دراسات: الحمية الغذائية قد تؤدي لنتائج عكسية
قد يتبع بعض الأشخاص حمية غذائية للتخلص من أوزانهم الزائدة، لكن بمرور الوقت يجدون أنفسهم قد اكتسبوا المزيد من الوزن بدلًا من فقدانه. وفقًا لـعالمة الأعصاب ورئيسة التحرير السابقة لمجلة «أبحاث الدماغ» العلمية «ساندرا امودت»، في كتابها الذي يحمل عنوان «Why Diets Make Us Fat: The Unintended Consequences of Our Obsession With Weight Loss» أن اتباع حمية غذائية قد لا يُعتبر الحل الأمثل لفقدان الوزن؛ لأن الأشخاص الذين يستمرون في اتباع نظام غذائي محدد ويقلقون حيال السعرات الحرارية التي يحصلون عليها يوميًا، هم أكثر عرضة لاكتساب المزيد من الوزن خلال فترة زمنية قصيرة. وتُفسر «ساندرا» بعض الأسباب التي تجعل الحمية الغذائية تؤدي غرضًا عكسيًا وتُكسب الشخص مزيدًا من الوزن بدلًا من فقدانه، ومن تلك الأسباب: [i]
قد نعتقد أن اتباعنا لحمية غذائية قرار مناسب وفكرة جيدة، لكن قد لا تتفق أدمغتنا مع ذلك. فكثيرًا ما نجد أنفسنا نتصرف وكأننا نتضور جوعًا، فنلتهم كميات هائلة من الطعام دون وعي بها. فقد سمحت
إحدى الدراسات بجامعة «روكفلر» للعلماء بمراقبة ما يحدث للأشخاص البُدناء بعد فقدانهم بعض الوزن.
فكشفت النتائج أنهم قد استعادوا الوزن المفقود في فترة زمنية ضئيلة جدًا. فعند اتباع هؤلاء الاشخاص لحمية غذائية، يتشكل لديهم هاجسًا مكثفًا حول الطعام، فيعانون العديد من الآثار النفسية والفسيولوجية، التي تشبه الآثار الناتجة عند التعرض إلى الجوع لفترات طويلة، وبالتالي تمنعهم عقولهم من فقدان الوزن للحفاظ على استقرار الجسم، فيجدون أنفسهم سابحون في أحلام اليقظة بالتفكير في الطعام، وبالتالي زيادة التوتر الذي قد يتبعه زيادة في الوزن لا فقدانه. [ii]
اتباع حمية غذائية أمرٌ مرهق في أغلب الأحيان، فعملية حساب عدد السعرات الحرارية المسموح بها يوميًا، والبحث عن الوجبات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات تجربة مرهقة فعليًا، والدليل على ذلك وجهة نظر أدمغتنا التي تري أن اتباع نظام غذائي محدد، وتقييد السعرات الحرارية يشبه تعرضنا للمجاعة، مما يجعله يُعزز من انتاج هرمونات التوتر التي تدفعنا إلى الشعور بالإجهاد الذي يؤدي غالبًا إلى زيادة الوزن.
فقد يعتقد البعض أنهم يكتسبون الوزن لعدم امتلاكهم السيطرة على أنفسهم، لكن هذا الاعتقاد ليس صحيحًا، فوفقًا لـ «ساندرا» أنه قد أجرى علماء النفس دراسة تعقبوا فيها نوعين من الأشخاص، النوع الأول يتبع حمية غذائية محددة، فيختار ما يأكله، ويحسب عدد السعرات الحرارية التي يتناولها. والنوع الثاني هم أشخاص يستمعون فقط إلى إشارات أجسادهم، فيأكلون بشكل بديهي، يتناولون الطعام عند شعورهم بالجوع، ويتوقفون عند شعورهم بالشبع.
