شعار قسم ميدان

"نجاحك لا يرتبط بالجامعة".. محاضرات "تيد" ملهمة للشباب

midan - ted

"بعض الناس يحصلون على التعليم بدون الذهاب إلى الجامعة. بقية الناس يحصلون عليه بعد أن يتخرجوا من الجامعة!"  

(مارك توين) (1)

     

لا تعقيب على ما قاله توين سوى الموافقة. بالنسبة للبعض، لحظة التخرج من الجامعة واستلام الشهادة الجامعية هي نهاية مشوار طويل من التعليم الأكاديمي النظامي، وهذا صحيح بالنسبة للاعتبارات المرحلية التنظيمية.  ولكنه في المقابل -ومن الناحية الواقعية هذه المرة- يعتبر بدايـة لمرحلة مفتوحة من التعلم الحقيقي الذي يكون أكثر تعقيدا وطولا وامتلاء بالتجارب التي تتجاوز ما يتم تدريسه وتلقينه للطلاب في قاعات المحاضـرات.

   

المشكلة أن معايير عالم ما بعد التخرج من الجامعة قد لا تكون حاضـرة بشكل جيد في ذهن الطالب الجامعي أثناء دراسته، أو تكون غائبة كليا، الأمر الذي يمثّل صدمة حقيقية له بعد أن يستلم شهادته ويخرج إلى العالم. المفترض أن التعليم كان يهدف إلى تأهيله للعالم بشكل جيد، لكنه يفاجأ بعد خروجه من بوتقة التعليم بأنه "دون كيشـوت" آخر مضطـر لمحـاربة طواحين الهواء بالرمح والسيف.

   

في هذا التقرير نستعرض مجموعة من أهم محاضـرات "تيد" الموجّهـة إلى الشباب الذين هم على أعتاب التخرج في الجامعة أو في بداية عشـرينياتهم. المحاضـرات تضم موضوعات متفرّقة تم جمع بعضها في ملف بعنـوان "تخرّجت؟ ماذا الآن؟" (?Graduated? Now what) في منصة "تيد" الرسمية، إلى جانب موضوعات أخرى عامة من الضـروري أن تكون في قمة أولويات الشاب في نهاية حياته الجامعية ومطلع حيـاته العملية.

  

لماذا يجب أن تستغل "عشرينياتك" إلى أقصى حد؟

   

واحدة من أخطـر الأشياء التي يستشعـرها خريجو الجامعات حديثا أن أمامهم الكثير من الوقت لبناء حيـاتهم، وأنهم ما زالوا في بداية أو منتصف العشـرينيات، وأن الحيـاة ما زالت تنتظر طويلا. فتـرة العشـرينيات الكثير جدا من الشباب يأخذها إما باستخفاف مبالغ فيه، وإما بجدية مبالغ فيها أيضا، فتكون النتيجة لكلا الطرفين سلبيـة. النوع الأول يفقد الكثير جدا من الفرص لتحسين حياته لاحقا، والنوع الثـاني يفقد الكثير جدا من الفرص للاستمتاع بفتـرة شبابه.

 

في هذه المحاضـرة التي أُلقيت على مسرح "تيد" في عام 2013، ولامست سقف عشـرة ملايين مشاهدة، تستعرض "ميج جاي" الطبيبة النفسية مجمـوعة من المواقف والأحداث التي قابلتها في التعامل مع الشباب في فترة العشـرينيات، وخلصت منها باستنتاجات مفـادها أن العشـرينيات -بعكس الاعتقاد السائد- ليست أبدا عقدا هامشيا لا أهمية له في حياة الإنسـان، بل العكس، هي الفتـرة الأساسية التي يتم تشكيـل الحيـاة كلها عليها لاحقا، حتى على مستوى الحيـاة العائلية من زواج وعمل وأطفال في فتـرة الثلاثينيات والأربعينيات.

