شعار قسم ميدان

تعرف على الفوائد الصحية للسفر

midan - travel
يعمل السفر على الحد من خطر الإصابة أو الوفاة بالنوبات القلبية. (رويترز)

قد ينغمس الإنسان في العمل لشهور عدة، لا يحظى فيها بعطلة سفر للترفيه عن نفسه ولو قليلًا؛ فيعتقد الكثيرون أن السفر ليس إلا أمرا جانبيا، وغير ضروري، ولا أحد في حاجة إليه. لكن الأمر قد لا يبدو صحيحًا، فنظرًا لتيقن "رابطة السفر الأمريكية" بأهمية السفر القصوى على صحة الفرد، وكذلك تأثيره الإيجابي على العلاقات الاجتماعية وتأثيرها في رفاه المجتمعات؛ بالإضافة إلى تأثيره الإيجابي على الاقتصاد ونهضة مجال الأعمال؛ قامت بإنفاق الملايين من الدولارات في الأبحاث التي استمرت لعدة سنوات من أجل إثبات فوائد السفر على صحة الفرد.

 

كشفت النتائج المبدئية أن الطلاب الذين سافروا إلى الخارج، كانت لديهم رغبة في إتمام شهاداتهم الجامعية؛ ضعف رغبة أقرانهم الذين لم يقوموا بالسفر، بالإضافة إلى تحقيقهم -بعد ذلك- دخلا أعلى من أقرانهم بحوالي 40%. كما أوضحت النتائج أيضًا أن العمال الذين يحظون بعطلات للسفر أصبحوا أكثر إنتاجية من زملائهم، وأصبحت معنوياتهم مرتفعة، زيادة على كونهم أقل عرضة للتوتر والإرهاق؛ لذلك سنتناول بعض فوائد السفر المختلفة على صحة الفرد.

 

السفر يلعب دورًا فعالًا في الحد من التوتر والاكتئاب
undefined

الكثير منا قد خاض تجربة السفر والترفيه عن نفسه؛ ولو لمرة واحدة، أو حتى يوم واحد فقط، وبالطبع من خاض تلك التجربة يُدرك -تمامًا- أن السفر يؤدي إلى نتائج فعالة جدًا في تقليل مستوى التوتر، ويمتد هذا التأثير لأسابيع عدة بعد العودة؛ لذلك ما توصلت إليه العديد من الأبحاث في هذا الاتجاه ليس جديدا البتة.!

 

للتعرف على تأثير السفر على الضغط النفسي، والتوتر، أجرى الباحثون في "مؤسسة مارشفيلد للبحوث الطبية" بولاية ويسكونسن الأميركية، دراسة -بتمويل جزئي من "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" وكذلك "المعهد الوطني للصحة والسلامة المهنية"- على مجموعتين من النساء؛ المجموعة الأولى تحظى فيها النساء على إجازات للسفربصورة منتظمة؛ عكس المجموعة الأخرى. فكشفت النتائج أن المجموعة الأولى التي تحصل على عطلات من أجل السفر أقل عرضة للشعور بالتعب والإجهاد، وكذلك أقل عرضة للتوتر والاكتئاب، كما تتميزن بعلاقات جيدة مع أزواجهن؛ على عكس النساء الأخريات. كما أوضحت الدراسة أن تلك الفوائد النفسية تؤدي بالتبعية إلى تحسين نوعية الحياة، وكذلك تحسين أدائهن في العمل.

 

وبالتالي؛ فجميعنا يُدرك أننا نحتاج إلى عطلات السفر، فالبقاء بعيدًا عن ضغوطات الحياة اليومية -ولو لفترة قصيرة- يمدنا بالراحة التي نحتاجها من أجل القدرة على الاستمرار في العطاء؛ سواء في العمل، أو الدراسة، أو حتى الحياة الشخصية والاجتماعية؛ لذلك لا يعتبر السفر مجرد رفاهية؛ بل إنه حاجة مُلحة لا بد أن يحظى بها كل شخص.

