الحكم وشؤونه تندرج في السياسة الشرعية والمدونة الفقهية في باب الفروع، فيما ذهب الشيخ البنا -وللمرة الأولى- إلى القول بأن الحكم في الإسلام يقع في مدار العقائد، وقولته تلك لا تُستقى من مفاهيم مضمرة أو أقوال مواربة، فهو يقول بشكل صريح: "والحكم معدود في كتبنا الفقهية حال من العقائد والأصول لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم، كما هو قانون وقضاء، لا ينفك واحد منهما عن الآخر"(4).

 

ويذهب المفكر حسن أبو هنية أن الحركات الإسلامية ارتبطت بالتغييرات المحلية والدولية سلبًا وإيجابًا، فهي دائمًا تحاول التكيف مع الأوضاع السياسية لتجد لنفسها موضع قدم، فقد انتقلت من المرحلة الإحيائية في فترة الاستعمار -حيث كان مفهوم الدعوة يتمحور حول إحياء مفهوم الأمة وقيمها مرة أخرى بعد سقوط الخلافة- إلى مرحلة ما بعد الاستعمار -حيث ستتحول الحركات الإحيائية إلى حركات سياسية تحاول منازعة الدولة سلطتها-، ثم في عصر العولمة وبداية ظهور نخبة إسلامية متمثلة في "القاعدة" تحاول تحدي العولمة بمفاهيم عالمية إسلامية ستعود الدولة القومية في البلاد العربية لتفتح المجال العام أمام حركات الإسلام السياسي وتتخذه كجدار وقاية، وسيفوز الإسلاميون بمقاعد نيابية وبمساحات تفاهم مع المجتمع والدولة خلال فترة بداية العقد الأول من الألفينيات(5).

الشيخ أسامة بن لادن مع مساعده أيمن الظواهري عام 2001 في أفغانستان (غيتي)
الشيخ أسامة بن لادن مع مساعده أيمن الظواهري عام 2001 في أفغانستان (غيتي)

ويوضح أبو هنية أن اتخاذ الدولة للإسلاميين كجدار وقاية من الحركات الإسلامية (القتالية/الجهادية) سيجعل حركات الإسلام السياسي تتجه نحو "مابعد الإسلاموية" حيث ستحل الدولة الوطنية مكان الخلافة العالمية، وسينظر الإسلاميون إلى المستقبل لا إلى الماضي، وسيستَنِدوا إلى القوانين والدساتير الحديثة لا إلى الفقه السلطاني(6).

 

على صعيد آخر فإن تاريخ تطور الدولة المركزية -خاصة في مصر- مرتبط بتاريخ الحركة الإسلامية، فكل صراع خاضته الدولة مع الحركات الإسلامية زاد من وعي الدولة بنفسها ومصالحها، حيث ظهر لدينا دولة تملك إمكانات لحصار الدلالة التي حاول قطب أن يعيد فرضها على الواقع فتجاوزتها وانتصرت على مرحلة الفصام النكد وأسست لحاكمية الدولة المطلقة واستعلت بالفاشية الوطنية وجددت تراثها الوطني حتى لو كان بالتزوير، وأنتجت خطابًا دينيًّا راديكاليًّا لصالحها -اضرب في المليان على سبيل المثال-، وأعدّت صفوفها ومكنت الشباب ووثقت في طليعتها المؤمنة بالدولة، ونقلت البيروقراطية من كتلة صماء داخل حيز الدولة إلى جماعة منحازة إلى السلطة، وحيّدت التكنوقراط وغيّبت الطبقة المتوسطة، فقد احتلّت الدولة كل المساحات التي فشلت الحركات الإسلامية في دخولها أو انسحبوا منها أو تم طردهم منها بسبب سوء الإدارة وعجز الخيال.

