كيف تصنع لنفسك حياة أكثر شغفا؟
وكان سيلبربيرغ قد وصل إلى سن الأربعين وأدرك أنه أصغر بخمسة عشر عاما فقط من السن الذي مات فيه والده نتيجة هجمة لمرض السرطان. "لم يفعل والدي، أبدا، الأشياء التي قال إنه يريد أن يفعلها مثل السفر أو الخروج في رحلة بحرية، وأدركت أن هذا شيء مهم بالنسبة لي، وهذا هو الوقت المناسب لي للقيام بذلك". بدأ التخطيط لمشروع جديد، وهو توجيه الرحالة عبر أكثر الأماكن الطبيعية سحرا في أمريكا، حيث يمكنه الاستمتاع بالمناظر وتحسين صحته في ذات الوقت، لن يكون عملا مستقرا أو مربحا مثل عمله في البرمجة، لكنه كان على استعداد للمخاطرة "لم يكن لدي أي زوجة أو أطفال، ومنحني ذلك حرية التجربة والفشل".
في العام الماضي، قاد سيلبربيرغ 12 رحلة واستطاع العيش كفافا من عائدات مشروعه للترحال "فيت باكينج" ويقول "أجني ربع ما اعتدت من المال، ولكن لدي حياة رائعة للغاية فمثلا ذهبت البارحة للتزلج، وخلال يومين سأقوم بإرشاد مجموعة عبر حديقة بيج بين الوطنية".
وفي كثير من الأحيان، نستسلم في اللحظة التي تحتاج دفعة أقوى قليلا للأمام وحسب، أو نستمر ونواصل عندما ينبغي علينا التوقف فعلا، ولكن بدون تقييم أكثر وضوحا لحاضرنا ومستقبلنا، واتباع نهج أكثر فاعلية لوضع الأهداف ومتابعتها وتحقيقها، قد ينتهي بنا المطاف بمستقبل لا نريده حقا، قد نكون فيه مرضى أو مفلسين أو وحيدين، أو حتى دون أن نحقق ذاتنا.
ولكن بالطبع من الحكمة أن تكون البداية مبكرة. يقول آرت ماركمان، أستاذ علم النفس بجامعة تكساس في أوستن ومؤلف كتاب التغيير الذكي "لا يمكنك إنجاز الأشياء الصعبة في يوم واحد أو حتى في أسبوع، أو في حالتي حتى في 12 سنة ونصف"، فقبل أكثر من عقد من الزمن، قرر ماركمان تعلم العزف على الساكسفون للانضمام إلى فرقة، وهو يقول "يجب أن تمنح نفسك وقتا كافيا لتحقيق هدفك فعلا".
ويحذر ماركمان أنه إذا لم يكن لديك أهداف على المدى البعيد، فأنت تواجه خطر القيام بالكثير من الأشياء الصغيرة كل يوم مثل تنظيف المنزل، وإرسال البريد الإلكتروني، ومشاهدة التلفزيون من دون تقديم أي مساهمة لمستقبلك. وقد يجعلك هذا الأمر تشعر بعدم الارتياح وعدم الإشباع. "إنها أمور الصورة الكبيرة التي تضفي نكهة للحياة مثل الأبوة والأمومة أو أن تصبح خبيرا في شيء ما". كيف يمكنك أن تعرف ما يجب أن تسعى إليه؟ يقول ماركمان "تصور ذاتك في المستقبل وتساءل: ما الذي سأندم إن لم أفعله، ثم عد بخطاك لتجنب هذه النهاية واستخدم ذلك وسيلةً لتخطيط حياتك".
ولهذا فهو أمر هام وحيوي أن تكون صادقا مع نفسك جدا في تقييمك لذاتك وللجهد المطلوب لتحقيق إعادة ابتكارك لذاتك التي تسعى إليها. ناقش أحلامك مع من يهتمون بك ويعرفونك جيدا، ومن تثق في أنهم سيكونون صادقين معك حول نقاط قوتك ونقاط ضعفك، من سوف يساعدونك على تعيين مهاراتك وتحديد شغفك الحقيقي.