 

هنا تضع الطبيبة يدها على ثلاث نصـائح رئيسة تتعلق بكيف يستطيع الشباب في عشـرينياتهم التخطيط لحيـاة عظيمة يجنون ثمـارها آنيا ولاحقا، وكيف يستطيعون عيش هذه الفتـرة بشكل ناضج يجنّبهم أقل أضرار جسدية ونفسية ويؤهلهم للاستمـرار بشكل سليم في مراحل حيـاتهم لاحقا. المحاضـرة تبرز معنى واضحا: عقد العشـرينيات هو الفرصة الذهبية لبناء حيـاة سليمة، ومع ذلك فهو أكثر عقد يتم إهدار الفرص فيه، والدخول في مشكلات هامشية متعلقة بفتـرة الشباب قد تؤدي إلى أزمـات كبيرة لاحقا.

 

العنـوان الأساسي للمحاضـرة هو "لماذا الـ 30 ليست هي العشـرين الجديدة؟"، وهو بالفعل يحمل في طيـاته تحذيرا ضمنيا أن إهدار العشـرينيات قد يكلفك ثمنـا من الصعب تعويضه في فتـرة الثلاثينيات التي يكون لها ملامح مختلفة تماما.

 

كيـف تبني عادات جديدة في حيـاتك؟

    

يمكن القول إن مَن يستطيع بناء عادة إيجـابية أثناء دراسته الجامعية أو عمـر المراهقة فهو حتما سيكون مثالا نموذجيا للشخص القادر على بناء العادات الإيجابية بشكل مستمر في مراحل لاحقة من حياته، وفي المقابل سيكون قادرا على طرد العادات السلبية التي سيمر بها. بناء العادات في فتـرة المراهقة وبدايات الشباب ليس في حد ذاته مزية بقدر ما "منهجية بناء العادات" هي المزية الكبرى التي يمكن أن يكتسبها الشاب في هذا العمـر.

 

في هذه المحاضـرة يقدم مات كتس مقتـرحا مرحا يبدو لطيفا ولكنه شديد الأهمية والتأثير: هل هناك شيء ترغب دائما في عمله ولكنك لم تقم به أبدا؟ حسنا، حاول عمله لمدة 30 يوما فقط! على ما تبدو عليه من سذاجة وبساطة بشكل أكبر من اللازم فإن هذه المنهجيـة تعتبر واحدة من أهم منهجيات بناء العادات وتحقيق الأهداف بشكل ممتاز، وبشكل يؤثر في حيـاة الشخص بشكل كبير لاحقا.

 

المحاضرة التي أُلقيت على مسرح "تيد" (Ted) في عام 2011 حققت حتى الآن مشاهدات هائلة لامست سقف عشـرة ملايين مشاهدة، وتحجـز مكانا دائما في قوائم ترشيح محاضـرات "تيد" للشباب في فتـرات الدراسة والجامعة وما بعد التخرج.

 

أشياء يجب أن تفعلها قبل التخرج في الجامعة

     

"لا يوجد شيء خارق هنا. أنت بخير طالما تستثمر وقتك في تعلم أمور جديدة طوال الوقت، ولا تضيع وقتك بسبب أعذار غير مجدية. بدلا من أن تضيع وقتك في سؤال نفسك عن الأمور التي أنت جيد فيها، ضيّع هذا الوقت في البحث عن "الأمور التي تعجبك". كل شخص منا وُلد وهو غير قادر على الإطلاق على عمل أي شيء، الناس الذين أنجزوا نجاحات في حياتهم في الواقع أنجزوها من خلال أنفسهم بدلا من انتظـار معجـزات تحصل تخرجهم من البؤس الذي هم عليه"

 