 

الإسلاميون بين السيف والجدار


"أنت ترنو إلى المحال … عاشقًا بعده السحيق

فإذا شارف المنال … خلته من لقى الطريق"

(سيد قطب)
 

حادثة المنصة وإغتيال الرئيس السادات 1981
حادثة المنصة وإغتيال الرئيس السادات 1981

كما يحيلنا تاريخ الحركات الإسلامية إلى تاريخ تطور الدولة القومية في البلاد الإسلامية، فهو كذلك يخبرنا بمواقف واختيارات عدة اتخذها الإسلاميون تجاه الدولة كلما اختارت السلطة أن تضخم من عنفها تجاههم، فنجد أن موجة العنف والاعتقالات في خمسينيات القرن المنصرم وستينياته قد أنتجت نوعين من الاتجاهات لدى الإسلاميين؛ فجزء اختار الفرار بدينه وعرضه إلى الخارج ثم العودة حين تستقر الأمور، والجزء الآخر اختار خيار المواجهة الكاملة مع النظام، فظهر تنظيم الستينيات "جماعة الجهاد الإسلامي المصرية" الذي اتهمته المحكمة حينذاك بالتخطيط لقلب نظام الحكم والانقلاب عليه، وقد كانت فكرة الانقلابات رائجة في تلك الفترة في البلاد العربية، بل في العالم، وقد اعتمد التنظيم في منهجه على تفسير ظلال القرآن وكتاب معالم في الطريق للشهيد سيد قطب، أما الباقي فقد التزم بالثبات أمام ضربات النظام الموجعة والاستسلام للاعتقالات والسجون والتعذيب الشديد لحين انفراج الأزمة(6).

 

وتلك الخيارات هي ما استمرت في التطور والتشكل مع الزمن كلما اشتد التوتر بين السلطة والإسلاميين، وقد رأينا من قبل كيف كان لتلك الأزمات دورها وأثرها في دفع الإسلاميين نحو البحث عن منابر ومساحات جديدة للدعوة والانتشار، وتلك الظاهرة هي ما سماها باتريك هايني بـ "إسلام السوق"، بيد أن على الجانب الآخر وتحت مظلة منهاج المودودي ومعالم قطب وكتابات رفاعي سرور وتهديدات أسامة بن لادن وفوق ظهور فرسان الظواهري ستظهر جماعات متلاحقة من الإسلاميين لا ترى حلًّا مع هذه الدولة الغاشمة ومع هذا العالم الظالم سوى السيف وصندوق الذخيرة.

 

عنوان "ما بعد الإسلام السياسي" ليس نقدًا جذريًّا إنما مساحة مرنة بين الإسلام السياسي وإسلام السوق وبين مشاريع الموجات الثورية الجذرية التي لا تحمل أفقًا سياسيًّا ولكن تحمل رفضًا دائمًا وكبيرًا للدولة وللعالم بشكله الحالي.

فتلك الذات المجروحة المصابة التي تكالب على لحمها الأمم تتمنى لو يفنى العالم، وتتمنى لو تنتقم لكبريائها المجروح بعدما جردها النظام العالمي الجديد من كل خصوصية وجعلها عارية تتلقفها أيادي الغزاة والعملاء والسفاحين وهي مشفقة على نفسها وعلى العالم الذي لا يرحم ضعيفًا ولا مسكينًا ولا مسالمًا.

وقد وصف "جون بورديار" هذا الشعور حين قال: "إن الأخ التوأم (للتعاطف/الشفقة) هو الكبرياء، إننا نبكي على أنفسنا وفي الوقت نفسه نحن الأقوى، وما يعطينا الحق في أن نكون أقوياء هو أننا من الآن فصاعدًا ضحايا، إنه العذر الكامل وهو كل النظافة الذهنية للضحية التي ينحل فيها كل شعور بالذنب والذي يسمح باستخدام المصيبة بمعنى ما بوصفها بطاقة ائتمان"(7). ويشرح المفكر عبدالله العروي ذلك الشعور وتلك الفكرة اعتمادًا على هيجل، حيث يفند هيجل بشدة مفهوم الحرية الوجدانية النافية لما هو خارجها، تلك التي يريد المرء أن يفرضها على العالم الخارجي، فيرى فيها هيجل منشأ الإرهاب وسبب خراب العالم، فيقول في مستهل فلسفة القانون:  "أصل الصعوبة في هذا المضمار كون المرء يتأمل ذاته ويبحث عن خلاصها وعن خلاص العالم بقواعد أخلاقية، وهذا حق شريف ورباني إلا أنه ينقلب إلى ظلم إذا أنكر كل شيء سوى ذاته ولم يشعر بالحرية إلا عندما يبتعد عن قيم الجمهور ويتوهم أنه سيكتشف قيمة خاصة به"(8).
 