يقول خبراء إعادة ابتكار الذات أننا نحتاج إلى إيجاد انسجام بين الأمور الهامة لنا والأهداف التي ننشد تحقيقها. غير أنه كثيرا ما تتأثر خططنا للمستقبل برغبات من حولنا، كالصديق الذي يتوسل إليك لتنضم لشركته الناشئة أو والدك الذي يريد له حفيد، كل هذه الضغوط الخارجية قد تفصلنا عن قيمنا الجوهرية "إن لم تمر بعملية اكتشاف الذات، وبدلا من ذلك تقبلت قرارات الآخرين، فبعد عشر سنوات ستجد نفسك تقول ليس هذا الشخص أنا". وفقا لجون ماير أستاذ علم النفس في جامعة نيو هامبشاير ومؤلف كتاب الذكاء الشخصي.
كانت بروك راندولف شابة عزباء عشرينية عادية، متفانية في عملها في الخدمة الاجتماعية ولكن ما أرادته حقا كان تبني طفل من خارج البلاد، تقول "كانت فكرة موجودة بداخلي منذ الصغر"؛ أرادت أن تحقق تغييرات جذرية في حياتها ونمط عيشها حتى قبل ان يكون بإمكانها إعالة أحدهم. تقول "كنت أعمل في ريادة الأعمال وأعيش في شقة بغرفة نوم واحدة، ولم أرد أن أترك طفلي في حضانة طوال اليوم".
اتخذت راندولف عددا من الخطوات المدروسة جيدا لتحقيق ما تريده، أولا قللت عدد ساعاتها في العمل ثم اشترت منزلا لها وبعد بضع شهور من دفع رهن منزلها الجديد، كانت راضية جدا لأنها تمكنت من دفع التكاليف، وحينها فقط بدأت في خطوات عملية التبني ، كالحصول على اختبارات طبية وتجميع الخمس وخمسين ألفا التي تتطلبها العملية وملء الأوراق والوثائق للوكالات هنا وفي الخارج، ولكنها بطبيعة الحال واجهت بعض العقبات فقد فاضت المياه في قبو منزلها ورفضت بعض الدول طلبها للتبني بسبب كونها عزباء ولكنها تجاوزت تلك الأمور وفي العام الفائت عند سن الثانية والثلاثين استطاعت تبني صبي يبلغ ستة أعوام من ساموا.
وجد الباحثون من جامعة روشستر أن من هم مثل راندولف أصحاب الدافع الداخلي ويعملون لتحقيق أمور ترضي الذات هم أقل عرضة للاكتئاب وأكثر رضا عن حياتهم أكثر من أولئك أصحاب الدوافع الخارجية الذين يكافحون بالمقام الأول لإثارة إعجاب العالم الخارجي بمرتبٍ كبير أو مسمى وظيفي جذاب. والمدفوعون داخليا هم أكثر ميلا لتحقيق الأهداف الشخصية وفقا لسلسلة من الدراسات قادها كين شيلدن، أستاذ علم النفس في جامعة ميسوري، الذي وجد أن الناس أصحاب الأهداف المنسجمة مع ذواتهم أكثر عرضة للتطور لأنهم أكثر قدرة على تقديم جهد مستدام رغم كل العقبات أو الملهيات.
تقول بيج ستريب، مؤلفة إتقان فن الاستسلام "نتوقع أنه عندما يأتي المستقبل، سيظهر أفضل ما لدينا". وبدلا من ذلك، ننتهي بذات النفس اليومية ونعاني من نفس الصفات كالخوف، والكسل، والمماطلة، التي تعوقنا اليوم باستمرار. ونحن لا نبالغ في قياس قدرتنا على تحقيق التغيير فحسب، بل إننا نستهين بالجهد الذي يحتاجه والضريبة التي سندفعها. عندما نفكر في الموقف التنفيذي نخطط للوصول، ولا نتوقع الإجهاد الكثير، ونتخيل ضم وملاعبة الطفل، ولكننا لا نفكر في الليالي الكثيرة بلا نوم، ونحلم في يقظتنا بعرض فيلمنا على الشاشات دون النظر إلى مشقة إنتاجه. جميعنا نحلم باحتفالات النصر، وعدد قليل فقط منا تخيل العمل والتطبيق.