ليز ويسيل هي رائدة أعمال شابة قامت بتحقيق إنجازات كبيرة في حياتها العملية على الرغم من سنها الصغير، حيث تمت تسميـة مشروعها الريادي "واي أب" (WayUp) كواحد من أفضل المشروعات الريادية التي تغير العالم في عام 2015 بواسطة شبكة "سي إن إن" الإخبارية. كيف استطـاعت شابة صغيـرة في بداية العشـرينيات أن تحقق إنجازا ضخما كهذا، خصوصا أنها كانت تعمل في جوجل أيضا قبل أن تطلق مشـروعها الريادي؟

 

في هذه المحاضـرة توضّح ليز بعض هذه الأسرار التي تختصرها جميعا في أنها استغلت فتـرة حياتها الجامعية بأفضل شكل ممكن. تشرح ليز سبعة أمور يجب أن يفعلها كل شاب وفتاة في الجامعة قبل التخرج، خصوصا في جانب تنمية المهارات البشرية الخاصة بهم لتأهيلهم لسوق الوظائف أولا، وتأهيلهم لكسب المال وعمل مشروعات ريادية مربحة ثانيا، وكل هذه المهـارات قابلة للاكتساب خلال فتـرة الدراسة الجامعية التي تبلغ 4 سنوات في المتوسط.

 

هذه النصائح السبعة التي تطرحها ليز في المحاضـرة لا تتناول فقط خبـراتها التي عايشتها بنفسها، وإنما تتناول أيضا ملاحظـاتها بخصوص تميز الآخرين من زملائها الذين استطاعوا أن يحققوا إنجازات جيدة أيضا في حياتهم بتنميتهم لمهارات واهتماماتهم بمجالات محددة.

 

لا تنتظـر الفـرصة.. تحرّك

     

"لا تنتظر. لا تنتظر حتى تتمكن من عمل المليون الأول الذي تتصور أنك عندما تملكه سوف تكون مؤثرا ومغيرا لحياة الآخرين. إذا كان لديك شيء تمنحه، فقط امنحه الآن. قدّم الطعام في مطبخ لصنـاعة الحساء، نظّف حديقة الجيران، كن مرشدا. ليس كل يوم يمر علينا سوف يمنحنا عرضا لإنقاذ حياة شخص ما، ولكن كل يوم يمر علينا يمنحنا الفرصة لكي نؤثر في حيـاة الآخرين. إذن، ابدأ في اللعبة من الآن ولا تنتظـر"

 

محاضـرة ذائعة الصيت أُلقيت في عام 2011 بواسطة الإطفائي المتطوّع مارك بيزوس، وحققت مشاهدات مرتفعة تجاوزت مليوني مشاهدة، وتعتبر من أكثر المحاضـرات المؤثرة الموجّهة إلى الشباب تحديدا. يستعرض بيزوس مجموعة من المواقف التي مرّ بها في حياته العملية كإطفـائي، ومدى الشعور الذي يشعر به عندما يتمكّن من أداء ما يستطيع أن يفعلـه حتى لو كان بسيطا محدودا، ومدى أثر هذه الأفعال البسيطة على حيـاته شخصيا وعلى حياة الآخرين، وهو ما عبّر عنه بجملة: لا تنتظر أن تكون بطلا، تحرّك الآن بما لديك من إمكـانيات.

 

على الرغم من الإطار الإنساني العام الذي يشرح فيه مارك بيزوس تجربته فإن حالة "الانتظـار حتى يأتي موعد البطولة" هو واحد من أكثر المواقف شيوعا بين الشباب في مقتبل حياتهم الوظيفية والاجتماعية. الانتظار حتى تأتي الفرصة المناسبة ليبدأ العمل، الانتظار حتى يملك المال الكافي ليبدأ المشروع، الانتظار حتى يملك الخبرة الكافية للتقدم إلى شركة كبيرة. سلسلة طويلة من الانتظـار لحالة معينة قد لا تأتي أبدا، وقد تأتي في وقت يكون فيه غير مستعد للبذل والعطـاء.