حيث كشفت نتائج الدراسة أن النوع الثاني، الذي يأكل بشكل بديهي، أقل عُرضة لزيادة الوزن، حيث تصبح أوزانهم مستقرة لفترات زمنية طويلة، على عكس النوع الأول الذي يصبح أكثر عرضة لزيادة الوزن نظرًا لتعرضهم للتوتر أو الضغوط النفسية التي تدفعهم إلى الأكل بصورة أكثر شراهة، وبالتالي اكتساب المزيد من الوزن. 3
بالإضافة إلى ذلك فقد كشفت العديد من الدراسات طويلة المدى، والتي راقبت الأشخاص الملتزمون بحمية غذائية لفترة طويلة، أنهم أكثر عرضة للسمنة عن غير الملتزمين بأي حمية غذائية. ذلك لأن الأشخاص الملتزمون بحمية غذائية عندما تبدأ أجسادهم في استعادة الوزن المفقود، فإنها تكتسب الدهون بشكل أسهل بكثير من اكتسابها للعضلات، وبالتالي زيادة الوزن بصورة أسرع. 3
تكون عملية التمثيل الغذائي في قمتها عند الطفولة، فيأكل الطفل ما يريد وقتما يشاء دون القلق بشأن العواقب أو زيادة الوزن. لكن يختلف الوضع عند البالغين، فبمجرد البدء في اتباع حمية غذائية تتغير عملية الأيض تمامًا، فيحاول الدماغ أن يجعل الجسم متزنًا قدر الإمكان دون فقدان أو اكتساب المزيد من الوزن.
فتتغير عملية التمثيل الغذائي وفقًا لحالة الجسم، فعند اكتساب الجسم المزيد من الوزن، نجد أن عملية الأيض تكون أفضل، فيحرق الجسم المزيد من الطاقة والسعرات الحرارية بسهولة. وكذلك على العكس تمامًا، عند بدء الجسم باتباع حمية غذائية، وتقليل كميات الطعام التي يحصل عليها، نجد أن عميلة الهدم تتباطأ.
فقد أكتشف الدكتور «رودي ليبيل» من جامعة كولومبيا أن الأشخاص الذين فقدوا 10% من أوزانهم، يقومون بحرق 250 إلى 400 سعر حراري أقل، وذلك لأن عملية التمثيل الغذائي الخاصة بهم مقمعة. حيث تقل عملية حرق السعرات الحرارية بحوالي 10 إلى 15% عن ذي قبل، وبالتالي فالجسم يحتاج إلى ممارسة الرياضة ليستطيع التخلص من تلك السعرات. 3
فتعتقد «ساندرا» بأنه لا يجب تقييد أنفسنا باتباع حمية غذائية، أو القلق بشأن أوزاننا. لكن ما يجب علينا فعله هو تناول الطعام بانتباه، فقط تناول الطعام بشكل بديهي عند شعورنا بالجوع، والتوقف عند احساسنا بالشبع؛ لأن استمرار الانتباه أثناء تناول الطعام يجدي نفعًا في خسارة الوزن أكثر من اتباع حمية غذائية مُقيدة. [iv]
إن اتباع نظام غذائي محدد قد يُفقدنا بعض الوزن، لكنه لن يستمر على المدى البعيد، ومهما حاولنا سنكتسب هذا الوزن المفقود مجددًا. فعلى الرغم من أن فقدان أو اكتساب الوزن يرتبط بكمية الطعام الذي نتناوله وكمية الطاقة التي نحرقها، إلا أننا لا ندرك أن العقل يُسيطر على الجوع واستخدام الطاقة، وبالتالي لن يقتصر فقدان الوزن على قرارات الفرد فقط؛ لأن العقل لديه رؤية أخرى. [v]
فيعمل العقل لإبقاء وزن الجسم مستقرًا مهما تغيرت الظروف؛ لذا فيستجيب الدماغ استجابة عكسية عند فقدانك لبعض الوزن ويتفاعل كما لو كنت تضور جوعًا، حيث يحرق عدد أقل من السعرات الحرارية ليدفع الجسم للحفاظ على حالة الاستقرار، ولن يختلف رد الفعل سواء إن كان الشخص سمينًا أو نحيفًا. كما يُمكنكم الاطلاع على المزيد من خلال محادثة «ساندرا» التالية على موقع TED.