شعار قسم ميدان

الساعات الذكية.. صراع جديد بين غوغل وآبل وسامسونغ

midan - watch

عادت الرؤية من جديد للاختلاف بين كُبرى الشركات التقنية، آبل وغوغل، وهذه المرّة لم تقف سامسونغ في صف غوغل، بل رأت في نموذج آبل أفضل طريق وقرّرت السير فيه لتتميّز عن غيرها من الشركات، وبالتالي كل شركة من الثلاث تسير في طريقها الخاص. تلك التجزئة نتج عنها ثلاثة أنظمة تشغيل مُختلفة للساعات الذكية؛ "أندرويد وير" (Android Wear) من غوغل، "وتش أو إس" (watchOS) من آبل، و"تايزن" (Tizen) من سامسونغ.

 

قيود آبل
كشفت شركة آبل عن الإصدار الرابع من نظام "وتش أو إس"، وهذا خلال مؤتمرها الأخير للمُطوّرين الذي جرى في منتصف 2017، وهو النظام الذي تعمل به ساعات آبل الذكية فقط "آبل وتش" (Apple Watch) والمتوافق أيضًا مع هواتف آيفون العاملة بنظام(1) "آي أو إس" (iOS).

 

يُتيح نظام تشغيل الساعات الذكية من آبل الكثير من الميّزات تبدأ أولًا بمتجر خاص للتطبيقات مع إمكانية تشغيل التطبيق كاملًا على الساعة(2). هذا يعني سرعة أكبر في التشغيل والأداء مُقارنة بالإصدارات الأقدم التي كان تثبيت التطبيقات وتشغيلها يتم بالتناوب بين الساعة والهاتف.

  

يدعم نظام
يدعم نظام "وتش أو إس" سيري، مُساعد آبل الرقمي، وبالتالي يُمكن إتمام الكثير من المهام والتحكّم بالمنازل الذكيّة عبر الصوت ودون الحاجة للمس الساعة بالأصل
  

الشاشة الرئيسية للساعة قابلة للتغيير، وهي تُعرف بـ "وتش فيس" (Watch Face) التي تعرض مجموعة من البيانات إلى جانب الوقت على غرار التنبيهات الواردة، وعدد الحُريرَات المحروقة، ومُعدّل نبضات القلب، وهي بيانات يُمكن للمستخدم التحكّم بها بشكل يدوي واختيار ما يناسبه فقط. وبالعودة للوجوه، توفّر الشركة متجرًا خاصّا مع إطلاق وجوه جديدة باستمرار كان آخرها واحدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي و"سيري" (Siri) لتقديم مُلخّص شامل حول نشاطات ومواعيد المُستخدم.

 

وبالقفز إلى الوظائف الأساسية للساعة المُتمثّلة بالصحّة والرياضة، خصّصت الشركة تطبيق النشاط (Activity) الذي يعرض كافّة التفاصيل ويعمل على هيئة شبكة اجتماعية مُبسّطة مع الأصدقاء لمشاركة الإنجازات الرياضية فيما بينهم. كما تتوفّر بعض البرامج الرياضية الخاصّة التي يُمكن الاستعانة بها، دون نسيان التطبيقات المتوفّرة في المتجر لهذا الغرض أيضًا. وبسبب التكامل مع نظام "آي أو إس"، سيحصل مُستخدمو آيفون على التنبيهات الواردة دون الحاجة لفتح الهاتف دائمًا، كما يُمكن الرد عليها عبر الساعة من خلال التفاعل بالوجوه التعبيرية، أو الاستعانة بخاصيّة الإملاء الصوتي التي تقوم بتحويل الكلام إلى نصوص. وبالحديث عن الإملاء الصوتي، يدعم نظام "وتش أو إس" سيري، مُساعد آبل الرقمي، وبالتالي يُمكن إتمام الكثير من المهام والتحكّم بالمنازل الذكيّة عبر الصوت ودون الحاجة للمس الساعة بالأصل.

 

تشغيل الموسيقى من السحاب أو من الهاتف أمر مُمكن أيضًا، واستخدام بعض الإيماءات كالرسم على شاشة الساعة، أو الضغط بقوّة على شاشتها يؤدي إلى تنفيذ مهام مُختلفة، دون نسيان إمكانية إرسال مُعدّل نبضات القلب بعد الاستعانة بالمُستشعرات الموجودة داخل الساعة. كما يُمكن الدفع إلكترونيًا عبر هذا النظام الداعم لخدمة "آبل باي" (Apple Pay) بشكل افتراضي، وذلك في المحلّات التجارية الداعمة للخدمة فقط.

  undefined

 

من عيوب هذا النظام هو عدم إمكانية مزامنته مع بقيّة أجهزة آبل مثل آيباد أو حواسب ماك، إلا أن الساعة بشكل عام يُمكن استخدامها لقفل، فك قفل، الحاسب بمجرد الابتعاد عنه، أو الاقتراب منه. المُشكلة الأكبر تكمن في عدم إمكانية استخدام الساعة مع الهواتف العاملة بنظام أندرويد، ليبقى المستخدم بحاجة آيفون للاستفادة منها بشكل كامل.