 

التخطيط لرحلة السفر سيغمرك بالسعادة
الناس يحظون بمزيدٍ من السعادة عند إنفاق أموالهم في الأفعال التي يقومون بها عن الأشياء التي يحصلون عليها. وبالتالي يحصل الأشخاص على المزيد من السعادة عند التخطيط وإنفاق الأموال على السفر.
الناس يحظون بمزيدٍ من السعادة عند إنفاق أموالهم في الأفعال التي يقومون بها عن الأشياء التي يحصلون عليها. وبالتالي يحصل الأشخاص على المزيد من السعادة عند التخطيط وإنفاق الأموال على السفر.

عندما يُخطط أي منا إلى سفرية مقبلة؛ يتطلع إلى المُغامرة، وزيارة أماكن جديدة، وكذلك رؤية أشخاص مختلفين، والتعرف على ثقافات متنوعة، وبالتالي التخطيط في حد ذاته يجعل الفرد يشعر بالرضا والسعادة.
فكشفت إحدى الدراسات التي تمت بجامعة "سري" ببريطانيا؛ أن الأشخاص الذين ينتظرون سفرية قادمة هم أقل سلبية من غيرهم، وأكثر رفاهية وسعادة؛ بل إن مجرد التخطيط للسفر أدى إلى تأثير إيجابي بشكل ملحوظ على الحياة العامة والخاصة للفرد، وعلى علاقته مع الأصدقاء والعائلة؛ بالإضافة إلى التأثير الفعال على الصحة النفسية والعامة.

 

وزيادة على ذلك، كشفت دراسة أخرى تمت بجامعة "كورنيل" أن الناس يحظون بمزيدٍ من السعادة عند إنفاق أموالهم في الأفعال التي يقومون بها عن الأشياء التي يحصلون عليها. وبالتالي يحصل الأشخاص على المزيد من السعادة عند التخطيط وإنفاق الأموال على السفر، أكثر من سعادتهم عند التسوق وإنفاق الأموال في شراء وامتلاك الأشياء المادية.

 

السفر يعمل على تعزيز جهاز المناعة
undefined

يؤوي
جسم الإنسان السليم حوالي 90 تريليون ميكروب معظمها مفيد للجسم؛ حيث تتنافس مع الميكروبات الضارة من أجل القضاء عليها، بالإضافة إلى دورها الفعال في تعزيز وظائف الجهاز الهضمي، أو حتى إنتاج عوامل تخثّر الدم بعد الإصابات. وبالتالي فوجود هذه الميكروبات يحافظ على اتزان الجهاز المناعي ويُعزز وظائفه. فجهاز المناعة يُشبه الرياضي إلى حدٍ كبير، وحتى يُصبح أكثر قوة وقدرة على أداء وظائفه في مقاومة مسببات الأمراض وحماية الجسم من الإصابة بالأمراض، لا بد من التدريب والممارسة.

 

عند السفر من مكان لآخر يتنقل الإنسان بين ظروف بيئية مختلفة، فيتعرض إلى أنواع مختلفة من التربة، والماء، والهواء، كما يتعرض إلى درجات الحرارة المنخفضة والمرتفعة على حدٍ سواء، بالإضافة إلى التغيرات المناخية المتفاوتة. وكل بيئة تحتوي على عدد هائل من الكائنات الدقيقة المختلفة؛ كالبكتريا والفطريات. وبالتالي عندما يتعرض جسم الإنسان إلى بيئات مختلفة تؤوي تريليونات الميكروبات، يتكيف جهاز الإنسان المناعي مع البيئات المختلفة، ويكُون مناعة طبيعية ضد الميكروبات التي يتعرض لها؛ حيث تحول هذه المناعة بينه وبين الإصابة بالمرض أو العدوى. وقد أكدت ذلك العديد من الأبحاث، وكشفت أن تعرض الإنسان إلى بعض الأتربة الطفيفة، والأمراض البسيطة يؤدي إلى تعزيز جهاز المناعة، وتعزيز وظائف الجهاز الهضمي.