 

حالة "لا تنتظر أن تصبح بطلا، وابدأ الآن" واحدة من أهم الحالات التي من المهم جدا أن يستوعبها الشاب أثناء فترته الجامعية قبل أن ينطلق إلى عالم ما بعد الجامعة، ويواجه كافة الفرص والمشكلات والأزمات والخيارات التي ستطرأ له في كل تفاصيل حيـاته.

 

مظهــرك ولغـة جسدك.. العنــوان الأول لسيـرتك الذاتية

     

"هذا ما سوف تفعله، سوف تقوم بالتظـاهر بأنك قادر على ذلك. سوف تقوم بإلقاء كل محاضـرة طُلب منك أن تلقيها يوما، وتحضر كل مناقشة وحوار يُطلب منك أن تؤدي كلمة فيه، سوف توافق وسوف تفعلها حتى لو أصابتك الفـكرة بالرعب ولم تستطع أن تظهـر لغة جسدك بشكل جيد. سوف تفعلها مرات ومرات حتى يأتي عليك الوقت الذي تقول: يا إلهي، أنا أفعلها بشكل صحيح! بالمناسبة أنا شخصيا -محدثتكم- فعلت ذلك، وهذا ما جعلني أقف أمامكم في هذه المحاضـرة في النهاية!"

 

في حياة ما بعد الجامعة، المظهـر ولغة الجسد وما يترتب عليه من انطـباع أول هو 90% من النجـاح في الحياة الوظيفية والاجتماعية. الكثير جدا من الناس يعتبرون أن المظهر غير مهم أمام الجوهر والمهارات والكفاءات، وهذا قد يكون صحيحا ولكن في عدد محدود جدا من الوظائف، ولا تضمن لأصحابها التوسع في النجاح بشكل كبير لاحقا. المظهـر ولغة الجسد جزء لا يتجزأ من أي نجاح، سواء نجاح في اقتناص وظيفة مميزة أو نجـاح في بناء العلاقات أو نجاح في بدء مشروع خاص، أو حتى نجـاح في إقنـاع الآخرين أو توجيـه كلمة لهم في مناسبة بعينها.

 

ومع ما يبدو هذا المنطق ثقيلا على بعض الناس فإن الجانب المريح منه أن "لغة الجسد " هي شيء يمكن تعلمه، وليست أمرا فطريا. لغـة الجسد وطريقة الحديث وطريقة الاستماع، وتعبيرات الوجه، ومستوى الانفعالات وحركة أطراف الجسد هي في النهاية كلها خاضعة للتدريب والممارسة. وبالتالي يمكن تعلمها كمهـارة مثل أي مهارة أخرى، والاستفادة بها في كل مكان سواء على المستوى المهني والاجتمـاعي والشخصي. لغـة الجسد وطريقة الإلقاء واحدة من أهم المهارات التي يجب أن يكتسبها خريجو الجامعـة للتعامل مع الحيـاة بكافة مواقفها.

 

في هذه المحاضرة الشهيرة من "تيد" التي حققت عددا هائلا من المشاهدات لامس 45 مليون مشاهدة، تطرح إيمي كادي أهم الأساسيات في لغة الجسد، وكيف تقف وتتكلم وتجلس وتطرح أفكـارك بشكل مؤثر على الآخرين، يسهّل عليك اقتناص الوظيفة أو النجاح في إلقاء المحاضـرة أو النجاح في إدارة مقابلة عمل.