ولتفادي هذه الأمور عند بدء عملية إعادة ابتكار الذات خاصتك ابحث عن الناس الذين حققوا بالفعل الحلم الذي تطمح إليه، وفقا لدانييل جيلبرت أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد في كتابه مصادفة السعادة. فهؤلاء الناجحون أصحاب الإنجازات قد يتشاركون الواقع معك الجيد والسيء على حد سواء اجلس مع أصحاب المشاريع المشابهة قبل أن تبدأ مشروعك، وتناقش مع مدربي الرياضات حول التحديات والعائدات قبل أن تلزم نفسك بالتدريب. من الصعب التنبؤ بدقة التأثير الذي سيحدثه إعادة الابتكار على عالمنا، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه من بين عيوب التركيز على المستقبل أننا سيئون جدا فيما يعرف بالتنبؤ العاطفي. تقول ستريب: "إننا سيئون جدا عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بما سوف نشعر به في المستقبل".
وقد أُثبت أننا نفترض أن الإنجازات والنجاحات تسعدنا أكثر مما يحدث في الواقع ويرجع ذلك لكوننا نتكيف مع التغيرات في الحياة، حتى الكبيرة منها، ونميل إلى العودة إلى خطنا المعتاد للسعادة. غير أن الوجه الآخر للعملة هو أنه عندما تحدث أشياء فظيعة لنا، لا نكون مدمرين بالقدر الذي توقعناه وفي نهاية المطاف نرجع مرة أخرى بالقرب من مستوى السعادة قبل هذه الانتكاسة أو تلك.
لاتخاذ أفضل القرارات لذاتك المستقبلية، تحتاج إلى التوقف عن تخيل هذا الشخص على أنه شخص غريب، وتدرك بدلا من ذلك أنه أنت. قام هال هيرشفيلد، وهو أستاذ تسويق في جامعة نيويورك، بإجراء دراسات تبين أن الأشخاص الذين يستطيعون التعرف بشكل وثيق على ذواتهم المستقبلية يتخذون قرارات أفضل لهم، مثل توفير المزيد من المال للتقاعد. ولجذب الناس نحو سلوك التركيز على المستقبل أكثر إنتاجية، طلب فريق هيرشفيلد من الأشخاص النظر إلى الصور الافتراضية لنفسهم في المستقبل. "إنها مساعدة لخيالهم، فنحن نعتقد أن ذلك يجعل الناس يفكرون في ذاتهم المستقبلية ثم يضعون أنفسهم في موضعها".
يمكن أن يساعد الاهتمام بالذات المستقبلية كذلك في مواجهة ميلنا للتقليل من مكافآت المستقبل، الأمر الذي يجعل الكثير منا يتبنى الإشباع الفوري بدلا من الفوائد على المدى الطويل. فتصور نفسك في المستقبل كأم، أو رحالة يجوب العالم، أو متقاعد يتسلق الجبال للمتعة قد يكون هو ما تحتاجه لاختيار تناول السلطة وقضاء ساعة في صالة الألعاب الرياضية بدلا من تناول البرغر والبطاطس ولعب خمس جولات من "كاندي كراش".