 

السفر يعمل على تعزيز الصحة العقلية وزيادة الإبداع
السفر يؤدي إلى توسيع مدارك الإنسان، فمن خلاله يمكنه التعرف على أشخاص جدد، والتكيف على أوضاع جديدة؛ مما يجعله يحافظ على قدراته الإدراكية.
السفر يؤدي إلى توسيع مدارك الإنسان، فمن خلاله يمكنه التعرف على أشخاص جدد، والتكيف على أوضاع جديدة؛ مما يجعله يحافظ على قدراته الإدراكية.

في السنوات الأخيرة بدأ كل من علماء النفس والأعصاب بدراسة تأثير السفر على القدرة المعرفية والإدراكية، وكذلك الإبداع. فالسفر وقضاء الكثير من الوقت في أماكن مختلفة
يؤدي إلى إحداث تغيير في عقلية الشخص وإدراكه؛ حيث يتعرض إلى أصوات جديدة، وروائح مختلفة، ولغات متباينة، والكثير من الأذواق والأحاسيس المتفاوتة التي تثير نقاط الاشتباك العصبي المختلفة بخلايا المخ، والتي تؤدي إلى زيادة المرونة الإدراكية للشخص، وكذلك زيادة قدرته المعرفية؛ مما يؤدي بالتبعية إلى تنشيط العقل.

 

ومن هنا فالسفر يؤدي إلى توسيع مدارك الإنسان، فمن خلاله يمكنه التعرف على أشخاص جدد، والتكيف على أوضاع جديدة؛ مما يجعله يحافظ على قدراته الإدراكية. فقد أظهرت بعض الدراسات وجود علاقة قوية بين السفر وتعزيز الوعي الثقافي، ونمو الشخصية، بالإضافة إلى زيادة الإبداع. فوفقا لمجلة "الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" -التي تصدر شهريًا- أن الطلاب الذين يسافرون من أجل الدراسة في الخارج يكونون أكثر انفتاحًا واستقرارًا عاطفيًا عن غيرهم.

 

السفر يُقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية
قد لا تقتصر فوائد السفر على تعزيز الصحة العقلية والنفسية فقط. فيلعب السفر دورًا هامًا في الحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية.؛ إذ كشفت إحدى الدراسات -التي تمت على مدار 20 عامًا على سكان بلدة إحدى مقاطعات ولاية ماساشوستس الأمريكية- أن النساء اللواتي لم يحصلن على عطلات للسفر إلا كل 6 سنوات لديهن مخاطر للإصابة بالنوبات القلبية، أو الوفاة بأمراض القلب أعلى بكثير من النساء اللواتي يحصلن على عطلات للسفر كل عامين.

undefined

ووجدت دراسة ثانية تمت على مدار 9 سنوات -بعد ضبط عوامل الخطر التقليدية مثل ضغط الدم- أن الإجازات السنوية تؤدي إلى خفض خطر الوفاة بشكل عام، وبالتحديد خطر الوفاة الناتج عن أمراض القلب. كما كشفت إحدى الدراسات الأخرى أن الرجال الذين لا يقومون بالسفر خلال عدة سنوات هم أكثر عرضة للإصابة بالأزمات القلبية بنسبة 30% من غيرهم؛ بينما الآخرون الذين يحظون بفرصة للسفر -بصورة منتظمة- يكونون أقل عرضة للوفاة بالأزمات القلبية بنسبة 21% عن غيرهم.

 

وذلك لأن المسافرين أكثر نشاطًا من أولئك الذين يقضون معظم حياتهم في مكاتبهم؛ حيث يميلون إلى الحركة وقطع مسافات طويلة لزيارة الأماكن المختلفة، والاستمتاع بالأنشطة المتنوعة التي تؤدي إلى تعزيز الصحة البدنية والعقلية. وحسب الاتحاد العالمي للقلب، فإن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة يخفض خطر الإصابة بالنوبات القلبية، بنسبة تتراوح من 30٪ إلى 50٪.وبالتالي يعمل السفر على الحد من خطر الإصابة أو الوفاة بالنوبات القلبية. 

المصدر : الجزيرة