 

كيـف تصنـع خيــاراتك الصعبـة؟

      

هل ستعمل في تخصصك أو ستقوم بعمـل تغيير وظيفي وتعمل في مجال آخر؟ هل ستلتحق بوظيفة نظـامية أو ستغامر بالدخول في تأسيس شركة ناشئة؟ هل ستعمل على تجهيز نفسك للزواج مبكرا، أو أنك ستتنازل عن هذه الرغبة وستؤجلها إلى نهاية العشـرينيات أو بداية الثلاثينيات؟ هل ستتخلى عن وظيفتك المريحة ذات العائد الجيد، وتنتقل إلى وظيفـة بعائد أعلى ولكن بمسؤوليات وظيفية أكبر تستحوذ على معظم وقتك؟

 

في عالم ما بعد الجامعة، الحيـاة مليئة بالخيارات الصعبة المرهقة التي تستنزف من وقتك ومجهودك وخلايا عقلك وأعصابك في بحثها ومحاولة اختيار الصحيح دائما. من المؤكد أن هناك أخطاء ستحدث، ولكن هناك أخطاء يمكن تجاوزها، وهناك أخطاء كارثية، وهناك أخطـاء إذا وقعت من الصعب ألا تترك أثرا كبيرا في مجرى الحياة. الحيـاة تضع أي شخص أمام قرارات مصيـرية يجب أن يدرسها بعناية بقدر ما يستطيع قبل اتخاذها.

 

محاضـرة ذائعة الصيت حققت أكثر من 5 ملايين مشاهدة على منصة "تيد" الرسمية، تلقيها المتخصصة في الفلسفة روث تشانغ، والتي وُصفت أنها محاضـرة يمكن أن تغير حياتك بالكامل. في المحاضـرة تشرح تشانغ مجموعة من آليات ومنهجيـات دراسة الخيـارات الصعبة والاختيار فيما بينها، بدءا من خيارات الحياة الوظيفية، مرورا بالعلاقات الإنسانية كالصداقة والزواج، وليس انتهاء حتى بقرارات السفـر والسكن. بعض القرارات تكون صعبة بشكل مؤلم، ولكن ذلك يرجع إلى أننا نفكـر بشأنها بطريقة خاطئة!

 

سوف تفشل في الحصول على مسيرة وظيفية عظيمة لهذا السبب

    

"تقولون لي: لدي اهتمام.. فأرد قائلا: "هذا جميل".. ثم ماذا، ماذا تحاولون القول؟ حسنا إنه لديكم اهتمام، فأسألكم: هل لديكم شغف؟ أنتم تقولون دائما لدينا اهتمام، اهتمامكم هذا مقارنة بماذا أصلا؟

 

الشغف شيء والاهتمام شيء آخر.. الشغف هو حبك الأكبر، الشغف هو الأمر الذي سيجعلك تبدع التعبير الأسمى عن موهبتك.. الشغف والاهتمام ليسا نفس الشيء.. هل ستذهب فعلا إلى الشخص الذي تحبه وتقول تزوجيني، أنت تبدين مثيرة للاهتمام؟ (ضحكـات) هذا لن يحدث، وإذا حدث فسوف تموت وحيدا!

 

ما الذي تسعى له؟ الذي تسعى له هو الشغف، إنه أسمى من الاهتمام.. يمكن أن يكون لديكم اهتمامات كثيرة، ومن بين هذه الاهتمامات يبرز اهتمام بعينه يتضح أنكم تحبونه أكثر من غيره، وتميلون له طوال الوقت بشكل يستحوذ على بقية الاهتمامات. هكذا يتكوّن الشغف من رحم الاهتمامات العابرة"

 

في هذه المحاضـرة ذات الستة ملايين مشاهدة يقدم "لاري سميث" نفسه باعتباره اقتصـاديا متشائما، لا يحب الالتفاف أو التزويق في إيصال المعاني. ببساطة يركز سميث على الشيء الوحيد الذي سيجعل أي شخص يفشل في حياته الوظيفية: فقدان الشغف. هكذا، لا تفاصيل كثيرة ولا تعقيدات ولا استطرادات مبالغ فيها، فقـط إذا كنت تفقد الشغف تجـاه شيء ما فأنت حتما لن يمكنك تحقيق مسيرة وظيفية عظيمة في حياتك. فرق كبير بين الشغف الحقيقي والاهتمام العابر، كل شخص له عشرات الاهتمامات، بينما الشغف فواحد. فقط حدد هذا الشغف، وتحرر من أي خوف قد يصيبك بخصوص مسارك الوظيفي في المستقبل، لا تقلق.. سوف تفعلها وتنجح!