 

حرّية غوغل
بَنت آبل نظام "وتش أو إس" على نظام "آي أو إس" المُستخدم في هواتف آيفون وحواسب آيباد. وبالمثل، خرج نظام "أندرويد وير" من غوغل بعد تبسيط نظام أندرويد المُستخدم على نطاق واسع حول العالم(3).

 

حَمل الإصدار الثاني من نظام تشغيل الساعات الذكية الخاص بغوغل الكثير من الميّزات أهمّها مساعد الشركة الرقمي "غوغل أسيستنت" (Google Assistant)، ليكون المستخدم قادرًا أيضًا على إتمام الكثير من المهام صوتيًا دون الحاجة للاقتراب من الساعة التي تأتي بشاشة صغيرة عكس العرف السائد في الهواتف الذكية. الوجوه (Watch Faces) لها مكان خاص في غوغل، فإلى جانب الخيارات داخل المتجر، تسعى الشركة لتطوير الكثير لأنها الواجهة الأولى التي يتفاعل المستخدم معها ويجب أن تكون مُريحة عند النظر إليها.

  undefined

 

من ناحية التنبيهات، يتفوّق نظام غوغل على نظام آبل من ناحية التوافقية، فاستخدام ساعة عاملة بنظام غوغل يسمح للمستخدم مزامنتها -نوعًا ما- مع هواتف آيفون، وبالتالي يُمكن استعراض جزء كبير من التنبيهات الواردة إلى الهاتف. أما في الهواتف العاملة بنظام أندرويد، فالوضع أفضل بكثير ويُمكن التفاعل مع تلك التنبيهات كالرد على الرسائل الذي أصبح أفضل في الإصدار الأخير، إذ يُمكن للمستخدم الرسم على الشاشة ليقوم النظام بالتعرّف على الحروف وتحويلها لكلمات، أو عن طريق الردود الذكيّة التي يقترحها النظام بعد تحليل محتويات الرسالة، بالإضافة إلى إمكانية الكتابة عبر لوحة مفاتيح صغيرة أو استخدام الإملاء الصوتي.

 

ولتوحيد تجرية الاستخدام، لجأت الشركة لاستخدام مفهوم "ماتيريال" (Material) المستخدم في أندرويد على بقيّة الأجهزة الذكية. كما خصّصت نسخة من متجر التطبيقات "غوغل بلاي" (Google Play) لكي تكون متوافقة مع الساعة، وبالتالي تحميل التطبيقات منها بشكل مُباشر وتشغيلها في ذات الوقت على الساعة بشكل كامل. ويجب التنويه هنا إلى أن غوغل تسمح للمُطوّرين بإرسال لوحات مفاتيح للساعة لتوفيرها في المتجر، عكس آبل التي تحد من هذا الأمر أيضًا.

  

لا يُمكن تفضيل نظام على نظام دون النظر إلى الساعة والوظائف والمُستشعرات التي توفّرها. كما لا يجب نسيان أن الشركات وبإطلاق تحديث واحد قادرة على إمالة الكفّة نحو نظامها

وظائف الرياضة، والموسيقى، والتمارين الرياضية موجودة، ويختلف مستوى دعمها على حسب الساعة، فالساعة التي تحتوي على شريحة تحديد الموقع الجغرافي تسمح للنظام بتتبّع نشاط المستخدم الرياضي والمسافة المقطوعة على الخارطة. لكن وبفضل منصّات غوغل المختلفة، ومنصّة "غوغل فت" (Google Fit) الرياضية، يُمكن رصد مُعدّل نبضات القلب، وعدد الحُريرَات والخطوات المقطوعة يوميًا، للحصول على تقرير شامل في أي وقت.

  

أخيرًا، يُمكن الاستفادة من خدمة "أندرويد باي" (Android Pay) للدفع الإلكتروني عبر الساعة، لكن دعم تلك الخدمة يتوقّف كذلك على المتجر نفسه، وهذا يحد قليلًا من النشاطات التجارية التي يُمكن الدفع فيها باستخدام الساعة.

  

اعتدال سامسونغ
لم تجدِ الشركة الكورية ضالتها في نظام تشغيل غوغل عندما بدأت بإنتاج ساعاتها الذكية، ولهذا السبب لجأت لاستخدام نظام "تايزن" الذي قامت بتطويره أولًا لاستخدامه في الهواتف الذكية، قبل أن تجد فيه فرصة عظيمة لاستخدامه في الساعات الذكية على اعتبارها أجهزة أبسط(4).

 

قبل الخوض في الميّزات يُمكن القول إن الشركة تسعى للتفوّق على الجميع، فمن ناحية الميّزات، يُمكن لمستخدمي أجهزة سامسونغ الاستفادة من كل شيء على غرار إجراء المُكالمات، وإرسال الرسائل النصيّة والبريدية، بالإضافة إلى استخدام ميّزة "سامسونغ باي" (Samsung Pay) للدفع الإلكتروني، وتثبيت التطبيقات، واستلام التنبيهات والتفاعل معها بشكل كامل كذلك(5).