في سن 36، وجد روبرت زيلتزر، من سكوتسديل، أريزونا، نفسه يكتسب الوزن تدريجيا فقرر أن يسعى لإيجاد مخرج من هذه المشكلة. وباعتباره طبيب علاج السمنة وله تاريخ عائلي من أمراض القلب أراد أن يكون نموذجا إيجابيا للمرضى، وكان تواقا لإعادة ابتكار ذاته وقرر أن يحاول تحقيق ذلك من خلال شيء كان لفترة طويلة على قائمة أحلامه: وهو أن يشارك في ماراثون، ولكن كيف يمكن للطبيب المشغول، المتزوج ووالد اثنين من الأطفال الصغار أن يخصص وقتا للتدريب؟
بدأ من خلال تجنب افتراض يعوق كثيرا من الساعين للابتكار ويمنعهم من تجاوز مرحلة البداية.
فبدلا من الاستهانة بالدعم الذي سيجده من عائلته حول توزيع جهده لتحسين الذات، فعل شيئا قلة منا فقط تفعله، فقد طلب منهم ذلك. يقول "قلت لزوجتي أفكر في القيام بذلك، لكنني أشعر بالقلق لأن الأمر سيأخذ الكثير من الوقت بعيدا عن الأسرة "، فأجابتني "لا تقلق بشأننا، سنكون على ما يرام، اذهب وافعل ذلك". وفي محاولته الأولى ركض زيلتزر بضع مئات من الأمتار قبل أن يتعب ويقف، وقد أحبطه ذلك كثيرا لكنه قال إنه تعلم أن يخفض الوتيرة وعمل تدريجيا بداية من ميل واحد، ثم ثلاثة، والآن 20 ميلا، ومشكلته الكبرى الآن هي الشعور بالملل أثناء المسارات الطويلة.
يقول ماركمان "إن هناك فترة مبكرة من التقلب عندما تقوم بتغيير سلوكك والأمر يأخذ الكثير من الجهد الذهني والتخطيط وتعديل جدولك "، وهو من أهم الأسباب التي من أجلها ينصح بوضع هدف واحد تلو الآخر" إذا كنت تحاول القيام بذلك على عدة جبهات في آن واحد، سينتهي بك الأمر بعدم النجاح في أي منهم ".
إن خلق عادات جديدة هو الحصن الهام ضد القصور الذاتي. بعض الناس يقولون "أريد أن أتزوج، لكنني سأنتظر وأرى ما سيحدث" وهذه طريقة غير مركزة إلى حد ما للقيام بذلك، وفقا لماير، ويضيف "إذا كنت تقول بدلا من ذلك أود أن ألتقي بشخص جديد كل بضعة أسابيع، فهذه هي الخطة التي تزيد من احتمالية الحصول على شريك".
عند تقسيم خطة إعادة الابتكار إلى إجراءات يمكنك القيام بها كل يوم، سوف تدمج الأهداف على المدى الطويل في الحاضر. يقول ماير: "إذا كنت لا تعمل قليلا على هذه الأهداف كل بضعة أيام، فإنك على الأرجح سوف تخسرها". وبينما تدمج جهود إعادة الابتكار في قائمة المهام اليومية عليك أن تكون صادقا مع نفسك حول الوقت الذي سوف تأخذه كل خطوة. ومن بين أمور أخرى، سيقلل ذلك من احتمالية شعورك بالإحباط وخيبة الأمل بسرعة، ففي مشروع طويل الأجل، هناك بعض المهام تستغرق 30 دقيقة، وبعض المهام تستغرق أسبوعا، وبعض الخطوات التي قد تتطلب سنوات من الجهد المتفاني. لذا عليك أن جدوِل لنفسك وفقا لذلك.
وما يثير القلق، قول بعض الخبراء أن الناس الذين لديهم حاجة عالية للشعورِ بالإنجاز هم في الواقع أكثر عرضة لإهمال أهدافهم على المدى الطويل. فأولئك يكرسون الكثير لمطالب اليوم لدرجة أنهم لا يخصصون الوقت للعمل نحو أحلامهم للغد. على سبيل المثال، زميلك الذي دائما ما يجيب على كل البريد الالكتروني ربما لا يحرز أي تقدم في الخطة الخمسية الجديدة .