 

تذكر وأنت تُعِد سيرتك الذاتية.. إنهم يوظّفون "المشتبك"

            

"فلتتخيل أن لديك شركة تبحث عن موظفين لملء وظيفة شاغرة، وبدأت التقديمات والسير الذاتية في الانهمار. هنا ستجد نفسك أمام شخصين، الشخص (أ) يملك سيرة ذاتية رائعة، توصيات مميزة، كل الأشياء التي تجعل سيرته الذاتية مميزة موجودة. الشخص (ب) تخرج في مدرسة حكومية، لديه قدر من التنقل في الوظائف ما بين أشغال متعددة، أمين مكتبة ونادل في مطعم. كلا الشخصيتين مؤهل للوظيفة، سؤال: من ستختـارون؟

 

نسمي الشخص (أ) بالملعقة الفضية كإشارة إلى أنه حظي على امتيازات واضحة ومقدر له النجاح. ونسمي الشخص (ب) بـ "المشتبك" الذي ناضل كثيرا لتجاوز صعوبات حياته ليصل إلى نفس النقطة. على من سوف تراهنون: الملعقة الفضية أم المشتبك؟ حسنـا، أقول لكم: اختاروا المرشح الأقل تقديرا، المشتبك الذي مرّ بمواقف كثيرة في حياته للوصول إلى ما هو عليه، من أسلحته الخفية الدائمة الشغف وتحقيق الأهداف. أقول لكم: عيّنوا المشتبك!"

 

محاضـرة عظيمة من إلقـاء ريجينا هارتلي المديرة المخضـرمة في الموارد البشرية، أُلقيت في عام 2015 وحققت مشاهدات تجاوزت ثلاثة ملايين. تشرح هارتلي واحدة من أهم المبـادئ التي تلتزم بها الشركات الكبرى في التوظيف خصوصا في هذا العصر، بميل الموارد البشرية في استطلاع وتتبع الشخصيـات المشتبكة التي مرّت بمواقف إنسـانية ومشكلات مختلفة واستطـاعوا تجاوزها وتحقيق إنجازات كبـرى.

 

الكثير جدا من الشباب حديثي التخرّج يهتم بملء سيرته الذاتية بتقديراته الأكاديمية أو توصيـات أساتذته ويهمل -أو ربما أيضا يتجنب- ذكـر تجاربه الإنسـانية التي ربما تكون أكثر لفتـا للنظـر بالنسبة للشركات الكبيرة التي تسعى لموظفين أكفّـاء ذوي مهارات إنسـانية مميزة نابعة عن قدراتهم في تحمل الضغوط أو تجـاوز الأزمات الكبيرة. هذه المحاضـرة تشير إلى ما يحدث داخل "كواليس التوظيف" في الشركات الكبرى التي تركز على "المشتبك" الممتلئ بالتجارب الإنسانية أكثر من "ملعقة الفضـة" الممتلئ فقط بالتجارب الأكاديمية.

      undefined

    

في النهاية، كل ماتحمله هذه المحاضـرات من إفادة للشباب في مقتبل العمر تظل في حيّز التنظير غير المفيد ما لم يتم تحويل ما جاء فيها إلى خطط عملية قابلة للتنفيذ يتم التحرك من خلالها في طرق الحياة الشخصية والوظيفية والإنسـانية. وقتئذ يمكن الجزم أن عقد العشـرينيات -وهو أهم عقد في حياة الإنسان- سيحمل فرصا أكبر وأخطاء أقل، وهي المعادلة المعاكسة لما يواجهه الشاب في هذه الفتـرة عادة!

المصدر : الجزيرة