   

تُشكّل الساعات العاملة بنظام
تُشكّل الساعات العاملة بنظام "وتش أو إس" من آبل ما يزيد عن 57٪، بينما تُشكّل الساعات العاملة بـ "تايزن" 19٪
   

أما بقيّة الأجهزة العاملة بنظام أندرويد فهي تستفيد من جميع الميّزات السابقة باستثناء إجراء المُكالمات، والرسائل، والبريد الإلكتروني، المدعومة بشكل محدود على اختلاف الجهاز وإصدار نظام أندرويد المُستخدم. مُستخدمو هواتف آيفون بإمكانهم كذلك الاستفادة من جميع الميّزات باستثاءِ استلام البريد الإلكتروني وخدمة الدفع الإلكتروني، مع دعم محدود للرسائل ووظائف الصحّة، وواجهات الساعة أيضًا.

 

توفّر سامسونغ متجرًا للتطبيقات، ليس بقوّة متجري غوغل وآبل، لكن الشركة تبذل جهودًا كبيرة للحد من تأثير هذا الأمر، فوجوه الساعة على سبيل المثال قابلة للتخصيص وتتمتّع بسلاسة أكبر من تلك التي توفّرها آبل وغوغل؛ إذ يُمكن لمستخدمي الساعات العاملة بنظام "تايزن" التعديل بشكل واسع واختيار الشكل النهائي الأنسب لهم. وبما أن سامسونغ تقوم بتطوير النظام وإنتاج الساعات، وجدت الشركة الصيغة الأفضل لعرض البيانات على الساعة والانتقال بين التطبيقات المُختلفة خصوصًا بعد اعتماد مفهوم الإطار الدوّار لتصفّح البيانات دون الحاجة للمس الشاشة، فإطار الساعة المُحيط بالشاشة مُتحرّك وقابل للتدوير لتحريك الظاهر على الشاشة. بينما تعتمد آبل، ومجموعة من الساعات العاملة بنظام غوغل، على تاج رقمي موجود على أحد أطراف الساعة.

 

وظائف الصحة مدعومة بشكل كبير جدًا في ساعات سامسونغ، لكن في وقت يُزامن فيه نظام غوغل كل شيء مع بقيّة أجهزة المُستخدم، يبقى هذا الأمر محدودًا نوعًا ما في "تايزن"، فقوّته الحقيقية مع هواتف الشركة، وتضعف بالاتجاه نحو بقية أجهزة أندرويد ثم بالاتجاه نحو آيفون. على صعيد الذكاء الاصطناعي تُعتبر سامسونغ حديثة العهد، فهي حتى الآن لم تُطلق نسخة مُستقرّة من "بيكسبي" (Bixby)، المساعد الرقمي الذي يُمثّل مستقبل الشركة في هذا المجال، والذي سيجد طريقه عاجلًا أم آجلًا إلى "تايزن" الذي تعمل الشركة في الوقت الراهن على تطوير الإصدار الرابع منه.

 

من ناحية الاستخدام على مستوى العالم، تُشكّل الساعات العاملة بنظام "وتش أو إس" من آبل ما يزيد عن 57٪، بينما تُشكّل الساعات العاملة بـ "تايزن" 19٪، ثم تلك العاملة بـ "أندرويد وير" بنسبة 18٪(6). ما سبق يعكس أهمّية تدخّل الشركة في إنتاج الساعات أيضًا لتوحيد تجربة الاستخدام، فسوق ساعات "أندرويد وير" كبير جدًا ومتفرّع بسبب كثرة الخيارات. بينما توفّر آبل جيلين فقط مع شائعات عن جيل ثالث قادم قريبًا، وهذا يعني أن الجيل الأول سيختفي وينتقل الدعم للأجيال الذي بعده فقط. أما سامسونغ، فهي أطلقت ساعات "جير إس 3" (Gear S3) التي أصبحت ذات هوّية مُنفصلة بهيكل دائري وإطار قابل للدوران.

 

ختامًا، لا يُمكن تفضيل نظام على نظام دون النظر إلى الساعة والوظائف والمُستشعرات التي توفّرها. كما لا يجب نسيان أن الشركات وبإطلاق تحديث واحد قادرة على إمالة الكفّة نحو نظامها. سامسونغ وآبل تتحكّمان بكل تفصيلةٍ في الساعة ونظامها، ولهذا السبب قد يكون كل شيء واضح منذ البداية. في "أندرويد وير" الأمر مُختلف، فمجموعة كبيرة من الشركات تستخدم النظام، تمامًا مثلما هو الحال في الهواتف الذكيّة، وبالتالي يُمكن للمستخدم الاختيار ما بين ساعات من كاسيو، أو هواوي، أو "إل جي"، أو موتورولا، وهذا غَيض من فَيض(7).

المصدر : الجزيرة