لا يمكنك أن تملك زمام كل شيء في بيئتك، وفي بعض الأحيان يجب الرد على رسائل البريد الإلكتروني هذه، ولكن يمكنك التحكم في بعض العناصر الخارجية لتهيئة نفسك للنجاح. فمثلا، إذا كانت خسارة الوزن هي هدفك، فاملأ الثلاجة بالفاكهة الطازجة. وإذا كنت تريد تعلم لغة جديدة، ضع دليل الدراسة على الطاولة بجانب طبق عشاءك كل ليلة حتى تتمكن من التحول إلى واجبك بمجرد الانتهاء من تناول الطعام.
وقد يحدث القضاء على الاحتياج إلى عبور المنزل والحصول على مواد المذاكرة من درج ما (في حين تمر أمام التلفاز أو الهاتف المحمول الخاص بك، أو كومة من البريد، أو لعب قد تركت متناثرة) فرقا أكبر مما قد تتخيل. والانضمام إلى مجتمع من الأفراد متشابهي التفكير يمكن أن يساعد كذلك. خذ عندك زيلتزر الذي اختار شريكا للتدريب في مسارات الركض الطويلة في عطلة نهاية الأسبوع، وتولت بروك راندولف وظيفة في وكالة تبني. يقول ماركمان "إن التواجد مع آخرين لديهم ذات الهدف على المدى الطويل سيزيد من تفاعلك وفاعليتك". وأضاف "أن هؤلاء ‘الآخرين’ هم كذلك مصادر عظيمة للمعرفة والحكمة".
ويعرف هذا النموذج لقوة الإرادة، الذي وصفه للمرة الأولى روي بوميستر وزملاؤه، بأنه "نضوب الأنا". وتحتاج إلى أن تكون على علم به وحذر منه، ولتبقى إيجابيا ومتحفزا ابحث عن طرق لتتبع إنجازاتك بينما تتحرك للأمام. فقد أظهرت الدراسات أنه إذا كنت تدون هدفا، فالاحتمال الأكبر هو أنك ستحققه.
طلب باحثون من جامعة ماكجيل وجامعة تورنتو من 85 طالبا ضعيف المستوى استكمال برنامج مكثف لتحديد الأهداف. بعد أربعة أشهر كان هؤلاء الطلاب أفضل بكثير في المدرسة من الطلاب المتفوقين. وكذلك يدون روبرت زيلتزر بعد كل مسار يركضه لقياس التقدم المحرز له. وحتى إن كانت أهدافك ضبابية قليلا، فلا يعني ذلك أنك لا تستطيع تنفيذ التقييم الذاتي، فمذكرات تسجل فيها الخطوات التي أحرزتها والمسافة التي عبرتها منذ بدأت قد تكون فعالة بشكل يدهشك في الحفاظ على حماستك، غير أنه من المهم ألا تغرك نفسك وتتكاسل.
طلب غولويتزر وزملاؤه من 64 طالبا صديقا للبيئة التبضع عبر الإنترنت وبعد ذلك، حصلوا على درجة عشوائية لاختياراتهم، ثم أنهوا مهمة غير متصلة لصنع قبعات وطلب منهم تنظيف مكان عملهم. ومن المذهل أن 81 في المئة من أولئك الذين حصلوا على ردود فعل سلبية على مشروع التسوق الصديق للبيئة وضعوا بعناية المواد المعاد تدويرها والباقية من مشروع قبعة في الحاويات المناسبة، في حين أن 18 في المئة فقط وهم الذين حصلوا على درجات إيجابية كلفوا أنفسهم بالتنظيف. وبناء على ذلك يقول غولويتزر"تحصل على مجاملة، ثم تذهب لتناول القهوة، ولذلك مع الأهداف طويلة الأجل عليك أن تحرص أنك لا تصل للشعور بالرضا"، وبطبيعة الحال، عليك أن تتوقع العقبات. يقول ماير "للحياة عادة عوائق ومن الخطأ أن نعتقد أن لدينا سيطرة كبيرة على مجراها فأفضل خطط قد وضعت يمكن أن تذهب في غمضة عين أدراج الرياح، لذا نحن بحاجة إلى الاستعداد لذلك".