أسئلة الأفق واستعادة المسار

لدى الراحل "حسام تمام" مقولتان لتأسيس مقاربة لـ "ما بعد الإسلام السياسي"؛ الأولى ما سماه "السياسوية الإسلامية الكامنة أو المنتظرة" ويعني بها ذلك القطاع من الإسلاميين الذي يتقاطع مع السلفية وحاليًّا مع الإخوان رافضًا للسياسة، ليس رفضًا بنيويًّا على الطريقة الصوفية وإنما لأن اللحظة التاريخية لا تواتي نموذجه السياسي المنشود، فهو ينتظر ويعد نفسه للحظة يرى فيها التدخل مناسب لصالحه(9).
 

أما الثانية فهي "المشهد المتسلفن أو اللحظة السلفية القادمة" ويعني بها أن السلفية تتهيأ لتكون سيدة المشهد وهذا الكلام كتبه عام 2008، وتلك المقاربة مبنية على أساس أن الإسلام السياسي في جزء منه هو تمرد على الدولة الحديثة برمتها وتمرد على حاكمية هذه الدولة وإطلاقيتها وتمرد على تطبيقاتها القسرية للحداثة الغربية في البلدان العربية، لذلك فهناك دائمًا قطاع احتجاجي خارج فكرة الدولة أو السعي لها، وهذا القطاع الآن أصبح متزايدًا ويشكل جحرًا أو مخرجًا خلفيًّا للإسلام السياسي(10). لذلك "فما بعد" هنا في عنوان "ما بعد الإسلام السياسي" ليس نقدًا جذريًّا إنما مساحة مرنة بين الإسلام السياسي وإسلام السوق وبين مشاريع الموجات الثورية الجذرية التي لا تحمل أفقًا سياسيًّا ولكن تحمل رفضًا دائمًا وكبيرًا للدولة وللعالم بشكله الحالي.

يقول
يقول " تمّام" أن السلفية تتهيأ لتتصدر المشهد، وتلك المقاربة مبنية على أن الإسلام السياسي في جزء منه هو تمرد على الدولة الحديثة لذلك فهناك دائمًا قطاع احتجاجي خارج فكرة الدولة

ولاستعادة المسار تذهب أستاذ النظرية السياسية د.هبة رؤوف عزت في كتابها "الخيال السياسي للإسلاميين" إلى محاولة التحرّر من تغوّل الدولة كمفهوم يفرض نفسه على الخيال الفردي الإسلامي أو على الخيال الجمعي، وذلك بتجنُّب "الثقب الأسود" للحداثة بإعادة التفكير في اجتماع البلدان العربية وإعادة شحن وبناء الحركات الاجتماعية والمجال العام بقيم وتصورات إسلامية، وبمحاولة قلب نظام التفكير من خلال التركيز على ماهية المشروع الفكري للتنظيمات الإسلامية "التي لم تُجِبْ عن سؤال النهضة، أو قالب الخلافة، ولا عن أيّ شريعة لأيّ أمّة؟"(11).

 

ولتجديد أمر الدين تقترح د.هبة أمرين؛ الأوّل: فهم الصيغ الاجتماعية والسياسية لإدارة القوّة والسلطة في المجتمع. وهو -تقريبًا- ما يفسّره غياب التشكُّلات الاجتماعية كالتحالفات العمّالية والحرفيّة في فكر الإسلاميين، والانتقال بالتعامل مع النقابات من منطق الحشد والتعبئة والأصوات لمنطق التلاحم والتعاضد والتحالف، وتحرير عقلهم السياسي من الدولة القومية وأسطورتها. والأمر الثاني: هو فهم التديُّن ومظاهره، ومعنى الشورى والاستشارة(12).

 

وفي النهاية تدعو الكاتبة الإسلاميين إلى مراجعة المنطق الحركي وصيغ التنظيم والانخراط المجتمعي والسياسي، ومراجعة الموقف من المشروع السياسي الذي تقدمه التنظيمات كلها، واستعادة الفاعلية المجتمعية والدعوية وبناء خطاب إسلامي حكيم، كما تدعوهم إلى مراجعة موقفهم من العالم بمعناه الواسع لا بمعناه الضيق وحصره في الغربي "الصليبي المتآمر"، بل هناك عوالم أخرى وتجارب أخرى شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا قد تفيد عالمنا الإسلامي. فهل تساعد هذه الدعوات وتلك الصيغ الجديدة من التدين ومن الإسلاميين في بناء تصورات جديدة للمشروع الإسلامي؟ أم سيظل الحال كما هو عليه كأننا في دائرة مفرغة؟

المصدر : الجزيرة