تتبع تقدُم إعادة ابتكارك لذاتك كل عام ، بعض الناس يستخدمون أعياد ميلادهم أو العطلة الصيفية أو بداية العام الجديد لتقييم ما إذا كانوا يتجهون في الاتجاه الصحيح، أو إذا كانوا بحاجة إلى تغيير هدفهم. فقد وجدت دراسة فرنسية حديثة تتبعت 704 من كبار السن لمدة ست سنوات أن أولئك الذين كانوا مرنين بما فيه الكفاية لضبط أهدافهم كان لديهم مستويات أعلى من الرضا عن حياتهم.
كل عام في اليوم السابق لماراثون فينيكس السنوي يوقع زيلتزر للمشاركة في سباق العام المقبل، ملزما بذلك نفسه على التدريب المستمر. بعد أن عبر خط النهاية من الماراثون العاشر له، رفع هدفه لمحاولة المشاركة في ماراثون الألعاب الثلاثية وبدأ في التدريب على قيادة الدراجة والسباحة للمسابقة. وقد أنهى أول مسابقة له في شهر مايو الماضي وسرعان ما وقع للمشاركة في شهر نوفمبر، ويقول "سأستمر في فعل ذلك".
ومع ذلك، يتمسك آخرون بالأهداف حتى مع تقلص الدافع. تقول ستريب "إن البشر ملزمون بالاستمرار". فنحن لا نحب الاستسلام، ونعتقد أن هناك عارا في اكتساب سمعة كشخص كثير الاستسلام، وخاصة إذا كان الدافع خارجيا. إنها غريزة تساعدنا على تجنب الحرج على المدى القصير ولكنها تقف في طريق سعادتنا على المدى الطويل. وتضيف "قد يستمر الناس في ملاحقة أهداف أو البقاء في مواقف أو علاقات ما عادت تسعدهم".
من السهل أن تقع فريسة لمغالطة التكلفة المهدرة، أي أنك قد وضعت بالفعل الكثير من الوقت أو المال أو الجهد في هدف ما وسيكون الأمر هباءً إن توقفت ولم تتابع الآن. غير أن الطاقة والمال الذين وضعتهم قد ذهبوا للأبد. وعند نقطة إعادة التقييم، ينبغي أن يكون اهتمامك حول ما إذا كان سيتم إنفاق مواردك غير المستغلة أيضا بشكل غير منتج.
ونحن كذلك مدفوعين -أحيانا في الاتجاه الخطأ- بالخوف من الفشل. تقول ستريب "إذا كانت فكرة ارتكاب خطأ ما تدفعك للجنون، فهناك احتمال بأنك ستبالغ في تمسكك». وتضيف "جزء من الحكمة للمضي قدما هو معرفة متى أصبح ذلك هدفا عفا عليه الزمن أو لا يمكن تحقيقه بناء على رغباتك واحتياجاتك". في بعض الأحيان، يكون من الضروري جدا الاستسلام عن ملاحقة هدف ما. عندما تعرف من تريد أن تكون وتتصور وضعا تكون فيه نفسك المستقبلية أكثر سعادة من نفسك الحالية، تصبح إعادة ابتكار الذات حينها منطقية ولا مفر من فعلها.
تقول ووكي نوابويز، 43 سنة، من ساوث أورانج، نيو جيرسي "أعتقد حقا أن عليك إغلاق أبوابٍ لإيجاد الفرص المناسبة". بعد ثلاث سنوات فقط، تركت مهنة قانون الشركات التي كانت ذات يوم أنها ستحقق فيها ذاتها. وتقول: "أنا شخصية منفتحة، وكان انعدام الاتصال البشري مستنفدا" وهي الآن سعيدة بوظيفتها كمدربة تواصل داخلي.
__________________________________
التقرير مترجم عن: الرابط التالي